أثار إعلان مهدى عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، نيته للتقاعد وعدم التجديد لولاية أخرى، الكثير من التساؤلات حول ما إذا كان قراره عبارة عن إقالة كريمة بسبب تجاوزاته فى الألفاظ والمعارك التى فرضها على الجماعة؟ أم أن هذا القرار ناتج فعليا عن صراعات بين أجنحة الجماعة وعدم قدرة عاكف على السيطرة على مكتب الإرشاد؟ أم أنه جاء نتيجة لضغط من الأجيال الجديدة التى طالبت من قبل بتنحى من تعدى عمره السبعين عاما؟. ليس قرار مهدى عاكف بالتقاعد أو البعد عن منصب المرشد وليد اليوم، بل هو قرار قديم طرحه عندما بلغ سن الثمانين، عندما عرض شفهيا على أعضاء مكتب الإرشاد فى أحد الاجتماعات رغبته فى الراحة والاستمتاع بحياته بعد هذا العمر الذى قضاه فى التنظيم. ومن يومها لم يتطرق أعضاء مكتب الإرشاد، حسب تأكيد أمين عام الجماعة محمود عزت، للأمر إلا أنهم فوجئوا بتصريحات عاكف مجددا فى الصحف، فما هو السبب الذى جعله يعيد الأمر مرة أخرى؟ أبو العلا ماضى وكيل مؤسسى حزب الوسط - تحت التأسيس – وعضو الجماعة السابق، شكك فى أن يكون المرشد العام لجماعة الإخوان جادا فى طلبه بالتقاعد أو عدم الترشيح لولاية ثانية، ولم يستبعد ماضى أن يكون الأمر محاولة "لشو إعلامى" لتتحدث الصحافة والإعلام عن الجماعة، فى ظل حالة الجمود والبعد عن متابعات الإخوان، وهو ما يعتبروه دعاية للجماعة بشكل غير مباشر. وحول ما إن كان تنحى عاكف يرجع إلى ما تسبب فيه من معارك و"فلتان للسان"، ومحاولة لإقالته بطريقة ودية، أكد ماضى أن عاكف ارتضى بدوره الحالى الذى لا يسيطر فيه على الجماعة، ويتم إدارة كل شئ بعيدا عنه، ومع ذلك لا مبرر الآن أن يتم إعلان التقاعد لهذا السبب. وشكك ماضى فى أن تكون الصراعات التى واجهتها الجماعة خلال الفترات الأخيرة هى السبب فى تصريحات عاكف. من جانبه أكد د.وحيد عبد المجيد مساعد رئيس حزب الوفد ونائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، أنه لم يتم إصدار قرار فعلى من الجماعة، ليتم التعويل عليه، معتبرا أن الأمر لن يعد صحيحا، ولن يتم التعامل الجاد معه إلا أن يكون قرارا واقعياً، من خلال الدعوة للانتخاب، ويجلس على كرسى المرشد آخر غير عاكف، أما قبل هذا فهو كلام ليس إلا. وقلل عبد المجيد من قيمة التصريح أو حتى القرار، وبرر ذلك بأنهم جميعاً متساوون ومتشابهون فيما بينهم، فلن يتغير منهج الإخوان أو سلوكهم لمجرد تغيير من يجلس على الكرسى. د.عصام العريان عضو مجلس شورى الجماعة، قال إن قرار المرشد بالتقاعد ليس بالجديد، بل أعلنه من قبل، وأعلن منذ انتخابه أنه لا يريد أن تزيد فترة وجوده عن ولاية واحدة، نافيا أن يكون هناك صراعات بين قيادات الجماعة أو أجيالها المختلفة. واعتبر العريان أن حرية الرأى والتعبير التى ظهرت فى الجماعة لم يشهدها أى تجمع سياسى فى مصر من قبل، وعليه فالحوار فى قضايا كثيرة كان فى الفترة التى تولى فيها عاكف وكان فى العلن، وهو ما أدى إلى ظهور ما أعتبره البعض صراعا بين أعضاء الجماعة، وتساءل عن موقف الدولة من موقف المرشد والتعامل معه، سواء بمنعه من السفر أو حتى أداء العمرة والالتقاء بالإخوان فى الخارج. ونفى ضياء رشوان الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، أن تكون جماعة الإخوان تواجه خلافات سياسية أو صراعات تؤدى لإقالة مرشدها، بل أكد رشوان أنه من الطبيعى أن يكون فى جماعة بحجم وقدم الإخوان - 81 عاما- خلافات فى الرأى، لكنها تحت سيطرة القيادة فى نهاية الأمر، واصفاً عاكف بأنه واحد من أهم ثلاثة مرشدين للجماعة أقاموا للجماعة نهضة وحققوا لها تواجدا، كان فى مقدمتهم حسن البنا وعمر التلمساني، فهؤلاء أحدثوا نقلة نوعية فى تاريخ ومكانة الجماعة سياسيا وتواجدا اجتماعيا. واستدل رشوان على ذلك بالنجاح الذى حققته الجماعة فى وجود مهدى عاكف، فى الحصول على 20% من مقاعد البرلمان، مما يجعل أى حديث عن الإقالة بشكل محترم لعاكف غير مطروح وغير مقبول. مصطفى النجار أحد شباب المدونين من الجماعة، وصاحب مدونة "أمواج التغيير" التى أصدرها خصيصا لينتقد فيها بقاء القيادات بالجماعة، وهم أكبر من سن السبعين، اعتبر خطوة عاكف أنها تاريخية فى حياة الإخوان، من منطلق أن يكون لديهم مرشد سابق على قيد الحياة، بل وصفها بالجريئة، كما اعتبرها أيضاً حراكا سياسيا إيجابيا فى الجماعة، وبداية لتجديد الدماء. رفيق حبيب الباحث السياسى فى شئون الحركات الإسلامية، نفى أن يكون قرار المرشد نابعا من خلاف حول قراراته أو تصريحاته، ودلل على هذا بأن هذا كان من الممكن أن يكون عقب أزمة معينة أو عقب موقف بعينه، لكن طالما لا يوجد موقف أو حادث الآن فهذا يدل على أن موقفه حقيقى، وعبر عنه عند الانتخابات أساسا قبل ست سنوات.