ميار الببلاوي تعلن نقل نجلها إلى المستشفى بعد تعرضه لأزمة صحيه    اسعار الفاكهه اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى المنيا    مصر والسودان تتفقان على تعزيز الاستثمارات والتبادل التجاري وإنشاء مناطق لوجستية    وزير الإسكان يُصدر 5 قرارات إزالة لمخالفات بناء بمدينة غرب بورسعيد    قرار وزاري لتنظيم ترخيص عمل الأجانب في مصر    اتهام زوجة رئيس كوري جنوبي سابق بتلقي رشاوى تتجاوز 200 ألف دولار    إكسترا نيوز: التنسيق جرى مع الهلال الأحمر الفلسطيني لتحديد أولويات دخول المساعدات إلى غزة    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    عراقيل إسرائيل أمام الانتقال للمرحلة الثانية    زعيم الحوثيين: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال هدف عسكري لقواتنا    موسكو: إحباط هجمات أوكرانية في خاركوف وسومي    أمم أفريقيا 2025| حصاد مجموعة مصر بالجولة الثانية.. 3 أهداف وركلة جزاء وبطاقة حمراء    اتحاد الكرة يرد على تصريحات رئيس الاتحاد الفلسطيني ضد أحد الحكام المصريين    اختناق بالغاز ينهي حياة أب وثلاثة من أبنائه في المنيا    انتشال 3 مصابين في حادث سقوط سيارة ميكروباص داخل ترعة المريوطية    عاجل.. إلغاء الامتحانات في أعياد المسيحيين بكافة المديريات التعليمية    التحقيقات تكشف مفاجآت في واقعة الهروب الجماعي من مصحة الجيزة    وفاة عازف العود هشام عصام    الباحث علي حامد يحصل على الماجستير حول توظيف الذكاء الاصطناعي في المواقع الإخبارية المصرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    القوات المسلحة تهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة حلول العام الميلادي الجديد 2026    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق «اليوم الواحد» بفيصل| صور    6 خطوات أساسية لتأمين الحسابات وحماية الهواتف الهاكر    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة الشهيد مارجرجس بأجا    انتخابات النواب 2025| ننشر نتائج الحصر العددي في جولة الإعادة بجميع دوائر قنا    التعليم العالي تستجيب ل 9600 شكوى وطلب خلال عام 2025    تجديد حبس عاطل بتهمة التحرش بسيدتين وترويعهما بكلب في السلام    مديرية الصحة فى كفر الشيخ تُصدر نشرة توعية بطرق الوقاية من الأنفلونزا    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    من المسرح القومي.. خالد محروس يعيد حكاية صلاح جاهين للأجيال الجديدة    سوريا.. دوي انفجار غامض في محيط حي المزة بدمشق وسط صمت رسمي    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    الزمالك لليوم السابع: تطبيق لائحة الغياب على محمود بنتايج بعد إنذار فسخ العقد    موعد مباراة المغرب وزامبيا في أمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    "الصحة" تعلن خطة 903 قوافل طبية مجانية للنصف الأول من 2026    إصابة 5 أشخاص فى انقلاب سيارة فى المنوفية    أشرف صبحي يناقش ربط الاتحادات إلكترونيا وتعزيز الحوكمة الرياضية    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    طبيب روسي يحذر: انخفاض ضغط الدم خطر بعد التعافي من الإنفلونزا    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025 في القاهرة وعدد من المحافظات    استقرار نسبي بأسعار الدواجن والبيض في أسوان اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025    متحدث الوزراء: الحكومة تحاول تقديم أفضل الخدمات لمحدودي ومتوسطي الدخل وفق الموارد المتاحة    طارق الشناوي: المباشرة أفقدت فيلم «الملحد» متعته ولم يُعوِّض الإبداع ضعف السيناريو    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    وائل جسار وهاني شاكر يشعلان أبوظبي بليلة طربية نادرة في يناير    وداع موجع في كواليس التصوير... حمزة العيلي يفقد جده والحزن يرافقه في «حكاية نرجس»    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    لا رب لهذه الأسرة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهدي عاكف .. المرشد الذي اختار أن يكون «سابقاً»

خرج عاكف عن دبلوماسية الإخوان المعهودة وانتقد لأول مرة شخص الرئيس مبارك وسياسات حبيب العادلي
مهدي عاكف
اليوم يعلن محمد مهدي عاكف مرشد جماعة الإخوان المسلمين أنه أول مرشد للجماعة حي يرزق يعلن أنه رئيس هذا الكيان السابق السبت القادم يعطي البيعة للمرشد الجديد كفرد أو جندي في صفوف هذه الجماعة الكبيرة، ربما يكون هذا سبقا في هذه الجماعة صاحبة ال 82 عاماً من العمل الدعوي والوطني الذي يختلف ويتفق معه الكثير من أبناء هذا البلد، ولكنه أيضاً هو سبق في منطقتنا العربية وفي بلدنا العزيز مصر أن نجد مسئولاً في حركة سياسية أو كيان سيادي يتنازل عن حقه الذي تجيزه لائحته الأساسية من المنافسة علي رئاسة كيانه، وهذا السبق ليس علي المستوي السيادي فقط فلم نجد مسئولا حزبياً في مصر يتنازل عن حقه في رئاسة حزبه، والقضاء الإداري شاهد علي الخلافات علي رئاسة العديد من الكيانات المسماة أحزاباً في مصر.
عاكف الذي تم انتخابه في 10 يناير 2004 خلفا للمستشار مأمون الهضيبي الذي وافته المنية فجأة لم يكن يتوقع أن يصل لهذا المنصب خاصة يبلغ من العمر 81 عاماً، ولما أعلنت النتيجة بحصده أعلي أصوات أعضاء مكتب الإرشاد ال 16 قرر أن يعين أكثر اسمين حصلا علي أصوات تؤهلهما لمنصب المرشد وعينهما نائبين له وهما الدكتور محمد حبيب وخيرت الشاطر، وهو سبق أيضا داخل الجماعة خاصة أن الهضيبي الذي سبقه علي المنصب رفض أن يسمي نواباً له،
كما أعلن عاكف للإخوان وقتها أنه سينصاع لرغبة أعضاء الجماعة إلا أنه لن يجدد ولايته علي هذا المنصب مرة أخري حيث تجيز لائحة الجماعة للمرشد فترتين متتاليتين مدة كل منهما 6 سنوات، ولم ينظر لهذا التصريح سواء داخل الجماعة أو خارجها باهتمام كبير وقتها، نظراً لأن الجماعة لم تشهد في حياتها مرشدا سابقا علي قيد الحياة خاصة أن آخر شخصين وصلا لهذا المنصب لم يمهلهما القدر أن يكملا مدة الست سنوات، فالهضيبي لم يكمل عاما علي خلافته لمصطفي مشهور الذي تولي المنصب في عام 1996 وتوفي في أكتوبر 2002،
ورغم تكرار عاكف تصريحه في الأوساط الإخوانية وفي وسائل الإعلام لم يكن أحد يصدق أنه سيغادر مكانه وهو حي، وربما يرجع ذلك للهدف الذي من أجله انتخب مهدي عاكف مرشدا عاما للجماعة، حيث جاء اختيار عاكف كشخص توافقي يجمع أطياف الجماعة المختلفة لما يتمتع به من توازن وقدرة علي لم الشمل وسعة الصدر تجاه الأفكار المختلفة مع الجماعة، فعاكف كان عضوا في التنظيم الخاص للجماعة فترة الأربعينيات ومن الجيل الذي يطلق عليه المحللون جيل الصقور أو المحافظين الذي قضي فترات طويلة من عمره في سجون النظام، إلا أن الرجل ليس ابنا لهذا الجيل، فهو يرفض العمل السري واختلف مع من سبقوه في قضية «سرية التنظيم وعلنية الدعوة».
وبدأ حياته مرشدا بتصريح أثار جدلا واسعا داخل الجماعة بأن الحرية مقدمة علي تطبيق الشريعة الإسلامية، وأعلن أنه يرفض سرية عمل الجماعة وقال في تصريحات صحفية إنه رفض أن يبايع مرشدا سريا اختاره بعض قيادات الإخوان عقب وفاة المستشار حسن الهضيبي المرشد الثاني للجماعة في عام 1973 وقال: كيف أبايع رجلا لا أعرفه؟!، ومن منطلق هذا الحرص أطلق يد أعضاء الجماعة في التصريح بعضويتهم للتنظيم مما أتاح لطلاب الجماعة تغيير الاسم الذي كانوا يستخدمونه في الجامعات من «طلاب التيار الإسلامي» إلي «طلاب جماعة الإخوان المسلمين»، وهي السياسة التي رفضها المستشار مأمون الهضيبي المرشد الذي سبق عاكف لمدة عام ومنع أي عضو في الجماعة من الإدلاء بتصريحات صحفية إلا بالعودة إليه أولاً، واعتبر نفسه هو المتحدث الوحيد باسم الجماعة وكان لا يفوته خطاب أو بيان إلا ودققه بنفسه، بينما أطلق عاكف العنان لكوادر الجماعة للحركة بحرية والتعبير عن الجماعة باعتبارهم سفراءها في أي مكان يحلون به، وربما لم تشهد جماعة الإخوان المسلمين انفتاحا وحراكا سياسيا وتغطية إعلامية لناشطها مثل التي شهدتها في عصر عاكف.
كما شهدت فترة الست سنوات التي قضاها عاكف تطورات مهمة في تاريخ الجماعة، وأبرزت الرجل كشخصية إسلامية ووطنية رفيعة وإن اختلف في تحليلها المتابعون لنشاط الجماعة واستخدمها منافقو النظام الحاكم ضدها ولعل أبرزها تصريحاته بأنه مستعد لإرسال عشرة آلاف مجاهد من الإخوان لمقاتلة الإسرائيليين في جنوب لبنان، وذلك إبان الحرب الإسرائيلية علي بيروت عام 2006، وهو الموقف الذي لم يخرج من أي قيادي عربي أو إسلامي علي مستوي العالم دعماً للشعب اللبناني والذي كان يقود المقاومة فيه حركة حزب الله «الشيعية»، بل ظهرت فتاوي شاذة من دعاة دول النفط وسلفيين مصريين أنه لا يجب مساندة المقاومة اللبنانية في حربهم علي إسرائيل باعتبار الشيعة والصهاينة سواء، ولم يقف أمام هذه الخرافات سوي الفتاوي العاقلة والحكيمة من الشيخ يوسف القرضاوي - رئيس الاتحاد العالمي لعماء المسلمين - والتأييد الإخواني بقيادة عاكف لنصرة المقاومة في لبنان وشاركهم في ذلك كوادر التيارات القومية واليسارية، بل خرجت قواعد الجماعة في مظاهرات مؤيدة للمقاومة ترفع صورا لزعيمها الشيعي اللبناني حسن نصر الله.
إن أكثر ما ميز عاكف عمن سبقوه من مرشدي الإخوان بل ميزه علي معظم أعضاء جماعته جرأته والتي ربما جلبت كثيراً من المشاكل علي الجماعة، ولكن هذه المواقف أبرزت عاكف كشخصية إسلامية وقومية رفيعة الشأن علي المستويين العربي والعالمي، خاصة في موقفه الداعم للقضية الفلسطينية.
وأخذ عاكف موقفا مغايراً لرموز ومتحدثي جماعته في قضية حزب الله في مصر التي اتهمت فيها مصر عناصر من حزب الله اللبناني باختراق قوانين مصر وتقديم الدعم اللوجيستي والعسكري للمقاومة الفلسطينية، إلا أن عاكف قال إن مصر كان واجبا عليها أن تشكر «حزب الله» بدلا من التحقيق مع أعضاء خليته التي ضبطت في القاهرة وقال في مؤتمر صحفي في مقر الكتلة البرلمانية للإخوان: «كان الواجب علي مصر أن تشكر حزب الله بدلا من أن تحقق مع الخلية، التي لم يقصد السيد حسن نصر الله من إرسالها التخريب أو الاعتداء وإنما دعم المقاومة الفلسطينية، وما يقوم به حسن نصر الله من مقاومة لا تستطيع مصر فعله، وقد قصرنا نحن في القيام به».
رغم أن نواب الجماعة أنفسهم انتقدوا موقف «حزب الله» في نفس المؤتمر وفي مجلس الشعب وفي تصريحات صحفية مختلفة معتبرين وجود عناصر الحزب في مصر تجاوزا للخط الأحمر واعتداء علي أمن مصر.
وقد دفعت الجماعة ثمن موقف عاكف من قضية «حزب الله» غالياً، حيث تم اعتقال العشرات من قيادات الجماعة علي ذمة القضية المعروفة بالتنظيم الدولي، وكان علي رأسهم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وتناولت وسائل إعلام غربية الجماعة بأنها تدعم كياناً إرهابياً حسب رؤيتهم المقاومة، إلا أن الرجل رفض التراجع عن موقفه.
وقد كانت جماعة الإخوان طوال علاقتها بنظم الحكم في مصر خاصة في عهدي السادات ومبارك تحرص علي أن تكون دبلوماسية في مواقفها وتصريحاتها، إلا أن عاكف خرج وأخرج الجماعة عن هذه الدبلوماسية التي لم تكسب منها شيئا بانتقاداته الواضحة والصريحة والمباشرة لشخص الرئيس مبارك، بل لأول مرة في عهد عاكف تخرج الجماعة عن موقفها السلبي في انتخابات الرئاسة في 2005 ليؤكد عاكف أن الإخوان لن يؤيدوا مبارك وقال «كفي عليه ربع قرن من البقاء في الحكم لم ير المصريون فيها إصلاحا يذكر».
كما انتقد عاكف بشكل صريح سياسات وزارة الداخلية بقيادة حبيب العادلي، ووجه في كثير من رسائله الأسبوعية انتقادات لجهاز أمن الدولة وهو ما لم يكن يحدث قبل عهده حيث كانت دوما تتلقي الجماعة الضربات الأمنية بالصبر دون حتي الاعتراض. وحاول عاكف تحديث الخطاب السياسي للجماعة والانفتاح علي التيارات والقوي الأخري وبدأ هذه الخطة بعد شهرين من توليه منصب المرشد، إذ أعلن عن مبادرة للإصلاح السياسي الداخلي باسم الجماعة في شهر مارس عام 2004 والتي دعا فيها لاستقلال القضاء ودعا في هذه الوثيقة إلي التحالف بين القوي السياسية قائلا «إن واجب الوقت يقتضي من جميع القوي السياسية والنخب الفكرية والثقافية وجميع المهتمين بالشأن العام أن يلتفوا حول إطار عريض ينطلق من المقومات الأساسية لهذا المجتمع، وأن يتعاونوا في المتفق عليه - وهو كثير - وأن يتحاوروا حول المختلف فيه - وهو قليل - من أجل الصالح العام لهذه الأمة».
ويعد عاكف بحق هو من اخرج جماعة الإخوان من تحت الأرض فقد شهدت فترة ولايته للجماعة تحالفات مهمة خاصة مع اليسار المصري «العدو التاريخي للجماعة» وسمح عاكف لأعضاء الجماعة بالنزول للشارع إلي جوار اليساريين في مظاهرات كانت هي الأكبر حشدا منذ تولي الرئيس مبارك حكم مصر في المظاهرات التي عرفت بمظاهرات الإصلاح لرفض تعديل المادة «76» من الدستور والتي أعقبها تحرك الجماعة الواسع في الشارع حتي استطاعت أن تحشد أصوات الجماهير المصرية في انتخابات مجلس الشعب والتي حصدت الجماعة فيها 88 مقعدا .
وشخصية عاكف يمكن وصفها بأنها كانت بسيطة بشكل كبير، فالرجل الذي يحبه أعضاء الجماعة وقواعدها نظرا لبساطته في التعامل معهم وروح الدعابة التي تسيطر عليه لا يختلف كثير في هذا التعامل مع الشخصيات التي لا يعرفها أو الصحفيين الذين يرغبون في أخذ الأحاديث الصحفية منه، فهو بسيط للغاية وعند زيارتك مقر الجماعة في المنيل يستقبلك مرحبا بك في حفاوة شديدة «أهلا يا وليدي إيه أخبارك؟» وقليلاً ما يرفض عاكف طلب صحفي بالحوار معه، حتي إن رقم هاتفه الشخصي لدي الكثيرين من المهتمين بمتابعة حركة الجماعة ولا يرفض استقبال المكالمات لمجرد التعليق علي حدث خلافا لشخصية الهضيبي الذي كان يتعامل مع الإعلام بحذر.
وقد حاول عاكف أن يظهر بشكل صريح وفضفاض في كلامه ومن السهل أن تعرف أن خطابك معه قد أوصله لحد «النرفزة» التي تبدو علي وجهه بشكل سريع، ففي بداية حواره معك ستجده يتحدث إليك قائلا «يا أخي الحبيب» وما إن يشعر أن أسئلتك لا تحلو له يبدأ حالة من الغضب ويناديك وقتها «لا حبيبي» مقطباً حاجبيه ملوحا لك بيديه وتعلو نبرة صوته ويفتح زر بدلته وتكثر حركته علي المقعد الجالس عليه .
عاكف لا يتجمل في حديثه الذي ما إن يبدأ ينسي أنه رئيس أكبر تنظيم سياسي ودعوي علي مستوي العالم، وتجده يستخدم مصطلحات المصري البسيط غير المعقدة لذلك تجده في تصريحاته وكأنه ليس رجل سياسة.
هذه الطبيعة التلقائية رغم ما جرته علي الجماعة من مشاكل فإن أكسبته مصداقية واسعة لدي الأجيال الشابة وجيل طلبة السبعينيات، إذ تجده يشترك مع عمر التلمساني - المرشد الثالث للجماعة - في الثقة في هؤلاء الشباب والدفاع عنهم لدي القيادات التي تختلف معهم، لذلك عاكف كان أكثر قربا لمجموعة الوسط التي انشقت عن الجماعة في منتصف التسعينيات حتي إن قيادات الجماعة قالت إن بساطته في التعامل مع هذه المجموعة هي السبب الأساسي لهذه الأزمة إذ كان حريصاً عليهم وواثقا في نيتهم بشكل أزعج الأستاذ مصطفي مشهور - المرشد الخامس للجماعة - التي تربي في أحضان التنظيم الخاص والذي أخذ مواقف حادة من هؤلاء الشباب، والذي انتهت بفصل عدد كبير منهم أو استقالة البعض الآخر مثل المهندس أبوالعلا ماضي وكيل مؤسسي الحزب.
وحتي اليوم يقوم مهدي عاكف المرشد العام للجماعة بهذا الدور، فهو لا يحبذ أن تهجر الجماعة العقول المفكرة ويحاول استرضاء الغاضبين من سياسات المجموعة المحافظة التي نفرت عدد غيراً قليل من هذه الشخصيات، فعاكف حاول ترضية النائب البرلماني السابق والمحامي مختار نوح حتي يعزف عن تجميد عضويته في الجماعة، ودعاه أن يكون مستشاراً سياسياً له حتي لا تفقد الجماعة عقلية داهية مثل نوح، بل أشارت مصادر داخلية إلي أن كثيراً ما ساند عاكف عبدالمنعم أبوالفتوح المحسوب علي التيار الإصلاحي في مواقفه داخل مكتب الإرشاد.
عاكف أيضا لم يضجر بانتقادات الشباب للجماعة وكان هو الشخصية الوحيدة التي اعتبرت ظاهرة التدوين الإخواني التي حملت كثيراً من النقد الذاتي للجماعة أنها ظاهرة إيجابية، وقال عن هؤلاء الشباب إنهم يكسرون الحواجز التي وضعها الأمن لتقويض عمل الجماعة وفكرها.
بل انصاع عاكف بشكل كبير لطلبات الشباب الذي أعلن عن غضبه من موقف الجماعة من إضراب 6 أبريل، ودخل في خلاف مع عدد من أعضاء مكتب الإرشاد حتي استطاع أن يضغط عليهم للموافقة علي المشاركة في إضراب 4 مايو رغم عدم دراسة المشاركة من الناحية السياسية، وافق عاكف حرصا علي هؤلاء الشباب الغاضب والذي أعلن عدد منه المشاركة حتي لو رفضت الجماعة.
ورغم تقبل عاكف النقد بصدر رحب فإنه يصر علي وجهة نظره وخاصة في الفترة الأخيرة التي قرر فيها ألا يجدد ولايته علي منصب المرشد مما دعاه لاتخاذ إجراءات شكلها العام ديمقراطي وتجديدي للجماعة إلا أن تنفيذها أغضب الكثير من الإخوان في تسريعه إجراءات انتخابات مكتب الإرشاد وكذلك في اختيار خليفته علي المنصب مما دعا الكثير من قيادات الصف الأول وأعضاء في شوري الجماعة إلي انتقاد هذه الإجراءات والطعن عليها، بل وصل الأمر لتذمر نائبه الأول الدكتور محمد حبيب الذي رفض المشاركة في الانتخابات نظرا لاستئثار عاكف بإجرائها، ومع ذلك لم ير عاكف أنه يقوم بأي مخالفة في هذه الانتخابات بل انتقد قيادات الجماعة التي توجهت بطعونها وشكواها للإعلام، وقال: إن شئون الجماعة خاصة ولا يجب إطلاع أحد غيرها عليها، ويقول مقربون من عاكف إنه كان يشعر خلال الفترة الماضية بأنه يجهز عروسا من خلال هذه الانتخابات وكان سعيدا لقدرته علي أن يُفعّل مجلس شوري الجماعة لأول مرة منذ 15 عاما تعطلت فيه كل صلاحياته وأنه قد فعل مبدأ الشوري في الجماعة.
إلا أن فرحته بهذا الحراك الداخلي في الجماعة لم تشعره بأصحاب المصالح والمخالفات الجسيمة التي ارتكبت خلال هذه الانتخابات حسب قياديين في الجماعة، حيث قالوا إنه تجاوز حق مجلس الشوري الجديد الذي تبدأ ولايته في يونيو القادم باختيار مكتب الإرشاد الجديد الذي سيتعامل معه.
إلا أن بساطة عاكف في التعامل جعلته ينظر للأمور بأقل من حجمها الحقيقي فهو يشعر دائماً بأنه أب للعائلة الإخوانية وما قام - وهو مخلص فيه - سيكون فيه الخير لهذه الجماعة وأن المختلفين معه سيعودون مرة أخري للعمل في حظيرة الدعوة، ولعل أبرز ما يدل علي ذلك هو استقباله البشوش للدكتور إبراهيم الزعفراني عقب تقديمه طعناً علي انتخابات مكتب الإرشاد وطلبه بإعادة إجرائها من جديد، فاستقبله عاكف في حفل غداء أقامه الكاتب الصحفي محمد عبدالقدوس في منزله بحضن كبير وظل لوقت طويل يتحدث إليه واضعا يده علي كتف الزعفراني.
لقد بلغ تسامح عاكف العنان، فالرجل رغم اختلافه مع ما تتناوله الصحافة عنه وعن جماعته ورغم اختلافه عما يطرحه كاتب هذه السطور في أحيان كثيرة، فإنه لم يغتال أحداً بسهام قليل من قيادات الإخوان التي تري أن كل المختلفين معها أعداء لهذه الدعوة، لم يطلق أبدا عاكف مثل هذه السهام وكان يفرق بين من يتعاملون مع الأمن وأرزقية هذا الملف وبين الصحفيين والمحللين الذين إن اختلفوا لم يطعنوا هم أيضا في إخلاص هذه الجماعة ومرشدها.
ربما لن يجد الإخوان المسلمين مرشدا بسعة قلب عاكف ولن يجدوا كاريزما قوية تعبر عن الجماعة قدر ما عبر عنها هذا الرجل ولن يجد الإخوان شخصا متسامحا مع نفسه ومع كل من يتعاملون معه مثل عاكف.
فعاكف قد جمع كل الصفات الحسنة في المرشدين السابقين للجماعة، فستجد فيه شباب حسن البنا وجرأته وتجد فيه حكمة حسن الهضيبي وتسامح التلمساني وانفتاحه وطيبة وورع حامد أبوالنصر وشكيمة مصطفي مشهور وحدة مأمون الهضيبي، وسيظل عاكف «أيقونة» إخوانية فريدة من نوعها في تاريخ هذه الجماعة بما حملته من خصال ومواقف شجاعة وبما قام به مما اعتبره الكثير من المحللين أخطاء، ولن تجد الجماعة مرشدا يجمع قدراً مما كان في عاكف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.