رسخ عام 2009 صحة مقولة "ارجع مصر تعيش ملك" التي وصف بها أبرز محترف في تاريخ الكرة المصرية هاني رمزي حال المحترفين المصريين .. حيث شهد هذا العام انهيار السمعة الاحترافية للاعب المصري في الملاعب الأوروبية في مشهد مرير يعكس الي حد كبير مدي الاستهتار و اللامبالاة وحالة تدليل النجوم التي يعيشها اللاعبون المصريون في بلدهم مصر التي يتفنن بعض مسئولي أنديتها في تقديم فروض الولاء والطاعة لنجوم الكرة.. كذلك أثبت اللاعبون المصريون أنهم يفتقدون ثقافة الاحتراف كأشخاص قادرين علي الوفاء بالتزاماتهم. الشواهد والدلائل علي ذلك عديدة لعلها تتلخص في التقرير المهين الذي نشرته " شبكة يورو سبورت " البريطانية عندما عرضت علي الأندية المصرية الحصول علي اللاعبين المشاغبين الإنجليز كتعويض عن تصديرها للمصريين المشاغبين إلي إنجلترا. وعلي الرغم من قسوة التقرير الا أن الواقع يؤكد صحته حيث شهد عام 2009 عودة 14 محترفا من الخارج للعب في الدوري المصري في المقابل لم يشهد العام نفسه سوي احتراف لاعبين فقط في أندية مجهولة الهوية، هما دودي الجباس في ليرس البلجيكي، وعطية البلقاسي في أهلي بني غازي الليبي. وسواء اتفقنا مع الرأي القاسي للشبكة أو اختلفنا فالمؤكد أن لاعبينا عادوا لأنهم لم يتلقوا عروضا جيدة ولا أحد في إنجلترا أو معظم الدوريات الأوروبية الكبيرة لديه استعداد لاستضافة لاعبين يتغيبون عن التدريبات ويثيرون المشاكل. مسيرة حافلة.. بالفشل والمشاكل فبالنظر الي مسيرة المحترفين المصريين بالخارج خلال عام 2009 نجد أنها حافلة بالفشل والمشاكل.. وكان بطل تلك المسيرة هو اللاعب عمرو زكي الذي أنهي مشواره الاحترافي القصير الذي لم يدم سوي موسم واحد فقط مع ويجان الانجليزي.. قام فيه بإثارة العديد من المشاكل مع مدربه السابق ستيف بروس، وخلافات مع زميله في الفريق ميدو، وهو ما كان له تأثير سلبي كبير علي سمعة زكي في الملاعب الانجليزية. فقد سمح زكي لمدربه السابق ستيف بروس بشن حملة للتشهير به بسبب غيابه عن التدريبات وعدم انتظامه لدرجة أن الرجل بعد وصول العلاقة بينه والمهاجم المصري إلي طريق مسدود تعمد تشويه صورته للثأر منه والتقليل من قيمته المادية في حال تلقيه أي صفقة حيث قال بروس وقتها "زكي أسوأ محترف تعاملت معه طوال مسيرتي التدريبية.. سئمت من الدفاع عن زكي واختلاق الأعذار له" لم يكن حال ميدو أفضل كثيرا من زكي ، فرغم تسجيل ميدو لستة أهداف في 2008 مع فريقه السابق ميدلسبره، إلا أنه بعد انتقاله إلي ويجان مع بداية 2009 لم ينجح سوي في تسجيل هدفين فقط أحدهما من ركلة جزاء طوال 20 مباراة كاملة ومع نهاية الموسم لم يقنع مستوي ميدو مسئولي ويجان بتمديد إعارته، فعاد إلي ميدلسبره الذي هبط للدرجة الثانية ليقرر ميدو العودة لناديه السابق الزمالك ولم تخل مسيرة ميدو مع ميدلسبره من المشاكل حيث أعلن جاريث ساوثجيت مدرب ميدلسبره غضبه العلني من تغيب ميدو الذي دخل في خلاف مع الفريق بسبب مستحقاته المتأخرة. الحاضر.. الغائب علي الرغم من بقاء محمد شوقي مع فريق ميدلسبره الانجليزي الهابط الي الدرجة الثانية الا أنه لم يقدم شيئاً يذكر مع البورو بل إنه نال النصيب الأكبر من الانتقادات لدرجة أنه صنف ضمن أسوأ الصفقات في تاريخ النادي الانجليزي. يذكر أن اللاعب قد تم استبعاده من قِبل المنتخب المصري بسبب عدم مشاركته في أي مباراة مع ميدلسبره، وكانت هناك تقارير تربط بين اسمه وبين ناديي الزمالك والأهلي في إشارة لعودته لمصر مرة أخري ولكن وكيل اللاعب أكد علي عدم تفكير شوقي في العودة لمصر في الفترة الحالية حتي تنتهي مشكلته المالية مع البورو. وقبل كل هذه الحالات لاتزال واقعة حسام غالي وإلقاؤه قميص توتنهام علي وجه مدربه مارتن يول عالقة في الأذهان حيث غادر بعدها الدوري الانجليزي لينضم إلي النصر السعودي بعدما كان مستواه يؤهله للعب بصورة أساسية في أي من أندية الوسط في دوريات أوروبا الكبري ... ليؤكد أن اللاعب المصري لا يعرف شيئا عن ثقافة الاحتراف. اللاعب المعجزة ويأتي اللاعب " المعجزة " جمال حمزة ليتوج مسيرة فشل المحترفين حيث حقق حمزة لقب أسوأ محترف ليس في عام 2009 فقط ولكن علي مدار تاريخ الكرة المصرية حيث خاض حمزة تجربة احتراف قصيرة وفاشلة في ماينتز الألماني لم تدم سوي ثلاثة أشهر فقط وشارك حمزة مع ماينتز في مباراة واحدة فقط وتحديدا لمدة 68 دقيقة كانت أمام لوبيك (درجة رابعة) في كأس ألمانيا وظهر بمستوي متواضع، وانتهي اللقاء بهزيمة ماينتز 1-2 وخروجه من الدور الأول لكأس ألمانيا. لم يشارك حمزة مع ماينتز في أي مباراة في الدوري الألماني طوال الدور الأول، بل إنه لم يدخل قائمة فريقه طوال 17 مباراة كاملة مما دفع مسئولي ماينتز لفسخ تعاقدهم مع حمزة في منتصف أكتوبر الماضي بسبب تواضع مستواه وضعف لياقته البدنية وعدم التزامه مع الفريق ليعود اللاعب الي أحضان الدوري المصري مع فريق الجونة الصاعد حديثا الي دوري الأضواء. القائمة السوداء لم تقتصر قائمة اللاعبين التي عادت الي أحضان بلدهم في عام 2009 بعد فشلهم في تجربة الاحتراف علي السابق ذكرهم حيث إن القائمة السوداء مليئة بتلك النوعية من اللاعبين.. في مقدمتهم عصام الحضري الذي عاد من سيون السويسري إلي الإسماعيلي، شريف إكرامي من فينورد الهولندي إلي الجونة ثم الأهلي، عمرو سماكه من كاظمة الكويتي إلي الترسانة ثم الجونة، وليد سليمان من أهلي جدة السعودي إلي بتروجيت، عماد متعب من اتحاد جدة السعودي إلي الأهلي، عمر ربيع ياسين من ترن أوت البلجيكي إلي الزمالك ثم إلي السكة الحديد، أمير عزمي من ديار بكر سبور التركي إلي حرس الحدود، أحمد أبو مسلم من أجاكسيو الفرنسي إلي الاسماعيلي ، وأخيرا ابراهيم سعيد من أهلي طرابلس الليبي الي "منزله" حيث لم يتعاقد مع أي ناد حتي الآن. المنتخب يدفع الثمن وتؤكد تلك القائمة علي أن اللاعب المصري كسول ولايطيق الغربة وفقير بدنيا ومثير للمشكلات بشكل يفوق الوصف ويهتم كذلك كثيرا بالشهرة المحلية والظهور في القنوات الفضائية والتقاط الصور مع المعجبين والمعجبات الأمر الذي يتسبب في إحداث تأثير سلبي يؤدي إلي فشل الاحتراف في حالة ماتحقق وهذا ما ينعكس بالسلب علي مستوي المنتخب المصري . فعلي مدي التاريخ لم تعرف مصر لاعبا محترفا بمثابة البطل كما هو الحال في العديد من البلدان الأفريقية مثل الكاميرون ومالي وكوت ديفوار ونيجيريا والمغرب وتونس وحتي الجزائر.. كذلك يملك المنتخب المصري عدداً هزيلاً من المحترفين في أندية مجهولة الهوية في المقابل تملك منتخبات أخري مغمورة لا تضاهي امكانيات الفراعنة مجموعة كبيرة من المحترفين في أعرق الأندية الأوروبية. فحينما يتحدث أحد عن منتخب الكاميرون يتبادر فورا إلي الأذهان المهاجم الفذ صامويل إيتو ولايختلف الحال كثيرا حينما يتطرق أحد إلي كوت ديفوار فتجد الفرصة مناسبة للحديث عن أسطورة الكرة الإيفوارية ديديه دروجبا وفي توجو يوجد إيمانويل أديبايور هناك مايكل إيسيان في غانا وجون أوبي ميكيل في نيجيريا وسيدو كيتا وعمر كانوتيه في مالي ومروان الشماخ في المغرب وهناك مانوتشو في أنجولا ولكن حينما تذكر مصر لاتتذكر سوي محمد أبوتريكة لاعب النادي الأهلي لسبب بسيط يتلخص في عدم وجود لاعب محترف صاحب بصمة حقيقية علي أداء منتخب مصر علي مدي السنوات العشر الأخيرة وربما يكون ذلك علي مستوي عشرات السنين الأخيرة وعلي الرغم من نجاح منتخب مصر في الفوز 6 مرات ببطولة كأس الأمم الأفريقية وآخرها بطولة غانا 2008 إلا أن ذلك تحقق بفضل اللاعبين المحليين الذين يشكلون القوام الأساسي للمنتخب الوطني.