اجتماع "أزمة" في الرئاسة الخارجية تستدعي سفيرنا في الجزائر.. أول إجراء من نوعه منذ استدعاء سفيرنا في إسرائيل لماذا صمتت السلطات الجزائرية عن إدانة المشجعين.. وتخطئ إذا ظنت أن استثماراتنا في الجزائر رهينة؟ لا يوجد قتلي.. والبلطجية الجزائريون حطموا صالة تسفير الحجيج في مطار الخرطوم بالكامل بقايا البلطجية الجزائريين المرعيين رسميا من الدولة.. يحطمون عدداً من المحلات المصرية في الخرطوم عناصر من جهاز أمني مصري ساعدت في تجميع المشجعين المصريين وتأمينهم بالخرطوم فيما بقي الرئيس مبارك متيقظاً حتي الساعة الرابعة من صباح أمس الخميس، في أعقاب الأحداث المؤسفة والمؤلمة التي تعرض لها المشجعون المصريون في الخرطوم علي أيدي مجموعات من البلطجية الجزائريين الذين سفرتهم الدولة الجزائرية مجاناً إلي السودان.. حيث ظل يواصل اتصالات ومتابعة تأمين إخلاء الجماهير المصرية سالمة من العاصمة السودانية.. عقد الرئيس صباح أمس ما يمكن وصفه بأنه "اجتماع أزمة وتقييم موقف" حضره رءوس مؤسسات الأمن القومي والمؤسسات المعنية.. حيث جري تقييم شامل ودقيق لأبعاد الموقف.. والقرار الذي يجب اتخاذه. الاجتماع الذي ضم رؤساء مجالس الوزراء والشعب والشوري ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية ورئيس المخابرات ورئيس ديوان رئيس الجمهورية، ما جعله (مجلساً للأمن القومي)، مضافاً إليهم وزير الدولة للشئون البرلمانية ووزير الطيران ووزير الإعلام ووزير الإسكان ورئيس أركان القوات المسلحة والمتحدث باسم الرئاسة ورئيس جهاز الرياضة.. استمر بضع ساعات.. وأسفر عن بيان أصدره المتحدث باسم الرئاسة في وقت تالٍ بعد عصر أمس.. ووازاه بيان صدر عن وزارة الخارجية المصرية قالت فيه إنها استدعت السفير المصري في الجزائر فوراً للتشاور في القاهرة.. وأن تعرف منه بشكل مباشر ما هي أوضاع المصريين في الجزائر. هذا الإجراء هو الأول من نوعه الذي تلجأ إليه مصر منذ سنوات طويلة مع أي من الدول.. بعد أن استدعت سفيرها في تل أبيب للتشاور بعد اندلاع انتفاضة عام 2000 في الأراضي المحتلة. ويلاحظ هنا أن لغة البيان الصادر عن المتحدث باسم الرئاسة كانت ذات إيقاع فيه حرص. وبينما ألغي اجتماع الأزمة الذي تداولت فيه كل المعلومات حول الموقف اجتماعاً كان مقرراً لمجلس المحافظين بالأمس، تبين ما يلي: - أمر الرئيس بتوجيه عدد إضافي من الطائرات إلي الخرطوم.. وبقي بعضها ما بين مطارات الأقصر وأبوسمبل وأسوان في الانتظار.. لأن قدرة مطار الخرطوم علي الاستيعاب في عمليات الإقلاع والهبوط لا تضاهي عدد الطائرات المرسلة علي عجل من مصر لاستعادة المشجعين. - إن عمليات الإخلاء تمت من الخرطوم بنجاح حتي ظهيرة أمس.. وقال السفير المصري في الخرطوم ل"روزاليوسف" إنه تم ترحيل ما يزيد علي 4600 مشجع مصري.. وأن الفريق الطبي لوزارة الصحة المرافق للمشجعين (11 طبيباً).. بخلاف المستشار الطبي كانوا يمرون علي المستشفيات السودانية حتي الساعة الواحدة للتعرف علي أي إصابات لم يعد أصحابها إلي القاهرة.. وتأكدوا من عدم وجود مصريين. - عناصر من جهاز أمني مصري رفيع.. كانت لها يد العون.. والمتابعة.. في البحث عن كل المصريين في أماكن مختلفة بالتعاون مع السلطات السودانية.. وتوجيههم إلي المطار. - لم يتم العثور علي أية ضحية.. ولم يتأكد ما قيل بشأن مصرع أحد المواطنين. - تواصلت أعمال الشغب في الخرطوم من قبل المشجعين الجزائريين.. البلطجية الذين أرسلوا برعاية رسمية.. حتي بعد أن تم إبعادهم عن المشجعين المصريين.. وحطم الجزائريون بالكامل صالة تسفير الحجاج التي أودعوا فيها مساء ليلة الأربعاء -الخميس.. وقالت مصادر مؤكدة إن عدداً من المحلات التي يمتلكها المصريون في الخرطوم قد تعرضت للتحطيم ظهيرة أمس.. دون أن يؤدي هذا إلي وقوع ضحايا. - قال محرر من "روزاليوسف" عائد من السودان إنه قد تم إطلاق نيران في الهواء لتفرقة المتجمهرين.. ولم يصب أحد بأذي وعاد ببعض الأظرف الفارغة كل من المحرر وأمين شباب الحزب الوطني ورئيس جمعية الشبان المسلمين. - قدرت مصر دور السودان في بذل أقصي ما في وسعه من أجل حماية المصريين أمنياً.. لكنني شخصياً لاحظت أن الاهتمام السوداني قد بلغ ذروته بعد التصريح الذي أدلي به وزير الإعلام أنس الفقي.. وتضمن أن مصر يمكنها أن ترسل قوات مصرية لحماية المصريين إذا لم يكن بوسع القوات السودانية أن تحمي المصريين. - كلف الحزب الوطني، صاحب أكبر الأفواج المشاركة في التشجيع بالمباراة أمين التنظيم أحمدعز بالبقاء في الخرطوم لمتابعة عمليات الإخلاء.. وقد جري اتصال معه في وقت متأخر أمس.. بينما ظلت طائرتان مصريتان قابعتين في مطار الخرطوم لبضع ساعات ليس فيهما سوي ثلاثة ركاب.. تحسباً لأي مشجع شارد يمكن العثور عليه. وفي حين توالت ردود أفعال الرأي العام الغاضب في مصر، وهو الغضب الذي عبرت عنه أيضاً الدولة في أعلي مستوياتها بأساليب مختلفة، وطالب مصريون بقطع العلاقات مع الجزائر.. وعبرت وسائل إعلام مختلفة الاتجاهات عن تموجات الرأي العام الذي لا يقبل الإهانة.. ولا يرضي بما جري بأي شكل ممن يوصفون بأنهم أشقاء.. وحولوا مباراة كرة قدم إلي معركة حربية.. فإن هذا يستوجب تسجيل عدد من الملاحظات المهمة علي أكثر من مستوي: أولاً: إن مصر ليست بصدد حرب.. علي الرغم من غضبها الشديد.. والرئيس نفسه كان قد تعرض لمحاولة اغتيال في أديس أبابا قبل عدة سنوات.. وطلب عديد من مستشاريه أن يتم شن حرب انتقامية ممن دبر محاولة الاغتيال.. لكنه لم يرضخ لمثل هذه الخيارات المدمرة.. والدموية.. كما أنه لم يتخل عن حكمته.. ولم تتخل الدولة المصرية عن حكمتها في التعامل مع الموقف بدون أي إخلال بحقوق المصريين. ثانياً: إن ما يحرك الدولة هو حماية المصالح.. أرواحاً ومالاً وممتلكات.. وقد تحركت في اتجاه الحفاظ علي أرواح كل المواطنين بالطريقة الواجبة التي حققت الأهداف.. وهي تدرك أن المصريين في الجزائر في حالة آمنة.. وتضع علي الدولة الجزائرية مسئولية حماية المقيمين علي أرضها من أية تعديات. ثالثاً: إن من المثير جداً للانتباه أن الدولة الجزائرية لم يصدر عنها أي موقف من أي نوع طيلة يوم أمس والساعات التي أعقبت التعديات التي قام بها الجزائريون في الخرطوم.. وهو أمر يعتبر سابقة.. في ضوء أن عدداً من الوزراء الجزائريين كانوا قد خرجوا للتنديد والتحريض بعد إلقاء بعض المشجعين طوبة أو أكثر علي أتوبيس مشجعي الجزائر في القاهرة قبل مباراة يوم السبت الماضي. رابعاً: إن الدولة الجزائرية تعلم جيداً أن مصر ليست مقيدة في معالجة الأمر.. وهي تنظر إلي الاستثمارات المصرية الموجودة في الجزائر.. هذه الاستثمارات هي إضافة للناتج القومي الجزائري.. وعلي العكس نحن نحاول اجتذاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلي داخل مصر. خامساً: ليس صحيحاً ما ردده النائب في مجلس الشعب مصطفي بكري من أن الدولة قد تخاذلت في تأمين سلامة بقية المصريين بعد عودة الأستاذين علاء وجمال مبارك ورئيس ديوان الرئيس إلي القاهرة.. وقد يندهش الجميع حين يعرف أن النائب كان يتحدث إلي تليفزيون أوربت ويقول هذا الكلام وهو في القاهرة.. إذ عاد بعد المباراة علي أول طائرة.. كما أن رئيس الديوان وعلاء وجمال مبارك لم يعودوا إلي القاهرة إلا في صباح الخميس الباكر.. وكانوا يقومون بتلقي اتصالات من القاهرة لمتابعة حالات استغاثة من المواطنين الذين كانوا يرسلون إلي البلد أنهم يريدون العون.