ماذا يحدث للمصريين؟ سؤال بات يؤرقني ليل نهار.. أن يغضب بعض الشباب من أمر ما فيعلنون تذمرهم بشكل أو بآخر مبالغ فيه.. فهذا أمر يمكن تفهمه.. أن يغضب الكثيرون من الوساطة أو عدم اهتمام حكومة القرية الذكية بوزرائها ومحافظيها بشئون الناس اليومية.. وتجاهلها أقلام الصحفيين القومية والحزبية والخاصة بشكل متعمد.. واختيار قضايا بذاتها جاءت علي هوي الحكومة في قنوات فضائية معينة.. كل هذا يثير احتقان جميع فئات المجتمع دون شك، لأن الحكومة ببساطة لا تحكم أو تدير الأشجار والعمارات والشوارع دون مواطنيها أصحاب الحق بالاهتمام والرعاية والتجاوب مع مطالبهم. ولكن.. ما جعل القلب ينزف دماً.. أن يصل بنا الأمر إلي درجة أن من اعتبرناهم شيوخ المهنة وحكماءها منذ أكثر من 50 عاماً يأخذون معاول.. لا ليهدموا بها عقاراً أو محلاً أو رصيفاً، بل يحاولون هدم بلد وأمة وشعب وتاريخ.. بل يزرعون في قلوب الشباب المصري بذرة الشك والإحباط حتي في أحلي وأجمل وأروع لحظات نصر أكتوبر في تاريخه المجيد. عزيزي القارئ.. هذه مقدمة لقضية أكبر وأخطر يواجهها هذا الشعب الكبير والأصيل.. فلا يوجد بيت في هذا البلد لم يفقد قريباً له في حرب أكتوبر.. وهذا يعلمه جهابذة الشر وجبال الحقد وحيتان الغل والكراهية. أعلم جيداً مدي كراهية الكاتب محمد حسنين هيكل للرئيس الراحل أنور السادات.. لأسباب عديدة يعلمها القاصي والداني.. الصغير قبل الكبير.. منها ببساطة خروجه من كتيبة الحكم بعد وفاة الراحل الزعيم جمال عبدالناصر وعدم اعتماد قادة هذه الفترة علي مشورة وأفكار الصحفي محمد حسنين هيكل.. الإشكاليات عدة ليس هنا مكان سردها.. وتلك أمور يمكن تفهمها أيضا. ولكن ازدادت كراهية الرجل للرئيس مبارك أيضا، لعدم الاعتماد علي مشورته وآرائه لأسباب أخري أو ذات الأسباب التي جعلت الرئيس السادات يستغني عن خدماته. المهم.. كل هذا لا يعطي الصحفي محمد حسنين هيكل الحق في أن يستدعي أحد أباطرة الصهيونية وأحد أركان المشروع الإسرائيلي في المنطقة منذ نعومة أظافره كأصغر وزير خارجية بريطانية منذ أكثر من 50 عاماً.. وهو الچنرال ديفيد أوين كان عمره في ذلك الوقت أربعين عاماً مما زاد من احتقان كتلة اللوردات البريطانيين حينذاك لإصرار الحكومة البريطانية وبعض الجهات الأجنبية حينذاك أيضا علي دفعه لتولي هذا المنصب الخطير هو شاب لم تتجاوز خبرته وسني عمره الأربعين عاماً أن يستدعيه في هذه الأيام المجيدة من شهر أكتوبر العظيم.. والشعب كله بجميع طوائفه وشرائحه يحتفل بأعظم حروبه وانتصاراته في التاريخ علي العدو الإسرائيلي. ويعيد أوين الوزير البريطاني الأسبق أمام شباب الصحفيين المصريين أن إسرائيل لم تهزم.. وأن الجيش المصري لم ينتصر في 6 أكتوبر.. وأن سبب رجوع أرض سيناء لأصحابها هو الطريق الدبلوماسي فقط.. وأن علي الفلسطينيين أن ينسوا تماماً قضية عودة اللاجئين لأرضهم. ماذا يفهم من هذه الرسالة عبر مؤسسة هيكل لتدريب الشباب المصريين، وماذا يريد هيكل أن يوصله لشباب الصحفيين.. والمصريين بشكل عام.. ولماذا يستثني الچنرال أوين قضية اللاجئين من أي مفاوضات مع إسرائيل؟! وكل تلك أسئلة تثير الشكوك والحيرة لدي الشباب المصريين والأهم من ذلك كله.. لو افترضنا أقل القليل من حسن النية.. لماذا لم يرد هيكل علي أي من هذه الادعاءات الوهمية أثناء الندوة التدريبية داخل مصر.. خاصة أننا نعلم أن هيكل أعلن بشكل واضح اعتزاله الكتابة تماماً.. ولكنه لم يعلن اعتزاله الكلام.. خاصة في القنوات الخليجية التي تدفع ملايين الدولارات لحلقاته؟ وأخيراً.. الأستاذ سلامة أحمد سلامة رئيس مجلس تحرير الشروق.. لا أريد أن أرهق سنك وجسدك فيما ساقه الصديق الشخصي لك الكاتب محمد حسنين هيكل.. ولكن أطالبك من باب شرف المهنة وحق الشباب المصري.. ودماء جنودنا التي سالت علي رمال سيناء أن تعلق علي أوهام ديفيد أوين.. وصمت هيكل.. أرجوك.