في وسط الزحام الدرامي العنيف والمتزايد كل عام عبر شاشات التليفزيون اطلت علينا هالة اقصد ليلي علوي لتروي لنا حكايات بنعيشها .. اطلت ليلي بقضايا شائكة ومتشابكة الابعاد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ، حكايات تنطق بواقع لا يمكن انكاره .. بسيناريو لا يمكن الا ان تعبر عن اعجابك وتقديرك باحكام كتابته للكاتب حازم الحديدي وباخراج بارع في ايقاعه وتماسك نسيجه للمخرجة المتميزة مريم ابو عوف.. اطلت ليلي علوي وقد قررت ان تعيش وتعايش دورها في اعلي مستويات نضج الاداء والاستيعاب لمتطلبات القضية وبطلتها . فكشفت كل المستخبي وقامت بتعرية النفس البشرية التي وقعت في شباك ادمان المخدرات والانحراف والاتجار والجشع والشراهة في جمع كل شئ علي حساب كل شئ . لقد نجحت ليلي علوي وفريق العمل معها في جعلنا امام لوحات مصرية رسمت ملامحها دون مبالغة او افتعال . القضية بطل ، والسيناريست بطل والمخرج بطل والممثلون اغلبهم ان لم يكن جميعهم ابطال .. لم تحاول ليلي ان تعيش دور النجومية المفتعلة والمنفردة فها هو باسم سمرة بملامحه وادائه المتميز يزيد من تألق العمل وتألق ليلي .. وها هو احمد راتب بمصريته وعفويته يزيد من عمق المعايشة مع القضية ، وها هي رجاء حسين تقدم نموذجاً للأم المصرية التي تأبي ان تنحاز لابنها وفلذة كبدها حينما يخطئ في حق زوجته واولاده وعائلته. ولا احد ينكر براعة اداء سوسن بدر. وكم كانت مفاجأة ان يتخلص هذا العمل الجميل من بعض مثالب بعض الاعمال الدرامية كالمط والتطويل والتكرار الممل وينتهي الامر عند 15 حلقة . فظلت القضية كالمطرقة علي رأس المجتمع وكالصاعقة علي قلب كل رجل يبيع ضميره من اجل كيفه ومزاجه القبيح او شراء الابوة بمخالفة للقانون .. ان هذا المسلسل يؤكد بشكل مباشر وغير مباشر قول المولي عز وجل "يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" صدق الله العظيم.. نعم عندما كانت تدق الساعة الخامسة علي القناة الثانية اجلس ومعي زوجتي في حالة من التركيز الممتع امام عمل يحترم عقل ووجدان المواطن المصري ..