طالعتنا الصحف بخبر إستقبال السيد الرئيس للفنان طلعت زكريا طباخ الرئيس فى الفيلم الذى عُرف بهذا الإسم وقد ذكر الفنان بأن لقاءهما إمتد لأكثر من ساعتين من الزمن وأنه اتسم بروح المودة العميقة ،وأن الرئيس قد أزال بدفء استقباله الرهبة والوحشة . وقد دفعتنى هذه المبادرة الكريمة إلى أن أكتب هذه الرسالة لأقول : وانا أيضاً أريد أن أتشرف بمقابلتك يا سيادة الرئيس ، أنا أيضاً عندى الكثير والكثير مما أريد أن أبوح لك به - على انفراد - فإن لم يسمح وقتك بساعتين فأستطيع أن ألخص ما أريده – ولو فى نصف ساعة - كى لا أضيع وقتك الثمين . سيادة الرئيس ، قد لا أكون مشهوراً، ومن المؤكد انك لا تعرفنى ، لكن يكفى أننى واحد من أبناء هذا الوطن العظيم ، وأننى أتألم مما آل إليه الحال ، وأنا اعتقد أن عندى ما يمكن أن يساهم فى عودة هذا الوطن إلى مكانته الطبيعية . أنا لست مثل طلعت زكريا - طلعت زكريا بيمثل أنا بتكلم جد - وقد لا أكون أُحُسن ما يحسنه ، لكنى أُحُسن أشياءاَ أخرى( أهم وأنفع للوطن) . أنا واحد من الناس ، من الطين ، من المعاناة ، من الهموم التى يجب أن تعرفها بالتفصيل وتسمعها من أصحابها. سيادتك لا يمكن أن ترانى لأن الذين يستأجرون أوانى الورد ويدهنون الرصيف ويغلقون كل المنافذ والنوافذ فى الطرق التى تمر عليها فى أى زيارة لا يسمحوا لمثلى أن يقف أثناء زيارتك محاولاً أن يلفت انتباهك لوجوده ، لعلك تدعوه وتسمع منه ، ثقة منه فى أنك لو سمعت الحقيقة كاملة فستتدخل على الفور . سيادة الرئيس انا لا أطلب الزيارة لنفسى والله ( أنا مستور والحمد لله ) أنا أطلب الزيارة لأجل جارى الذى يموت من الجوع ومع ذلك يرفض مساعدتى له ، وأطلب الزيارة لأجل النساء اللاتى أراهن كل يوم على مقالب الزبالة يجمعن الطعام لأولادهن ، ولأجل عشرات المعارف الذين ماتوا فى حوادث طرق ، أو قضوا بسرطان ، أوفشل كلوى . أنا أطلب الزيارة لأجل أولادى الذين لا يحصلون على تعليم جيد ولا هواء نظيف ولا ماء نقى . أطلب الزيارة لأجل الغد، الغد مرعب مرعب يا سيادة الرئيس ، الغد مخيف لى ولأولادى وربما لأحفادك يا سيادة الرئيس . نذر الشر والفتنة والإنفجار أطلت بوجهها فى كل مكان ، ولابد أن يصلك هذا بوضوح تام ومصارحة كاملة ، الناس فى بلادى تغلى ، والصدور ممتلئة ، ولابد أن تتدخل فوراً وبقوة، سيادة الرئيس لا أعتقد أن المقال سيكون مناسباً فلتشرفنى بلقاء أبث هموم الناس فيه ، وأطلعك على الواقع بلا تجميل ولا تزييف ، ثم انظر ماذا ترى - وظنى أنك لن ترضى بمظلمة ولن تقبل بجور - . عندى أقتراحات لمساعدةأهلنا فى غزة دون المساس بسيادة مصر ، وعندى اقتراحات لحل مشكلة التغول النصرانى دون ظلم النصارى أو جرح مشاعرهم ، وعندى أفكار لنزيف الدماء على الأسفلت ، وأفكار لارتفاع معدلات الجريمة ، والعنوسة ، والتعليم ، والفقر ، والتخلف الصناعى ، والزراعى ، والتقنى ، والتعليمى . طبعاً ليست كلها أفكارى ، بل أفكار عشرات من المخلصين الواقفين فى انتظار اشارة منك لإنقاذ مصر الحبيبة . فقط نصف ساعة وأعدك أن أكون مفيداً وألا أكون رغاياً ولا ضيفاً ثقيلاً . وأعدك أن تجدنى قوياً أميناً مع انتماء كبير لهذا الوطن و هذا كل ماتحتاجه ، و خلفى ملايين ينتظرون كلمة حلوة وأمل ، ينتظرون حياة كريمة ، ينتظرون إحتراما لإنسانيتهم . خلفى ملايين على استعداد أن يبداوا صفحة جديدة ، ويحملوك على الأعناق حتى آخر العمر ، بشرط أن تعيد إليهم كرامتهم ، وأن تضعهم على طريق الأمل ، خلفى ملايين على استعداد أن ينسوا كل شىء ، ويبدأوا كألا شىء كان ، فقط يشعروا أن البلد بلدهم ، وأن خيرها لهم ، وأن لديهم حد أدنى من الحقوق . الناس كما تعلم طيبون فى مصر ياسيادة الرئيس ، ناسك الذين خرجت منهم وتربيت بينهم طيبون ، ومع أقل كلمة طيبة يسامحون ، فقط كلمة طيبة ، ولمسة حانية ، وأمل ، وسيغفرون كل شىء ، ويبدأون من جديد. أنا لست أقل من طلعت زكريا ولا من شيخ العرب همام ، أنا لست طباخا ، ولا طبالاً ، ولا لاعباً مشهوراً ، أنا صانع ماهر ، وفلاح نشيط ، وتاجر حاذق ، ومخترع عبقرى ، وطبيب ذكى ، ومهندس لا مثيل لى ،ومدرس موهوب ، وفقيه متمكن ، أنا من يحتاجه البلد ، وينتفع به البلد ، ويتقدم به البلد، أنا انسان احب هذا البلد وعلى استعداد ان أفعل كل ما تطلبه منى لأجلها . كلما نظرت اليك اقول مستحيل أن تكون على علم بما يجرى ، كلما قرأت تاريخك العسكرى أكاد اقطع أنك لا تعرف .وأن ما يصلك ليس هو الواقع قطعاً . سيادة الرئيس أنا لم أهاجمك يوماً فى مقالاتى ولن أفعل لأنك رئيس هذا البلد ، ولم أكرهك يوماً ليقينى أن الذى يصلك ليس الحقيقة، لكن محبتى لك تتعرض لضغوط جبارة بسبب ما يجرى على أيدى الكثيرين ممن يتحكمون فى الوطن . سيادة الرئيس أنا أيضا أريد بعضاً من وقتك ولو نصف ساعة وأنا على يقين أنك لو منحتنى هذه الفرصة وعلى انفراد فإن أشياءاً كثيره ستتغير إن شاء الله . حينما شاهدت العرض العسكرى عاد إلى الأمل ، وتذكرت كم هو كبير هذا الوطن ، وتذكرت مبارك العسكرى، مبارك أكتوبر. إسمح لى أن أقابلك ولو نصف ساعة ، إمنحنى هذه الفرصة وستجدنى إن شاء الله ولداً باراً، ومواطناً حريصاً على وطنه ، إمنحنى فرصة كى أنقل لك ما يحدث ،كيلو اللحم يقترب من المائة جنيه ، والطماطم جُنت بحق ، الناس تأكل من الزبالة ، والجامعات لا تُخرج أحداً ذا قيمة ، الرشوة ضربت كل شىء ، والفساد بلغ الذروة، والمياه صارت قاتلة ، والسرطانات لم تترك بيتاً إلا انتزعت منه حبيباً ، والهواء ملوث ، دين الله يحارب وهذا مؤذن بعذاب عام ،والدخول فى الإسلام صار مُجَّرمَّاً، وطبول الفتنة تُصم الآذان فكيف لم تسمعها ،وكيف لم تتدخل ؟ سيادة الرئيس أنا فى حاجة ملحة لنصف ساعة من وقتك واسمحلى أن آتى معى ببعض الشرفاء ردءاً لى يصدقوننى وليعرضوا صوراًوأفكاراً أخرى . المئات من أبناءك يحلمون بأن يستيقظوا يوماً على هذه المكالمة التاريخية ليبثوا لسيادتك بعضاً مما يعتمل فى صدورهم ويقصوا عليك بعضاً من حكاياتهم التى تحتاج إلى كريم عنايتك. هؤلاء أيضاً ينتظرون مكالمة التاسعة صباحاً، وهؤلاء أيضا يحلمون بمقابلة سيادتك ، هؤلاء وغيرهم قد تكون مقابلتك لهم نهاية لآلامهم ومعاناتهم التى طالت . من الذين ينتظرون مكالمة الرئيس : عشرات المعتقلين خلف القضبان من أصحاب القضايا السياسية الملفقة وكثير منهم لم يخضع لأى محاكمة ولم يعط فرصة للدفاع عن نفسه ، وكثير منهم صدرت بحقه عشرات الأحكام بالإفراج الفورى ومع ذلك ترفض الأجهزة الأمنية تنفيذ أحكام القضاء وهو ما يمثل تحدى سافر لسيادة القانون التى يؤكد عليها سيادتك فى كل مناسبة ، خاصة وأن كثيراً من هؤلاء يعانى من أمراض مزمنة ومنهم من له سنوات طويلة فى ظلمة السجن . وإلى جانب هؤلاء فإن ذويهم يحلمون هم أيضاً بلقاء الرئيس ليبثوا إليه همومهم وآلامهم وعذاباتهم التى لا يعلمها إلا الله وكيف أنهم يعيشون بلا عائل ولا مصدر رزق بعد أن سُجن العائل وصودرت الممتلكات . ومن هؤلاء بدو سيناء الذين يتعرضون لبطش أمنى ليس له مثيل ، ومنهم إبن الرئيس محمد نجيب الذى انتهى به الحال أن يعمل سائق تاكسى فى شوارع القاهرة ومع أن الرجل لم يشتكى ولا يجد فى العمل مادام حلالاً غضاضة ولكنى مُصرٌ أن أصطحبه معى لأن هذا لا يليق بمصر يا سيادة الرئيس ، لا يليق بها أن يكون إبن أول رئيس لها يكافح بهذه الصورة لأجل لقمة عيشه . بناتك من المنتقبات اللاتى منعن من دخول الجامعة وآداء الإمتحانات رغم أن معهن عشرات الأحكام القضائية وأنت من عودتنا على سيادة القانون وأنه لا تدخل فى أحكامه . أبناءك من جماعات التيار الإسلامى يريدون أن يقابلوك ليثبتوا لك أنهم أعقل أهل هذا الوطن وأخوفهم عليه وأرحمهم به وأخلصهم له وأنهم ليسوا من التشدد ولا التزمت ولا التعصب فى شىء . الملايين أيضاً من حملات الشهادات العليا بل والدكتوراه ممن لم يجدوا فرصة ولم يعينوا فى الجامعات بسبب المحسوبية ومنهم من يعمل أعمال مهينة بعد أن أنفق أجمل سنوات حياته للحصول على هذه الشهادةوكل جريمتهم أنهم لم يتعلموا ركل الكرة أو هز الوسط أو التمثيل. الأغلبية المسلمة كلها تطلب لقائك لتشكو لك ما يفعله نصارى مصر معهم من استفزاز غير مسبوق وازدراء للاسلام واستهانة بالمشاعر وطعن فى المقدسات واستقواء بالخارج واستعلاءا على القانون . كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين وأخريات ينتظرن أن تتدخل بنفسك لترد لهن حريتهن كى يتمكن باللحاق بهذا اللقاء التاريخى ويحكين بأنفسهن ما رأينه من أهوال . صدقنى يا سيادة الرئيس فى الوطن شرفاء كثيرون على استعداد لوقف أعمارهم وأموالهم وأوقاتهم لخدمة هذا الوطن وعلى استعداد لأن يكونوا رهن إشارتك على استعداد لفعل أى شىء ليعود هذا الوطن زهرة بلاد الإسلام يخرج فقهاء وعلماء وصناع وزراع وأدباء . جَرِبنا ، إسمع لنا ، وستجدنا كما يحب الصديق ويكره العدو ، إسمع لنا إن أذنت ولن تندم إن شاء الله. عموماً يا سيادة الرئيس ليس شرطاً أن تدعونى شخصياً بل أستئذنك أن تنزل بنفسك واعذرنى - إن كنت أسأت الأدب - أن تنزل بنفسك للشارع وأدعو أى رجل فى الشارع شريطة أن يحمل ملامح مصر اليوم ، أى رجل سيتشرف بلقائك سيحمل نفس الهم وسيقص نفس حكاياتى يا سيادة الرئيس. والله من وراء القصد محيط [email protected]