زيادة مطردة شهدتها عمليات مساهمة البنوك في إنشاء شركات للتمويل العقاري في الفترة الأخيرة، وذلك بالرغم من إمكانية قيامها بالتمويل العقاري بشكل مباشر دون الحاجة إلي تأسيس شركة، وهو الأمر الذي أفرز تساؤلات عديدة واستفهامات تحتاج إلي توضيح هل اللجوء إلي تأسيس هذا النوع من الشركات يعد من سبيل الالتفاف علي قرارات البنك المركزي التي تحجم عمل البنوك في هذا المجال أم أنه ضرورة اقتضتها طبيعة السوق وتطوره؟ الأمر اختلف فيه الخبراء، حيث اعتبر البعض أن تأسيس شركة بعيدة عن البنك ضرورة، خاصة مع التطورات التي ستشهدها شركات التمويل العقاري، بعد التوسع في نشاطها، وما سينتج عنه من عمليات "توريق" وإصدار سندات تدرج في البورصة ويتم تداولها، فيجب بذلك فصل عملية التمويل العقاري عن باقي الأنشطة التمويلية للبنك. ومن جانبه يقول الخبير المصرفي أحمد آدم إن لجوء البنوك إلي إنشاء وتأسيس هذا النوع من الشركات يزيد من حجم التمويل العقاري ويعزز من فرص نموه، خاصة أن مساهمة البنوك في هذا القطاع إلي الآن ضئيلة للغاية، مشيراً إلي أن هذا النوع من التمويل يحتاج إلي دراسات خاصة لأن الأزمة المالية العالمية أثبتت أنه من أخطر أنواع التمويل الذي يجب معه دراسة السوق بشكل كبير. ولم يستبعد آدم أن يكون الاتجاه المتزايد لتأسيس شركات تمويل عقاري تابعة للبنوك يأتي في إطار محاولة الالتفاف علي قرارات البنك المركزي المصري الذي يجبر البنوك علي ألا يزيد حجم تمويلها العقاري نسبة 5 ٪ من محفظة القروض الخاصة بها ولكنه قال إن الهدف الأول من اتجاه البنوك للتمويل العقاري هو ضعف أنشطة الائتمان في البنوك وتزايد الطلب علي الأنشطة العقارية في مصر ما جعل من شركات التمويل العقاري ملاذا آمنا للبنوك لتوجيه أموالها إليها لكون هذا الشركات هي الأكثر ربحية وأمانا في الوقت الراهن في ظل عدم تعافي الاقتصاديات العالمية من تداعيات الأزمة الاقتصادية. قال كمال المحجوب رئيس مجلس إدارة شركة الاسكان للتوريق إن أهم أسباب اتجاه البنوك إلي إنشاء شركات متخصصة في التمويل والرهن العقاري يرجع إلي الطبيعة الخاصة لهذا القطاع الذي يحتاج إلي نمط في التعامل يختلف عن التمويل العادي وأضاف أن هذا الاتجاه يعد تنويعا في محفظة البنوك الاستثمارية التي من أهم أهدافها تأسيس شركات في قطاعات استثمارية مختلفة، مؤكدا أن هناك فائدة كبيرة تعود علي البنوك من الدخول في هذه الاستثمارات، وأضاف أن تطوير نظام التمويل العقاري في مصر يجبر البنوك علي فصل نشاط التمويل العقاري عن باقي النشاطات التمويلية الأخري. وأشار إلي أن الهدف الأساسي من أن تكون شركات التمويل العقاري تابعة للبنوك هو تسهيل عملية تمويل تلك الشركات دون اللجوء إلي جهات أخري ويري علي بيومي -خبير التقييم العقاري بالبنك المركزي- أن هناك العديد من العوامل التي جعلت البنوك التجارية تقبل علي تمويل هذا القطاع، وفي مقدمتها قانون التمويل العقاري الجديد الذي منح الكثير من الضمانات لاسترداد البنوك مستحقاتها في حالة تعثر العميل، مثل التنفيذ الفوري علي الوحدة السكنية، وإمكانية التصرف فيها بسداد أقساط الدين، وذلك لكون العقد ثلاثي الأطراف بين البنك والبائع والمشتري، بالإضافة إلي صندوق دعم التمويل العقاري الذي يضمن للعميل سداد ثلاثة أقساط متتالية في حالة التعثر. وأضاف أن القروض الممنوحة للقطاع العقاري تمتاز بكونها منخفضة المخاطر لانخفاض الأقساط المستحقة، ولأن الضمانة تبقي قائمة ومتمثلة في العقار الذي يبقي مرهونا لصالح البنك، إلي جانب توافر السياسات العامة وتوجيهات الحكومة نحو تشجيع الاستثمار في العقارات والذي يمثل 75 ٪ تقريباً من عجلة الاقتصاد المصري، وذلك لارتباطه بقطاعات اقتصادية مهمة مثل قطاع مواد البناء وغيرها. واعتبر لجوء البنوك التجارية إلي إنشاء شركات متخصصة في منح القروض العقارية أو المساهمة في إنشاء هذه الشركات لحاجتها إلي وجود مقيمين معتمدين من قبل هيئة التمويل العقاري، بهدف المواءمة مع منظومة التمويل العقاري إلي جانب توسيع قاعدة استثماراتها. وأشار إلي أن تحديد البنك المركزي نسبة 5 ٪ من المحافظ الائتمانية للبنوك كنسبة ثابتة للتمويل العقاري لا يسمح بتجاوزها، ساهم بشكل كبير في رواج إنشاء شركات التمويل العقاري وذلك لرغبة البنوك في مواكبة مرحلة الرواج التي تمر بها السوق العقارية، وفي ظل التراكم المستمر في السيولة لدي البنوك دون توظيف ملائم من حيث نسبة المخاطرة والفوائد المحصلة التي تمثل الأرباح.