على وقع استمرار العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا بيومها ال 69، وسط تصاعد المخاوف من توسعها أيضًا تصاعد التوتر بين موسكو والعواصم الغربية، خاصة لندن، على وقع الحرب الروسية الأوكرانية التى مضى على اندلاعها نحو شهرين ونصف، إذ لا يقتصر تبادل الاتهامات والتهديدات بين روسياوبريطانيا على المستوى الرسمى بل وتطور للمستويات الإعلامية، لدرجة أن مذيعًا روسيًا معروفًا هدد علانية من على شاشات التلفزة الروسية بتدمير بريطانيا نوويًا ومسحها من خريطة العالم تمامًا. وقال رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، أمس الثلاثاء، فى كلمة وجهها إلى البرلمان الأوكرانى إن القوات الأوكرانية ستنتصر وستتخلص من «الاحتلال الروسى»، معتبرًا الحرب الدائرة معركة بين «الخير والشر». وذكر رئيس الوزراء البريطاني، الذى أصبح أول زعيم دولى يلقى كلمة أمام النواب الأوكرانيين منذ الغزو الروسى فى أواخر فبراير، إن أوكرانيا أثبتت أن الخبراء العسكريين «مخطئون تمامًا». وفى خطاب مسجل، أخبر جونسون البرلمان الأوكرانى أيضًا أن «ما يسمى بالقوة التى لا تقاوم لآلة بوتين الحربية قد تحطمت على صخرة الوطنية الأوكرانية». وتابع: «سيقول أطفالكم وأحفادكم إن الأوكرانيين علموا العالم أن القوة الغاشمة للمعتدى لا تعنى شيئًا ضد القوة الأخلاقية لشعب مصمم على التحرر». وأعلن جونسون فى كلمته عن مساعدة عسكرية إضافية قدرها 300 مليون جنيه إسترليني، لدعم جهود القوات المسلحة الأوكرانية. وتشمل المساعدات نظام رادار، وطائرات بدون طيار قادرة على حمل أوزان كبيرة، ومعدات تشويش وآلاف من أجهزة الرؤية الليلية. وتعهد جونسون فى الأسابيع المقبلة بأن ترسل المملكة المتحدة صواريخ بريمستون المضادة للسفن وأنظمة ستورمر المضادة للطائرات ومركبات مدرعة لإجلاء المدنيين. من جانبه، قال البابا فرنسيس فى مقابلة نشرت أمس الثلاثاء، إنه طلب الاجتماع مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بموسكو فى محاولة لوقف الحرب فى أوكرانيا، لكنه لم يتلق ردًا. وقال البابا لصحيفة كورير ديلا سيرا الإيطالية إن البطريرك كيريل من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية الذى أيد الحرب «لا يمكن أن يصير خادم المذبح بالنسبة لبوتين». ميدانيا، قالت وزارة الدفاع الروسية أمس الثلاثاء، إن صواريخ روسية عالية الدقة أصابت مركزا لوجستيا يقع فى مطار عسكرى بالقرب من أوديسا الأوكرانية كان يستخدم فى توصيل أسلحة قدمها الغرب لكييف. وقال البيان «تم تدمير حظائر تضم طائرات مسيرة من طراز بيرقدار تي.بي2، بالإضافة إلى أسلحة صاروخية وذخائر من الولاياتالمتحدة ودول أوروبية». فى استمرار لتبادل الاتهامات بين الجانبين منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية على الأراضى الأوكرانية، أعلنت وزارة الخارجية الأوكرانية، أمس، أن القوات الروسية قتلت أكثر من 20 صحافيا أوكرانيًا وأجنبيًا. كما طالبت «بعزل إعلام الدولة المعتدية عن إمكانية تشويه حقائق الحرب الروسية ضد أوكرانيا»، وفق تعبيرها. فيما دعت عدة دول إلى التحقيق فى انتهاكات وجرائم حرب ارتكبت على أيدى القوات الروسية، سواء أطالت مدنيين أو صحافيين، لاسيما فى محيط العاصمة كييف، بعد أن تكشف عدد من المقابر الجماعية فيها أواخر مارس الماضى لاسيما فى بوتشا. وتوعدت السلطات الأوكرانية أكثر من مرة بمحاسبة مرتكبى تلك الجرائم. فى حين طالبت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ميشيل باشليه، أطراف النزاع فى أوكرانيا باحترام القانون الإنسانى الدولى لاسيما القواعد التى تحكم سير الأعمال العدائية، وأشارت إلى تزايد الأدلة على وجود جرائم حرب. من جانبه، أعلن المستشار الألمانى أولاف شولتس، أنه لا يستبعد أن تهاجم روسيا دولا أخرى. وقال فى تصريحات، أمس الثلاثاء، «لا يمكن لأحد الافتراض أن روسيا لن تهاجم دولًا أخرى». كما أكد أن بلاده تدعم بقوة انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسى (الناتو). وقال فى بيان عقب استضافة القادة السويديين والفنلنديين، إذا قررت هاتان الدولتان الانضمام إلى الناتو ، فيمكنهما الاعتماد على دعمنا». وكانت تلك المسألة مثلت «خطًا أحمر « لموسكو، التى لوحت مرارا فى السابق على لسان عدد من مسؤوليها باتخاذ إجراءات ردا على مثل تلك الخطوة. كما نبهت مرارا من توسح الحلف فى الشرق الأوروبى، معتبرة فى ذلك تهديدا لأمنها، لاسيما على ضوء النزاع المستعر مع أوكرانيا. فيما تخشى دول البلطيق (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) التى كانت سابقا ضمن الاتحاد السوفيتى ومن آخر الدول التى انضمت لحلف الأطلسى بعد توسعه عام 2004، من أن ترد موسكو على خطوة انضمام فنلندا والسويد، على أراضى إحدى تلك الدول، فى سيناريو شبيه بالسيناريو الأوكرانى. وأرسلت ألمانيا أسلحة ومعدات تزيد قيمتها على 201 مليون دولارإلى أوكرانيا فى الأسابيع الثمانية الأولى بعد الغزو الروسى. وأعطت ألمانيا الضوء الأخضر لتسليم أسلحة حربية بقيمة 5ر120 مليون يورو وأسلحة أخرى بقيمة 71.4 مليون يورو فى الفترة بين 24 فبرايرو 19 إبريل الماضي، حسبما ذكرت وزارة الاقتصاد الألمانية ردًا على سؤال برلمانى. ويقارن هذا بأكثر من 3.7 مليار دولار من الأسلحة والذخيرة التى وعدت بها الولاياتالمتحدة أو سلمتها بالفعل إلى أوكرانيا. وقدمت إستونيا حتى الآن مساعدات عسكرية تزيد قيمتها على 220 مليون يورو لأوكرانيا. وفى الأسبوع الماضى، وافقت برلين على تصدير 50 دبابة مضادة للطائرات من طراز «جيبرد»، وهى المرة الأولى التى يتم فيها تسليم أسلحة ثقيلة مباشرة من ألمانيا. فى سياق آخر، قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية إن منظمات حقوقية تستعد لرفع دعاوى ضد وزيرة الداخلية البريطانية نيابة عن مئات اللاجئين الأوكرانيين للمطالبة بتبسيط فورى لقواعد إصدار التأشيرات. وبحسب «الصحيفة»، تواجه وزيرة الداخلية البريطانية، بريتى باتيل، إجراءات قانونية جماعية بشأن التأخيرات «التى تركت آلاف الأوكرانيين عرضة لخطر الصدمات والقنابل الروسية، أو فى حالة من النسيان فى أوروبا الشرقية». وعلمت الصحيفة أنه يجرى التحضير لدعوى جماعية نيابة عن مئات الأوكرانيين الذين تقدموا بطلبات للسفر إلى المملكة المتحدة قبل أسابيع، لكن قضاياهم عالقة فى تأشيرات متراكمة «فوضوية». من جانبه، قال رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراجي، إن الصراع فى أوكرانيا تسبب فى ارتفاع أسعار السلع والطاقة بشكل عام، ما يهدد بأزمات غذائية قد تؤثر على أفريقيا والشرق الأوسط، على حد زعمه. وقال دراجى خلال كلمة ألقاها أمام البرلمان الأوروبى فى ستراسبورج: «من وجهة نظر اقتصادية، تسبب الصراع بحدوث عدم استقرار فى أداء سلاسل التوريد العالمية وتقلب أسعار المواد الخام والطاقة. وانهارت الإمدادات الغذائية الأوكرانية بسبب الحرب وحواجز التصدير التى فرضتها روسيا فى موانئ البحر الأسود وبحر آزوف»، على حد زعمه. وأكد دراجى أن أوكرانيا هى رابع أكبر مورد أجنبى للغذاء إلى الاتحاد الأوروبى، وتمثل روسياوأوكرانيا أكثر من ربع صادرات الحبوب العالمية. وأشار رئيس وزراء إيطاليا إلى أن مؤشر أسعار المواد الغذائية الأساسية قد وصل فى مارس إلى مستوى تاريخى مرتفع. وقال رئيس الوزراء الإيطالى إن «العديد من الدول، خاصة تلك الموجودة فى أفريقيا والشرق الأوسط، أكثر عرضة لهذه المخاطر وقد تواجه فترات من عدم الاستقرار السياسى والاجتماعى»، بحسب أقواله.