استكمالاً لمقالي بالأمس «المحافظ مرفوع من الخدمة « فليسمح لي القارئ العزيز المهتم بمثل هذه القضايا أن أعيد نشر مقال – نشر في هذه المساحة يوم 14 يونيو 2009 وكانت بمناسبة قرب صدور تشريع لقانون الحكم المحلي أو الإدارة المحلية وعلمت بأن المشروع بقانون سوف يناقشه مجلس الشعب والمقال كما جاء في العمود . «يتجه القائمون علي وضع تصور لقانون الإدارة المحلية لتقديم فكرة حول إنشاء مؤسسة للمحافظ – بكل محافظة، تعمل علي مراقبة المديريات التابعة للوزارات المركزية، في تنفيذ مهامها للمواطنين في المحافظة – وتخضع كل من تلك المؤسسة – والمديريات – لمراقبة المجالس الشعبية المحلية وهي «ماكيت» مصغر لما يحدث في العاصمة المركزية – وبالتالي علي مستوي الوطن ككل بأن هناك مؤسسة للرئاسة وحكومة مركزية – تراقب من السلطة التشريعية لمجلس الشعب، وهناك أجهزة رقابية متعددة منفصلة عن السلطة التنفيذية وتتبع إما رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب والسلطة أو المؤسسة الرقابية، تراقب وتشرف علي الجميع بحكم أن رئيس الجمهورية هو المسئول الأول عن الجهاز التنفيذي للدولة – وهو الفاصل الحاكم بين السلطات الأربعة «تنفيذية وتشريعية وقضائية وإعلام» وهذا التصور المبدئي الذي شاهدت بعض أوراقه وتابعت بعض مناقشات تدور حوله أري فيه كثيرا من عدم الصواب لعدة أسباب :- أولاً: - إننا في تطبيقنا للامركزية – نحتاج إلي كفاءات بشرية مدربة جيدا لاتخاذ القرار في الإقليم أو المحافظة . ثانياً: - نحن في شدة الاحتياج لاختيار أكفأ أبنائنا للإدارة المحلية وإدارة اقتصاد تلك الأقاليم. ثالثاً:- إن تفعيل اللامركزية في إدارة أصول الدولة وكذلك في تطوير ثرواتها البشرية – أعتقد أنها في احتياج للتنازل والتخلي عن سنة تعيين مديري أقاليم – كمكافأة نهاية خدمة كما هو معمول به الآن !! رابعاً: - إن تفعيل اللامركزية يحتاج إلي تقسيم جديد للوطن – غير ذلك التقسيم الذي أنشئ منذ 1805 «عصر محمدعلي باشا « وهو نظام المحافظات القائم حتي اليوم – وتم إضافة محافظتين جديدتين هما «6 أكتوبر وحلوان «- حيث يجب أن يقسم الوطن إلي أقاليم اقتصادية – يعتمد علي الثروات المتاحة – تحت الأرض وفوق الأرض والثروة البشرية فيه . خامساً: إن فصل الإدارة المركزية عن مختلف أنشطة الحياة «تعليم - صحة - سكان - بيئة، إنتاج، زراعة، صناعة « لا يعني أن هناك حكم» كونفدرالي ولكن هذه النظرية تعتمد علي أن هناك حكومة مركزية تضع سياسات إجمالية للوطن تتبع الإستراتيجية العامة - وهناك إدارات لامركزية في الأقاليم تقوم علي تنفيذ تلك السياسات كل في مجال وجغرافية إقليمه وتنفيذ ما هو مطلوب في الخطة العامة - ولعل ذلك يفسر الخوف من التنفيذ لأن معناه أننا سنتغاضي عن عدة وزارات وعدة هيئات حيث لا محل لها في هذا التصور أما مؤسسة المحافظ، فهذا شئ من الترقيع غير المجدي وقد ثبت فشل تلك التجربة علي المستوي القومي أو الوطن ككل حتي الآن ولكن المرتقب والمطلوب هو التغيير وتبديل أساليب الإدارة البالية في شتي مناحي حياتنا في مصر. ورغم أنه بعد نشر هذا المقال تمت دعوتي للقاء في التليفزيون المصري مع الدكتورة «درية شرف الدين» لبرنامج «أهل الرأي» ونوقش موضوع إدارة أصول الدولة إلا أننا كنا نتحدث في مجتمع «الطرشان» وللأسف ما زلنا كذلك حتي اللحظة !!