إشراف صبحى مجاهد يتزايد حرص المسلمين في رمضان علي قراءة القرآن الكريم وختمه مرة أو أكثر من مرة باعتباره سنة وقربة إلا أن اساتذة القرآن وعلماء الدين أكدوا ان ختم القرآن في رمضان عادة وليس سنة وان الأصل هو قراءة القرآن بتدبر وليس كما يفعل الناس بقراءته سريعاً لختمه ، مع عدم اختيار المكان والزمان المناسبين لقراءته. بداية يري الدكتور محمد الراوي أستاذ علوم القرآن الكريم بالأزهر الشريف أنه ليس ضروريا ختم القرآن في رمضان، وإنما المطلوب أن يكون الإنسان مع القرآن ، يعلمه ويعمل به في كل وقت وهذا هو الأصل في التعامل مع كتاب الله. وأشار إلي أن ما نراه من الكثيرين من حرصهم علي القراءة بهدف ختم القرآن في رمضان لدرجة أنهم يقرءونه في المواصلات او الشارع او في اماكن الزحام والانتظار، كل هذا صور مرفوضة. وأكد ان المسلم عليه أن يختار الوقت الذي يقرأ فيه، ويعلم ان المسألة ليس ختم القرآن بل الأمر يتطلب التدبر، فالقرآن يريد الإنسان الذي يشعر به ويعمل به وليس محتاجا لشخص يقرؤه ويمر عليه مرور الكرام عادة لا سنة أما الشيخ فوزي الزفزاف عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أن ما تعود عليه الناس من ختم للقرآن في رمضان بأي صورة هو عادة حسنة وليست سنة. وقال :" إن قراءة ربع من القرآن بتدبر معاني كلام الله أفضل من قراءة جزء لا يتدبر معانيه ، لذلك الحسن البصري قال له رجل :أنني أختم القرآن كل ثلاثة أيام فقال ليتك تختمه كل ثلاثين وتتفكر وتتدبر معانيه" ، فإن كانت قراءة القرآن مطلوبة وعبادة ولها ثواب، لكن علي المسلم أن يقرءه بتمهل ويتفكر ويتدبر معانيه ولو أجزاء قليلة منه. ودلل الشيخ فوزي علي كلامه بذكر قول الله تعالي : كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب "، وأوضح ان الأصل هو التدبر لا القراءة وختم القرآن ، كما يدل علي ذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتي يعرف معانيهن والعمل بهن)، فالصحابة لم يتركوا قراءة آية إلا بعد أن يعملوا بها ويتدبروها . وشدد علي انه لا يوجد أمر ثابت يؤكد ضرورة ختم المسلم للقرآن في رمضان ، وإن كان المسلمون تعودوا علي ختم القرآن في هذا الشهر، إلا أنه يجب معرفة أن تلاوة القرآن مطلوبة في كل وقت لكن باعتبار ان رمضان شهر الخيرات والله يزيد فيه من الحسنات فالكثيرون ينصرفون لقراءته. الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية يؤكد كذلك أن العبرة في قرءاة القرآن بتدبر معانيه ومعرفة الأحكام التي يمكن أن تستنبط منه أو واضحة فيه. ولفت إلي أن مجردالقراءة وإن كانت من القربات إلا أن لها ضوابط لابد أن تتحقق فلا يكون من المقبول ما نراه من قراءة سريعة لا تؤدي إلي ضبط الآيات لختم القرآن في رمضان ، مع أنه لا يوجد في الشرع ما يدل علي ختم القرآن مرة أو اكثر في شهر رمضان ، كما لم يرد في السنة ذلك، وعليه فالإنسان له أن يقرأ ما يشاء لكن بطريقة عادية تساعده علي فهم القرآن وتدبره دون تعجل بختمه. ويوضح الدكتور عبد المقصود الباشا عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية أن من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة والله يضاعف لمن يشاء إلي 700 ضعف، إلا انه ليس مراد رسول الله بالقراءة مجرد القراءة فالكتب كثيرة لكن المهم هو التدبر في آيات الله. واستطرد قائلا :"هل نتصور مثلا أن احد عظماء المسلمين وهو خالد بن الوليد حينما كان يصلي بالمسلمين إماما لم يكن يستطيع تلاوة آيات من سورة واحدة بعد الفاتحة لعدم حفظه للآيات مجمعة، ومع ذلك بقيت آثاره خالدة علي مر الزمان، لأنه كان يعمل بما يعرفه من كتاب الله. وأشار إلي أن قراءة بعض الآيات من القرآن بتمعن أفضل من مجرد القراءة والمر مرور الكرام ، ولذلك نجد في معني حديث شريف ما معناه:" لأن يعرف احدكم معني آية خير له من الدنيا وما فيها، وعليه ليس المراد ردع الصدي بقراءة القرآن بل المراد الفقه والتأمل . وقال الدكتور عبد المقصود متسائلا " لقد كثرت تلاوة القرآن ، وكثرت المساجد، والتهليل والتكبير، لكن لماذا مع كل هذا كثرت السرقات وانعدام الضمائر؟ إن الذي يقرأ القرآن بدون أن يكون لهذا القرآن تأثير في تصرفاته ومنهجه وسلوكه فكأنه لا شيء ، وعليه فالرسول لم يأمر بختم القرآن في رمضان وإنما أمر بقراءته بالتدبر ، وفهم معانيه، فإذا لم يتلفت الإنسان لهذا في القرآن فبم استفاد من القرآن ؟ ". واختتم قائلا :" إن السرعة التي نراها من الكثيرين في رمضان لختم القرآن لا تتفق مع جلال كتاب الله ، فالقريشيون كانوا يتنصتون علي ابو بكر وهو يقرأ القرآن فيعجبون بقراءته ، ولأن يفقه الإنسان سورة خير من ان يقرأ القرآن ولا يتدبر" .