ساهم تخصيص آلاف الجنيهات لتطوير وتجديد الوحدة الصحية بقرية الرياينة فى مدينة أرمنت غرب محافظة الأقصر، فى رسم آمال كثيرة لدى أهالى القرية لتحسين الخدمة العلاجية والنهوض بالمستوى الطبى للوحدة الصحية، ورغم ما طرأ عليها من تطوير فى الأبنية والهيكل الخارجى للوحدة، إلا أنها ما زالت تعانى نقصا حادا فى الخدمات والأدوية والأجهزة الطبية. الوحدة الصحية تم إنشاؤها عام 2000، لخدمة أكثر من 30 ألف نسمة، تعانى من الإهمال الشديد وعجز الإمكانات - والمستلزمات والأجهزة الطبية، حيث إنها تتكون الرياينة الصحية - من 4 غرف إحداها للاستقبال، والأخرى للكشف والعلاج، والثالثة للعاملين بالوحدة، أما الرابعة فغرفة كمبيوتر لا يوجد بها سوى جهاز واحد لتسجيل المواليد والوفيات. وأثناء تجوالنا بالوحدة، وجدنا غرفة لعلاج «الأسنان»، فعندما تقترب منها تجد جهاز تليفزيون بجوار الباب، ومكتبًا وسريرًا خشبيًا متهالكًا عفى عليه الزمن، بجانبه حامل الجلوكوز لتعليق المحاليل، واتضح لنا بعد السؤال عن طبيب الغرفة بأنها مهجورة منذ 16 عام، حيث لا يوجد بها طبيب أسنان منذ افتتاحها، على الرغم من وجود التوصيلات الخاصة بقسم الأسنان، علاوة على أن الغرفة تستخدم لأخذ الحقن، وتركيب المحاليل، واستقبال حالات الإصابات فى بعض الأحيان. بداية يقول هانى كمال، أحد العاملين بالوحدة: إن وزارة الصحة قامت بإدراج الوحدة ضمن الخطة الاستثمارية لتطوير وتجديد المؤسسات الطبية عام 2015 / 2016، حيث تم تخصيص 900 ألف جنيه لتطوير وتجديد الوحدة الصحية، منوها إلى أن أعمال التطوير استمرت مدة تجاوزت ال8 أشهر، ناهيك عن أنه تم استئناف العمل والبدء فى استقبال الحالات المرضية فى شهر مايوالماضى. ويلفت كمال إلى أن العاملين بالوحدة أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعد انتهاء عمليات التطوير لعدم توفيرالخدمات التى يحتاجها الموظفون بمكاتبهم، حيث إن التجديد لم يشتمل إلا على ترميم الحوائط والجدران وتكسية الأرضيات، وما عدا ذلك يبقى الوضع كما هو عليه، مؤكدا أن الرياينة الصحية تعانى نقصًا فى الأدوات الإدارية من «مكاتب» و«كراسى»، فلا يوجد عدد كاف من المقاعد للموظفين، فضلا عن ترك الملفات المهمة على مكاتب خشبية متهالكة لعدم وجود دواليب لحفظ المستندات. ويشتكى الدكتور مصطفى يونس، ممارس عام بالوحدة الصحية بالرياينة، عدم توافر أعداد كافية من الأدوية التى يحتاجها المرضى، منوها إلى أن أعداد المرضى التى تزور الوحدة يوميا تتجاوز ال50 تذكرة، حيث يتم صرف العلاج لهم من الصيدلية الخاصة بالوحدة، وهذا بدوره يؤدى إلى نقص الأدوية وانتهائها قبل صرفها لجميع الحالات المرضية، علاوة على عدم توافر بعض الأمصال والأدوية التى يحتاجها المرضى وبمجرد نقصها واختفائها قد يودى بحياة المرضى كمصل العقرب. ويشير يونس إلى أن وحدة الرياينة خالية من جميع الأجهزة الصحية التى يحتاجها المرضى، حيث لا يوجد بها سوى جهاز التنفس فقط، منوها إلى أن المرضى يشتكون أيضا نقص الأجهزة، خاصة أن نسبة 20% من المترددين على وحدة الرياينة يحتاجون للكشف بجهاز السونار للاطمئنان على حالتهم الصحية، مستنكرا ترحيل الأجهزة الطبيبة الى عهدة «المخزن» قبل البدء فى عمليات التطوير وعدم توفير أجهزة أخرى بديلة عنها بعد تطوير الوحدة وافتتاحها، منوها إلى أنه قدم عدة طلبات للمسئولين بضرورة توفير الأجهزة اللازمة كجهاز السونار وغيره، إلا أنها قوبلت بالروتين واللامبالاة فى أغلب الأحيان. ويستنكر الممارس العام بالوحدة الصحية بالرياينة عمليات التطوير التى كبدت الدولة آلاف الجنيهات، وفى نهاية المطاف لم تتوافر الأجهزة الطبية اللازمة لانقاذ حياة المرضى بالوحدة الصحية، مشيرا إلى أن أدوات خياطة الجراحة للإصابات البسيطة هى المتوفرة فى الوحدة وما عدا ذلك فإنه يقوم بدوره بنقل الحالات الحرجة التى لا توجد إمكانات فى الوحدة للتعامل معها إلى مستشفى أرمنت المركزى. ويعترف يونس بعدم إقامته فى الوحدة الصحية بالرياينة على الرغم من كونه طبيبا مقيما وغلق الوحدة والذهاب إلى منزله، قائلاً: إن الوحدة المخصصة كسكن للأطباء غير مجهزة للمعيشة فيها، حيث تحتوى على غرفة واحدة بها سرير وتبرع هو بشراء مرتبة، بالإضافة إلى أن الصالة ضيقة وكست أرضيتها الأتربة والغبار من قلة الاستخدام، إلى جانب حمام ومطبخ لا يوجد بهما أى أدوات للحياة. «روزاليوسف» رصدت آراء أهالى القرية فى الخدمات التى تقدمها الوحدة الصحية، فبدأت زينب محمود، من أهالى الرياينة، بأن الخدمات التى تقدمها الوحدة الصحية متدنية والمعامله سيئة، فضلا عن عدم وجود الطبيب أغلب ساعات النهار، ما يضطر الأهالى لانتظاره بالساعات، منوهة إلى أنها تقوم بصرف الدواء من صيدليه الوحدة دون فحص أو الخضوع للكشف الطبى الفعلى، حيث يكتفى الطبيب بتدوين روشتة العلاج بناءً على ما يسمعه شفهيًا من المريض. «لا تسر عدو ولا حبيب» هكذا عبر عبدالراضى محمد، من أهالى القرية، عن خدمات الوحدة الصحية بالرياينة، فيقول: إنه ذهب إلى الوحدة الصحية لإجراء بعض التحاليل اللازمة التى طلبها منه الطبيب، إلا أن الممرضة فاجأته بعدم وجود أجهزة تحاليل بالوحدة، مضيفا: إن الأمر لا يقتصر على الأجهزة فقط، بل إن هناك بعض الأدوية والأمصال غير متوفرة بالوحدة، كمصل العقرب مثلاً الذى نقصه يودى بحياة عشرات الأهالى خاصة الأطفال، ناهيك عن عدم وجود وحدة إسعاف بالقرية يمكن أن تنقل المرضى لمستشفى أرمنت المركزى، حيث تبعد أقرب وحدة إسعاف عن القرية مسافة تزيد على 3 كيلو مترات، وهو ما قد يعرض حياة المرضى للخطر. ويشتكى رجب يوسف، من أبناء القرية، نقص الخدمات فى الوحدة الصحية، قائلا: إن الأدوية غير متوافرة داخل الوحدة فأبسط المستلزمات الطبية من قطن وشاش وسرنجات التى تستخدم يوميا غير متوافرة، منوها إلى أن الممرض يطلب من المريض أن يشترى العلاج والسرنجات والقطن من أى صيدلية خارج الوحدة، مستنكرا تطوير الوحدة بالآف الجنيهات فى الوقت الذى لم تتوافر فيه أى مستلزمات أو أدوية وأجهزة داخل الوحدة مشيرا إلى أن الوحدة يقتصر نشاطها على تطعيم الأطفال وتسجيل المواليد والوفيات فقط. ويختتم يوسف: إن الطبيب غير متواجد فى الفترة المسائية، حيث إنه من أبناء القرية فيقوم بترك الوحدة والذهاب إلى منزله، ما يجبر المرضى على الذهاب إلى العيادات الخارجية، مطالبا المسئولين بانتداب طبيب من خارج المحافظة لكى يتمكن من الإقامة بالوحدة ويكون فى خدمة الأهالى البسطاء ليلاً نهارًا، حيث إن معظم قاطنى قرية الرياينة من محدودى الدخل غير قادرين على العلاج والكشف فى العيادات الخاصة.