«أنا طبيبى ربنا.. هو قادر يداوينى .. اللى عيان بضهره واللى عيان ببطنه وراسه علاجهم برشام واحد ؟!.. مش عايز العلاج« ، هذه الجملة جاءت على لسان أحد العمال بجامعة القاهرة، والذى قال إنه ذهب للتداوى من آلام ظهره المبرحة فى أحد المستشفيات القروية بالمنوفية مسقط رأسه وبعد أن أنهى الكشف على يد طبيب الوحدة توجه الى صيدلية المستشفى ليصرف الدواء، فوجد طابور المرضى أمام الصيدلية يصرفون نوع علاج واحد، فسألهم: هل تشكون جميعكم من آلام الظهر؟، فوجد أن بعضهم يشتكى من نزلات معوية وبعضهم من ألم الصداع وآخرون جاءوا بأمراض مختلفة، لكنهم جميعا يصرفون علاج واحدا، وهو ما استفزه وجعله يلقى بالدواء على الأرض، رافضا التداوى به. وتحكى مها نصر طبيبة أسنان عن تجربتها فى إحدى الوحدات الصحية بالعياط، قائلة إن الوحدة من حيث الإنشاء تبدو جيدة، كما أنها مجهزة باجهزة حديثة، لكن ينقصها الأطباء والمواد الخام، فالوحدة بها طبيب بشرى واحد وهو مدير المستشفي، وطبيب أسنان واحد أيضا، وتضيف يمكننى الحديث عن عيادة الأسنان قائلة كانت مجهزة جيدا لكن لم يكن بها مستهلكات أو مواد خام، من حشوات أو حقن بنج وجوانتيات، وكان المرضى يعودون الى منازلهم دون تداوى، باستثناء بعد حالات خلع الأسنان، وحتى المضادات والمسكنات بعد الخلع ليس بالضرورة توفرها بالوحدة. وتضيف مها أن الوحدات الصحية فى بعض القرى النائية، يتم استغلالها من قبل القائمين عليها، ويتم التلاعب فى اعداد التذاكر المجانى والاقتصادى على حساب المواطنين، بحيث يقوم بعضهم بمنع صرف التذاكر المجانية التى من حق حامليها صرف العلاج مجانا، ومن ثم يقوم بفرض التذاكر الاقتصادية بدلا من المجانية على المواطنين، ليجبرهم على شراء علاج من خارج صيدلية المستشفي، ثم يقوم بعدها بتحميل العلاج على التذاكر المجانية لنفسه بأسماء وهمية ويقوم بصرف العلاج لنفسه وبيعه فى السوق السوداء لصالحه. وتشكو كاريمان جمعه، طبيبة نساء وولادة، من ضعف إجراءات مكافحة العدوى فى الوحدات الصحية، قائلة ان بعض الوحدات الصحية مثل وحدة طموه والمنوات وميت شماس، يكون متوسط أعداد المترددين عليها كبيرا جدا، فالطبيب قد يقوم بالكشف عن 100طفل يوميا، وهو مالايترك للطبيب وقت للتعقيم بين المريض والمريض الآخر، فضلا عن عدم توافر قفازات طبية أو إستيرليم (مادة كحولية)، والتى تستبدلها تلك الوحدات الصحية بأحواض مياه وصابونة، ومن غير المنطقى أن يترك الطبيب المرضى ويقف ليغسل يديه بين كل حالة وحالة بالماء والصابون، وهذا الأمر قد يساهم فى نقل امراض بالعدوى بين الأطفال، فضلا عن عدوى الأطباء. وتضيف كاريمان أن نقص الأدوية يتسبب فى مشاكل للأطباء انفسهم، ويكون على الطبيب أن يعالج كل الامراض بالمسكنات أو كتابة أدوية تصرف من خارج صيدليات الوحدة، وهو مايضايق المرضي، لأنهم فى الأغلب يكونون من غير القادرين، فضلا عن أن جهاز السونار فى أغلب الوحدات الصحية يكون معطلا، وإن وجد صالحا للإستعمال يكون الطبيب بحاجة الى تأهيل وتدريب لاستخدامه. أما هبة، موظفة فى وحدة تابعة لمنطقة الوايلى الطبية، فتقول إن الوحدة تقدم خدمات علاجية للأطفال والباطنة وتنظيم الأسرة، لكنها تكشف على الأطفال والنساء فى غرفة واحدة، مضيفة ان جهاز السونار الموجود بالوحدة، هو جهاز خاص باللوالب وليس للكشف عن الحمل، لكنه يتم استخدامه للتأكد من الحمل بالمخالفة، قائلة انه يتم بيع وسائل تنظيم الأسرة لعيادات خاصة، كما يتم تهريب الكميات المتبقية من العلب المفتوحة من الأمصال والتطعيمات بدلا من إعدامها، حيث ان بعض علب التطعيمات تكفى لتطعيم من 10 إلى 20 طفلا على حسب نوع العلبة، ومن المفترض إعدام الكميات المتبقية من العلب المفتوحة بعد انتهاء يوم العمل لاشتراطات صحية، إلا أنه ولعدم وجود رقابة، يتم إعتبارها نفايات وتهريبها.