تقول الشاعرة والمترجمة هدى حسين «اعتبر رمضان فرصة بالفعل للاعتكاف بمعنى العكوف على شيء وفى هذا الرمضان ناوية أعكف على استيعاب هذا الكائن الموسيقى الداخل إلى حياتى حديثا ألا وهو العود. أحب أخرج من رمضان وأنا بأعرف أعزف عليه أى شيء ولو كان حتى السلم الموسيقي، أو اتعرف على الموسيقى من خلاله بشكل أكثر عمقا أو أوسع معرفة وأقرب». وتضيف: «الكتابة بالنسبة لى لا تحتاج أية طقوس، أنا من الناس اللى تقوم من النوم تشرب قهوتها وتكتب، أول شيء فى يومى هو الكتابة بجانب القهوة ثم يمر اليوم كما يمر ما بيهمنيش، وهناك نشاطات هم يمارسونها فى رمضان لأنهم مشاركون فى النشاط الغنائى والمسرحى والفنى فى حديقة الطفل بالسيدة زينب هذا العام. فأظن أن الكتابة ستنتقل إلى قهوة السحور». وفى هذا السياق يقول الكاتب وسام جنيدي: «طاقة رمضان الروحية، تعنى الكثير من القراءة، لا أستطيع الكتابة كثيرا فى رمضان، لا أدرى لماذا، ولكن يصفو ذهنى كثيرا أثناء القراءة، وأمتع القراءات تلك التى أحصل عليها فى رمضان بجانب طقوس صلاة التراويح التى تعد من أهم الطقوس الروحية لى فى الشهر الكريم، قيمة السعادة الروحية للقراءة وصلاة التراويح فى الشهر الفضيل تمثل لى سعادة لا تقارن، فأنا لا أهوى على عكس البعض التواجد فى الأماكن الأثرية الدينية لأن الزحام فى تلك الأماكن خاصة فى الشهر الفضيل يكون خانقا للغاية». يضيف وسام: «من أكثر المواقف طرافة التى حدثت معى فى شهر رمضان، أننى ذهبت إلى مكتبة قريبة من بيتى ابحث عن كتاب ما ففوجئت بصاحب المكتبة التى هى مكتبة للأدوات الكتابية فى نفس الوقت يقول لى أنه لا يبيع الكتب فى رمضان، وعندما تعجبت من منطقه، فشرح لى وجهة نظره التى لا تختلف عن وجهة نظر أصحاب المحال التجارية فى بيع السجائر فى رمضان، فعاجلته انه أيضا لا يجب عليه بيعها فى غير رمضان لأن بعض الكتاب لديهم فى الكتب التى يبيعها الكثير من الأفكار المشوبة، بل إن أكثرهم لا يصوم رمضان وفلسفاتهم عن الكون وأسراره مغايرة، وعندما بدى على وجهه علامات الاقتناع دلف إلى المكتبة صديق لى وسألنى إن كان كتابى يباع هنا، فأدرك صاحب المكتبة أنه وقع فى فخ وبعد مناقشة صغيرة اقتنع بوجهة نظرى وأصبح يبيع الكتب فى رمضان ولم يحرمها ثانية، ولكن ذلك الموقف على الرغم من طرافته أدخل إلى شعور غير طيب، فبائع الكتب يتعامل مع الكتاب كسلعة تقع من وجهة نظره تحت بند الإثم الشرعى فى بعض الأوقات والمناسبات الدينية كالسجائر مثلا، هذا هو البائع فما بالك بالمتلقي، رجل الشارع العادي، مما دائما يذكرنى بحجم القضية الملقاة على عاتق الكتاب والمثقفين بمصر والتى تجبر بعضهم على الانعزال واليأس فى بعض الأحيان، وفكرة الانتقاء والنخبوية التى تسيطر على البعض الآخر». ومن جانبها تقول الكاتبة جيلان صلاح: «رمضان الطقسى بالنسبة لى انتهى بموت جدتى لأبى فاطمة وجدى لأمى رمزي، فبموتهما ماتت التجمعات العائلية الحميمية والهدايا والأجواء الاحتفالية المبهجة، أصبحت الآن أقضى وقتى قبل الإفطار فى ممارسة التأمل فى الركن الخاص بى فى منزلي؛ لدى شموعى وبخورى والأجراس النحاسية والموسيقى التى تضعنى فى جو هادئ ملائم للصيام كرياضة روحية تحفزنى على مقاومة الطعام الذى أحبه والقهوة التى أدمنها. كثيرا ما أتمشى على البحر فى مدينتى الإسكندرية، أو فى أحد الأحياء القديمة صباحا، أحب السير بين المنازل القديمة واكتشاف ما يمكن اكتشافه من شوارع لم آلفها قط، محلات غريبة وحيوانات لطيفة تتسكع هنا وهناك». وتضيف «أحاول التحكم فى روتين الكتابة اليومى –ما بين 1000 إلى 3000 كلمة يوميا- بأن أجعل نصفه قبل الإفطار والنصف الثانى بعد الإفطار. تصعب الكتابة بينما أنا صائمة لاعتمادى الكلى على الكافيين، لكننى أحيانا أجد نفسى بعد ساعات التأمل أو المشى صباحا مدفوعة للكتابة فى مسوداتى التى أحتفظ بها محاولة إنهائها من حين لآخر، لا يمكن أن أعترف بأننى أقرأ كتبا بعينها فى رمضان، فهذا لا يحدث، أقرأ ما يصدف أن يكون ملازمنى من قبل رمضان، فأنا عادة أقرأ على مهلي، ويستمر معى الكتاب عدة أشهر حتى أنهيه، لكننى أقرأ أكثر من كتاب فى وقت واحد، ما بين النثر الفنى والنثر الغير فنى non-fiction». وتكمل «الآن أنا أقرأ عدة كتب فى تحسين الكتابة وصقلها مثل On Writing Well: The Classic Guide to Writing Nonfiction للكاتب الأمريكى ويليام زينسر، وSelf-Editing for Fiction Writers: How to Edit Yourself Into Print للمحررين ديف كينج ورينى براون، إضافة إلى رواية رائعة للكاتبة المصرية عزة سلطان بعنوان «تدريبات على القسوة»، وتشير جيلان إلى أنها فى الغالب ما تفضل الإفطار خارج المنزل مع الأصدقاء أو العائلة، «أحاول التوفيق بين عالم أصدقائى وعائلتي». أما الكاتبة التونسية هيام الفرشيشى فتقول: «لرمضان نكهة خاصة وأجواء مميزة، وطابع روحى لا يتكرر فى مختلف الأشهر الأخرى. ليس هو شهر مجاهدة النفس والصبر وترويض الشهوات فحسب بل هو الشهر الذى نلامس فيه الروح ونرسم المعنى الصوفى كوردة مشرقة أو فراشة حالمة أو زمن منصهر أو نهر متدفق. فى رمضان نستقبل النهار والليل بطرق غير مألوفة ونكسر رتابة العادة ونقسم اليوم، جزء يبدأ مع الفجر حيث الأفق لوحة حالمة حاملة معها كتلة النور الإلهي، وجزء يبدأ مع الغروب تواصل فيه النفس طقوسها وتجليها. فى رمضان أستشعر إرهاصات روحية خاصة أجد صداها فى سور القص الدينى من سورة يوسف إلى سورة النمل إلى سورة الكهف، أعيد قراءة هذه السور فى رمضان وسور أخرى، تحملنى إلى التاريخ القديم، إلى أساطير الإنسان، إلى أبعاده الدينية، إلى جمال السرد وجمال البلاغة والقول وإلى إشراقة الرؤى، والأهم من ذلك أن أفكر فى ما وراء القص القرآني، وأحاول تفكيك الرموز وعدم قراءتها قراءة ظاهرة. فى رمضان أجد الوقت للقراءة والكتابة الأدبية أيضا، لكن فى وقت متأخر من الليل، وأغلب قراءاتى شعرية، فالشعر يحملنى إلى عوالم الحدس والذات وتلبس الصور بجمال المعنى. وفى المقابل يحلو فى رمضان السهر والتقاء أفراد العائلة والأصدقاء والخروج والسهر ويصبح فيه الليل آهلا، تنشط فيه الحواس، حيث تقام صلاة التراويح بصوت مسموع وتنشط المقاهى وتفتح المحلات، وفى الأثناء تكبر مساحة الليل وتمتد وتتسع لمشاهدة التلفزة أيضا ومتابعة بعض الأعمال الدرامية والمواقف الطريفة والساخرة، ففى رمضان يكون للبيت طقوسه وللنفس متنفسها وللشارع بهجته ولربط الصلة فعله الإنساني. ولا ننسى أيضا أنه شهر كبح الشهوات نهارا وتحقيقها ليلا وخاصة على طاولة الأكل التى تكون متنوعة، مختلفة الألوان والروائح، مكونة من أطباق أساسية يومية وأخرى تختلف من يوم إلى آخر، ويكفى أن يندمج الجانب الروحى مع الجانب الحسى مساء ليكون لرمضان سحره وفرادته».