تختلف عادات البشر من زمن لآخر حسب معطيات العصر وتطور الحياة ومن هؤلاء البشر نختار فئة بعينها لنري كيف اختلفت عاداتها في رمضان، انهم المبدعون الشباب، حيث كان من المعتاد أن تلتف الأسرة، علي مائدة الإفطار، ثم يقضون وقت ما بعد الإفطار في السمر والمرح والصلاة، ولكن هل هذا هو حال المبدعين الشباب؟، اخترنا بعض النماذج منهم لنعرف كيف يقضي المثقف الشاب يومه في رمضان. يقول الكاتب الروائي عمرو عاشور: تختلف فترة ما قبل الزواج عما بعده الزواج، ففي فترة ما قبل الزواج لم أكن أخطط جيدا ليومي في رمضان، وأتركه يمشي حسبما يتصادف باستثناء العمل ومواعيده المقدسة، إلي جانب أنني كنت أحيانا أمارس الكتابة في ليالي رمضان، ولكن ليس بانتظام كبير، أما بعد الزواج فيختلف يومي الرمضاني، حيث أقرأ وأكتب يوميا من الساعة الثانية عشرة حتي الساعة الخامسة بعد العصر، ومتابعتي للندوات والفعاليات الثقافية تكاد تكون منعدمة في هذا الشهر، وأحيانا أجد أن أنسب وقت للكتابة هو شهر رمضان، ولا أعرف السبب وراء هذا، وبعد الإفطار أقضي وقتي مع أصدقائي، نتبادل أطراف الحديث، فيما يخص ما كتبناه وقرأناه مما يشجعني علي الكتابة. ويصف الكاتب باسم شرف يومه في رمضان بأنه يبدأ بالنوم طوال النهار، ويستيقظ علي الإفطار ثم يبدأ يومه بمقابلة الأصدقاء علي إحدي المقاهي، ويضيف: في رمضان أنا في إجازة من كل شيء، باستثناء الكتابة والقراءة، خاصة أنني أعمل كثيرا في الفترة ما قبل رمضان، لذلك هو إجازتي الوحيدة تقريبا خلال العام، ويوضح أن قراءاته خلال هذا الشهر، ليست لها الطابع الروحي المعتاد والمتوقع، فهو يقرأ في العديد من مجالات الأدب دون تسليط الضوء علي نوع واحد، وهذا النظام أتبعه منذ سبع سنوات، كما أقاطع الخيم الرمضانية، التي تنتشر خلال هذا الشهر، ولا أحبذ وجودي في التجمعات العامة أو العروض المسرحية وما شابه، ولاحظت أنني خلال رمضان، ورغم قراءاتي المتنوعة، دائما ما أكتب المسرح، فيتنهي رمضان وإذا بي أجد مسرحية كاملة معدة للنشر، قد انتهيت منها. وتختلف الفنانة التشكيلية والقاصة بسمة عبد العزيز عن غيرها في نظام يومها في رمضان، فتقول: أمارس عملي الصباحي كطبيبة نفسية، وأعود للمنزل قبل الإفطار بقليل وفي الإفطار أكتفي بالقليل من الماء والطعام، وأنزل لأمارس رياضة الجري لمدة ساعة تقريبا، ثم أعود للمنزل لأستريح وأستكمل طعامي، وأظل أقرأ وأكتب من بعد العشاء وحتي الساعات الأولي من الصباح دون تغيير نظام وأنواع قراءاتي علي مدار العام، وأكتفي بمشاهدة بمسلسل واحد فقط طوال الشهر، ونادرا ما تستفزني ندوة أو فاعلية ثقافية، حتي أنزل من بيتي وأحضرها، لأنني أجد أن أغلب الأماكن تحولت إلي خيم رمضانية تمتلئ بالشيشة والدخان والزحام. وتستهل الكاتبة سهي زكي حديثها ضاحكة، قائلة: نعم أنا من المبدعين الشباب الصائمين، فالعديد من المثقفين والكتاب لا يصومون رمضان، ولكنها حياتهم الشخصية، ولا شأن لي بها، والعجيب أنني أصبح في قمة نشاطي، وأنا صائمة وأجد أن ذهني حاضرا طوال الوقت. وتبدي سهي اندهاشها من حالة الحب الغريبة للقراءة التي تنتابها في رمضان، مؤكدة أنها تعشق القراءة في المواصلات العامة، حيث الزحام والمرور المتكدس، في طريقها من العمل إلي المنزل لتناول الإفطار يتيح لها ذلك. وتكمل: بعد الإفطار أنزل مباشرة إلي الحفلات التي أحب حضورها، كحفلات الشيخ الهلباوي، والحفلات التي تقيمها الأماكن الثقافية المختلفة: كبيت السحيمي والهراوي وزينب خاتون، ولا أحب حضور الندوات وجلسات المناقشة في رمضان. أما كتابتي في هذا الشهر فيغلب عليها الطابع الروحي والنفحات الصوفية وحالات القرب من الحياة والغضب من التفاصيل اليومية. وتمارس القاصة دعاء عبده يومها المعتاد بروتينية تكاد تكون مملة في رأيها بدءًا من الذهاب إلي العمل صباحا، والعودة للمنزل سريعا لمساعدة والدتها في أعمال المنزل والاعداد للعزائم التي يتميز بها شهر رمضان، وتبدي دعاء استياءها من الفكرة الراسخة لدي العامة في ضرورة تحديد القراءة في الكتب الدينية فقط في رمضان، واستنكارهم لقراءتها في مجالات أخري، وتؤكد أن أجمل الروايات هي ما تقرأها في رمضان. وعن الفاعليات التي تحب حضورها قالت دعاء: أحب حضور الندوات الثقافية والحفلات، ولكن صعوبة المواصلات في رمضان تمنعني من الخروج من المنزل وكذلك ضيق الوقت. أما الشاعر كريم الصياد فيقول في رمضان أكتب وأقرأ أقل من المعتاد، لأن المواصلات من وإلي العمل تستهلك معظم الوقت، ولكنني أمارس أنشطتي المعتادة من الكتابة وعمل الأبحاث واستكمال رسالة الدكتوراه التي أعدها في الفلسفة، وأحاول تقسيم يومي بأن أعمل في الرسالة والأبحاث فترة ما قبل الإفطار، وبعد الأفطار أبحث عن الندوات التي تناقش القضايا الثقافية المهمة، أو ألتقي بأصدقائي ونتناقش فيما يخص الأدب وغيره، وعندما أعود للمنزل أستكمل مشروعي الشعري والنثري بتمهل.