بعيدا عن استعدادات محافظة شمال سيناء لشهر رمضان المبارك وترتيبات الأسر السيناوية لاستقبال الشهر الكريم فإن سيناء لها عادات وتقاليد متوارثة منذ مئات السنين. حيث يستقبل بدو سيناء الشهر الكريم بروح هذه العادات، فبرغم مظاهر الحياة الاجتماعية الحديثة التي بدأت تتسلل إلي حياتهم, ومن أبرزها البيوت المزودة بالكهرباء وأجهزة الستالايت وانتشار أجهزة الهاتف الجوال, إلا أن الخيمة والمقعد البدوي يتمتعان بخصوصية شديدة طيلة شهر رمضان. ولرمضان طبيعة خاصة جدا عند البدو فهم يستطلعون هلاله من أعلي القمم الجبلية والمناطق الخلوية المرتفعة ومع ذلك يلتزمون بالرؤية الشرعية التي تقوم بها الأجهزة الرسمية, وبالرغم من أن عاداتهم لا تقل أهمية في رصد هلال رمضان عن الأجهزة الحديثة فلديهم مقولة لم تخطيء أبدا وهي أن خامس الصوم صوم بمعني أنه إذا صام الإنسان في العام السابق مثلا يوم السبت فعليه أن يعد خمسة أيام ليكون الصيام هذا العام الأربعاء مثلا. وعند ثبوت الرؤية تعلق الزينات وترفع الأعلام البيضاء للتعبير عن الفرحة بإستقبال شهر رمضان, وطيلة شهر رمضان يحرص أبناء البادية علي فتح المقاعد والدواوين للافطار الجماعي كنوع من التكافل الاجتماعي حيث يصطحب كل رجل أطفاله لتعويدهم علي ذلك, ولا يبقي في المنزل سوي السيدات والفتيات والشيوخ كبار السن فيتناول الجميع الافطار معا, أما الضيف فيكون له اهتمام خاص, حيث تترك له مائدة مستقلة. ويسبق اعداد الافطار اشعال النيران والمواقد المتوهجة حتي يقبل عليها السائرون أو من يكون تائها في الصحراء ثم تستخدم في إعداد الشاي والقهوة بعد ذلك. يقول عبد الله جهامة شيخ قبائل وسط سيناء أن من عادات الشهر الكريم أن توقف الخطبة أو الزواج إلي ما بعد انتهاء الشهر الكريم حرصا علي حرمة الشهر الفضيل كما يتم إيقاف جميع المشاكل, والقضاء العرفي يقف تماما عند هذا الشهر فلا نجد إنسان يقوم برفع دعوة للمجلس القضائي إلا إذا كانت حادثة قتل فيتم فيها رمي ما يسمي بالوجوه ثم تؤجل الجلسة لبعد العيد وتعني ألا يتعرض أحد من أهل المجني عليه علي أحد من قبيلة الجاني مراعاة لحرمة الشهر. وعن عادات الطعام في هذا الشهر يقول حسن سامي سويلم من قبيلة الترابين: أن كل فرد من أفراد القبيلة يحرص طوال رمضان علي إحضار افطاره ويضع كل منهم الأطباق التي أحضرها علي مائدة كبيرة حتي يتناول الغني طعام الفقير ويتناول الفقير طعام الغني, وعند آذان المغرب يقومون للصلاة عند توزيع التمر والمياه والعصائر ثم يقبلون علي المائدة فيأكل كل فرد من جميع الأطباق الموجودة دون فارق ويضيف: غالبا ما يبدأ تجهيز مجلس الافطار عقب صلاة العصر فيتوافد جميع رجال وشباب القبيلة ويصحبون معهم أطفالهم لتعويدهم علي العادات والتقاليد السائدة, ثم يتم التجهيز للافطار حتي يحين موعد آذان المغرب. ومعظم طعام البدو في رمضان يكون من الفطائر المصنوعة من الطحين والسمن اضافة إلي الفتة وفوقها الأرز واللوز وحمص الشام واللحم ولا يأكلون السمك في رمضان, ويجلس كل فرد في أقل مساحة ممكنة حتي يكون هناك متسع لآخرين, ويتم تناول الطعام باليد اليمني وبدون استخدام ملاعق سوي للضيوف فقط, وأن يتناول كل فرد الطعام من الجهة المقابلة ولا يتعدي علي باقي الجهات. وبعد الافطار تترك المائدة ولا يرفع عنها الطعام حتي بعد صلاة التراويح تحسبا لوصول أي ضيف أو عابر سبيل أو مار علي الطريق ولم يفطر.