فجرت قضية الطفل «عيد هاشم» نزيل دار أيتام «زاوية رزين» بمركز منوف بمحافظة المنوفية، الذى لقى مصرعه غرقًا ببحر شبين الكوم فى شهر رمضان الماضى، بعدما هرب من المؤسسة بسبب سوء المعاملة والضرب والتعذيب البدنى من قبل إدارة دار الأيتام، وظل فى الشوارع نحو 4 شهور حتى توفى، والكارثة أن إدارة المؤسسة رفضت استلام الجثة بحجة هروبه منذ عام، وظل فى ثلاجة الموتى بالمستشفى التعليمى بشبين الكوم مايقرب من 33 ساعة حتى تعفنت جثته بسبب عطل مفاجئ فى ثلاجة المستشفى استمر عدة أيام. الغريب أن تلك المؤسسات خصصت لحماية الأطفال الأيتام من جحيم الشوارع، لكن القائمين بالإشراف والإدارة على تلك المؤسسات يقومون بعكس ذلك تماما وحولوها إلى معتقل لتعذيب الأبرياء من خلال الضرب المبرح بالسلاسل الحديدية والحبس بالطوابق السفلية والغرف المظلمة والحرمان من الطعام وتسليمهم إلى أقسام الشرطة، علاوة على أن الطعام له أوقات محددة ومن يتأخر لا يجد شيئا ليسد به جوعه. «روزاليوسف» سلطت الضوء على دار أيتام زاوية رزين لترصد المعاناة التى يعيشها الأبرياء ويدفعون ثمن أخطاء لا ذنب لهم فيها.. يتحدث الطفل سعيد عن مأساته داخل الدار قائلا: «المصروف اليومى للطفل جنيهان فقط أيام الدراسة ولا يوجد مصروف فى الإجازات، منوهًا إلى أن قانون المؤسسات يلزم بوجود دفتر توفير لكل طفل داخل الدار ويوضع خلاله مبلغ من المال شهريًا، ويسلم له عند اكتمال السن القانونى «18عاما»، وحينها يسمح للطفل بالخروج من الدار ليعتمد على نفسه، إلا أننى عندما أتممت ال18 سنة تم تسريحى من الدار لأقيم حاليا فى منزل «ناس طيبين». ويتابع: عندما طالبت بدفتر التوفير الخاص بى، كان الرد الصادم من إدارة الدار هو «إنك ما زالت صغيرًا ولم تتم السن القانونى ال21 عاما» فقلت لهم ساخرا «يعنى بتعتبرونى كبير وترمونى فى الشارع ولما أقول دفتر توفيرى تقولولى أنت لسه صغير». أما ممدوح، فكان مقيم فى «دار أيتام زاوية رزين» يقول: «رسبت فى المدرسة فقررت إدارة الدار بأننى فاشل فى الدراسة، ونقلونى إلى مؤسسة البنين بشبين الكوم وعندما انتقلت إليها نجحت بل وتفوقت والآن أدرس فى ثانوى سياحة وفنادق، لكن المشكلة التى أواجهها حاليا هيا تضارب المؤسستين وتعمدهما حرمانى من المبالغ الزائدة التى يتم إيداعها باسمى فى دفتر توفيرى الخاص، حيث إن رزين تقضى بعدم انتمائى إليها وتتبرأ منى بأننى لست على ذمة الدار، وشبين الكوم تقضى بأننى لاجئ إليها ولا يحق لى الحصول على المبالغ المالية الزائدة، وذلك منذ سنتين تقريبا». وطفل آخر رفض ذكر اسمة خوفًا من مدير المؤسسة يقول: «لا تفاهم داخل الدار سوى بالضرب والتعذيب، وأخر علقة ساخنة أخذتها عندما كتبت تعليقًا على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» بعد زيارة إخواتى للدكتور هشام عبدالباسط محافظ المنوفية ليشكوا إليه الظلم الواقع علينا قولت فيه عندى كلام كتير على قضية أخونا عيد وعندما علم مدير المؤسسة أحضر لى أمن البوابة وأعطاهم الأوامر بالضرب المبرح بالسلاسل الحديدية حتى لا أتكلم مرة أخرى. ويتابع: تم حرمانى من الطعام وسجنت بالغرفة السفلية المظلمة، فضلا عن أن أحد المسئولين بالدار كان يعايرنى بنسبى حيث قال لى بالحرف «فين أهلك روح هاتلى أهلك اتكلم معاهم إحنا جايبينك من صندوق زبالة يا ابني»، قائلا: «عمرنا ما نمنا شبعانين والأكل بالجرامات والمشرفين يأكلون من الطعام ما لذ وطاب دون مراعاة مشاعرنا وأننا مازلنا جياع»، فى الوقت الذى يرفضون فيه مشاركتهم الأكل أو إحضار ما تبقى منهم لنا. من جابنه تقول أم يوسف، إحدى المسئولين عن عدد من أيتام زاوية رزين، إن الأطفال الموجودين داخل معتقل دار رزين يعيشون مأساة كارثية بكل المقاييس، فهناك تعذيب بدنى عن طريق الضرب والسحل وتعريتهم وربط أرجلهم وأيديهم بالسلاسل والحبال وتجويعهم، ليصل الأمر إلى المهانة عن طريق معايرتهم بأنهم أولاد حرام دون مراعاة لآدميتهم ومشاعرهم كأطفال، ما جعل عدد من الأطفال يلجأون للهروب بحثا عن حياة كريمة، والتعامل مع بشر أرحم من هولاء. وتتساءل أم يوسف: هل أذنبوا هؤلاء الأطفال بأنهم خرجوا للدنيا دون أهل؟ مستنكرة تجاهل القائمين على الدار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال «أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة وأشار بإصبعية السبابة والوسطي»، مؤكدة عدم استسلامهم حتى إن وصل الأمر إلى التصعيد لحصول الأيتام على حقوقهم مهما كلفهم الأمر. وتشير إلى أن أولى خطوات التصعيد بدأت بالتقاء الدكتور هشام عبدالباسط، محافظ المنوفية، عددًا من الأيتام لعرض جميع مشاكلهم ومعاناتهم التى يتعرضون لها يوميا بسبب غياب الرقابة، مستنكرة تجاهله الشكاوى ووعوده الفشنك بحسم الأزمة وإنهاء ما يؤرق الأطفال الأيتام. وتطالب أم يوسف أجهزة الدولة بإعادة النظر فى القوانين التى تنظم التعامل مع دور الأيتام خاصة أن عند بلوغ الطفل السن القانونية يتم تسريحه خارج الدار، فى الوقت الذى لم توفر له الدولة فيه أى سكن يأويه من برودة الجو وحرارة الشمس، مشددة على توفير فرص عمل وتنظيم ورش عمل لجميع الأطفال لانتشالهم من الفقر المدقع والبيئة الإجرامية الخصبة التى يضطرون إلى الاتجاه إليها نظرا لغياب الرقيب وغلاء الأسعار وعدم وجود مسكن أو فرصة عمل.