طريق الثورة هو أحدث الطرق وأكثرها اتساعا وانتظاما وأفضلها وضوحا وبريقا، بدأت معالمه في الخامس والعشرين من يناير من مطلع هذا العام وهو يتسع لكل المصريين بمختلف ألوانهم وأزيائهم ومعتقداتهم وثقافاتهم. لقد طال انتظار المصريين حتي يصلون إلي أول هذا الطريق وهم يدركون تماما معني ومغزي طريق الثورة والذي يمتد من ميدان التحرير وحتي ميدان الحرية وميدان العروبة ويصل كذلك إلي ميدان الديمقراطية وساحة العدالة والمساواة ويتفرع منه عدة مسارات مستقيمة بلا عوائق وبلا موانع ويمكن السير فيه بكل أمن وأمان بين تقاطعاته المختلفة وعبر محطاته الواضحة والمعروفة والتي تؤدي إلي التقدم والرفاهية لكل فرد أو جماعة من هذا الشعب. وبرغم ما كسبته الجماهير في اختيار طريق الثورة والإصرار علي التقدم فيه بل التضحية من أجله من الشهداء بالمئات والمصابين كذلك، والتضحية بالخسائر المادية التي تخطت العديد من المليارات ما بين خسارة توقف البورصة وبعض مواقع العمل والإنتاج وبين التراجع في إيرادات السياحة في مصر، كل هذا يهون في سبيل ما كسبته الجماهير من الحرية والديمقراطية واقتلاع غابات الفساد المالي والاداري في كل مكان، وبين سواد الصورة لدي الشباب وبين بقية الناس ووصول نصف أهل مصر إلي حد الفقر علما ومالا وإنتاجا وتصديرا وحتي السمعة غير الطيبة بين كثير من دول العالم. طريق الثورة هذا لا يصح أن ترتكب فيه أفعالا فاضحة يعاقب عليها القانون ويلفظها الضمير الجمعي للأمة وتتنافي مع مبادئ الثورة التي يتوق لمثلها الكثيرون من حولنا، فان ما حدث من اشعال الحرائق في أقسام الشرطة والمباني الحكومية مثل المحافظات ومجالس المدن وبعض المنشآت العامة يمكن اعتباره فعلا فاضحا في طريق الثورة خاصة وانه تم بعد الأسابيع الأولي من يناير والمستغرب أنه تم في عدة أماكن في وقت واحد، بل الأدهي والأمر أن بعض من تلك الحرائق أشعلها بعض أمناء الشرطة وربما بعض من البلطجية بحيث يصعب التفريق بينهما في هذه الحالة. مرارا وتكرارا ودائما نقول لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين ولكن القربة مقطوعة ولن تنتفخ أبدا حتي لو قام الشعب المصري العاقل المخلص بالنفخ فيها حيث أطلت نفس الوجوه وزعقت نفس الأصوات بضرورة التصويت بنعم طبقا لبروتوكولات حكماء الإخوان؟!، لافتات مكتوبة ومنشورات مطبوعة وكتائب تقف في طريق اللجان تدفع الناس نحو ما يريدون وهذا مما يعتبر فعلا فاضحا في طريق الثورة، لقد حدث فعل فاضح في طريق الثورة ألا وهو استضافة أصحاب الفكر والفعل المتطرف والشائن والذي كان سببا من أسباب تدهور صورة مصر والعالم العربي والاسلامي في عيون العالم وتحديدا من كان لهم دور بارز في اغتيال السادات، هؤلاء الناس كان من الأفضل أن يظلوا بعيدا عن الأنظار، من يهتم بهؤلاء الذين عاشوا في الجحور أيام السادات ثم في القبور أيام مبارك هم من أهل الكهف المظلم حيث إنهم كانوا فتية آمنوا بشيطان الاغتيال والقتل بل كان سفك الدماء سهلا علي أمثالهم وأن حادث المنصة ليس ببعيد ولن يغفر لهم التاريخ ما صنعوه من جريمة من النادر حدوثها في مصر، اغتيال احمد ماهر والنقراشي والسادات ومحاولة اغتيال عبد الناصر كلها من تأليف ثم إخراج وتنفيذ أدعياء الإسلام، دائما المسبحة والسكين متلازمان بأيديهم والسيف هو رمز للجماعة أيا كانت في مصر أو الشام أو العراق أو أي مكان. أيضا ما قاله أحد شيوخ هذا الزمن من تجار الدين المعلب في شرائط أو المغلف في برامج أنه قد استشاط فرحا (!) بنتيجة الاستفتاء التي كانت الأغلبية فيها بنعم طبقا لما أورده في خطبته من أن شعبه مشكور علي ذلك حيث منحه التفويض اللازم للحكم بشريعة الإسلام وعلي المعترضين الرحيل من مصر لأن الباب تفوت منه الجمال والحمير لو أرادت!!، وأن التأشيرات إلي كندا وأمريكا في انتظارهم.. تصوروا.. هذا الكلام يمكن اعتباره فعلا فاضحا في طريق الثورة صدر عن رجل لا يعي ما يقول ولا يفقه ما يثرثر به ويتخذ من الدين ستارا ومن جلبابه الأبيض ولحيته الطويلة البيضاء شكلا مسرحيا مؤثرا في المشاهدين بل يعتلي منبر الخطابة بين البسطاء من الناس. ومن الأفعال الفاضحة أيضا البناء علي الأراضي الزراعية والبناء دون ترخيص أو التعلية في مختلف شوارع القري والمدن بما لا يتماشي مع القواعد الهندسية أو الوطنية أو جوانب العرف والذوق العام. من الأفعال الفاضحة ايضا تلك المظاهرات والاعتصامات الفئوية التي تنبثق هنا أو هناك بصفة عامة وشبه منظمة ولا هدف لها سوي الضغط علي أصحاب القرار في وقت ضيق وعصيب وفي ظروف سيئة لا توجد بها نقابات قوية للمطالبة بحقوق ضائعة ولا توجد وزارة مستقرة ماليا وإداريا لمجابهة هذه المطالب المتراكمة عبر سنوات طوال من الفساد المالي والاداري الذي تجاوز أنوف وحلوق كل المصريين بينما قال أحدهم أنه حتي الركبة وهذا ما يعد من قبيل قصر النظر؟!.