«لم أكن اعلم انه اعمى والآن عرفت سر الألم العظيم الذى يفيض به صوته العبقرى» هكذا قال الضابط الكندى عندما جاء لمصر لمقابل الشيخ محمد رفعت الذى استطاع أن يؤسس دولة للقراء يسيرون على الطريق بقواعد ثابتة وتعرف مصر بأصوات عذبة ونوع من الترتيل والتجويد يميزها عن غيرها من الدول الإسلامية. نجح الشيخ محمد رفعت رئيس دولة التلاوة ان يغزو القلوب والوجدان فى قراءة عذبة خاشعة. ورغم أن الرجل كان ضريرا الا انه ملأ قلوب المسلمين نورا ورفض ان يكون ثريا من قراءة القرآن وقد تنافست إذاعات العالم الكبرى، مثل: إذاعة برلين، ولندن، وباريس، أثناء الحرب العالمية الثانية؛ لتستهل افتتاحها وبرامجها العربية بصوت رفعت؛ لتكسب الكثير من المستمعين، إلا أنه لم يكن يعبأ بالمال والثراء، وأبى أن يتكسَّب بالقرآن. وُلِد الشيخ رفعت، فى حى «المغربلين» بالدرب الأحمر بالقاهرة يوم الاثنين 9 مايو 1882، وكان والده «محمود رفعت» ضابطًا فى البوليس، وكان الطفل» مبصرًا حتى سن سنتين، إلا أنه أصيب بمرض كُفّ فيه بصره ، فألحقه أبوه بكتاب الحى عندما بلغ الخامسة من عمره. وأتم حفظ القرآن قبل أن يتم العشر سنوات وكان شيخه ومحفظه يحبه كثيرا لاتقانه الحفظ والتلاوة بصوت شجى فعلمه التجويد وأعطاه شهادة إجادة حفظ القرآن وتجويده قبل بلوغه السادسة عشرة من عمره لم يكتفِ الشيخ محمد رفعت بموهبته الصوتية الفذَّة، ومشاعره المرهفة فى قراءة القرآن، بل عمق هذا بدراسة علم القراءات وبعض التفاسير، واهتم بشراء الكتب، ودراسة الموسيقى الرقيقة والمقامات الموسيقية، فدرس موسيقى «بتهوفن»، و«موزارت»، و«فاجنر»، وكان يحتفظ بالعديد من الأوبريتات والسيمفونيات العالمية فى مكتبته. وعندما افتُتحت الإذاعة المصرية الخميس 31 مايو 1934 كان الشيخ أول من افتتحها بصوته العذب، وقرأ: «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا»، وقد استفتى قبلها الأزهر وهيئة كبار العلماء عما إذا كانت إذاعة القرآن حلالا أم حراما؟ فجاءت فتواهم بأنها حلال» وكان يخشى أن يستمع الناس إلى القرآن وهم فى الحانات والملاهى. شاء الله أن يُصاب الشيخ محمد رفعت بعدة أمراض لاحقته وجعلته يلزم الفراش، وعندما يُشفى يعاود القراءة، حتى أصيب بمرض الفُواق (الزغطة) الذى منعه من تلاوة القرآن، بل من الكلام أيضًا؛ حيث تعرَّض فى السنوات الثمانى الأخيرة من عمره لورم فى الأحبال الصوتية، منع الصوت الملائكى النقى من الخروج، ومنذ ذلك الوقت حُرم الناس من صوته، فيما عدا ثلاثة أشرطة، كانت الإذاعة المصرية سجلتها قبل اشتداد المرض عليه، ثم توالت الأمراض عليه، فأصيب بضغط الدم، والتهاب رئوى حاد، وكانت أزمة الفُواق (الزغطة) تستمر معه ساعات طويلة. وقد حاول بعض أصدقائه ومحبيه والقادرين أن يجمعوا له بعض الأموال لتكاليف العلاج، فلم يقبل. وشاء الله أن تكون وفاة الشيخ محمد رفعت فى يوم الإثنين 9 مايو 1950، نفس التاريخ الذى وُلد فيه، عن ثمانية وستين عامًا قضاها فى رحاب القرآن الكريم. ونعته الإذاعة المصرية عند وفاته إلى المستمعين بقولها: «أيها المسلمون، فقدنا اليوم عَلَمًا من أعلام الإسلام». أما الإذاعة السورية فجاء النعى على لسان المفتى حيث قال: «لقد مات المقرئ الذى وهب صوته للإسلام وجدد شبابه. يقول الفنان حسن يوسف من جانبه أكد أنه يرغب فى تجسيد دور الشيخ محمد رفعت قائلا كنت اسكن بجواره فى حى السيدة زينب وكان فى رمضان يقيم سرادق لتلاوة القرآن كل يوم وكنت اذهب انا وبعض اصحابى ونحن اطفال لنستمع إليه. واضاف يوسف انا اعشق صوت الشيخ رفعت ولو أجد داعمًا لن اتردد لحظة فى تجسيد دوره فهو واحد من اعلام القرآن وان كان حرم من صوته فى اخر حياته الا ان الله اكرمه بأن يظل صوته يستمتع به الملايين. الى الآن. واللافت ان حفيده إبراهيم أكد أن الأسرة تملك ما يقارب من20 ساعة للشيخ لم تخرج للنور بعد وتحتاج تكاليف لاخراجها وتم عرض الامر على عدة جهات دون جدوى.