على الرغم من تقديم صناع الدراما لأربع تجارب تحاكى المسلسلات التركية فى عدد الحلقات المطولة إلا أنها لم تحقق نفس الصدى الذى حققه الأتراك ولم يستطيعوا استعادة اهتمام الجمهور العربى. حيث شهدت الثلاثة أعوام الماضية وجود من الأعمال العربية التى أدخلت نفسها فى منافسة «مطلوب رجال» لجومانة مراد وسامح الصريطى والذى حقق أعلى نسبة مشاهدة وقتها لأنه كان الأول من نوعه، ثم جاء بعده مسلسل «روبى» و«زى الورد» و«المنتقم» وآخرها مسلسل «جذور» الذى لايزال يعرض على القنوات الفضائية.. ولقد وجد النقاد أن فكرة التقليد فى عدد الحلقات فقط هى من أسقطت صناع هذه الأعمال فى أخطاء عديدة.. حيث قالت الناقدة ماجدة خير الله انهم لم يفهموا سر نجاح الأعمال التركية واعتقدوا ان الامر يتعلق بعدد الحلقات فقط، وأضافت قائلة: «لم ينجح أي عمل بسبب اعتمادهم على المط والتطويل فى الاحداث والقصة لمجرد ان يصل المسلسل لما فوق ال60 حلقة بدون النظر لملل المشاهد.. فالأعمال التركية تجذب الناس بالإخراج الجيد والأداء التمثيلى المختلف وزوايا التصوير واعتمادهم على حبكة درامية عالية بالسيناريو.. فلديهم القدرة على ادخال المئات من القصص الصغيرة على الخط الدرامى الاساسى للمسلسل حتى لو كان يعتمد على قصة رومانسية خفيفة أو مشاكل عائلية بسيطة يستطيعون ان يخلقوا لها أبعادًا أخرى.. ولكن الأعمال المصرية لم تستطيع الصمود أمامهم لانهم اهتموا بمط الحلقات فقط دون توافر فى الافكار او وجود إخراج مميز يجذب الانظار اليها مما وضعها فى خانة السقوط. بالاضافة إلى ان هناك عوامل نجاح وجذب بالدراما التركية لا يمكن تحقيقها فى نظيرتها المصرية وذلك لاختلاف العادات والتقاليد ووجود بعض القيود على مناقشة بعض القضايا الهامة والحيوية بالتليفزيون..فهم يتميزون بمناقشة مواضيع اكثر جرأة ومنها بعض قضايا المرأة التى تهز المجتمع والعلاقات العاطفية والانسانية.. ومن المثير للشفقة ان هذه الموضوعات كانت تطرح بكثرة فى سينما الستينيات بينما يمنع مناقشتها حاليا».
وقال الناقد طارق الشناوى: «الفن لا يقاس أبدا بالكيلو أو بالعدد، وهذا ما لم يستوعبه صناع الاعمال الماضية والتى يتم تصويرها حاليا.. فهم يعتمدون على زيادة عدد الحلقات فقط بدون وجود مضمون يهم الناس مما أدخلهم فى إطار المط والتطويل.. كما ان كثرة الحلقات ليس ما يميز الدراما التركية عن غيرها لأن ذلك النوع معروف بدراما «رغاوى الصابون» وهى موجودة فى كل بلدان العالم.. حتى فى مصر كانت هناك تجارب درامية منها مسلسل «ليالى الحلمية» والذى وصل عدد حلقات اجزائه الخمس 150 حلقة ، ولكن هنا لم يكن مجرد رغبة من الكاتب أسامة انور عكاشة لتقديم اطول عدد حلقات ممكن ولكن السير الدرامى كان يتطلب ذلك.. لذلك لا يجب علينا النظر فقط لتقديم مسلسل طويل المدة حتى يحاكى التركى على حد قولهم.. ولكن يجب علينا الاهتمام بتقديم أفضل محتوى وافضل اخراج وتصوير وإنتاج بعدد الحلقات التى يحددها الخط الدرامى ليس كما نحدد نحن».
وأضاف قائلا: «المشكلة اننا أدخلنا أنفسنا فى مقارنة مع الأعمال التركية وذلك تحت مبرر حماية الدراما المصرية، مثلما فعلنا من قبل مع الدراما السورية، وفى كل مرة ندرك اننا لنا نجاح ولهم نجاح آخر تماما فالفن لا يقاس بالجنسية لكى تدخل البلدان فى معارك، بل الفن القيم ينجح فى أى دولة والفاشل يسقط.. وأكبر دليل على ذلك انه ليس كل الجماهير المصرية تتابع الأعمال التركية وليست كل هذه الأعمال تحقق نجاحا كبيرًا».
وعلى الرغم من هجوم النقاد إلا ان صناع هذه الأعمال يصرون على انها حققت نجاحا فى المشاهدة وانهم لم يكن هدفهم منذ البداية تقديم ما ينافس التركى، وذلك كما قال المخرج حاتم على مخرج مسلسلى «مطلوب رجال» و«المنتقم» حيث قال: «لم نقدم هذه الأعمال لمنافسة التركية لكى يتم مقارنتنا بها.. وأكبر دليل على ذلك ان هذا النوع من الدراما لا يناسب للتركية فقط ولكنه معروف حول العالم وفكرة تقديمه لم تكن بالجديدة.. ولكن مقياس النجاح عندى هو الجمهور ولقد حقق «مطلوب رجال» نجاحا ملحوظا وبعده المنتقم الذى احصل حوله على ردود افعال جيدة حتى الآن».
وأضاف قائلا ان موضوع العمل يحدد عدد حلقاته وهو لم يكن يقبل أى عمل منهما إلا بعد دراسة السيناريو والتأكد من عدم وجود أى مط أو تطويل ليس له دخل بالأحداث.
بينما أكدت الفنانة حورية فرغلى بطلة مسلسل «المنتقم» ان المسلسل حتى الآن يحقق نسبة مشاهدة عالية وتحصل على ردود فعل جيدة حول المسلسل بشكل عام ودورها بشكل خاص.. وأضافت انها لم تقبل العمل على أنه منافس للتركية ولكنه ملىء بعوامل الجذب والنجاح من اخراج وقصة وتصويروانتاج وغيرها.
ومن جانبها أكدت الفنانة لقاء سويدان إحدى بطلات مسلسل «زى الورد» ان العمل لاقى نجاحًا كبيرًا وحقق نسبة مشاهدة عالية حتى أن عرض الجزء الأول منه فى شهر رمضان الماضى وسط الزحام الكبير للمسلسلات لم يؤثر عليه وحقق اعلى نسبة مشاهدة على قناة الحياة.. وأضافت قائلة: «ليس عيبا ان يأخذ المسلسل الشكل التركى فى عدد الحلقات فقط ولكننا أضفنا كثيرا على التقنيات التركية وقصته وأسلوبه المصرى، فلماذا لا نقتبس شكلاً ناجحًا عالميا ونحقق عليه نجاحاتنا الخاصة» كما أكدت ان فكرة مقارنة الاعمال المصرية بالتركية لم تشغل بالها خاصة وأنها لا تشاهد أبدًا الدراما التركية لأنها لا تستهويها بشكل كبير، لذلك لا تستطيع الحكم على مسلسلها إذا كان منافسا جيدا للتركى ام لا ولكنها ترى ان اعجاب الجمهور به وتحقيقه نسبة مشاهدة عالية يكفى كدليل على نجاحه.
ورغم ما شهدته الأعمال السابقة من مقارنات غير منصفة إلا أن هناك عملين آخرين يتم تصويرهما حاليا على النهج التركى وهما مسلسل «آدم وجميلة» ليسرا اللوزى وحسن الرداد والذى سيكون عدد حلقاته 60 حلقة، و«الجذور» بطولة محمود قابيل ويوسف الخال وأحمد هارون وسيكون أيضا 60 حلقة.
وعن عدم تخوفه من تقديم هذه النوعية من المسلسلات قال حسن الرداد بطل «آدم وجميلة» أنه لم يخف من تقديم هذا العمل خاصة وأنه به عوامل النجاح اللازمة من اخراج وانتاج جيد. وأضاف أنه لا يكترث بمصير المسلسلات السابقة إذا كان النجاح أم الفشل فكل عمل له طبيعته الخاصة، بالاضافة إلى ان الدراما المصرية رائدة فى تقديم المسلسلات الطويلة منذ زمن بعيد وقد حققت كلها نجاحًا مثل مسلسل ليالى الحلمية والشهد والدموع وغيرهما من الاعمال التى كانت تكتب بعدد حلقات كبير ولكن تقسيمها على اجزاء هو ما جعلنا ننسى انها كانت طويلة ونسب ذلك للتركى فقط.