*بعض صناع الدراما تحولوا إلى " ترزية" لتفصيل المسلسلات على مقاس النجوم.. والعشرى: أعمال النجم الأوحد السبب والمؤلفون يفتعلون الأحداث للوصول إلى 30 حلقة لا يخلو عمل من أعمال رمضان الدرامية من مشاهد كان يمكن حذفها أو الاستغناء عنها، حتى أصبح من الثوابت فى مسلسلات رمضان أن تكون سمتها الأساسية هى المط والتطويل، ما دفع متخصصين إلى القول بأن بعض صناع الدراما تحولوا إلى «ترزية» يفصلون المسلسل على مقاس النجم، سواء أكانت الأحداث تسمح بذلك التطويل وتحتاج إليه أم لا، وصار من الثابت أيضا أن تمضى عدة حلقات من المسلسل دون أن يتغير شىء فى خط الأحداث أو أن يطرأ أى تغيير على الشخصيات فالموضوع له حسبة إنتاجية والهدف هو أن يغطى عدد الحلقات شهر رمضان كاملا حتى يضمن المنتج والقناة التى تعرض العمل الحصول على الإعلانات الكافية التى تغطى التكلفة. مسلسل «فرقة ناجى عطا الله» لعادل إمام يأتى على قمة مسلسلات المط والتطويل فالحلقات الثلاث الأولى لم تكن سوى «فرشة مطولة» لشخصية عادل إمام وعلاقاته بالمجتمع الإسرائيلى والتى لو تم تكثيفها فلن تتجاوز نصف حلقة أضف إلى ذلك عدد النكت المتداولة عن بخل اليهود التى حفظناها وعلى طريقة أفلام «الساموراى السبعة» أو «شمس الزناتى» الذى لعب بطولته عادل إمام نفسه من قبل وبأسلوب ممل جدا يبدأ فى تعريفنا بفرقته وظروف كل منهم الاجتماعية لمجرد زيادة حشو زمن الحلقات، فالفكرة المحورية وهى سرقة البنك كانت مناسبة أكثر كفيلم سينمائى ولكن حينما تعثر ذلك وتحولت لمسلسل، زاد الكاتب يوسف معاطى من حشو العمل بمشاهد كثيرة لا معنى لها وافتعل العديد من المشاهد فى رحلة ناجى عطاالله لسرقة البنك. مسلسل «باب الخلق» للنجم محمود عبدالعزيز العائد بعد غياب أيضا يحمل الكثير من مشاهد المط والتطويل خاصة فى الحلقات الأولى من المسلسل التى أسهب فيها المؤلف فى شرح الأماكن والأزمنة، واستخدم المخرج عادل أديب طريقة سرد شاعرية جدا لا تتناسب مع فكرة انتظار السلطات الأمنية فى مصر لأخطر شخصية إرهابية. يأخذ أيضا مسلسل «الهروب» لكريم عبدالعزيز نصيبه أيضا من المط والتطويل وبرغم سخونة أحداث المسلسل منذ الحلقات الأولى إلا أن هناك حالة من حالات الترهل بدأت تظهر من الحلقات الخامسة وحتى العاشرة، ليثور التساؤل حول أسباب تأجيل رحلة الهروب بعد النصف الثانى من المسلسل ولماذا يتم تفجير كنيسة القديسين والأحداث المتلاحقة بعدها فى النصف الثانى إلا بغرض التطويل والمط. صناع مسلسل «خطوط حمراء» ربما يكون لديهم اعتقاد أن قتل شخصية من شخصيات العمل كل حلقة يصنع إيقاعا متسارعا، إلا أن المسلسل يحمل أيضا الكثير من مشاهد المط والتطويل، ومنها مشاهد أحمد رزق مع زوجته وأخيه وتكرار جمل حوارية بعينها تهدف إلى إشعار المتفرج بالمأساة، الأمر الذى استغرق ما يزيد على 20 دقيقة من أصل 39 دقيقة هى مدة حلقة ذبح سلمى وهى مشاهد كان من الممكن اختصارها فى مشهد أو اثنين أكثر تكثيفا وتأثيرا بدلا من المشاهد المطولة. مسلسل «قضية معالى الوزيرة» دخل أيضا قائمة المسلسلات التى أصابت الجمهور بالملل نظرا لبطء الأحداث وتكرار العديد من المشاهد خاصة التى تجمع إلهام شاهين بتامر هجرس. مسلسلات المط والتطويل تستدعى إلى الذاكرة أقوال عميد الدراما الراحل أسامة أنور عكاشة حول كيفية صناعة الدراما وتعريفه لها، حيث كان يقول: إن كلمة «دراما» تعنى الحدث أو الفعل، وهى مشتقة من كلمة يونانية تعنى الحركة ولذلك فعندما لا تكون هناك حركة فى خط الحدث بالمسلسلات فلن توجد دراما، والحركة هى حركة خط الأحداث المتفاعلة وليست حركة جسم الممثل ولا حركة لسانه وهو «يثرثر» على الفاضى، فالدراما يجب أن تعطى «صورة جمالية» للمشاهد بحيث يشعر بالمتعة التى تجبره على المتابعة فالمشاهد يريد التسلية التى تنتج من تلك المتعة ولا يريد أن يسمع حوارات مكررة ومعادة مليون مرة لأن أغلب المؤلفين تركوا التعمق فى جذور المشاكل والموضوعات التى يتناولونها وتعمقوا فى المط والتطويل لأهداف تجارية فأصبح المسلسل وسيلة لزيادة الملل والضيق والكآبة بدلا من أن يكون وسيلة تسلية. الناقد فتحى العشرى يرى أنه برغم المطالب الكثيرة واللجان التى عقدت فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون طوال الأعوام الثلاثة الماضية، التى أوصت بضرورة العودة فى أسرع وقت ممكن إلى مسلسلات الخمسة عشر حلقة، وأيضا السباعيات؛ لضمان تكثيف الأحداث والابتعاد عن الحشو والمط والتطويل والافتعال فى العديد من المشاهد إلا أن هذه الآراء ضرب بها عرض الحائط، مشيرا إلى أن أصحاب المسلسلات الدرامية يصرون على تقديم أعمالهم فى حلقات تتراوح ما بين الثلاثين والأربعين حلقة بدعوى أن الجهات المنتجة للأعمال تلزم المؤلف بتسليم ما لا يقل عن 22 ساعة ونصف وأن هذا الأمر يسهل التعاقد على تسويق المسلسلات. ويرى العشرى أن هناك أعمالاً كثيرة اعتمدت على الشكل التقليدى فى الكتابة، وهى الوصول ل30 حلقة بأى شكل حتى لو كانت الأحداث لم تكتمل فالمؤلفون يفتعلون أحداثاً وقد تكون مسلسلات النجم الأوحد هى السبب فى شعور المشاهد بحالة المط والتطويل. الناقدة ماجدة موريس ترى بدورها أن المط والتطويل ليس سوى تعبير عن الإفلاس وإهدار قيمة الدراما نفسها، التى يفترض أنها تعتمد على حبكة تجذب المشاهد وتجعله يتابع حلقة بحلقة وينتظر بشوق الحلقة القادمة، لكن هناك مسلسلات تترك منها 5 حلقات مثلا ولا تجد أنه قد «فاتك» الكثير وهذا إن دل فإنما يدل على المط والتطويل بدون داع.