لأنه من المستحيل على أى شخص مهما بلغت درجة تفرغه لمشاهدة التليفزيون أن يستطيع متابعة هذا الكم الهائل من الأعمال الدرامية والبرامج الخفيفة ومسلسلات السيت كوم المعروضة على شاشات القنوات المحلية والفضائية فى رمضان..فلابد من اللجوء إلى «التنشين»، على طريقة الطلاب فى أيام الامتحانات، حيث يختار الطالب عشوائيا وبالبركة أجزاء معينة من المنهج ليذاكرها ليلة الامتحان، لعل الأسئلة تأتى منها. وهكذا سيختار المشاهد التليفزيونى المحتار بعض المسلسلات ليركز عليها، لعلها تكون جيدة، أو يكتفى بمشاهدة حلقات من هنا وحلقات من هناك، لعله يستقر فى النهاية على الأعمال التى تجذبه وتشده لاستكمال متابعتها..وقد يقوم بهذا الاختيار على أساس اسم النجم الذى يقوم ببطولة العمل، أو فريق العمل من مخرج ومؤلف، إذا كان متابعا جيدا للحركة الفنية، أو ما يكتب عن الأعمال الدرامية من نقد وتقييم فى الصحف والمجلات، يعتمد عليه بعض المشاهدين فى اختياراتهم، أو من خلال انطباعات الأهل والأصدقاء والجيران عن الأعمال الفنية والبرامج المعروضة فى رمضان. أما آفة الدراما التى تتكرر فى رمضان هذا العام أيضا فهى المط والتطويل والتكرار الممل للأحداث وجمل الحوار ..والملل والتكرار ظاهرة درامية مزمنة ، ظهرت بعد اختفاء مسلسلات ال 13 حلقة والسباعيات الشهيرة والاتجاه إلى مسلسلات ال 30 حلقة والتى تستغرق شهر رمضان بالكامل، وبعضها، أو قل معظمها يمتد حلقتين أو ثلاثة أو أربعة بحسب أيام العيد.. وكنا لسنوات طويلة نشاهد مسلسلا من 15 حلقة فى النصف الأول من رمضان، ثم مسلسلا آخر فى النصف الثاني، وكانت العادة أن يكون احدهما كوميديا والآخر تراجيديا. ومنذ ليالى الحلمية ورأفت الهجان وغيرها من المسلسلات الطويلة الناجحة بدأنا نعرف الملاحم الدرامية، بل وموضة مسلسلات الأجزاء التى تحاول أن تغزل على نفس نجاح الجزء الأول وتستفيد منه..ولجأ معظم كُتاب الدراما المصرية إلى حشو الوقت بأحداث وتفاصيل لا تقدم ولا تؤخر ولا تؤثر من قريب أو بعيد على التطور الدرامى للأحداث، ولا عزاء للمشاهدين.