عثمان معما أفضل لاعب في كأس العالم للشباب.. والزابيري وصيفا    سعر الذهب اليوم الإثنين 20-10-2025 بعد ارتفاعه في الصاغة.. عيار 21 الآن بالمصنعية    الأهلي يحصل على توقيع صفقة جديدة.. إعلامي يكشف    «شغلوا الكشافات».. تحذير من حالة الطقس اليوم: ظاهرة جوية تضرب البلاد    ويتكوف: التقديرات بشأن كلفة إعادة إعمار غزة تبلغ نحو 50 مليار دولار    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 20 أكتوبر    هبوط الأخضر الأمريكي.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الإثنين 20-10-2025    أول تعليق من ميسي على تتويج المغرب بكأس العالم للشباب ضد الأرجنتين    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    «الترحال السياسى».. ظاهرة تثير الجدل فى «الانتخابات البرلمانية»    ارتفاع كبير تجاوز 2000 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 20-10-2025    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    هل ينتقل رمضان صبحي إلى الزمالك؟.. رد حاسم من بيراميدز    عاجل - ترامب يؤكد: وقف إطلاق النار في غزة مازال ساريًا رغم الخروقات    ماكرون: سرقة اللوفر هجوم على تراث فرنسا    كيت بلانشيت: مصر دورها قيادى فى إرساء السلام    ولي العهد السعودي وماكرون يناقشان جهود إحلال الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط    والد ضحية زميله بالإسماعيلية: صورة ابني لا تفارق خيالي بعد تقطيعه لأشلاء    موعد التحقيق مع عمر عصر ونجل رئيس اتحاد تنس الطاولة.. تعرف على التفاصيل    ميلان يقفز لقمة الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا    هانى شاكر يُشعل دار الأوبرا بحفل ضخم ضمن مهرجان الموسيقى العربية    يسرا تشعل أجواء احتفال مهرجان الجونة بمسيرتها الفنية.. وتغنى جت الحرارة    عاجل - تفاصيل موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 بعد قرار وزارة المالية    وفاة شابة عشرينية بسبب وشم قبل أسبوع من زفافها    مواد غذائية تساعدك على النوم العميق دون الحاجة إلى أدوية    فريق بحث لتحديد المتهم بالتعدي على مدرسة لغات في إمبابة    الذكرى الثامنة لملحمة الواحات.. حين كتب رجال الشرطة بدمائهم صفحة جديدة في تاريخ الشرف المصري    قيادة التغيير    ضربه ب«مفك».. مصرع طالب على يد زميله في الدقهلية    ذكرى الأب تُنهي حياة الابن.. شاب ينهي خياته في الذكرى الخامسة لوفاة والده بالإسماعيلية    أهم العوامل التي تؤثر على سوق العملات الرقمية    ثقافة إطسا تنظم ندوة بعنوان "الدروس المستفادة من حرب أكتوبر".. صور    أمريكا تفضح أكاذيب نتنياهو والبنتاجون يكشف حقيقة انفجار رفح    منصّة صيد مشبوهة قرب مطار بالم بيتش تثير قلقًا حول أمن الرئيس الأمريكي ترامب    6 أبراج «نجمهم ساطع».. غامضون يملكون سحرا خاصا وطاقتهم مفعمة بالحيوية    هشام جمال: «فشلت أوقف ليلى عن العياط خلال الفرح»    «سول» تحتجز جنديا من كوريا الشمالية بعد عبوره الحدود البرية    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    ليبيا.. حفتر يدعو إلى حراك شعبي واسع لتصحيح المسار السياسي    المغرب يرفع ميزانية الصحة والتعليم بعد موجة الاحتجاجات    مضاعفاته قد تؤدي للوفاة.. أعراض وأسباب مرض «كاواساكي» بعد معاناة ابن حمزة نمرة    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. جدل واسع حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في الجونة    الداخلية السورية: القبض على عصابة متورطة بالسطو على البنك العربي في دمشق    محافظ الغربية يجوب طنطا سيرًا على الأقدام لمتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    محمد رياض يتصدر التريند بعد إعلان نجله عن نية تقديم جزء ثانٍ من «لن أعيش في جلباب أبي» والجمهور بين الصدمة والحنين    طارق العشرى: حرس الحدود خلال فترة قيادتى كان يشبه بيراميدز    الذكاء الاصطناعي ضيفًا وحفلًا في جامعة القاهرة.. ختام مؤتمر مناقشة مستقبل التعليم العالي وتوصيات للدراسة والبحث العلمي    تألق لافت لنجوم السينما فى العرض الخاص لفيلم «فرانكشتاين» بمهرجان الجونة    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة رجب 1447 هجريًا فلكيًا يوم الأحد 21 ديسمبر    لدغات عمر الأيوبى.. بيراميدز "يغرد" والقطبين كمان    «المؤسسة العلاجية» تنظم برنامجًا تدريبيًا حول التسويق الإلكتروني لخدمات المستشفيات    لجنة تطوير الإعلام تتلقى توصيات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    نادي قضاة مصر يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة اختياره رئيسًا لمجلس الشيوخ    ندب المستشار أحمد محمد عبد الغنى لمنصب الأمين العام لمجلس الشيوخ    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهل السنة والجماعة وألاعيب السياسة والسياسيين - سمية الغنوشي

قبل أيام قليلة انعقد مؤتمر فقهي بالعاصمة الشيشانية غروزني ضم شخصيات دينية وعلمية من بلدان مختلفة من العالم الإسلامي، من بينها شيخ الأزهر والمفتي السوري أحمد حسون ومفتي مصر السابق علي جمعة، وبعض الشخصيات الصوفية المعروفة مثل علي الجفري وغيره، وكان ذلك برعاية الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف.
إلى الآن يبدو الخبر عاديا لا يثير انتباها خاصا، فليس هذا بالمؤتمر الأول أو الأخير الذي ينعقد داخل العالم الإسلامي وخارجه حول مسائل دينية وفقهية.
ما هو استثنائي ويحتاج إلى التوقف، هو تجرؤ الحاضرين على تحديد مفهوم أهل السنة والجماعة وحصره في "الأشاعرة والماتوريدية في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علما وأخلاقا وتزكية".
المضحك أن هذا التعريف معني بالنفي أكثر مما هو معني بالإثبات، أي بتحديد من يقع خارج دائرة أهل السنة والجماعة أكثر ممن يقع داخلها. طبعا لم يترك نص البيان الختامي مجالا لتأويل من نُظم الحدث وحُشد الجمع بغية استبعادهم وإخراجهم من الملة، فلم يتوان عن ذكرهم جهرة: السلفية والوهابية والإخوان.
عملية تعريف أهل السنة والجماعة التي استغرقت عقودا متتالية من الزمن في سياق التاريخ الإسلامي، ضبطها فقهاء غروزني الأفذاذ في ندوة حوارية لم تتجاوز يومين.
جاء التعريف استبعاديا وضيقا حتى بالمقاييس الفقهية التقليدية، قبل أن نتحدث عن المستجدات الفكرية والمذهبية الحاصلة في العالم الإسلامي اليوم، التي تتجاوز حدود المذاهب الكلامية والفقهية القديمة.
من ذلك مثلا أن تصنيف غروزني الغريب، لم يُدخل حتى أهل المعتزلة في العقيدة والمذهب الظاهري لابن حزم ضمن دائرة أهل السنة والجماعة.
أما المدارس الفكرية الحديثة، فلا أثر لها في هذا التصنيف، لأن أغلب حضور المؤتمر جزء من صراعات الماضي وعلاقتهم بالعصر لا تتجاوز معرفتهم بأسماء الرؤساء والملوك والأمراء، الذين يدعون لهم على منابر المساجد في مصر أو الأردن أو الإمارات العربية وموسكو وغيرها.
من الواضح أن هذا الانخراط في لعبة رسم الحدود مدفوع بأجندات ومصالح سياسية أكثر مما هو محكوم بنوازع دينية وعلمية.
جلّ المعممين الذين حضروا وأصدروا البيان يخشون "أعرافهم" السياسيين الذين كلفوهم بعقد هذا المؤتمر أكثر مما يخشون الله عز وجل، وهم في أغلبهم موظفون دينيون يتقاضون رواتب وامتيازات من الحكومات التي يمثلونها، ويسيل لعابهم للظفر بامتيازات وأعطيات تغدقها عليهم الجهات الخليجية الممولة.
اليوم باتت هذه الأطراف ترعى هيئات ومؤسسات علمية فقهية، ليس بغرض إحياء جذوة العلوم الإسلامية ولا خدمة الإسلام والمسلمين، ولكن بهدف وحيد هو منازعة دول وتيارات سياسية تناصبها العداء في المنطقة.
فلنفكَّ الشفرة السياسية ونجلي ما خفي من حسابات هذا المؤتمر. ليس سرا أن هناك محاور صراع سياسي في المنطقة حول ملفات وقضايا سياسية كبرى، أُريد لهذا المؤتمر أن يلبسها لبوسا دينيا فقهيا زائفا.
هكذا، تقاطعت أجندات الروس والإماراتين في إخراج الوهابيين والسلفيين من دائرة أهل السنة والجماعة.
الروس يواجهون منذ بداية تفكك الاتحاد السوفياتي نوعا من التمرد الإسلامي السني بمسحة جهادية سلفية، فكان الرد بإخراج السلفيين والوهابية من أهل السنة والجماعة.
أما الإمارات العربية التي تخوض حربا باردة ضد السعودية وأخرى ساخنة ضد التيارات الإسلامية مشرقا ومغربا، فقد سعت إلى النيل من خصومها السعوديين "الوهابيين" والإخوان المسلمين بإلقائهم خارج سياج أهل السنة والجماعة.
الحقيقة أن لا السعودية ولا الإخوان يمثلان مذهبا كلاميا أو فقهيا خاصا حتى يتم تصنيفهم داخل أو خارج أهل السنة، فالوهابية ليست إلا تعبيرة حنبلية متأخرة تميل نحو التضييق والتشدد. أما الإخوان ففيهم الحنفي والمالكي والحنبلي والشافعي، وفيهم الماتوريدي والمعتزلي، وفيهم من لا يؤمن بالحدود الفقهية والكلامية أصلا.
ليس سرا أيضا أن الإمارات العربية وروسيا والكثير من الدول الغربية باتت تعمل على إحياء النزاع التاريخي بين السلفية والصوفية؛ لغايات وأهداف سياسية محددة، ليس حبا في الصوفية وزهادها في الدنيا بل تعلقا بأهداف دنيوية محضة.
لا شك أن المنهج السلفي في شكله النصي المتشدد يمثل مشكلة دينية وسياسية من جهة نزوعه التكفيري والاستبعادي. كما أن بعض الاتجاهات الصوفية لا تقل تطرفا بإمعانها في الأغنوصية التي تنحو إلى تذويب المعنى الديني في الجانب الذوقي الباطني والشطحات الروحية المنفلتة.
رغم ذلك، تبقى هذه الإتجاهات داخل دائرة أهل السنة والجماعة، وفق القاعدة المذهبية المعروفة أن "لا يُكفَّرَ أحد من أهل القبلة".
هنا يجب التنبيه إلى أن السلفية مدارسُ واتجاهات مختلفة منها المتشدد في نصيّته (السلفية العلمية)، ومنها التجديدي الداعي لإعمال العقل والاجتهاد في النص، كسلفية محمد عبده المعاصرة ورشيد رضا وجمال الدين الأفغاني والطاهر بن عاشور وعلال الفاسي.
الأمر ذاته ينسحب على الصوفية التي تشمل فيما تشمل تصوف الحلاج والسهروردي وابن عربي وتصوف الغزالي، وتتراوح بين التصوف الفلسفي والتصوف الخرافي الشعبي المقترن بالتمسح بالأولياء والأضرحة والدجل والشعوذة.
إن مفهوم السنة والجماعة تاريخي مركب، ورغم أنه استخدم في فجر الإسلام خلال ما عرف بالفتنة الكبرى، إلا أنه لم يستقر على هيئته الواضحة والمحددة إلا في أواسط القرن الحادي عشر1054م بعد سقوط الدولة البويهية على يد السلاجقة، وانتشار المدارس النظامية في كبرى الحواضر الإسلامية، للتمايز عن الشيعة التي بدأت تسميتها بعد مقتل علي بن أبي طالب على يد الخوارج.
وإذا كان مفهوم أهل السنة والجماعة قد تشكل في تمايز عن مفهوم التشيع والتيارات الشيعية، فلا يجب الانخراط مجددا في صراعات الماضي وقضاياه. نعم هناك مشاكل حقيقية اليوم مع إيران الشيعية وهذه يجب معالجتها بأدوات وآليات سياسية.
لا ينبغي الرد على النزعة الاستبعادية وحتى التكفيرية لبعض الاتجاهات السنية بنزعة تكفيرية واستبعادية مقابِلة، ومن ذلك لعبة النفي المتبادل بين الصوفية والسلفية. كل مسلم اعترف بأصول الإسلام وكلياته المتعارف عليها التي هي محل إجماع المسلمين واعتبر نفسه من أهل السنة والجماعة فهو منهم.
قطعا هناك مشكلة عميقة في الوهابية تكمن في اهتمامها بوحدة النصوص أكثر من وحدة الأمة، وفي رغبتها في الاستئثار بالساحة السنية وتقديم نفسها على أنها هي وحدَها القراءة الصحيحة والسليمة للإسلام. بالرغم من ذلك، تبقى الوهابية إحدى مكونات الساحة السنية الواسعة، ولا يمكن الرد على توجهاتها الإقصائية بإقصاء مضاد.
الأحرى والأولى البحث عن الجامع المشترك بين أهل السنة والجماعة ومعالجة الخلافات الدينية والفقهية مع المذاهب الأخرى بأدوات علمية متينة، بعيدا عن ألاعيب السياسة وحيل السياسيين.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.