كتب : حمدى جابر ومحمد الجرجاوى 32 شهرا من الأزمة السورية ولم يسقط النظام السوري ، فلا يزال النظام بدمشق قادراً على دفع رواتب معظم موظفيه، وتمويل آلته الحربية ، وتمويل المرتزقة القادمين إليه ، رغم العقوبات الدولية المفروضة على الأسد ، لم تنل من روافده الاقتصادية التمويلية ، هل يرجع ذلك الى مصادر تمويله الخارجيه ام قوة النظام الاقتصادي السوري؟ . اختلال الميزان التجاري بلغ الحجم الإجمالي للخسارة في الناتج المحلي حتى الربع الثاني من العام الجاري نحو 47.9 مليار دولار، منها 8.2 مليارات دولار فقدت خلال الربع الأول من عام 2013، و9.7 مليارات دولار خلال الربع الثاني، وليكون بذلك معدل النمو في الناتج المحلي سالباً بنسبة 34.3% للربع الأول من العام الحالي، و39.6% للربع الثاني. وشهدت استثمارات القطاع الخاص تدهوراً هائلاً، وصلت نسبته إلى 23.3 % في الربع الأول من عام 2013، و12.8% خلال الربع الثاني وذلك مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الاستثمار العام الذي تراجع بنسبة تصل إلى 23 % خلال الربع الأول من العام الحالي، و30 % خلال الربع الثاني ، علاوة على ذلك أعادت الحكومة تحويل موارد كبيرة من الاستثمار إلى الاستهلاك الجاري، إضافة إلى الإنفاق العسكري. كذلك تعاني سوريا عجزاً متنامياً في التجارة، فصافي الصادرات سجل رقماً سلبيًاً هو 144 مليار ليرة سورية عام 2012 – نحو مليار دولار بسعر صرف الليرة الحالي- ورقماً سلبياً آخر هو 29 مليار ليرة في الربع الأول من العام الحالي، ورقماً سلبياً إضافياً قدره 17 مليار ليرة في الربع الثاني ، وتم تبرير هذا العجز بالهبوط الحاد في صادرات النفط والصناعة ، مما حرم الاقتصاد مصادر رئيسية للعملة الصعبة ، كما أن غياب القدرة التصديرية ، فضلاً عن الطلب الهائل على استيراد السلع ( كالغذاء والدواء )، مما فرض تحدياً خطيراً بالنسبة إلى الاستدامة الاقتصادية، وهو حال لا يمكن قلبه رأساً على عقب دون تعافي الإنتاج المحلي. اللاجئون السوريون الاكثر فى التاريخ أكدت دراسة حملت عنوان " حرب على التنمية "، أعدها المركز السوري لبحوث السياسات لمصلحة وكالة " الأونروا " والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، أن أوضاع مؤشرات التنمية البشرية شهدت تدهوراً خطيراً جداً، إذ يُعدّ اللاجئون من سوريا الآن هم أسرع مجموعة لاجئين نمواً في العالم، وإذا ما استمرت على الوتيرة الحالية فإن اللاجئين السوريين سيصبحون في نهاية العام الحالي أكبر مجموعة لاجئة في التاريخ المعاصر. وتكشف البيانات أنه بحلول النصف الأول من العام الحالي، تراجع عدد سكّان سوريا بأكثر من 8%، بينما غادر 36.9 % من السكان أماكن سكنهم الطبيعي، حيث خرج 1.73 مليون لاجئ ليستضيف لبنان العدد الأكبر منهم، الذي ازداد من 31.5% من إجمالي عدد اللاجئين في الربع الأول للعام الحالي، إلى 33.8 % خلال الربع الثاني. وتوضح بيانات التقرير أن 1.37 مليون سوري فضلوا الهجرة طوعاً، بينما اضطر 4.8 ملايين مواطن إلى النزوح الداخلي. الدعم الخارجى ومن بين أخطر النتائج أنّه مع انهيار الاقتصاد المنظم، شهدت سوريا تنامياً في الاقتصاد غير المنظم، والنشاطات الريعية السريعة الربح، إضافة إلى ظهور اقتصاد العنف الذي سيرخي بظلاله على تنظيم النشاط الاقتصادي، والإصلاح، ورأس المال الخاص، والتنمية في مرحلة ما بعد الأزمة. ويسوء الوضع شهرا بعد شهر في سوريا حيث فقد معظم السوريون وظائفهم وخصوصا في المناطق التي شهدت أعمال عنف. كما ساهمت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولاياتالمتحدة والبلاد العربية والاتحاد الأوروبي على سوريا للضغط على النظام السوري، في التأثير سلبيًا على مستوى معيشة السوريين. وانكمش الاقتصاد السوري بنسب فلكية يصعب تقديرها وارتفعت نسبة التضخم إلى نحو 450 %، واقترب نشاط الصادرات من الشلل التام بعد أن كانت الصادرات تصل الى 14 مليار دولار سنويًا قبل انفجار الثورة. ويقول مسئولون أوروبيون إن احتياطي النقد الأجنبي، الذي كان يصل الى 17 مليار دولار أوشك على النفاد ولم يبق في خزينة الدولة سوى أقل من مليار دولار. وكانت توقفت السياحة في سوريا نهائياً، وفقدت سوريا نحو 6 مليارات دولار سنوياً كانت تدرها السياحة، وأثر تراجع هذا القطاع الذي يشكّل نحو 12 %من الناتج المحلي الاجمالي على نحو مليوني سوري كانوا يعملون فيه بشكل مباشر وغير مباشر. وتشير التقديرات الى أن أكثر من 80 % من كبار رجال المال والأعمال غادروا البلاد، وقام عدد كبير منهم بتفكيك مصانعهم ونقلها إلى دول عربية أخرى كالإمارات ومصر خوفاً من خسارتها. وتم تسريح مئات آلاف العاملين. ويحصل الأسد حتى اليوم، على الأموال اللازمة له لاستكمال حربه، ممن تبقى من " رجال أعمال"، بالاضافة إلي الصناعات التي لا تزال تُدار, ونظراً لأهمية هذا الرافد التمويلي الأخير، فقد اضطر الأسد للطلب علانية، بنقل المصانع إلى المناطق التي يسيطر عليها. وهناك أيضا جانب آخر من جوانب بث الحياة في شرايين الاقتصاد في ضوء حرب النظام الدائرة اليوم، ذلك الجانب يرتبط بمثلث الحلفاء الأوثق للنظام، أولئك الذين يمدونه بإكسير حياته السياسية والاقتصادية والعسكرية، روسياوإيرانوالعراق. قال ديفيد باتر الخبير في الشؤون السورية، والباحث في المعهد الملكي للشؤون الخارجية في لندن (تشاتهم هاوس) أن الاقتصاد السوري تأثر بشكل كبير بفعل الحرب، وأن نظام الأسد ومن دون الدعم الخارجي لما استمر في الصمود طول هذه الفترة، وأن الدعم الإيراني هو الأكبر من مختلف الجوانب العسكرية والاقتصادية، وأنه اعترف مسؤول رفيع في نظام بشار الأسد بأن إيرانوروسيا والصين يدعمون نظام الرئيس بشار الأسد سياسيا، وعسكريا واقتصاديا، وأن نظام الأسد يقوم بكامل تعاملاته الاقتصادية بالريال الإيراني، والروبل الروسي، واليوان الصيني، وذلك تجنبا للعقوبات الغربية، بحسب ما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط. وأكد قدري جميل نائب رئيس الوزراء المكلف بالشؤون الاقتصادية في تصريح لصحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية بأن الحلفاء الثلاثة لنظام الأسد يدعمونه ماليا بما مقداره 500 مليون دولار شهريا من المعاملات المالية تشمل صادرات النفط وخطوط تأمين مفتوحة، مؤكدا : " انه من الزهو والفخر بأنه ليس قليلا أن يكون وراءك الروس والصينيون والإيرانيون وأن البلدان الثلاثة تدعم نظام الأسد سياسيا، وعسكريا، واقتصاديا ، موضحا : " ان الأسد له خطا ائتمانيا غير محدود مع طهران لاستيراد النفط والغذاء، والنظام قام بتصحيح أخطاء ما قبل الأزمة عندما كان يتعامل بالعملات الغربية وخاصة الدولار واليورو، وأنه قام باستبدالها بالعملات الإيرانية والروسية والصينية. خبراء سوريون: عائلة الأسد تنهب سوريا منذ سنوات أكد الدكتور باسل الكويفى رئيس الجالية السورية بمصر : " أن الاقتصاد السوري فى الأساس يعتمد على الشكل الفردي بشكل أساسي" ، موضحا : " أن الكثير من المصانع الآن موقوفة بسبب انقطاع الكهرباء". وأضاف الكويفى ل" ONA" أن التجار وأصحاب المصانع المتواجدين الأن بسوريا يعتمدون بشكل كبير على المواد الخام الأولية المتوفرة بشكل ضئيل فى ظل الظروف الصعبة التى تحاصرهم بسبب الحرب الشرسة التى يشنها النظام الغاشم على شعبه. وقال رئيس الجالية السورية بمصر : "إن التاجر السورى يستطيع أن يخلق من الاشياء البسيطة أشياء قيمة فى أى وقت وفى أى ظروف سواء كانت صعبة أو متاحة". وذكر الكويفى بعض المظاهر الصعبة التى تواجه رجال الاقتصاد السورى مثل عملية نقل البضائع من المصانع المتواجدة الآن باللاذقية ، إذ تم نقلها من حلب عقب اندلاع الحرب والمصاعب متمثلة فى قطاع الطرق الذين أصبحوا متواجدين بالطرق بشكل كثيف وذلك نتيجة الفوضى العارمة بالبلاد. وأشار إلى أن هناك عدة عناصر تدعم الاقتصاد السورى بشكل قوى حتى ستطيع أن يصمد فى ظل الظروف الصعبة وتتمثل تلك العناصر فى إيرانوروسيا والصين، إذ تقدم إيران الدعم الكامل للنظام السورى والمتمثل فى البترول ومشتقاته والكثير من المليارات الدولارية إذ دعمت طهراندمشق ب20 مليار دولار العام الماضى وذلك عن طريق شراء بعض السندات الحكومية السورية حتى لا تنهار قيمة الليرة السورية التى فقدت فى الأونة الأخيرة الكثير من قيمتها السوقية. أما عن روسيا والصين فإنهما يدعمان بشار بالسلاح المتطور،وذلك للوقوف أمام القوى الغربية المتمثلة فى الولاياتالمتحدة وأوروبا التى هددت عدة مرات بضرب سوريا، موضحًا أن النظام السورى الحالى من الأساس غير مؤيد للنظام الاقتصادى،إذ يسخر كل طاقته لجلب الأموال لتسليح جيشه لمواجهة الجيش الحر. واشار الكوفى : " إن إيران تورد لسوريا الكثير من المواد الاستهلاكية الأساسية وذلك عبر العراق وبدون أى مقابل"، موضحًا : " أن سوريا تتعرض للبند الخامس من لائحة العقوبات بالقانون الدولى بالامم المتحدة ،إذ أن هذا القانون يمنع سوريا من استيراد أية ورادات نفطية من الخارج ،لذلك تقوم إيران بدور البديل فى إدخال النفط لسد العجز. من جانبه أوضح رجل الأعمال السورى نزار خراط والذى كان يمتلك مصنع للأثاث الفندقى بسوريا قبيل الحرب : " أن الأقتصاد السورى مازال متواجد إلى حتى الأن عن طريق مصدرين الأول متمثل فى إيرانوروسيا والصين والجميع يعرف ما هى أشكال هذا الدعم ". وأكد خراط ل" ONA " أن النظام السورى يسرق البترول منذ 50عام ، إذ كان يتحكم فى بئر البترول الوحيد بالبلاد والذى كان يخرج ألاف البراميل يوميا ،وكان الناتج المادى يهرب إلى الخارج. وذكر رجل الأعمال السورى دليل على تلك الكارثة بواقعة وفاة باسل الأسد الأخ الأكبر لبشار إذ عندما لقى مصرعه اكتشف وجود حساب خاص به بإحدى بنوك سويسرا وقدر بعشرات المليارات الدولارية، ولكن أسرة الأسد استطاعت أن تعقد صفقة من البنك السويسرى واقتسموا قيمة الحساب المذكور. وأضاف: " بخلاف الواقعة الثانية والتى كانت خاصة برفعت الأسد الشقيق الأصغر لحافظ الأب والذى خرج من سوريا منذ سنوات عديدة وبحوزته 500 مليون دولار واستثمرها فى "ماربيلا" بأسبانيا وأمريكا." وأكد الخراط أن أسرة الأسد كانت ومازالت تتاجر فى المخدرات وتصدره لأوروبا ،وذلك بمنطقة البقاع تحت مظلة النظام السورى،هذا بخلاف الكثير من الاستثمارات الخاصة بالعائلة فى أوروبا والعالم وأشار رجل الأعمال السورى إلى أن شركة الاتصالات الوحيدة بسوريا مملوكة لأمين مخلوف نجل خالة بشار، هذا بجانب تحكم بشار فى البنك المركزى وسعر الدولار. واوضح الخراط ل " ONA " أن من أسباب قوة الأسد الاقتصادية تحكمه فى الموانى المتواجدة على البحر الأبيض والتى أصبحت مع مرور الزمن تابعه لعائلته. وحول نقل المصانع من حلب إلى اللاذقية قال نزار خراط :"إن نقل المصانع جاء بناء على تخطيط بشار لإنشاء دولة علوية من الحدود العراقية وحتى البحر الأبيض وتضم تلك الدولة حمص واللزقية وطرطوس". وتطرق خراط للدعم الإيرانىلسوريا إذ اكد أن الأموال التى تضخ فى سوريا وصلت مؤخرا إلى مليار ونصف شهريا،هذا بجانب الدعم الإسرائيلى والمتمثل فى عدم دخول البلدين فى حرب مباشرة .