في 3 يناير 2010 تولى اللواء عبدالفتاح السيسي منصب مدير إدارة المخابرات الحربية، في فترة من الفترات المهمة من عمر الدولة المصرية.. الفترة التي كانت أيامها حُبلَّي بأحداث يناير 2011، وسط متغيرات وأحداث كثيرة أخرى شهدتها الدولة المصرية والمنطقة بأثرها. جاءت الانتخابات البرلمانية المصرية 2010 لتكون بمثابة عود الثقاب الذي أشعل الفتيل، وفتح الطريق أمام سيناريوهات هدم الدولة، عقب نشاط ملحوظ لصفحات التواصل الاجتماعي، ومنها «كلنا خالد سعيد»، ونشاط غير مسبوق لموقع جماعة الإخوان الإرهابية على الإنترنت، وتحركات عدد من منظمات المجتمع المدني وتواصلها مع منظمات خارجية .. منها المعهدين الجمهوري والديمقراطي، وبعض المنظمات في صربيا وتدريب عناصر من حركة 6 إبريل على العنف واستخدام السلاح. فى الوقت الذى كانت تستقطب فيه الجماعة الإرهابية محبين ومريدين جدد تحت ستار الدين وظلم النظام لهم (نظام مبارك)، وتجمع المزيد من الأموال فى الداخل والخارج؛ كما كانت منظمات دولية ودول تبرم صفقات مع الجماعة الإرهابية عقب تقارير غير دقيقة تلقتها تلك الدول أشارت إلى قوة الإخوان فى الشارع المصري، خاصة مع استناد تلك التقارير إلى ما حدث فى برلمان 2005 وحصد الجماعة 88 مقعدًا فى البرلمان.. كان مكتب الإرشاد بمثابة القبلة التى يتجه إليها سفراء تلك الدول الداعمة مشروع إعادة تقسيم المنطقة وعلى رأسهم سفراء الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا. (1) رصدت أجهزت المعلومات ومنها المخابرات الحربية تلك التحركات، وقدمت للقيادة تقريرًا حول الموقف، إلا أن تسارع الأحداث ووجود رؤى أخرى حول المشهد وتطوراته أفضى إلى حدوث الثورة. استهدف المُخطط لسير الأحداث إسقاط إحدى مؤسسات الدولة المصرية (المؤسسة الأمنية – وزارة الداخلية) لإحداث الفوضى فى الشارع المصرى ليكسب التنظيم الإرهابى (الإخوان) الوقت للسيطرة على الموقف بدعم من القوى الخارجية. بدأ تحرك الجماعة الإرهابية مع 25 يناير 2011 إلا أنها ظلت بعيدة عن المشهد حتى ترى النتيجة، وفى يوم 28 يناير 2011 بدأت جماعة الإخوان الإرهابية فى إظهار عناصرها فى صدارة المشهد. بدأت قناة الجزيرة، الذراع الإعلامية التى تصطنع الأحداث، العمل وفق خطة مدروسة ومحكَّمة. فى ميدان التحرير وُلدت الائتلافات الثورية التى تشكل البعض منها بأيادٍ خارجية، وعقب تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك وتولى المجلس العسكرى السلطة، بدأت الجماعة الإرهابية تستعد للانقضاض على الدولة، من خلال ممارستها للضغط على المجلس العسكرى بإشعال المظاهرات والاحتجاجات ومحاولة زرع التوتر فى المؤسسات بدعوى ملاحقة فلول النظام السابق. شملت رؤية السيسى دعم الحوار مع الشباب، تلك الثروة البشرية التى تمتلكها مصر، فقد رأى فيهم الأمل لمستقبل أفضل لهذا الوطن عقب لقاءات عديدة له مع مجموعات من الشباب بحكم منصبه فى ذلك الوقت، فاستمع إلى فكر الشباب وحرصهم على مقدرات وطنهم؛ فآمن بقدراتهم على النهوض بالدولة، وصدَّق أفكارهم التى كانت خارج الصندوق لمواجهة وحل العديد من الأزمات. وصدقت فيهم رؤية الرئيس، فقد قدم الشباب المصرى خلال السنوات الخمس الماضية نموذجًا للعمل والعطاء والقدرة على البناء والمشاركة فى بناء مستقبل وطن عظيم، سواء فى المشروعات القومية التى يشاركون فيها، أو فى البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة؛ كما أن الشباب يشكل نسبة 62.3% من إجمالى تعداد السكان فى مصر، وهو ما يدلل على حجم القوى البشرية التى يمكن الاستفادة منها فى الصناعة والزراعة والبناء والتنمية. (2) عقب تولى الفريق أول عبدالفتاح السيسى منصبه وزيرًا للدفاع فى 12 أغسطس 2012، حرص على تحديث القوات المسلحة المصرية وتطوير القدرات القتالية للجيش المصرى من منطلق الحفاظ على الأمن القومى المصرى وفق رؤية شاملة تستهدف القدرة على مواجهة التهديدات المحتملة، وردع أى محاولة للمساس به وبالأمن القومى العربى. بدأت بتطوير وتحديث القوات البرية وتم تشكيل قوات التدخل السريع، وشهد أول اصطفاف لها فى مارس عام 2014، وهى قوات محمولة جوًا ذات تشكيل خاص، تتسم بالقدرات العالية وطبيعة العمل الخاصة ومسلحة وفقًا لأحدث نظم التسليح العالمية. بعد ظهور تحديات جديدة أمام الجيش المصرى شملت الفوضى فى ليبيا على الحدود الغربية والإرهاب فى سيناء والتهديدات المستمرة من عناصر تنظيم القاعدة وأنصار بيت المقدس وداعش ورسائل الإنذار من كتائب عز الدين القسام وحركة حماس لاقتحام الحدود المصرية مع قطاع غزة، وأعمال تهريب السلاح المستمرة فى الجنوب على الحدود مع السودان، إلى جانب مواجهه تكوين خلايا إرهابية جهادية تابعة لأنصار بيت المقدس وكتائب الفرقان. تطلب كل ذلك وجود قوات عسكرية مدرَّبة و مجهَّزة ومسلَّحة متخصصة للتدخل السريع والتعامل الفورى والمباشر والحاسم مع تلك التهديدات والقضاء عليها قبل أن تتزايد أو تتسبب فى أضرار مادية ومعنوية ضد الدولة ومواطنيها فى أى زمان ومكان، حتى لو تطلب الأمر اختراق الحدود والتعامل مع الميليشيات المسلحة فى عقر دارها وبكل قوة. كما حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى (الذى تم ترقيته إلى رتبة المشير فى يناير 2014) على تحديث القوات الجوية (الرافال، المروحيات الروسية كا 52، الأباتشى، F 16) والقوات البحرية (حاملتى المروحيات من طراز مسترال، الفرقاطة فريم، 4 فرقاطة جويند، لانش الصواريخ مولينيا، الفرقاطة شباب مصر، الأسطول الشمالى، الأسطول الجنوبى، 3 غواصات تايب 1400/209). كما تم تطوير أنظمة الدفاع الجوى لمواجهة أية تهديدات، إلى جانب اهتمامه بالتصنيع الحربى وتطوير الصناعات العسكرية، ساهم استهداف تطوير التسليح فى ردع كل من تسول له نفسه المساس بالتراب المصرى. (3) وكانت رؤية الرئيس السيسى منذ انتخابه رئيسًا للجمهورية عام 2014 أن الدولة المصرية قادرة بشعبها وقواتها المسلحة ومؤسساتها الوطنية على مجابهة التحديات، والخروج بالوطن من النفق المظلم الذى حاولت الجماعة الإرهابية ومعاونوها، دفعها إليه. وجاء المشروع القومى «حفر قناة السويس الجديدة» ليشكل ملحمة وطنية أثبتت ثقة الشعب فى قيادته وقدرته على صناعة المستحيل، ليخرج المصريون مقدمين أموالهم لإقامة المشروع القومى العملاق الذى أبهر العالم بجمع 64 مليار جنيه ما يوازى 8 مليار دولار فى ذلك الوقت، خلال 8 أيام. هكذا كانت رؤية الرئيس، رغم ما كانت تواجهه المنطقة من تحديات وتوترات وتأثر خطوط الملاحة الدولية بذلك، إلا أن انتهاء مصر من المشروع خلال عام واحد ساهم فى تقليل التكلفة أقل من النصف. كما استطاعت أن تحصل على أكبر قدر من حجم التجارة العالمية، بالإضافة إلى استعادة مصر مكانتها كمحور للتجارة العالمية، مع عودة طريق الحرير، وهو ما يدل على استشراف القيادة المصرية للمستقبل ونجاح رؤية القيادة السياسية بعد أن زاد دخل القناة ليصل إلى 5.9 مليار دولار فى العام المالى 2018 / 2019. حققت القناة أكبر نسبة عبور سفن يوميًا، لتحقق رقمًا قياسيًا يبلغ يوميًا 81 سفينة يوميًا بحمولات بلغت 6.1 مليون طن. نجحت رؤية الرئيس فى تحقيق الهدف لينقل مصر كى تصبح أهم نقطة فى خطوط الملاحة البحرية على مستوى العالم. (4) عقب مشروع قناة السويس الجديدة كان تحقيق الحلم، بأكبر شبكة طرق فى مصر تبلغ 8200 كم بعد أن كانت بداية المشروع القومى للطرق 3200 كم، ليتم إنشاء مجموعة من الطرق الطولية والعرضية على أرض مصر تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب. مجموعة من المشروعات وفرت الكثير من فرص عمل لتنخفض حجم البطالة من 13% عام 2014 إلى 7.5% فى الربع الثانى من 2019، بعد أن كانت 8.1% خلال الربع الأول من نفس العام (تتميز مشروعات الطرق والإسكان والتعمير بكثافة العمالة، وهو ما يجعلها تساهم بشكل كبير فى خفض نسب البطالة). بدأ مشروع مصر القومى الذى انبثقت منه عدة مشروعات شملت (مشروع المليون ونصف المليون فدان، العاصمة الإدارية الجديدة، العلمين الجديدة، المنصورة الجديدة، وغيرها من المدن الذكية). كما كانت الرؤية الاستفادة من موارد الدولة المصرية، فتم ترسيم الحدود مع كلٍ من قبرص واليونان فى البحر المتوسط، للاستفادة من ثروات الغاز المصرى وكانت باكورة ذلك حقل ظهر الذى يعد من أكبر حقول الغاز الطبيعي، كما أسست مصر منتدى غاز شرق المتوسط الذى اتخذ من القاهرة مقرًا له، لتصبح مصر مركزًا إقليميًا للطاقة. جاءت رؤية الرئيس السيسى للنهوض بالدولة المصرية وفق خطة عملية استندت إلى معلومات دقيقة وبيانات صحيحة وعمل جاد ومتابعة مستمرة، فكان التوفيق حليفًا له. عندما عرض اللواء أمير سيد أحمد مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمرانى ما يتم من مشروعات بمناسبة مرور 4 سنوات على افتتاح قناة السويس الجديدة، قال: «خلال لقائنا مع الرئيس فى بداية العمل بالمشروع القومى للطرق، قال لنا: احلموا! فقدمنا له تصورًا كاملًا لشبكة قومية للطرق تقضى على التكدسات والاختناقات المرورية وتكون بنية تحتية جاذبة للاستثمار، وظننا أننا سنعمل فى مرحلة واحدة من المشروع، فإذا به يقول سنعمل فى المشروع بالكامل، فمصر دولة تستحق أن نقدم لها الكثير». ونجحت رؤية الرئيس فالمشروعات التى تمت فى خمس سنوات كانت تحتاج أكثر من 20 عامًا. (5) نجحت رؤية الرئيس فى الانتقال بالدولة المصرية نحو مستقبل أفضل، وسط منطقة تعج بالاضطرابات وعدم الاستقرار وانهيار عدد من دولها. على الجانب الآخر، مازالت الجماعة الإرهابية والدول المعاونة لها تواصل الكذب والتضليل وتزييف الحقائق، من خلال مجموعاتها الإعلامية، ودعم أذرعها الملوثة بدماء الأبرياء، والتى كان آخرها شهداء حادثة التفجير الإرهابية أمام المعهد القومى للأورام، والتى كشفت زيف وكذب هذا التنظيم الإرهابى، الذى لا يستهدف سوى تدمير الأوطان. على مدى خمس سنوات راهنت جماعة الإخوان الإرهابية على سقوط الدولة المصرية من خلال كافة وسائل الاعلام التابعة لها، ولم تسقط مصر بل ازدادت قوة ورسَّخت علاقاتها بدول العالم وكسبت ثقة العالم فى حربها ضد الإرهاب. على مدار خمس سنوات زعم إعلام الإرهابية أن أموال المصريين التى دفعوها لحفر قناة السويس لن يحصلوا عليها واليوم تعلن هيئة قناة السويس عن بدء صرف مستحقات جميع حاملى شهادات قناة السويس بدء من 4 سبتمبر المقبل، لتَصدُق الدولة المصرية، ويَثبُت كذب الجماعة الإرهابية.