تشهد المنطقة خلال الأسابع المقبلة تحركًا جديدًا باتجاه دعم الحل السياسى فى سوريا مع مكافحة إرهاب داعش فى خط متوازى بعد اتفاق 17 دولة فى اجتماع فينيا على أهمية التوصل إلى تسوية سياسية فى سوريا تنهى حالة الفوضى والإرهاب التى بدأت تصدره إلى كل دول العالم وقد اتفق على تحديد مواعيد زمنية لانجاز المهمة مع بداية شهر يناير المقبل كمهلة نهائية لبداية التفاوض بين الحكومة والمعارضة السورية على أن يعلن مجلس الأمن قرار بوقف إطلاق النار برعاية الأممالمتحدة ومراقبة دولية وسوف نستضيف عدد من العواصم العربية والدولية اجتماعات تمهيدية للاتفاق على تسمية وفدى التفاوض وكذلك تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السورى لمنع تدفق اللاجئين إلى الدول الغربية خاصة بعد الهجوم الذى شنته عناصر إرهابية على فرنسا مؤخرا وقد اظهرت التحقيقات بأنه تم تدريبها فى سوريا.وتعتزم الأممالمتحدة استضافة مؤتمر خلال شهر نوفمبر الجارى مع زعماء بريطانيا وألمانيا والنرويج والكويت لزيادة الأموال المخصصة للأزمة الإنسانية السورية. وقالت الدول الأربع والأممالمتحدة فى بيان صدر مؤخرا إن التمويل الحالى للمساعدات التى طلبتها الأممالمتحدة بقيمة 8.4 مليار دولار هذا العام وصل فقط إلى 3.4 مليار دولار، وهو أقل من مستوى العام الماضى. وأضافوا أن زعماء العالم وممثلى المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدنى سيتلقون دعوة لحضور المؤتمر فى لندن لجمع «تمويل جديد كبير» والتعامل مع احتياجات المدى الطويل بالنسبة للوظائف والتعليم. وأوضح البيان أنهم كانوا «فى مقدمة الجهود الدولية لتقديم المساعدة الإنسانية» إلى 13.5 مليون شخص من المحتاجين والنازحين داخل سوريا، و4.2 مليون لاجئ فى الدول المجاورة. ومن جانبه، أكد الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربى أن هناك رغبة دولية فى إيجاد حل سياسى للأزمة فى سوريا حيث تعهدت الدول الخمس دائمة العضوية فى اجتماع فيينا الأخير على ضرورة التوجه إلى مجلس الأمن الدولى لاستصدار قرار يتضمن ما تم الاتفاق عليه فى فيينا والذى يرتكز على عنصرين أساسيين أولهما وقف إطلاق النار، تليه عملية مراقبة لمتابعة تنفيذ القرار من خلال ايفاد مراقبين او قوات حقظ سلام. وقال العربى أنه تم خلال الاجتماع الاتفاق على بدء مفاوضات بين وفود من الحكومة والمعارضة فى يناير المقبل، موضحا أن الحكومة السورية أبلغت المبعوث الأممى الخاص دى ميستورا بأسماء وفدها، فيما عرضت السعودية استضافة وفود من المعارضة المعتدلة خلال الشهر المقبل للاتفاق على أسماء الوفد الذى سيذهب إلى مفاوضات يناير المقبل. واعتبر العربى أن اجتماع فيينا الذى شاركت الجامعة العربية فى جانبه السياسى كان محاولة لتنفيذ وثيقة جنيف 1 الصادرة فى 30 يونيو 2012، وقال أن الاتجاه الراهن بين الدول التى شاركت فى اجتماع فيينا هو استصدار قرار من مجلس الأمن فى إطار عملية تقودها الأممالمتحدة من خلال مبعوثها الخاص بسوريا ستيفان دى ميستورا ونائبه عز رمزى الدين. وأوضح ان القرار سيتضمن عملية مراقبة على غرار قرارات سابقة من الأممالمتحدة عند وقف القتال فى مناطق النزاع المختلفة، وبالتالى لابد أن يتبع قرار وقف إطلاق النار عملية مراقبة من خلال قوات حفظ سلام أو من خلال إيفاد مراقبين على غرار عمليات سابقة كما هو على الحدود بين الهند وباكستان، أو قوات قتالية كما فى كوريا، بهدف متابعة تنفيذ القرار والتحقق من عدم وجود أى اختراقات للقرار وإخطار مجلس الأمن، موضحا فى هذا الصدد أن عملية المراقبة لها درجات مختلفة. وأشار الأمين العام إلى أن المناقشات الأخيرة فى فيينا أظهرت وجود عزم كبير على إنهاء النزاع السورى من خلال وقف إطلاق النار لكن السؤال المثار حاليا هو متى سيتم وقف إطلاق النار ومتى سيتم البدء فى العملية السياسية ، موضحا أن أغلب الدول ترى ضرورة الالتزام ببيان «جنيف 1» عدا اختلافات فى وجهات النظر فى هذا الموضوع من قبل إيرانوروسيا التى لديها موقف مختلف وأضاف العربى أن موضوع الاصلاحات السياسية هناك اجماع عليه حتى من قبل روسياوإيران وارجع الاتفاق الذى تم التوصل إليه فى فيينا بشان موضوع الإصلاحات فى سوريا إلى إدراك الجميع بأن الكل أصبح متورطا أكثر من اللازم ولهذا ظهرت الرغبة فى الحل، فيما بدت الخلافات بشأن الرغبة التى تؤيد بقاء النظام، وهل يبقى الأسد أم لا؟ وأعلن الأمين العام استعداد الجامعة العربية للمشاركة فى الاجتماعات المقبلة من أجل توحيد موقف المعارضة، خاصة وأن الجامعة ساهمت من قبل فى مثل هذه الاجتماعات وأعدت وثائق فى هذا الشأن. لكن موقف هيثم المالح، رئيس الدائرة القانونية فى الائتلاف السورى المعارض، يرى أن محادثات فيينا محاولة للالتفاف على بيان جنيف 1 الذى تبناه مجلس الأمن الدولى وأصدر قرار بشأنه، مؤكدا أن تلك المحادثات لن تسفر عن شىء إيجابى أو سلبى. وأوضح المالح أن مباحثات فيينا هدفها سحب البساط من تحت أقدام مجلس الأمن والأممالمتحدة، وتحويل الموضوع للمجتمعين بفيينا، مؤكدا أن ما تم حتى الآن عبارة عن مجموعة مداولات ليس لها أى صفة إلزامية. واتفق المشاركين فى محادثات فيينا على عقد لقاء جديد خلال شهر لإجراء تقييم للتقدم بشأن التوصل لوقف لإطلاق النار، وبدء عملية سياسية، حسب البيان الختامى لممثلى الدول ال17 إضافة إلى الاتحاد الأوروبى والأممالمتحدة والجامعة العربية اتفقوا على جدول زمنى محدد لتشكيل حكومة انتقالية فى سوريا خلال ستة أشهر، وإجراء انتخابات خلال 18 شهرا رغم استمرار خلافهم على مصير الأسد واتفق المجتمعون على إجراء الانتخابات طبقا لدستور جديد بإدارة الأممالمتحدة، والسماح للسوريين فى الشتات بالتصويت فى الانتخابات، وهى النقطة التى كانت محل خلاف فى المفاوضات. يذكر أن ال 17 دولة التى اجتمعت فى العاصمة النمساوية فيينا وضعت خطة للحل السياسى فى سوريا مدتها عامين وتشمل الدول المجتمعة كل من روسيا والصين وإيران ومصر والعراق ولبنان وألمانيا والإردن وعمان والإمارات العربية المتحدةوفرنسا وإيطاليا وقطر والسعودية وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة إضافة إلى ممثلين عن الأممالمتحدة والاتحاد الأوربى. وتشكل الخطة تبنياً للرؤية الروسية للوضع فى سوريا، وخروجاً واضحاً عن مبادئ إعلان جنيفا التى كانت تعتبر المرجع الرئيسى لعملية انتقالية فى سوريا تؤسس لنظام حر وديمقراطى يحل تدريجياً محل النظام الحالى. وتنص الخطة على إجراء مفاوضات مباشرة بين النظام السورى والمعارضة السورية بعد 45 يوماً، وتحديداً فى الأول من الشهر الأول من السنة المقبلة. وتنتهى 6أشهر من المفاوضات بتشكيل حكومة موسعة، وخلال فترة 18 شهراً تقوم الحكومة بإصلاحات تشمل وضع دستور جديد وتنتهى بإجراء انتخابات رئاسية. وفيما يتعلق بطلب روسيا وضع قوائم للفصائل السورية التى يجب أن تعتبر إرهابية، أوضح وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف أن «الإردن سينسق قوائم المنظمات والفصائل الإرهابية، وروسيا ستشارك بقوة فى هذا العمل»، فيما أقر جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى بأن «تنظيم «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة» يعتبران تنظيمات إرهابية ويجب محاربتهما منذ الآن. وحققت روسيا أهم أهدافها حين استبدلت العبارة الرئيسية فى خطة جنيف وهى تشكيل «هيئة حكم انتقالى كاملة الصلاحيات» بعبارة فضفاضة هى «حكم جدير بالثقة لا يقصى أحدا وغير طائفى»، وظل وزير خارجيتها يستخدم مصطلح «حكومة وحدة وطنية» وهو المصطلح الذى دأبت روسيا والنظام فى سوريا على استخدامه تعبيراً عن رفض تخلى رأس النظام بشار الأسد عن صلاحياته فى الفترة الإنتقالية. وتوضح كل هذه التحركات أن روسيا نجحت فى إسقاط أى إشارة إلى تنحى بشار الأسد، أو عدم مشاركته فى الانتخابات الرئاسية المأمول إجراؤها فى 1 / 1 / 2018 وتركت كل هذه المسائل إلى المفاوضات التى ستجرى بين النظام ووفد المعارضة الذى سيشكله ديمستورا من بين معارضين وشخصيات قريبة أو موالية للنظام، ما يجعل من المستبعد أن تسفر المفاوضات المخطط لها عن تجريد بشار الأسد من صلاحياته أو إزاحته عن السلطة أو منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. وردد وزير الخارجية الأمريكى حرفيا عبارة «مصير الأسد يقرره الشعب السورى» التى ظل المسئولين الروس والإيرانيون يرددونها منذ سنوات بالتزامن مع قيامهم بتقديم كل أشكال الدعم للنظام السورى ولرئيسه الذى واجه بيد من حديد ثورة شعبية طالبت بتنحيه عن السلطة وبحق الشعب السورى فى تقرير مصيره. وحاول الوزير الأمريكى تبرير موقفه الجديد بالقول «ما زلنا مختلفين بكل وضوح بشأن مسألة ما الذى سيحدث مع بشار الأسد، لكننا نعول على العملية السياسية التى يتفاوض فيها سوريون مع سوريين، فى أن تسهم فى طى هذه الصفحة المزعجة. يقال لنا الآن أن الأسد جاهز ليكون جادًا، ولإرسال وفد للمفاوضات. إذا لم يحصل ذلك فهذه الحرب ستنفلت من عقالها. هذه الخطة تعطى فرصة لبشار ليتخذ القرار الصحيح». بالمقابل كان عادل جبير وزير الخارجية السعودى يتحدث بلغة مختلفة تماماً حين قال «دعمنا للمعارضة السورية مستمر، والخيار العسكرى مازال وارداً، سندعم المعارضة السورية كأنه لا يوجد مسار سياسى، وسنسير فى المسار السياسى وكأنه لا يوجد مسار عسكرى. بشار الأسد مجرم حرب ويجب أن يرحل، إذا رحل بحل سياسى فهذا جيد، وإلا فيجب إسقاطه بالعمل العسكرى». فيما كشفت مصادر من المعارضة السورية عن إجراء هيئة التنسيق الوطنية السورية مباحثات فى روسيا حول تنظيم مؤتمر للمعارضة السورية فى القاهرة الفترة المقبلة، للتجهيز لمؤتمر جينيف 3. وأوضحت المصادر أن وفدًا من هيئة التنسيق الوطنية السورية، إلتقى مؤخرًا بروسيا مع نائب وزير الخارجية الروسى، ميخائيل بوغدانوف، حيث جرى التباحث حول تطورات الأوضاع فى سوريا، مع التركيز على آفاق التسوية السياسية الدبلوماسية للأزمة السورية.