منذ أن ظهر تنظيم «داعش»، وأحداثه الدامية على الساحة الدولية، ولفت الأنظار إليه باعتباره البديل الأساسى لتنظيم القاعدة وجرائمه فى المنطقة، فقد كشف الواقع عن كيان جديد ربما أكثر خطورة وتهديدًا، وهو تنظيم «خراسان» الذى يضع على أجندته استهداف المطارات بشكل خاص .وتردد هذا الاسم فى الأيام الأخيرة، بشكل غامض ومبهم، فلا أحد يعرف عن هذا التنظيم شيئًا أكثر من المعلومات التى بثتها وكالة الاستخبارات الأمريكية لبعض الصحف التى تتعاون معها وتنقل أخبارها، ومن أهمها موقع «هفنجتون بوست» الأمريكى. حيث أكد الموقع الأمريكى أنه بينما ينصب معظم الاهتمام الدولى والغربى حاليا على تنظيم «داعش»، تشكل فرقة أخرى من المتطرفين فى سوريا، تشمل - مزيجا من الجهاديين من أفغانستان واليمن وسوريا وأوروبا – تهديدا وشيكا مباشرا بتعاونهم مع صانعى القنابل اليمنيين لاستهداف الطائرات والمطارات. ووفقًا للمعلومات، التى كشفت عنها المخابرات الأمريكية «CIA»، فإن تنظيم «خراسان» تجمع لبعض الجهاديين التابعين لتنظيم القاعدة، ومن جنسيات أجنبية مختلفة اتخذوا من سوريا مكانا للتدريب على فنون القتال والتجهيز لعمليات خارج حدود سوريا تحت قيادة أيمن الظواهرى. اضافة لمحاولتهم تجنيد الأوروبيين والأمريكيين، الذين تسمح جوازات سفرهم بارتياد الطائرات والمطارات بأقل تدقيق من قبل مسئولى أمن جوازات السفر والقيام بعمليات إرهابية، وتربط التنظيم علاقات تنظيمية وثيقة بمجموعة إبراهيم العسيرى المعروفة باسم مجموعة «صانعى القنابل» فى اليمن، التى تلاحقها واشنطن بطائراتها. عدو داعش يذكر أن عناصر تنظيم «خراسان» يناصبون «داعش» العداء، ويعتبرونه تنظيما «إرهابيا»، خاصة بعد تبرؤ «القاعدة» من زعيمه أبو بكر البغدادى، وممارسات مسلحيه، ولعل من بين الاختلافات بين التنظيمين يظهر فى راية «خرسان» بيضاء اللون، و تحمل الشهادتين باللون الأسود، على عكس راية «داعش» السوداء. وتكمن خطورة التنظيم كونه يهدف إلى مهاجمة الأهداف الاستراتيجية عن طريق الطائرات مثلما حدث فى هجمات سبتمبر 2011، وقررت إدارة أمن النقل الأمريكية، فى يوليو 2014، حظر دخول الهواتف المحمولة، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة المغلقة فى الرحلات الجوية إلى الولاياتالمتحدة، لاسيما القادمة من منطقة الشرق الأوسط. قنابل معجون الأسنان وأوردت صحيفة «إندبندنت» البريطانية، تصريحات لمسئولين فى المخابرات الأمريكية أن التنظيم يضم بعض صانعى القنابل التابعين لتنظيم القاعدة والمحترفين فى تركيب لإتقان المتفجرات التى يمكن أن تخدع تدابير أمن المطارات، بما فى ذلك انفجار قنبلة فى أنبوب معجون الأسنان، وأفادت وزارة الدفاع الأمريكية، «البنتاجون»، بأن تنظيم «خراسان» كان يخطط لشن هجوم وشيك ضد الولاياتالمتحدة والمصالح الغربية بعد الهجوم على معسكرات التدريب ومصانع المتفجرات والذخائر ومبنى للاتصالات ومنشآت القيادة والتحكم المرتبطة بالتنظيم فى غرب حلب. ونوّهت الصحيفة بأن وزارة الخارجية الأمريكية وضعت مكافأة قدرها 7 ملايين دولار لمن يدلى بمعلومات حول مكان محسن الفضلى، قائد التنظيم، والذى ارتفعت أسهمه فى صفوف تنظيم «القاعدة»، منذ 2012. ونقلت الصحيفة عن مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، جيمس كلابر، قوله إنه «فيما يخص التهديد لوطننا، فإن خراسان يمكن أن تشكل خطرًا يماثل خطر تنظيم داعش». وذكرت شبكة «CBS» التليفزيونية الأمريكية، أن المطارات الأمريكية رفعت تعزيزات الفحص الأمنى بسبب مخاوف من أن «خراسان» كانت تستهدف صناعة الطيران من خلال تجنيد مقاتلين غربيين لحمل القنابل والعودة بها إلى البلاد. ووفقًا لتقرير الشبكة، فإن القنابل تم صناعتها من قبل خبراء تدربوا على يد صانع القنابل بتنظيم القاعدة إبراهيم العسيرى الذى وصفه جون بيرنارد نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى لشئون الأمن الداخلى ومكافحة الإرهاب، بأنه «شخص خطير جدًا». محسن الفضلى وعقب الغارات التى شنتها الإدارة الأمريكية على سوريا فى 2014، انتشر خبر مقتل الكويتى محسن الفضلى زعيم تنظيم «خراسان»، إلاّ أن جون كيربى، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية أعلن فى مؤتمر صحفى حول تفاصيل العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش» أنه لا توجد تأكيدات لدى بلاده بشأن مقتل قائد تنظيم «خراسان». يشار إلى أن محسن الفضلى - 33 عامًا - كان يحظى بثقة كبيرة لدى قادة تنظيم «القاعدة» وتم اختياره ليكون ممثلا لأيمن الظواهرى بدلاً من أبو خالد السورى الذى اغتاله تنظيم «داعش» بسبب انحيازه إلى أبو محمد الجولانى زعيم «جبهة النصرة». وكان اسم الفضلى، الذى أدرج على قائمة المطلوبين ال 36 من قبل وزارة الداخلية السعودية فى 2005، قد برز للمرة الأولى كأحد المطلوبين عام 2000 وقت إلقاء السلطات الأمنية الكويتية القبض عليه بتهمة محاولة تفجير مؤتمر التجارة العالمى الذى عقد فى العاصمة القطرية الدوحة بمشاركة إسرائيلية، حيث بُرّئ من هذه التهمة، فيما أدين زميلاه الآخران فى القضية. وأشارت الخارجية الأمريكية، إلى أن الفضلى «يستخدم شبكته الواسعة من المتبرعين الكويتيين للجهاديين من أجل إرسال الأموال إلى سوريا عبر تركيا». ويعد الفضلى أحد قادة «القاعدة» القلائل الذى تم اطلاعهم مسبقا على مخطط اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ولا يقتصر البحث عن الفضلى على السلطات الأمريكية فحسب، بل يندرج اسمه فى قائمة أهم المطلوبين فى السعودية التى تتهمه بالوقوف خلف العديد من الاعتداءات على أراضيها. وتقول مصادر استخباراتية أمريكية إن «الفضلى»، كان زعيم ل«القاعدة» فى إيران، حيث ظل بها لسنوات وشارك فى القتال فى الشيشان وأفغانستان واتُهم بتوفير التمويل اللازم لعمليات التنظيم فى العراق. كان محسن الفضلى فى مقدمة المطلوبين فى القائمة التى قدمتها كريستين تاوسند، مساعدة كوندوليزا رايس، مستشارة الأمن القومى للمسئولين الكويتيين فى 2004، أثناء زيارتها للكويت، وأشارت إلى أنه «ضمن الأشخاص الذين يمثّلون خطورة على أمريكا» . قائمة الخطرين بينما يتولى السعودى عادل راضى صقر الحربى، نائب تنظيم «خراسان»، وقد رصدت الولاياتالمتحدة 5 ملايين دولار لمن يقودها إليه، فقد أدرج اسمه أيضا على لائحة المطلوبين بالسعودية فى 2011، لذهابه إلى أفغانستان للالتحاق ب«القاعدة» ودعمه للتنظيم عن طريق شبكة المعلومات الدولية . ويندرج اسم الحربى، البالغ من العمر 25 عامًا، فى قائمة المطلوبين لدى وزارة الداخلية السعودية فى 2011 ضمن قائمة 47 مطلوبا لعناصر تنظيم القاعدة، وتم وصفهم حينها ب«الخطرين جدا»، وقتما أعلنت السلطات السعودية إصدار شرطة الإنتربول الدولية بحقهم «نشرات حمراء»، مزودة الدول بالمستندات القانونية التى تجيز القبض عليهم. خبير المتفجرات كما أكدت تقارير المخابرات الأمريكية ارتباط التنظيم بالسعودى إبراهيم العسيرى 32 عامًا، كبير صانعى المتفجرات فى تنظيم «القاعدة فى جزيرة العرب»، والذى أصبح يشكّل كابوسًا لسلطات النقل الجوى، وأجهزة الأمن الدولية، وأنه يسعى إلى تطوير قنبلة يصعب على أجهزة أمن المطارات كشفها، من خلال زرع متفجرات داخل الجسد البشرى. ولد إبراهيم حسن العسيرى، الملقب ب «أبو صالح»، فى أبريل 1982، فى الرياض، انضم وشقيقه الأصغر عبد الله، إلى تنظيم «القاعدة» فى اليمن فى 2007، وبرز كخبير فى صناعة المتفجرات، بعد اندماج جناحى القاعدة اليمنى والسعودى، ليشكّلا «تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية». حاز العسيرى بفعل تخصصه على لقب «خبير المتفجرات» فى تنظيم القاعدة والمسئول الأول عن إعداد القنابل التى يستخدمها التنظيم فى هجماته، والمكوّنة من تيترانيترات البنتايروتريول، وهى مكونات يصعب رصدها، بفضل مُفجّرها الكيميائى الذى يخلو من أى قطعة معدنية، وبالتالى يمكنها عبور كل نقاط المراقبة الأمنية تقريبا فى كافة المطارات الدولية دون مشاكل. وكانت القنبلة التى خبأها فى جسد أخيه عبد الله وأرسله إلى المملكة العربية السعودية لاغتيال الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية فى 2009 مكونة من تلك المادة، لكن المحاولة باءت بالفشل ولم يقتل فيها سوى الانتحارى. بروز إبراهيم العسيرى على الصعيد العالمى، كانت فى نفس العام 2009 بعد أن زرع فى ملابس عضو التنظيم النيجيرى عمر الفاروق قنبلة مخبأة بطريقة ذكية خلال رحلته المتجهة إلى الولاياتالمتحدة، لتفجير الطائرة فوق مدينة ديترويت الأمريكية إلا أنها لم تنفجر، ما ساعد مكتب التحقيقات الفدرالى (أف بى أى) فى التعرّف على بصمة العسيرى الموجودة على القنبلة، وتضعه فى دائرة الاهتمام والمتابعة إلى جانب كبار قادة القاعدة الذين يعدون العقول المدبرة لعدد من الأفكار التخريبية كأنور العولقى وخالد شيخ محمد. وفى أكتوبر2010، عُثر على طردين كل منهما يضم عبوات حبر للطابعات، محشوة بالمادة المتفجرة نفسها، وذلك على متن طائرتين فى طريقها من اليمن إلى شيكاغو فى الولاياتالمتحدة. وتم اكتشاف القنابل بعدما توقفت الطائرتان فى مطار إيست ميدلاندز فى بريطانيا. وفى أبريل 2012، اكتشفت وكالة الاستخبارات الأمريكية «سى أى إيه» نسخة من قنبلة الملابس الداخلية، لكن من دون معادن، خلال عملية تفتيش مباغتة. وقد نجا إبراهيم العسيرى من الموت أكثر من مرة فى اليمن، فكلما ظن الأمريكيون أنه مات، كان يظهر من جديد. ويعتقد مسئولون أمريكيون أنه درب جيلًا من أنصاره، وهم جاهزون للحلول مكانه. وقالت صحيفة «صنداى تايمز» البريطانية أن إبراهيم العسيرى درب جهاديين أوروبيين فى سوريا على تنفيذ هجمات انتحارية بعد عودتهم لدولهم، وأن هناك مخاوف من 500 جهادى بريطانى، يمثلون أغلبية المقاتلين الأجانب فى سوريا، دربوا على شن عمليات إرهابية فى بريطانيا. وفى هذا السياق، تم تشديد الإجراءات الأمنية فى أكثر من 250 مطاراً حول العالم، ومن ضمن هذه الإجراءات الماسح الضوئى «سكانر» للجسم، والماسح الضوئى العامل بالمايكروويف، لكن اتضح فيها بعد أن الماسحين لا يستطيعان كشف القنابل المزروعة داخل الأجسام البشرية.