رغم المساعى التى بذلها الجمهوريون، لعرقلة الاتفاق النووى مع إيران، إلا أن محاولتهم الأخيرة لتعطيل الاتفاق من خلال مجلس الشيوخ باءت بالفشل، وقضت رسميًا على أى أمل فى تعطيل الاتفاق، وذلك بعد فشلهم فى جمع 60 صوتًا فى مجلس الشيوخ، لطرح مشروع برفض الاتفاق، بعدما أيده 42 سيناتورا ديمقراطيًا، وبذلك قطع الديمقراطيون الطريق أمام التصويت، ومنع المشروع من الوصول إلى البيت الأبيض، فجنبوا أوباما استخدام الفيتو، وإعادة المشروع إلى الكونجرس، وبهذا يصبح الاتفاق نصًا قانونيًا تعتمده الولاياتالمتحدة الشهر الجارى. وبهذا، يمكن القول إن أوباما نجح رسميًا فى تحقيق أبرز إنجاز فى سياسته الخارجية خلال عهده، وهو ما جعله يعبر عن سعادته بهذا التصويت قائلًا إنه انتصار للدبلوماسية، وللأمن القومى للولايات المتحدة، ولأمن العالم، وأضاف «سنركز بعد الآن على العمل الأساسى فى تطبيق هذا القرار، والتحقق من تنفيذه، لمنع إيران من امتلاك سلاح ذرى». وعلى الرغم من ترحيب الرئيس الأمريكى بهذا التصويت إلا أن العديد من الصحف أكدت أن الاتفاق النووى من شأنه زيادة حالة الاستقطاب بالولاياتالمتحدة، وفى هذا الإطار قالت صحيفة «واشنطن تايمز» الأمريكية إن 15 من حكام الولاياتالمتحدة أعلنوا أنهم لن يرفعوا العقوبات عن إيران، خاصة أن الدستور الأمريكى لا يلزمهم برفعها، لأن الاتفاق مع إيران لم يُصنف كمعاهدة. وفى نفس السياق رجحت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، فى تقرير لها، استمرار الجدل حول الاتفاق النووى الإيرانى، وأيضًا حالة الاستقطاب الناجمة عن ذلك، رغم فشل الجمهوريين بالكونجرس مؤخرًا فى عرقلة الاتفاق، ورأت الصحيفة أن الجمهوريين سيتذرعون بالاتفاق فى تحميل اللوم على كاهل الديمقراطيين، إزاء أى أخطاء قد يشهدها الشرق الأوسط من الآن فصاعدا. ورصدت «لوس أنجلوس تايمز» إعلان رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور «بوب كوركر» عن نيته الدفع صوب التجديد عشر سنوات لقانون العقوبات على إيران لعام 1996، والذى يعتبر المظلة التشريعية للعديد من العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد إيران، وهى خطوة من شأنها أن تضع الديمقراطيين فى موقف صعب. ويخشى مسئولون من أن التصويت المبكر على تمديد القانون كفيل بالسماح للمتشددين فى طهران باتهام الولاياتالمتحدة بأنها لا تنوى إنهاء العقوبات، حتى لو امتثلت إيران لبنود الاتفاق النووى. أما صحيفة «نيويورك تايمز»، فرأت أن الأعضاء الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ الأمريكى أتاحوا انتصارًا حاسمًا للرئيس أوباما، وأشارت الصحيفة إلى أن نجاح الرئيس الأمريكى فى ضمان تأييد العدد الكافى من أعضاء مجلس الشيوخ، أحد مظاهر إضعاف النفوذ التقليدى للوبى اليهودى فى الولاياتالمتحدة، خاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو شن حربًا شرسة على الاتفاق، دون أن يتمكن من التأثير على القرار الأخير للإدارة الأمريكية. من جهتها، كتبت صحيفة «لوتان» السويسرية أن المعركة التى تجرى فى واشنطن ستخلف آثارًا عميقة، حيث إن المرشحين الجمهوريين للرئاسة «دونالد ترامب» و«تيد كروز» هاجما بكل قوتهما هذا الاتفاق، معتبرين إياه استسلامًا أمام المرشد الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى.