كثيرا ما تناقش وسائل الإعلام مشكلة الأمية والتسرب من التعليم ويخرج الخبراء والأكاديميون يسردون إحصائيات ودراسات لا تقدم حلا واقعيا أو عمليا لهذه المشكلة المجتمعية لما لها من أثر سلبى على جهود التنمية التى تنفذها الدولة، ومؤخرا كشف الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعليم عن الاتفاق لإنشاء 1000 مدرسة مجتمعية جديدة لخدمة المناطق النائية والمحرومة خلال العام القادم وهو الأمر الذى اعتبره الكثيرون خطوة أولى للقضاء على هذه الظاهرة، «أكتوبر» تبحث جوانبها المختلفة من خلال هذا التحقيق.وتشير الإحصائيات إلى أن 19% من الأطفال العاملين هم المتسربين من التعليم وإذا أضفنا إليهم نسبة من لم يلتحقوا به أصلا حوالى 45% حيث بلغ إجمالى عدد المتسربين من التعليم الأساسى وفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2010 إلى حوالى 76.5% بينما بلغ اجمالى عدد من التحق بالتعليم وتسرب حوالى 37.2% من إجمالى عدد السكان، لذا تعتبر ظاهرة التسرب من التعليم أخطر المشاكل التى تواجه التعليم فى مصر فإنشاء المدارس المجتمعية تعد فرصة ثانية لإدماج هؤلاء الأطفال وإعادة تأهيلهم مرة أخرى للعملية التعليمية. بدأت المدارس المجتمعية فى مصر عام 1992 بتوقيع مذكرة تفاهم بين منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) ووزارة التربية والتعليم لإنشاء أربع مدارس بقرى محافظة أسيوط ثم بعد ذلك توسع إنشاء هذه المدارس حتى وصل عددها عام 1999 إلى 201 مدرسة تقريبا بثلاث محافظاتأسيوط، سوهاج، قنا، ثم توالت العديد من التجارب فى إطار التعليم المجتمعى، وقد بلغ عددهم حوالى 5205 مدراس يدرس فيها 126 ألفا و 244 دارسا. وتعد هذه المدارس من الأشياء المهمة لإعطاء فرصة فى التعليم للمتسربين منه وأملاً حقيقيا لمن لم يحالفهم الحظ فى الاستمرار فى التعليم أو لم يلتحقوا بالمدارس لعدم قدرتهم على نفقاتها، خاصة الفئات الفقيرة والمهمشة فى القرى والنجوع، وتتمثل فى مدارس الفصل الواحد والمدارس الصديقة للفتيات والمدارس صديقة الأطفال فى ظروف صعبة. إعادة دمج وتأهيل قالت رانيا جمعة معلمة بمدارس الفصل الواحد بمصر القديمة إن فكرة هذه المدارس تدور حول جذب الأطفال إلى المدرسة وتأهيلهم إلى المرحلة الإعدادية بمدارس وزارة التربية والتعليم، فهى تهدف إلى إعادة دمج الأطفال وتشجيعهم على الاستمرار فى العملية التعليمية ومنع التسرب من المدارس، حيث يتم تدريس مكون مهنى للتلاميذ لإكسابهم مهارات تساعدهم على الحياة، كما أن الدراسة مجانية. وقالت سمية الشافعى مسئول التعليم المجتمعى بإدارة البساتين ودار السلام إن تلك المدارس تقوم بجمع الطلبة المتسربين من التعليم أو الأطفال الموجودين فى أماكن نائية، الذين لا تقدر المدارس على استيعابهم، لوجود كثافة عالية للطلبة فى هذه الأماكن، أو الفقراء غير المسجلين فى المدارس، حيث يتراوح عمرهم ما بين سن 6 إلى 14 عاماً، ليدرسوا فى الفصل الواحد ثم يلتحقوا بالمرحة الإعدادية بالمدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم، حيث يقدم للطلاب طرق تعليم غير تقليدية لتشجيعهم على التفكير الإبداعى وإكسابهم مهارات التعلم الذاتي، وأكدت الشافعى أن كثافة الفصول لن تتعدى 35 تلميذًا فى الفصل الواحد، وأن لديها فصلين من مدارس الفصل الواحد وآخر تعليم مجتمعى وعدد الطلاب 81 تلميذا. وأوضحت تم تغير مسمى الفصل الواحد وأصبح تعليم مجتمعى فرصة ثانية وهناك فرق بين الفصل الواحد والمدارس صديقة الطفل فمدارس الفصل الواحد تتضمن مستويين بدءا من الابتدائية حتى المرحلة الإعدادية بينما المدارس صديقة الطفل خاصة بالأطفال بلا مأوى حيث يتم تأهيلهم لتعلم القراءة والكتابة ثم بعد ذلك يتم عمل اختبار للطفل لتحديد مستواه بإشراف ومتابعة من قبل المديرية والوزارة وبناء عليه يتم نقله لمرحلة ما بعد المدارس الفصل الواحد ليكمل مسيرة التعليم بشكل طبيعى وفقا لقدراته وهذا النوع من المدارس يمثل مشكلة كبيرة لان كثير من الأطفال بلا مأوى ويحتاجون إلى إقامة. ورحبت الشافعى بتصريح الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعليم بإنشاء 1000 مدرسة تعليم مجتمعى قائلة يعنى عدم وجود طفل واحد متسرب من التعليم لكنها تساءلت هل متوفر لدينا معلمون لهؤلاء المدارس واحتياجاتهم التدريبية التى تتفق مع ظروف التلاميذ واحتياجاتهم. نظام غير محو الأمية وأوضحت همت كرارة موجهة بإدارة التعليم المجتمعى بالقاهرة سابقا أن المدارس المجتمعية تمثل فرصة ثانية للتعليم فهو يختلف عن فصول محو الأمية، التى تقبل الأشخاص كبار السن، وتعلمهم القراءة والكتابة فقط، وتعطيهم شهادة محو أمية، وأشارت كرارة إلى أنه يتم مراعاة عدة اعتبارات مثل مواعيد الدراسة إلى جانب قبول الأطفال فى الصفوف الدراسية المختلفة تبعا لقدراتهم الدراسية والتعليمية ويتنقلون بين الصفوف تبعاً لسرعة تقدمهم الدراسى دون معوقات إدارية. جهود حثيثة وعن دور الوزارة فى عمل نطاق هذه المدارس أكد الدكتور محب الرافعى وزير التربية والتعليم أن الوزارة تبذل جهودا حثيثة لتقليل معدلات التسرب من التعليم ومعالجة المشكلات الناتجة عن هذا التسرب، كما تسعى لتوفير فرص التعليم للأطفال المحرومة منه، من سن 6 سنوات إلى 14 سنة، الذين لم يلتحقوا بالتعليم الأساسى أو تسربوا منه خاصة الأطفال والفتيات فى القرى والنجوع الفقيرة لذا تم الاتفاق على إنشاء 1000 مدرسة جديدة خلال العام بمنحة تبلغ حوالى 6.36 مليون يورو من الاتحاد الأوروبى واليونيسف لصالح مدارس التعليم المجتمعى، هذا بالإضافة إلى عقد ورش عمل على مدار ثلاثة أشهر باتحاد الطلاب لتأهيل ورفع كفاءة مسئولى وميسرى التعليم المجتمعى فى المحافظات، كما أن الوزارة تسعى لتوظيف تلك الكوادر ومسئولى الجودة للقيام بمتابعة وتنفيذ خطة الدعم الفنى لتأهيل مدارس التعليم المجتمعى للاعتماد. وفى نفس السياق قال الدكتور صلاح عبد السميع أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية حلوان أن قضية المدارس المجتمعية ضمن جهود الوطن لمحو الأمية ولكن يبقى تساؤل مهم هل هذه المدارس تمتلك الإمكانيات والموارد اللازمة لتحقيق أهدافها المنوط بها والذى يتمثل فى إتاحة فرصة تعليمية ثانية للمتسربين من التعليم أو الذين لم يلتحقوا بالتعليم أصلا فى المرحلة العمرية من 6 - 14 سنة والتى يمكن أن تمتد مرحلة التعليم الأساسى من 6 - 18 سنة وفقا للدستور. وأضاف أن هناك تحديات مهمة لضمان جودة العملية التعليمية فى مدارس التعليم المجتمعى أهمها كيفية اختيار وانتقاء القائمين بها وتعزيز القدرات الفنية لهم وتوفير بيئة مناسبة للتعليم فضلا عن متابعة الأداء المهنى والتربوى للمعلمين وتحسين مستوى الخدمة التعليمية من خلال مناهج تراعى هؤلاء المتسربين من التعليم وفقا لقدراتهم. وأخيرا يرى أن معالجة أوجه القصور والنقص فى المدارس المجتمعية لتفعيل دورها المنوط به أو تطوير الأداء المهنى للقائمين عليها أفضل من إنشاء مدارس جديدة أو الاهتمام بالبنية الأساسية للمدارس الحكومية والرسمية فى القرى والنجوع والقضاء على الكثافة العددية للتلاميذ بالفصول والذى يتعدى عددهم إلى 60 تلميذا فى الفصل الواحد أو البحث عن كيف نمنع التسرب بدلا من كيف نحتوى من تسرب، متسائلا كيف أهتم بالعرض وأترك المرض.