«لا أستطيع أن أنجح وحدى.. ولن تتقدم البلاد إلا بكم جميعًا.. وأنا منكم». يقولها ويكررها فى مناسبات بعيدة.. وكأنه قد استشعر أن الشعب ثار وتمرد ثم اصطفاه إلى مقعد القيادة ويبدو أنه من فرط الثقة فى الرجل.. ركن إلى الراحة وتركه فى الميدان وحده لكى يحل كافة المشاكل ويعيد ترتيب أوضاع البيت من الألف إلى الياء. وبعد كل حدث وقبل كل حدث وفى غمرة الأحداث والحوادث يحاول أن يقول ويكشف.. وفى الأمور كثير مالا يجب أن يقال.. لأن أبعاد المؤامرة أكبر وأبعد وأوسع مما تتصورون.. وما يدور فى الداخل من تخريب وقتل وتفجير وانفلات له صلات وعلامات وإمدادات من الخارج. وقد يأتى الدبلوماسى الأنيق ويقول أمام الكاميرات وفى المؤتمر الصحفى ما تفعل بلاده عكسه تمامًا فى التو واللحظة وقد يستجيب ويندد ويدعم.. وهم من انفقوا ودبروا، يستقبل البيت الأبيض شلة من تنظيم إخوان الأبالسة ثم ترى المتحدثة الرسمية تطل على الشاشة لكى تقول إن بلادها مع مصر فى حربها ضد الإرهاب. وقد تقول لك المصادر الرسمية فى قطر إنها تمد يدها بالمصالحة إلى القيادة المصرية وإنها تعلن الاعتراف بها ثم ترى قناة الجزيرة تذيع إنفجار العريش فى التو واللحظة على الهواء مباشرة وأصوات المذيعين تهلل وتكبر للإنجاز العظيم ضد الجيش المصرى من أخبرهم بذلك إلا أن يكونوا شركاء فى المؤامرة ومن أمدهم بالسلاح إلا هذا الذى يجلس فى اسطنبول وقد نجد نفسه أميرًا لتنظيم الإخوان الدولى والخليفة غير الرسمى للمسلمين برعاية حلف الناتو والأصدقاء فى تل أبيب وبعض الخونة فى تنظيم حماس بالتعاون مع نفر قليل من أشرار سيناء الذين كانت تجارتهم المخدرات والسلاح فلما وصل الجيش المصرى إلى هناك قطع عنهم أسباب التجارة الفاحشة فاستبدلوها بالخيانة مدفوعة الأجر وهؤلاء لا يمكن أن ننسبهم إلى شرفاء سيناء وأبطالها الذين ضحوا وقاتلوا وتحملوا الإهمال والنسيان لسنوات طوال وأخيرًا خصصوا لها 10 مليارات لأجل التنمية. الناس قدمت تفويضها للرئيس وكأنها تقول له: اتصرف أنت.. والبركة فيك! وما يقال عن الناس.. يسرى على بعض المسئولين فى الدولة.. وقد قلت إن أداء الرئيس يعادل الجرى بالنفاثة يريد أن يسابق الزمن فى كل شىء بينما سرعة بعض المسئولين لا تتجاوز «التوك توك». ولا يمكن بأى حال أن تكون للرئيس ألف عين وألف يد وأن يكون يومه دون سائر خلق الله 800 ساعة وليس 24 له فى القليل منها حق الراحة وقد رأيناه مؤخرًا فى سفره وترحاله يعمل بيده وأسنانه. ومن لقاء إلى آخر ومن اجتماع إلى الذى يليه وينتهز كل فرصة لكى يقول لزملاء الإعلام أين «أنتم»؟ وقد تصل المسألة إلى حد العقاب المهذب فيقول لهم دوركم عظيم خذوا بأيدى الشعب إلى الأعلى وينظر إلى أهل العنف ويطالبهم بأعمال ترفع الوعى وتهذب الأخلاق وتقدم النماذج التى تحتاجها البلاد فى هذا الوقت العصيب. ولا يرى الرئيس عيبًا أن يتحول لأجل مصر إلى مندوب مبيعات وتسويق ينادى المستثمر من كافة الأنحاء ثم هو رجل العلاقات العامة يروج لمصر المكان والمكانة والامكانات. يصارح الناس فى الكبيرة والصغيرة ويسعى جاهدًا لأن تكون الصورة جامعة والكل فيها لا يغيب عنها إلا من تلوث قلبه وعقله ويده وهانت عليه بلده وأرواح الأبرياء تحصدها قنابلهم الغاشمة وتبلغ بهم الندالة مداها فيشمتون ويهللون لسقوط الضحايا.. الرئيس يبحث عن شعب.. هذه حقيقة يجب ألا ننكرها أو نخجل منها. لكن الرئيس يعرف جيدًا أن هذا الشعب العظيم له مفاتيحه ويلزمه شفرة من نوع خاص حتى تضع يدك على أنبل وأجمل وأروع ما فيه. وكيف لا ومصر كانت فى البدء قبل الزمان ولدت وقبل التاريخ هنا بدأ كل شىء الزراعة والعمارة والكتابة والورق والهندسة والقانون والنظام والحكومة والتوحيد. هنا وقبل كل شىء ظهرت شهادة ميلاد الضمير كما قال «جيمس هنرى بريستد» فى كتابه الشهير (فجر الضمير) وتنبه المصرى القديم بالقطرة إلى حقيقة البحث والحساب ومن حيوان يجرى فى الأحراش لينجو من الخطر أو ليفترس أو ليأكل أو ليبحث عن أنثى تحول إلى إنسان يفكر ويتأمل ويرسم ويكتب ويحاسب نفسه ومع حساب النفس كما يقول الدكتور حسين مؤنس نشأت الآلهة لتقوم بالحساب وتنصب الميزان وخارج دنيا الأرض نشأت دنيا السماء وقام الدين والأخلاق والخير والشر. وفى قلب المصرى القديم وفى بيته وفى مدينته وفى عقله فى أرضه وسمائه وجدت «معات» رمز الضمير والاحساس الإنسانى والقانون الاخلاقى «معات» هى المروءة أو الإنسانية والحب والخير والعدالة والفضيلة ولذلك يعرف الرئيس أن عصابات الشر والمكائد لن تقوم لها قائمة ولن ترتفع لها راية ولن يتحقق لها غاية وحتما لابد لها من نهاية وسيجد الرئيس شعبه كما وجد الشعب رئيسه والصورة التى طلبها معهم فى مسرح الجلاء مؤخرًا ونشرتها كل الصحف والمواقع تقول كل شىء صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة.