لكن من يطلق هذه الاختلافات التى نراها فى الملبس والمظهر والعبادات.. وصغائر الأمور هذه أظنها فتحت أبواب الفتن والانقسامات حتى تحولت بعض المساجد إلى كيانات كل مجموعة لها مسجدها.. وصلاتها تقصر وتطول حسب مفهوم كل جماعة.. حتى أنك تدخل بعض هذه المساجد فتشعر بدرجة من الغربة كأنك تدخل الإسلام فى التو واللحظة.. ومع ذلك يجب أن نسأل أنفسنا بكل صراحة، كل هذه المساجد حتى المسافة التى تفصل الواحد والآخر ما هى إلا أمتارًا قليلة.. وعلى كثرة المصلين ومظاهر التدين من حجاب وجلباب وعلامات صلاة فى الجباه وجمعيات خيرية ما أنزل الله بها من سلطان.. ومع ذلك لا نرى الدين فى المعاملة بين بعضنا البعض وكلنا يشكو ويتحسر على ضياع الأخلاق وانعدام الضمائر وهذه الخشونة التى نراها فى كل صغيرة وكبيرة فى تعاملنا.. وكل واحد منا يلقى باللوم على غيره.. وللأمانة فقد نبهنا الشيخ فى خطبته بأن الإنسان فى إسلامنا العظيم السمح المعتدل قد يغلق أبواب الخير أمام نفسه بلا مبرر.. والنبى صلى الله عليه وسلم يقول لنا: «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق». وفى قول آخر للمصطفى صلى الله عليه وسلم: «عرضت على أعمال أمتى حسنها وسيئها فوجدت فى محاسن أعمالها إماطة الأذى عن الطريق أى إبعاد الأذى عن الطريق ووجدت فى مساوئ أعمالها شىء من البصاق فى المسجد ولا يتم إزالتها»، فهل من يقتلنا باسم الإسلام ويتفنن فى الذبح والحرق والتخريب يدرك هذا؟.. ويعرف أن مواصفات المسلم فى البسط صورة أن يسلم الناس (كلهم على اختلافهم) من لسانه وأذاه.. وأبعد من ذلك.. يخبرنا معلم الإنسانية وأستاذها «محمد» صلى الله عليه وسلم أن المرأة التى كانت تصلى وتصوم وتؤدى الزكاة وأدت فريضة الحج.. لكنها ستدخل النار لأنها عذّبت قطة لا هى أطعمتها ولا تركتها تأكل مما فى الأرض.. وعلى العكس منها ستدخل الجنة المرأة العاصية التى عطفت على الكلب وقدمت له الماء فى حذاها.. إلى هذا الحد.. إسلامنا يدعونا إلى الرحمة بالحيوان قبل الإنسان.. وهناك من يرفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله وهو لا يترك فوقها من أخضر ولا يابس.. حتى فى الأشهر الحُرم لم يأخذ هؤلاء الأبالسة إجازة لوجه الله كما أمرهم.. الشيخ الخطيب بارك الله فيه عالج ما يحدث بيننا.. وما يحدث لنا وما يحدث منا.. بطريقة بسيطة.. ويكشف لنا أن صناعة المعروف فى أعظمها أجرًا هى تلك التى نراها صغيرة.. فالإنسان قد يبتعد عن النار ويتجنبها بشق تمرة أى نصف بلحة وفى ذلك يجب على أولى الألباب والبصائر قياس إسلامهم بهذا المقياس الدقيق.. ولك أن تتصور كيف يكون حالنا لو طبقنا شرع الله الحقيقى وسُنّة نبيه الكريم بأن نفشى السلام ونطعم الطعام ونصلى والناس نيام.. وكيف لا والدين هو المعاملة وهو أيضًا النصيحة وأحب الناس إلى رب الناس أنفعهم للناس بدون شعارات كانت تقول بأن الإسلام هو الحل.. ومن أين يأتى الحل والمسلم الذى أقسم على المصحف والمسدس أعلن الولاء للمرشد فى كل حال.. أو هو الذى قصد باب الحصانة ليس إلا.. فإذا دخله أغلقه خلفه لمدة أربع سنوات.. تسمع الناس عنه ولا تراه فى الجلسات البرلمانية المذاعة تليفزيونيًا فقط من باب الاستعراض والمنظرة.. وهؤلاء الذين خرجوا للجهاد ويعرفون أن جهادنا الأكبر فى كفاحنا اليومى على متاعب الحياة والسعى على الرزق.. وهو إن مات عند عمله نال الشهادة الحقة.. بعد أن تم توزيع اللقب فى الأيام الأخيرة على كل مجرم ومعتدى أثيم.. ألم يخبرنا الشيخ محمد عبده - رحمة الله عليه - منذ أكثر من مائة عام بعد رحلته الشهيرة إلى باريس عندما قال: رأيت هناك إسلامًا بدون مسلمين كما رأيت هنا فى بلادنا المسلمين بدون إسلام.. وصلاة ربى وصلواته على صاحب الخُلق العظيم الذى نصحنا بأن نفشى السلام لكى تعم المحبة على من لا نعرفه ومن تعرفه.. وروعة الدين أنه علاقة مباشرة بين العبد وربه الغفور الرحيم الرحمن العدل الرؤوف الحليم.. ولن يحاسبنا المولى سبحانه وتعالى على أفعال غيرنا.. ولكن على أفعالنا نحن كل حسب صحيفته وما فيها. ألا نخجل من أنفسنا.. والقرآن الكريم يخاطب العالم كله ويتخطى كل الحدود الثقافية واللغوية والإقليمية لأنه لا يميز بين الناس على أساس ثقافتهم أو ألوانهم أو أنسابهم.. فلا فضل لأعرابى على أعجمى إلا بالتقوى.. وبما أن المسلمين هم أتباع خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم فقد عهد إليهم بقيادة العالم إلى نهاية الساعة وأن يلعبوا دورًا رئيسيًا فى صياغة مستقبل العالم.. لا أن يكونوا مجرد كومبارس فى المشهد العالمى بما قدموا وصنعوا بأنفسهم.. وعندما قال الرئيس نيكسون عام 1990 بأن الإسلام هو القوة الوحيدة القادرة على مواجهة أمريكا بعد انفرادها بإدارة العالم عقب سقوط الاتحاد السوفيتى، قال أيضًا إن الإسلام يأكل نفسه بما فيه من مذاهب واختلافات وانقسامات فهل عرف الأغبياء أنهم ضيعة أمريكانى يحاربون لوجه البيت الأبيض (الأغبر) وليس لوجه الله كما يدعون.. وأيها المسلم الحقيقى العاقل الحل فى يدك فى سلوكك.. وقد قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم: «على كل مسلم صدقة فإن لم يجد يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق فإن لم يستطع يعين ذا الحاجة الملهوف فإن لم يستطع يأمر بالمعروف أو الخير فإن لم يفعل يمسك عن الشر!!