تسير الأحداث السياسية فى السودان بوتيرة سريعة جدا فما أن أعلن الرئيس السودانى عمر حسن البشير قراره بالترشح للانتخابات الرئاسية لفترة رئاسية جديدة والمزمع إجراؤها فى شهر إبريل المقبل مع الانتخابات البرلمانية وانتخابات الولايات السودانية حتى اشتعلت الساحة السياسية وتنذر بمواجهة ساخنة بين الحكومة والمعارضة التى أعلنت مقاطعتها للانتخابات القادمة لاسيما الأحزاب السياسية الكبرى مثل حزب «الأمة» برئاسة الصادق المهدى والحزب «الشيوعى» بزعامة مختار الخطيب و«المؤتمر الشعبى» بقيادة حسن الترابى. وجهه نظر المعارضة تتمثل فى أن الحكومه السودانية باتت مصدرا للتوتر الذى أصاب الحياة السياسية فمنذ أن أعلن البشير قبل نحو عام عن إطلاق الحوار الوطنى الذى يفترض فيه مشاركة كل القوى السياسية السودانية على أسس واضحة إلا أن عجلة الحوار الوطنى منيت بانتكاسات عديدة تسببت فى إعلان ستة عشر حزباً من المشاركين فى الحوار تعليق مشاركتهم ما جعل الرئيس البشير يعلن أن الحوار ماض بمن حضرمما زاد من درجة الاحتقان السياسى. وتتفق القوى السياسية المعارضة تقريباً على خطوط عريضة تتمثل فى شروط رئيسية لإطلاق حوار معافى وهى إيجاد المناخ المواتى للحوار نفسه ووقف الحرب فى أقاليم دارفور وكردفان وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وتأجيل الانتخابات. وفى إطار احتواء الغضب المتزايد قررحزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان التنازل عن التنافس فيما نسبته 30 فى المائة من الدوائر النيابية كخطوة لإفساح المجال أمام الأحزاب المتحالفة معه للفوز فيها. وتأتى الخطوة بعد تفاهمات بين «المؤتمر الوطنى» والأحزاب السياسية التى تشاركه فى الحكومة الحالية لضمان مشاركتها فى العملية الانتخابية التى أعلنت أحزاب المعارضة مقاطعتها. ويقلّل الفاضل حاج سليمان رئيس الدائرة القانونية فى الحزب الحاكم من أهمية مقاطعة الأحزاب المعارضة للانتخابات معتبراً أن إحدى وسائل عمل الأحزاب هى المشاركة فى الانتخابات لذا أتفاجأ لحال أحزاب تُوقّع اتفاقات ومواثيق مع قوى حاملة للسلاح وترفض المشاركة فى الانتخابات التى تمثّل سلاحاً لها ويرى أن عدم إجراء الانتخابات فى موعدها هو ما سيخلق أزمة وليس العكس إذ كيف لرئيس غير منتخب أن يدير شئون البلاد وبأى حق معتبراً دعوات بعض الأحزاب لتأجيل العملية الانتخابية مع إجراء بعض التعديلات الدستورية فيما يتصل بشرعية الرئيس أمراً بلا فائدة متسائلاً: أيهما أسهل وأقرب للممارسة الدستورية الصحيحة إجراء الانتخابات ومشاركة الأحزاب فيها أم التعديل؟ ويرى سليمان أنه كان على المعارضة المشاركة فى الانتخابات والتكتّل مع بعضها للدفع بمرشح واحد تواجه به مرشح الحزب الحاكم وتسقطه كما تدّعى مضيفاً أن «هذه الأحزاب لا توجد لديها مواقف وطنية قائمة على مبادئ وقواعد سليمة لذلك هى ضد الانتخابات ونحن لن نرهن البلاد ومستقبلها بتلك المواقف المترددة». المقدمات السابقة تنبىء باحتمالاتٍ كلها تصب فى المواجهة والعنف بين طرفى المعادلة السياسية النظام والمعارضة وهى النقطة الحرجة التى نتمنى ألا تصل إليه السودان الشقيق والمخرج لهذا الانسداد السياسى أن يظهر النظام السياسى حنكة سياسية ويقدم تنازلات حقيقية من أجل حلحلة الوضع المتازم وتنجو السودان من مصير مأساوى.