كل من طالع وتابع ما حدث فى مستشفى الطوارئ بسموحة كان يشعر بأنه فى فيلم عربى أبيض وأسود تدور أحداثه بشكل هزلى داخل مستشفى تم استئجار أطبائها ليقوموا بدور مزيف أمام رئيس الوزراء الذى جاء لافتتاح المستشفى. هذه المهزلة دفعت «أكتوبر» لفتح ملف الإهمال الذى يضرب مستشفيات الإسكندرية، حيث تشير السطور التالية إلى صور متعددة من الفساد داخل مستشفيات الطوارئ بسموحة وبرج العرب والمستشفى الجامعى والشاطبى الخاص بأمراض النساء والأطفال وردود المسئولين عليها. أزمة مستشفى الطوارئ بسموحة كانت واحدة من صور الفساد والذى يضرب قطاع الصحة فى الإسكندرية وكان آخر مشاهد هذه الأزمة هو تقدم رئيس الجامعة باستقالته يوم الاثنين الماضى عقب انتهائه من مؤتمر صحفى عقده للرد على كل ما أثير بشأن المستشفى وقبول المجلس الأعلى للجامعات للاستقالة يوم الثلاثاء الماضى وتكليف أقدم نائب لرئيس الجامعة وهو د.رشدى زهران بإدارة شئون الجامعة لحين تعيين رئيس جديد للجامعة. مشكلة هذا المستشفى بدأت يوم 25 سبتمبر الماضى حينما قام المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بافتتاح مستشفى الطوارئ الجامعى بسموحة والذى يضم أقسام الطوارئ والعناية المركزة والأشعة والغسيل الكلوى والمعامل، والتى تم تجهيزه فى إطار منحة هولندية مقدمة لجامعة الإسكندرية لتجهيز ثلاثة مستشفيات وهى مستشفى الطوارئ ومستشفى الأطفال بسموحة ومستشفى برج العرب، وقبل افتتاح مستشفى الطوارئ تم انتداب أطباء وممرضات من المستشفى الجامعى الرئيسى لتشغيل المستشفى، ثم كانت المفاجأة بعد أيام قليلة بتوقف العمل فى بعض أقسام المستشفى وأهمها قسم الطوارئ وعدم وجود أطباء ولا هيئات تمريض، وشكا عدد من المرضى الذين كانوا متواجدين بالمستشفى من ارتفاع قيمة فواتير الإقامة والعلاج والتى وصلت إلى آلاف خاصة فى العناية المركزة رغم إعلان مسئولى الجامعة أن المستشفى مجانى، ووصل الأمر إلى مجلس الوزراء فقام رئيس الوزراء بتحويل المسئولين على المستشفى إلى التحقيق، وقام محافظ الإسكندرية بزيارة إلى المستشفى فوجد المستشفى خاليا، وتمت إقالة مدير المستشفى الذى قيل إنه كبش فداء!! ومستشفى الطوارئ كان قد وضع حجر الأساس له د.محمد عبد الفتاح الجندى عميد كلية طب الإسكندرية السابق منذ عام 1995، وفى عام 2006 تم توقيع اتفاقية للشراكة بين الحكومتين المصرية والهولندية وبناء عليه قدمت هولندا منحة قدرها 500 مليون دولار لتجهيز ثلاثة مستشفيات، وهى مستشفى الطوارئ ومستشفى الأطفال بسموحة ومستشفى برج العرب، وبدأ تنفيذ الاتفاقية بالفعل وتوريد الأجهزة من عام 2008 إلى عام 2012. أزمة أخرى وأزمة الافتتاح الهزلى لمستشفى الطوارئ، سبقته وزامنته أزمة أخرى وهى أزمة إلغاء تعيين 80 طبيبا بالمستشفيات الثلاثة حيث كانت جامعة الإسكندرية قد أعلنت منذ فبراير الماضى عن حاجتها لأطباء للعمل بالمستشفيات الثلاثة، وتقدم بالفعل عدد كبير من الأطباء وفى شهر أغسطس الماضى أعلن على موقع الجامعة عن أسماء 80 طبيبا وقع الاختيار عليهم للتعيين وعندما توجه الأطباء لاستكمال إجراءات التعيين فوجئوا بالموظفين يقولون لهم إن الإعلان تم إلغاؤه وستقوم الجامعة بعمل إعلان جديد نظرا لوجود قصور قانونى فى الإعلان الأول، وهو ما أثار أزمة حيث قام الأطباء الثمانون بتحرير محضر ضد الجامعة بقسم شرطة العطارين وقرروا اللجوء إلى القضاء وذكروا أن الإعلان تم إلغاؤه لصالح بعض الأطباء ذوى السطوة والذين لم ينجحوا فى الامتحان فى حين يصر رئيس الجامعة على أن هناك تظلمات قدمت له وأن الشئون القانونية بالجامعة أثبتت أن الإعلان به عوار قانونى. أزمة برج العرب أما الأزمة الأخرى فكانت أزمة مستشفى برج العرب، والتى قام محافظ الإسكندرية بزيارة له ففوجئ بخلو المستشفى من الأطباء والتمريض والمرضى أيضا رغم أن المستشفى المفترض أنه قد تم الانتهاء من تجهيزه بأحدث المعدات والأجهزة وتم افتتاحه منذ يوليو عام 2012، وهو مادعا المحافظ لإصدار قرار بنقل تبعيتها إلى وزارة الصحة بدلا من الجامعة، على الرغم من أن المستشفى كان فى البداية تابعا لوزارة الصحة وصدر قرار جمهورى عام 1995 بنقل تبعيته إلى الجامعة، وتم تكليف شركة المقاولين العرب بترميم وتطوير المستشفى منذ عام 1998 ثم تم تجهيزه بناء على اتفاقية المنحة الهولندية أيضا، وتم افتتاحه فى يوليو عام 2012. الجامعى الرئيسى وما حدث فى مستشفى الطوارئ ومستشفى برج العرب يفتح ملف مهازل مستشفيات جامعة الإسكندرية والتى تعد من أسوأ المستشفيات فى مصر رغم الإمكانيات المتاحة لها سواء من أعضاء هيئة التدريس ذوى المهارة العالية أو الأجهزة الحديثة، ولكن مايراه المريض داخل تلك المستشفيات يشيب له شعر الرأس، والمشكلة لا تقتصر على مستشفى الطوارئ ولا مستشفى برج العرب، بل المشكلة الأكبر هى الحالة المزرية التى وصلت إليها المستشفى الجامعى الرئيسى بالإسكندرية على جميع المستويات. والمستشفى يخدم المرضى غير القادرين بأربع محافظات وهى الإسكندرية والبحيرة ومطروح وكفر الشيخ، خاصة أن به تخصصات دقيقة مثل جراحات المخ والأعصاب وجراحات القلب والكلى، هذا المستشفى كل من يدخله يصاب بالصدمة من حجم الإهمال والقذارة به، وقوائم الانتظار لإجراء الجراحات تصل إلى ثلاثة وأربعة أشهر حتى فى الحالات التى لا تحتمل التأخير، أما وجود سرير لمريض فمن المعجزات رغم حجم الضغط على المستشفى، أما مستوى العنابر والحجرات ودورات المياه فلا يوصف من درجة الإهمال وسوء النظافة، والقطط ترعى بحرية تامة فى المستشفى، أما الحشرات الزاحفة والطائرة فحدث أيضا ولا حرج. أما المشكلة الأخرى التى يعرفها الجميع ولا يعلن عنها أحد فهى حالات الجراحات التى يتقاضى فيها بعض الأساتذة والاستشاريين مبالغ باهظة من أهل المريض خارج المستشفى ليقوم الأستاذ أو الاستشارى بإجراء الجراحة بنفسه وعدم تركها للنواب ،وهذه المشكلة موجودة أيضا وواضحة فى مستشفى الحضرة الجامعى الخاصة بالعظام!! أطفال تبحث عن حضانة أما مستشفى الشاطبى الجامعى الخاص بامراض النساء والأطفال فهو مأساة حقيقية، فقد أصبح مظهرا معتادا أن نرى أبا أو أما تحمل طفلا مريض وعلى وشك الاحتضار ويحتاج إلى حضانة أو إلى جهاز غسيل كلى للأطفال، وهى تقف على بوابة مستشفى الشاطبى ويمنعها آمن المستشفى من الدخول بحجة عدم وجود حضانة خالية أو عدم وجود سرير خال بالمستشفى، ويظل الأها طوال الليل بل طوال أيام يدورون على جميع مستشفيات الأطفال بالإسكندرية ويواجهون بالرفض بحجة عدم وجود حضانة وهو ما أحث أزمة شديدة فى الحضانات بالإسكندرية، وقد شاهدت أكثر من حالة بهذا الشكل ومنها حالة طفل لديه مشاكل بالرئة لم تستطع والدته العثور على حضانة لابنها وظلت لمدة ثلاثة أيام تبحث بمستشفيات الإسكندرية بل نامت وابنها على سلالم مستشفى أطفال لحين خلو حضانة حتى توفى الطفل على يديها بعد أن تدهورت حالته ولعدم قدرتها على دفع تكلفة حضانة فى مستشفى خاص، وحالة أخرى لطفلة مصابة بمشاكل فى الكلى وحاولت ادخالها إلى وحدة الكلى للأطفال بمستشفى الشاطبى وبالطبع رفضوا دخولها لعدم وجدود مكان فقامت بنفس اللفة ولم تجد مكان فى أى مستشفى للأطفال واضطرت لإدخالها مستشفى خاص للأطفال وبالطبع استدانت من كل من تعرفه لسداد فاتورة المستشفى التى بلغت 13 ألف جنيه فى أسبوع واحد!!ويحدث ذلك فى الوقت الذى تتواجد فيه مستشفى للأطفال بسوحة تم تجهيزه على أعلى مستوى وتضم الحضانات ووحدات الكلى وتكلفت ملايين للبناء والتجهيز ولم تقرر الجامعة افتتاحه بحجة عدم وجود تمريض ايضا!! أكتوبر حاولت معرفة وجهة نظر الجهة الأخرى وهى المسئولون بجامعة الإسكندرية،فيقول د.محسن عجوة المدير التنفيذى للمنحة الهولندية أن مستشفى الطوارئ بسموحة لم يتم افتتاحه رسميا بل كان افتتاحا تجريبيا، فالمستشفى يضم 240 سريرا، ولكن بدأ تشغيله بطاقة 50 سريرا فقط وشمل التشغيل أقسام استقبال الطوارئ والأشعة والعناية المركزة والغسيل الكلوى والمعامل، وقال إن التشغيل التجريبى ضرورى لمعرفة المشاكل والعيوب التى قد تظهر عند التشغيل الكامل للمستشفى،كما أن هناك مشكلة واجهتنا وهى عدم وجود عدد كاف من هيئة التمريض رغم وجود أطباء وعمال بعدد كاف، وقد أرسلنا منذ عامين لوزارة الصحة ووزارة التعليم العالى لتوفير عدد كاف من التمريض ولكن لم يحلوا لنا تلك المشكلة، أما عن تكلفة العلاج فدراسة الجدوى التى قام بها الجانب الهولندى ذكرت أنه لكى يستطيع المستشفى استكمال الخدمة الطبية فيجب أن يقدم المستشفى الخدمة العلاجية على أساس أن يكون جزء من العلاج مجانيا وجزء بأجر رمزى، ولكن قسم الطوارئ كله مجانى والعناية المركزة بأجر رمزى. فيما أشار د.هشام مرعى مدير المستشفى إلى أن برج العرب تم تجهيزه فى إطار المنحة الهولندية عام 2008 وحتى عام 2012،ومنذ عام 2011 وحتى 2014 بدأت المرحلة التنفيذية لاتفاقية المنحة والتى تشمل تدريب الكوادر والتمريض والمتابعة وأعمال الصيانة وهى مستمرة للآن، فالمنحة لم تنته من عملها وإن كنا فكرنا فى افتتاح العيادات الخارجية فى بداية 2012، وبدأنا فى تشغيل العيادات بالفعل منذ يوليو 2012، ثم قمنا بتطوير قسم العلاج الطبيعى وتشغيله، أما باقى الأقسام وهى العناية المركزة والطوارئ والعمليات فلم يتم افتتاحها ومازلنا نجهز للافتتاح والمشكلة الرئيسية التى تواجهنا هى نقص التمريض فالأقسام الثلاثة ليس بها تمريض وقمنا بالإعلان فى الصحف ولم تتقدم إلا 12 ممرضة. وقال إن محافظ الإسكندرية قام بزيارة المستشفى يوم الجمعة الساعة الخامسة عصرا، وبالطبع وجد المستشفى خاليا لأن يوم الجمعة يوم إجازة العيادات، كما أن العيادات ينتهى العمل بها الساعة الثانية ظهرا وهو شىء طبيعى، ونحن قمنا بتشغيل العيادات رغم الصعوبات الكثيرة التى واجهتنا ومنها بعد مسافة المستشفى عن الإسكندرية لذلك وفرنا أوتوبيسات لنقل العاملين من الإسكندرية للمستشفى واستطعنا تشغيل العيادات فى كل التخصصات ووضعنا جداول لتشغيل التخصصات الرئيسية وهى الباطنة والأطفال والجراحة كل يوم والتخصصات الأخرى أربعة أيام أسبوعيا،وليس صحيحا أن المستشفى يعمل يومين فقط أسبوعيا لمدة ساعتين يوميا. أما عن قرار المحافظ بنقل تبعية المستشفى لوزارة الصحة فقال لا استطيع التعليق على القرار لأنى مدير تنفيذى للمستشفى والمفترض أن أتسلم خطابا رسميًا بالقرار ولكن ذلك لم يحدث حتى الآن. سلطة محلب وليس المحافظ وعن قرار محافظ الإسكندرية بنقل تبعية مستشفى برج العرب لوزارة الصحة فيقول د.صلاح عبد المنعم القائم بأعمال عميد كلية طب الإسكندرية إن نقل تبعية مستشفى من الجامعة إلى وزارة الصحة هو من اختصاص رئيس الوزراء وليس المحافظ، والمستشفى كان تابعا لوزارة الصحة وتم نقل تبعيته إلى الجامعة بقرار جمهورى، فكيف يتخذ المحافظ هذا القرار؟؟وقال حتى الآن لم يصلنا أى خطاب رسمى بهذا القرار، والقرار مجرد تصريح إعلامى من المحافظ. أما رئيس الجامعة المستقيل د.أسامة إبراهيم فقد عقد مؤتمرا صحفيا فى محاولة لتدارك المشكلة ومواجهة الهجوم الذى تعرض له،فقال إن مستشفى الطوارئ 80% منه مجانى و20% بأجر رمزى لتدعيم الجزء المجانى وقال إن المستشفى كان من المقرر أن يكون مستشفى تخصصيا على مستوى قصر العينى الفرنساوى، ولكن ظهرت حاجة الإسكندرية إلى مستشفى للطوارئ فقررنا فى نهاية عام 2013 تحويل المستشفى إلى مستشفى للطوارئ يشرف عليه أقسام الطوارئ والباطنة والجراحة والعناية المركزة بكلية الطب، وكانت المشكلة التى واجهتنا هى توفير التمريض خاصة أن المستشفى الجامعى الرئيسى يعانى أيضا من نقص فى التمريض، فوجهنا خطابات لأكثر من وزير صحة لتوفير التمريض ولم يستجب أحد وباءت كل محاولاتنا بالفشل وأعلنا عن حاجتنا لتمريض ولم يتقدم أحد، بل إن بعض رجال الأعمال قرروا التبرع بمبالغ مالية تخصص لرفع مرتبات التمريض لتوازى مرتباتهم بالمستشفيات الخاصة التى تجذبهم وقمنا بعمل إعلان للتمريض ولم يتقدم إلا 20 ممرضة فقط لدرجة أننا فكرنا فى استيراد ممرضات من الخارج خاصة بعد أن عرضت كوريا الجنوبية إمدادنا بممرضات مؤهلات ولكن اعترضت نقابة التمريض وظلت المشكلة قائمة!! وأضف أن مستشفى الطوارئ لم يتم افتتاحه افتتاحا رسميا بل تجريبيا لحين استكمال باقى العاملين به.