بفعل أبسط ما يمكن وصفه ب «البجاحة»، بدأت حكومة ميانمار أول تعداد سكانى فى البلاد بعدم السماح للمسلمين بتسجيل أنفسهم ضمن سكان البلاد الأصليين، وذلك بعد أن أعلنت السلطات عن مسح سكانى هو الأول فى البلاد منذ عام 1983 مؤكدة أنه لن يدخل فى الإحصاء المسلمون الذين يسجلون أنفسهم ضمن أقلية الروهينجا وذلك بعد أن توعد البوذيون فى ولاية الراخين الغربية التى تسكنها أغلبية مسلمة بمقاطعة الإحصاء فى حال سمح للروهينجا بتسجيل أنفسهم تحت هذا الاسم خوفا من أن يؤدى إلى الاعتراف الرسمى بالروهينجا، مما جعل السلطات فى ميانمار تستبق هذه العملية بالتأكيد على أن مصطلح الروهينجا لن يؤخذ فى الاعتبار وأنه يمكن للأشخاص أن يصفوا أنفسهم بأنهم بنغاليون وهى الصفة التى تطلقها السلطات على معظم الروهينجا الذين تعتبرهم مهاجرين غير شرعيين. وهددت السلطات السكان بعقوبات قاسية فى حال لو قاموا بالتعريف بأنفسهم على أنهم من الروهينجا. وقد تعرض الإحصاء السكانى لانتقادات بسبب تضمنه أسئلة تتعرض للعرق والديانة، ودعت منظمة هيومان رايتس ووتش حكومة ميانمار إلى تأجيل التعداد السكانى لحين وجود بيئة آمنة ونزيهة تسمح للجميع بالمشاركة. وأصدرت الأممالمتحدة دعوة لحكومة ميانمار لمنح الروهينجا فرصة الحصول على الجنسية ووقف أعمال العنف التى يتعرضون لها، والتى بدأت منذ يونيو 2012 وتحديدا بولاية أراكان التى يتمركز فيها غالبية المسلمين الذين وجدوا أنفسهم مطاردين ومنبوذين وغير معترف بهم من قبل حكومة ميانمار التى تعتبرهم مهاجرين غير شرعيين ولا يتمتعون بأى حقوق لأنهم لا يحملون الجنسية وقد فرضت الحكومات المتعاقبة ضرائب باهظة على المسلمين ومنعتهم من مواصلة التعليم ومارست ضدهم أشكالا مختلفة من التهجير الجماعى والتطهير العرقى وأجبرتهم على الفرار إلى مخيمات يصعب العيش فيها أو الهجرة إلى عدد من الدول المجاورة فى ظل صمت دولى ودون توفير أدنى حماية لهم رغم اعتراف المجتمع الدولى بأن مسلمى الروهينجا من أكثر الأقليات اضطهادا فى العالم وأنهم كانوا ومازالوا يعانون من انتهاكات لحقوق الإنسان فى ظل المجلس العسكرى البورمى منذ سنة 1978 حيث جرد الروهينجا من مواطنتهم منذ إقرار قانون الجنسية لسنة 1982 فلا يسمح لهم بالسفر دون اذن رسمى ويمنعون من امتلاك الأراضى، كما طلب منهم التوقيع بالالتزام بألا يكون لهم أكثر من طفلين. وفى ظل هذا الوضع عاش مسلمو الروهينجا منذ ما يقارب من سبعة عقود. وقد تصاعد التوتر فى ميانمار قبيل إجراء الإحصاء السكانى بعد أن هاجم حوالى 300 من المتطرفين البوذيين مكاتب تابعة لمنظمات مساعدات دولية فى مدينة سيتوى عاصمة أراكان غرب البلاد مما اضطر موظفو الإغاثة للفرار من البلاد وقد أدانت الولاياتالمتحدةالأمريكية أعمال العنف فى ميانمار والتى استهدفت مكاتب الأممالمتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية، ودعت الأممالمتحدة النظام الحاكم فى ميانمار إلى تأمين سلامة موظفيها وموظفى مؤسسات المجتمع المدنى الذين يقومون بايصال المساعدات الغذائية للمحتاجين فى البلاد. فى الوقت الذى عاودت فيه منظمة أطباء بلا حدود نشاطها فى بعض مناطق البلاد بعد أن أغلقت حكومة ميانمار المراكز الطبية التابعة لها لأيام وأبدت أطباء بلا حدود قلقها الشديد حول مصير الآلاف من الأشخاص فى منطقة أراكان التى لم يسمح لها بتقديم المساعدة فيها رغم تحذير المنظمة من الأزمة الإنسانية التى تعانى منها المنطقة.