مهزلة حقيقية شهدتها محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى أمام محكمة جنايات القاهرة الأسبوع الماضى فى قضية اقتحام السجون والهروب الكبير لمرسى وأعضاء جماعته الإرهابية.. واكتملت المأساة بالألفاظ والتصرفات الهوجاء التى بدرت من مرسى وبقية المتهمين، والتى واجهها رئيس المحكمة المستشار شعبان الشامى بصبر طويل.. حتى أقر مرسى بتوكيل سليم العوا للدفاع عنه فى هذه القضية.. وهو ما فتح الباب أمام تساؤلات كثيرة تصب كلها حول معنى هذا التوكيل وعما إذا كان اعترافا من مرسى بشرعية النظام الحالى وتسليما منه بسقوط شرعيته كرئيس سابق حكم مصر لمدة عام واحد قبل سقوطه بثورة 30 يونيو.. وفى سياق التحقيق التالى تفاصيل وافية حول هذا الموضوع. يؤكد المستشار د. محمد حامد أن ما فعله المعزول مرسى ليس معناه اعترافه بسقوط شرعيته والاعتراف بالشرعية الجديدة، ولكنه يعلم جيدًا أنه إذا لم يقم بتوكيل محام للدفاع عنه فإن للمحكمة أن تنتدب له محاميًا آخر بدليل أن المحكمة فى قضية الاتحادية انتدبت محاميًا للدفاع عنه وأخطرت المحكمة باسم هذا المحامى ومثل للدفاع عنه إلا أنه أنكره ورفض دفاعه عنه. ويضيف أنه فى جلسة اليوم السبت فى قضية الاتحادية إذا لم يقم بتوكيل محام للدفاع عنه سيقوم المحامى المنتدب من نقابة المحامين بالدفاع عنه رغمًا عنه حتى لو رفض ذلك وهناك شىء من اثنين إما أن يوكل محاميًا للدفاع عنه وإما يقوم المحامى المنتدب من نقابة المحامين بناء على طلب المحكمة بالدفاع عنه. وقال إن إقرار مرسى بتوكيل د. سليم العوا هو بمثابة وسيلة للدفاع وليست وسيلة للاعتراف بالنظام الجديد فى تصوره هو وهو وسيلة للدفاع عن نفسه، وذلك فى مخيلته لأنه مازال فى تصوره واعتقاده أنه الرئيس الشرعى وأنه رئيس الجمهورية وغير مُقر بالواقع، فمن الناحية القانونية والدستورية هناك 33 مليونًا نزلوا إلى الشوارع فى 30 يونيو و3 يوليو و20 مليونًا صوتوا ب «نعم» على الدستور الجديد فهؤلاء الجماعة لا يعيشون الواقع وفقدوا السيطرة على تصرفاتهم العقلانية. ويضيف أن تصرفات مرسى المعزول غير طبيعية ولا تتسم بالتعقل ولا تتناسب مع رئيس سابق معزول أو حتى رجل عادى متهم فى قضية ومن هنا وجب على رئيس المحكمة وأعضائها أن يتحلوا بالصبر والتحمل ولا تنفلت أعصابهم لأن كلمة البلتاجى وهو متهم على سبيل المثال كلمات مستفزة والقاضى يجب ألا يتنحى وفى هذه الحالة عليه أن يتحلى بالصبر حتى لا ينفعل لأنه إذا انفعل سيولد خصومة بينه وبين المتهمين، وسيكون هذا كفيل لرده، وبهذه الطريقة سيكسب المتهمون دعوى طلب الرد لذا يتوجب على القاضى ألا ينفعل ويصبر حتى لو تم استفزازه من جانبهم. الإقرار بالمحاكمة أما المستشار عادل الشوربجى نائب رئيس محكمة النقض مساعد أول وزير العدل فيقول إن شرعية مرسى وجماعته قد سقطت بالفعل منذ ثورة 30 يونيو 2013 وإقراره بأنه متهم وهو موجود فى قفص الاتهام فى جلسة الثلاثاء الماضى على ذمة قضية اقتحام السجون والهروب الكبير من السجون فى 28 يناير 2011 وهو بمثابة اعتراف بشرعية النظام الجديد وأنه يحاكم من أجل جرائم ارتكبت وارتكبها هو شخصيًا. ويضيف أن مرسى المعزول كان رافضًا لاعتبار أنه متهم وكان الترديد من جماعته وأبنائه وعشيرته أنه مختطف ورفض فى الجلسة السابقة فى قضية الاتحادية أن يرتدى الملابس البيضاء «ملابس الحبس» الاحتياطى وهى ملابس السجن ورفض توكيل محام وإذا به فى هذه القضية يرتدى ملابس السجن البيضاء وهى المخصصة للمحبوسين احتياطيًا وبالجلسة قرر أنه اختار د. سليم العوا محاميًا له للدفاع عنه وهذا فى حقيقته اعتراف بإنكار أنه متهم بدلالة أنه قرر اختيار محاميًا للدفاع عنه. ويضيف أن المتهم مرسى سيمثل اليوم فى قضية الاتحادية أيضًا، ثم فى 15 فبراير سيمثل فى قضية التخابر مع حماس وغيرها وهذه القضية ستنظر مرة أخرى فى 22 فبراير وهذه القضية ستستكمل الدائرة نظر القضية الخاصة باقتحام السجون والهروب منه وهذه الدوائر هى دوائر خصصت لنظر قضايا الارهاب ومتفرغة تمامًا لها. ويضيف أن القانون لم يمنع وضع المتهم فى قفص زجاجى ولم يحدد شكلا معينًا للقفص مادام المتهم يتم تمكينه من إبداء دفاعه ولا يؤدى هذا إلى البطلان لأن القانون لم يمنع هذا ولم يتعرض لهذا ولأن حقوق المتهم أن يبدى حقه فى الدفاع. دليل سلامة الاجراءات ويرى المستشار د. عادل عبد الباقى وزير الدولة الأسبق للتنمية الادارية وأستاذ القانون أنه بعد الوقفة الجماهيرية التى وافقت على الدستور الجديد وأنهت دستور مرسى والإخوان وبالتالى أنهت شرعيته وأسقطتها وأكدت على الشرعية الجديدة فهذه الملايين أكدت على شرعية الحكم الجديد منذ 30 يونيو 30 يوليو 2012 و26 يوليو وأخيرًا 14 و15 يناير الماضى قد حكموا شرعيًا بانهاء واسقاط شرعيته نهائيًا. ويضيف أن مرسى المعزول بتوكيله د. سليم العوا وموافقة على توكيله هو قرار منه بأنه موجود فى قفص الاتهام كمتهم يحاكم على جرائمة التى ارتكبها. ويضيف أن موافقة مرسى على توكيل المحامى هى موافقة ضمنية على سلامة الاجراءات وعلى سلامة الاجراءات التى اتبعتها هيئة المحكمة وعلى قبوله الخضوع للمحاكمة أمام هذه الهيئة وهو قبول واعتراف منه بسلامة المحاكمة وأنها لا محل للبطلان وهذا التوكيل فيه اعتراف بأنه يحتاج للدفاع عنه أمام هذه الهيئة الموقرة التى تحاكمه. ويضيف المستشار عادل أننى لست من أنصار إذاعة الجلسة على الهواء مباشرة لأن الجلسة والمحاكمة علنية ومسموح فيها بالحضور وهى جلسة مفتوحة وهى كافية واذاعتها على الهواء ليست فى صالح الأمن القومى المصرى وقد يترتب عليها إثارة الرأى العام من جانب الجماعات الإرهابية والمتطرفة، مؤكدًا أنه ليس من الضرورة اذاعتها على الهواء فالصحافة والاعلام متواجدة والجلسة لها صفة العلنية ويحضرها أعداد كبيرة من الاعلاميين والصحفيين ويقومون بتغطيتها. ويؤكد المستشار محسن هيكل رئيس محكمة الاستئناف بمحكمة استئناف الاسكندرية أن موافقة المتهم محمد مرسى على توكيل محامى للدفاع عنه فى القضايا المتهم فيها والتى يحاكم من أجلها لا تضيف جديدًا على شرعية المحاكمة أو كونه متهمًا يمثل أمام القضاء المصرى فاعترافه أو عدم اعترافه لا يمثل أى عقبة من عقبات التقاضى فهو يمثل أمام قاضيه الطبيعى ويتمتع بكافة حقوقه فى ابداء دفاعه وتحديد المحامى الذى يتولى الدفاع عنه وإبداء دفاعه وله أن يتحدث بما يعين له شريطة أن يكون ذلك الحديث منصبًا على الاتهام الموجه إليه فلا يخرج بحديثه عن موضوع الدعوى التى يحاكم من أجلها ولا يجعل من ساحة المحكمة منبرًا يروج فيه لأفكاره المتطرفة وادعاءاته الباطلة ولا يتخذ من المحكمة وسيلة لمخاطبة العالم الخارجى والتنظيم الدولى. كل هذه الأمور يمتنع عليه الخوض فيها لأنها خارج موضوع الاتهامات التى يمثل أمام المحكمة بمقتضاها ولرئيس المحكمة وهو المنوط به إدارة الجلسة ألا يسمح له بالخروج عن مقتضيات الدفاع أو تسييس القضية موضوع الاتهام أو التشهير بأشخاص أو بنظام أو الخوض بالحديث فيما لا يتصل بموضوع الدعوى وله أن يتخذ من الاجراءات الكفيلة بردع المتهم إذا ما تجاوز حدود دفاعه عن نفسه وأيضًا حتى لو كان المتهم مرسى رفض أن يوكل محاميًا للدفاع عنه فعلى المحكمة أن تنوب له المحامى صاحب الدور من نقابة المحامين ليتولى الدفاع عنه لأنه فى مواد الجنايات يجب أن يكون لكل متهم محامى يتولى الدفاع عنه.