ربما يكون إحدى مهام المتابع للأفلام، أن يقوم بترتيبها من أسفل إلى أعلى، أى أن يحدد مستواها فى مقياس وسلم الرداءة، من هذه الزاوية نستطيع القول إن فيلم (8%) الذى عرض ضمن موسم عيد الأضحى السينمائى، عمل متواضع وصغير كما هو متوقع ولكنه وهنا وجد المفارقة، ليس بشعًا كما فى كثير من أفلام السبكى التى لا تعرف منها رأسًا من قدمين. الفيلم الذى كتبه إبراهيم فخر وأخرجه حسام الجوهرى - الذى أخرج فيلمًا آخر من أفلام العيد هو عش البلبل- لايدعى أكثر مما هو مطلوب منه، مجرد استغلال شهرة فرقة غناء شعبية ومودرن فى نفس الوقت تحمل نفس اسم الفيلم (8%) وتضم أبطاله الثلاثى أوكا وأورتيجا وشحتة كاريكا، ينضم إليهم مى كساب، والفتى الشرير الجاهز أحمد سعيد عبد الغنى، وممثلتين غائبتين منذ سنوات فتغيرت معالمها وأعنى بهما ميرهان وأميرة نايف، كما يوجد طفل ظريف اسمه سولى، ولعل عنوان الفيلم الغريب هو الثانى من نوعه بعد فيلم عٌرض أيضًًَا هذا العام بعنوان (31/12) والمقصود به ليلة رأس السنة! ولكن إبراهيم فخر لم يتجاوز فكرة تفصيل فيلم بسيط ببطلة حدوتة تعطى الفرصة للجميع، وأوكا وكاريكا وأورتيجا لايقومون بأدوار تتجاوز شخصياتهم الحقيقية، مجموعة شباب ملامحهم تشبه مئات المتكدسين فى الحارات المصرية، يقومون بالغناء فى الأفراح، ويتنافسون على حب فتاة أقرب إلى الفتوات، تسوق توك توك، وتغنى معهم اسمها أزعرينا (مى كساب) شقيقتها مطلقة ولديها أطفال، أزعرينا ترتزق من الغناء والعمل كسائقة، ولذلك تحاول أن تحافظ على علاقة الأصدقاء الثلاثة الذين يتبادلون المقالب والعراك من أجل الفوز بقلبها، تطلب منهم أن يمهلوها لمدة أسبوع لاتخاذ قرارها باختيار واحد منهم كعريس، وبينما يعول أوكا ستة اخوة صغار وأمهم «أحلام الجريتلى» فإن أورتيجا يشتهر بمغامرات نسائية سابقة، ويعانى «شحتة كاريكا» من والد بخيل يتنازع معه عدد الزيتون فى كل وقت. المفاجأة أن الثلاثى أوكا وكاريكا وأورتيجا يؤدون فى الفيلم بتلقائية كاملة، ربما كان أظرفهم شحتة كاريكا بأذنيه الطويلتين، ثم أوكا بشعره الغريب، ولكن الثلاثة أقرب إلى نماذج غرائبية فعلاً، وهم يلعبون أدوارهم الفعلية. يوجد بالتوازى مع هذا الخط حكاية رجل الأعمال «أحمد سعيد عبد الغنى» الذى انفصل منذ سنوات عن زوجته «نورهان»، ولديه طفل صغير شقى، الأب كان يشك فى سلوك زوجته فطلقها وانعكس ذلك على سلوكه مع طفله، يتردد رجل الأعمال على ملهى ليلى يعمل فيه المتعهد الشرير أبوريا «ياسر الطوبجى» الذى يقرر أن يختطف الطفل مع اثنين من موظفى الملهى، ويسوء حظ العصابة الغبية، ويقومون بخطف طفل آخر تصادف وجوده فى حفل المدرسة الذى تغنى فيه مى وفرقة 8% ! عند هذه النقطة، يحاول كاتب الفيلم تعقيد الحبكة بلا داع اللهم إلا من أجل إطالة زمن الفيلم ورغم أنه الطفل كما رأيناه شديد الذكاء، ويستطيع أن يحل الموضوع ببساطة بذكر عنوان أسرته ووالده، إلا أن الفيلم يتجاهل هذ النقطة الواضحة، ويحاول الثلاثى أوكا وكاريكا وأورتيجا إرضاء مى التى تعلقت بالطفل، بينما يتهم الأب مطلقته بخطفه، وللتأكيد على أن من أفكار الحكاية مسألة محاولة الأم لرؤية أطفالها من زواج سابق، يتم انتزاع أطفال شقيقة أزعرينا منها فى مشاهد إضافية، وتعقد مسألة استعادة ابن رجل الأعمال، وإعادة الطفل بخطأ إلى أسرته وأمه مع أنه يمكن اختطافه لطلب الفدية أيضاً، وطبعًا بعد مزيد من المغامرات، ينجح فريق 8% فى إعادة ابن رجل الأعمال، وفى حفل عيد ميلاد الطفل، يظهر أحد منتجى الفيلم(حسام مهدى) بشخصيته الحقيقية كصاحب شركة إنتاج سينمائى ، أعجب بالفريق الغنائى الذى يقدم الراب الشعبى، وقرر أن ينتج لهم فيلماً يحمل نفس اسم الفريق «8%»!. رغم أن الفيلم فقير وقليل الإنتاج، لكنك تتحدث هنا عن سيناريو له رأس وقدمان، وهناك شخصيات رسمت ملامحها وفقًا لطبيعتها الشعبية، لديك ثلاثة أبطال تستطيع أن تبتلع أداءهم لشخصيات بسيطة متواضعة، ورغم أن مى كساب، التى أصبحت أكثر بدانة، قد مارست الاستظراف، إلا أن الفيلم ظهر فيه أيضاً سعيد طرابيك في دور أب غريب، حتى الطفل (سولى) كان مقبولًًا، ولديه حضور جيد أمام الكاميرا، بالإضافة إلى محاولة المخرج حسام الجوهرى إضافة لمسة غير تقليدية مثل مصاحبة موسيقى «الطيب والشرس والقبيح» للمعركة بين الثلاثى، طبعًا لا أستطيع أن أفهم بالضبط ما تقوله اغنيات 8% التى يتم التدخل لتحوير أصوات مؤديها، ولكن الحالة التى يقدمها أوكا وكاريكا وأورتيجا انتشرت بشكل كبير، وغيرت من الطبيعة التقليدية من شكل الأغانى الشعبية، فى الحارات والأفراح المصرية . فيلم «8%» لا يتجاوز هدفه، والغريب أنه رغم عدم احتوائه على هذا الحشد الذى نجده فى أفلام السبكى إلا أنه فيلم متماسك ويشبه حواديت أفلام الأبيض والأسود، إنه فى النهاية فيلم متواضع المستوى من الناحية الفنية، ولكنه ليس بشعًا أو عشوائيًا أو كارثيًا!