الجيل الرابع من الحروب عبارة لم أستطع أن أمحوها من ذاكرتى بعد أن سمعتها فى أحد المؤتمرات الصحفية للمتحدث العسكرى فهو لم يشرحها ولكنه اكتفى بطرح الأمر ربما ليتناوله الإعلام ويعرضه للجمهور، وبالفعل وجدت الكثير من المعلومات حول هذا النوع من الحروب بعد أن تفقدت الأنواع الأخرى التى تتضمن الحرب التقليدية وهى بين جيوش نظامية وأرض معارك محددة، أما الجيل الثانى وهو ما يعرف بحرب العصابات، أما الجيل الأقرب فهو الثالث وهو الحرب الوقائية أو الاستباقية وهو ما حدث فى العراق، أما الجيل الرابع فهو الأكثر خطورة والأكثر فتكا فأرض المعركة غير محددة والعدو يحارب من وراء ستار فهى حرب تعتمد على فكرة واحدة وصريحة هى إفشال الدولة بأيدى أهلها مما يجعلهم يتقبلوا أى تدخل خارجى لإنقاذ الوضع المتردى وحينها يظهر العدو صراحةً ليسيطر على أرض الفاشلين وقد بدأ الجيش الأمريكى تطوير هذا النوع من الحروب بعد أحداث 11 سبتمبر وأثناء بحثى عثرت على مقطع فيديو عبارة عن جزء من ندوة للبروفيسور ماكس مانوارينج الأستاذ الباحث فى الاستراتيجية العسكرية الذى خدم فى المخابرات العسكرية الأمريكية وكان يلقيها بمعهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى وتحدث خلالها عن انتهاء الحروب بشكلها التقليدى وانتشر نوع جديد من الحروب يسمى الجيل الرابع من الحروب غير المتماثلة يتمثل فى إنهاك وتآكل إرادة الدولة المستهدَفة ببطء وبثبات من أجل اكتساب النفوذ وإرغامها على تنفيذ إرادة أعدائها فى النهاية. والهدف من هذه الحرب كما شرح (مانوارينج ) ليس تحطيم مؤسسة عسكرية، ولا القضاء على قدرة أمة بل الهدف هو الإنهاك والتآكل ببطء لكن بثبات يرغم العدو على تنفيذ إرادتك فالغاية هى التحكم فى العدو والقاسم المشترك فى كل هذا هو زعزعة الاستقرار وقوات تنفيذ هذا المخطط ليس كل أعضائها رجال فقط بل بينهم نساء وأطفال وزعزعة الاستقرار فى الغالب تكون بوسائل حميدة إلى حد ما مثل أن ينفذها مواطنون من الدولة العدو باختصار إيجاد دولة فاشلة وأول ملامحها هو إيجاد أماكن داخل حدود العدو ليس له سيادة عليها عن طريق دعم مجموعات محاربة وعنيفة للسيطرة على هذه الأماكن وتنتهى بتحويل الدولة إلى دولة فاشلة وتبدأ بإخراج جزء من الدولة عن السيطرة فيصير خارج سيادة الدولة وذلك باستخدام مجموعات محاربة وعنيفة وشريرة فى جزء معين من الدولة لتصنع ما يطلق عليه إقليم غير محكوم أو بالأحرى هو إقليم محكوم من قبل قوى أخرى خارج الدولة وينتهى الأمر إلى دولة فاشلة يستطيع أعداؤها التدخل والتحكم فيها. فالمطلوب ليس إسقاط دولة العدو واختفائها بل المطلوب أن تظل موجودة بكامل مواردها وقدراتها، لكن اختطافها عن طريق التحكم الفكرى والسياسى لنظام الحكم والسيطرة عليه كاملا، بحيث تصدر القرارات والسياسات لا لتعبر عن إرادة الشعب بل لتعبر عن إرادة الدولة التى سيطرت ومن الممكن احتلالها.