قائمة اغتيالات مشكوك فى صحتها نشرتها إحدى الجرائد الخاصة تنظر فى أمر نشرها الآن جهات التحقيق، وبغض النظر عن صدق المعلومة أو كذبها فما حدث فى تونس قبل أسابيع قليلة من اغتيال اليسارى المعارض شكرى بلعيد يجعلنا نسأل: هل يمكن أن يلجأ فصيل سياسى أو يبادر أشخاص موتورون إلى التخلص من رموز بعينها لجر مصر إلى فوضى أو إثارة الجماهير ضد فصيل بعينه؟ وهذا أمر ليس بعيدا عن التحقيق، فمن الممكن بسهولة أن يتم إخراج عملية اغتيال من خلال سيناريو يحمل مشاهد لدراجة بخارية أو دراجتين أو أكثر يركبها ملثمون يرتدون جلاليب بيضاء ويطلقون لحاهم، ويحمل الجالسون على المقاعد الخلفية أسلحة آلية يوجهونها للضحية ويلوذون بالهرب، وفيما بعد عن طريق الشهود وربما يصور أحد ما الحادث بكاميرا تليفونه المحمول ويتم بث اللقطات وإلصاقها بالإسلاميين قبل حتى أن تشرع جهات التحقيق فى معرفة ما حدث. نفس السيناريو يمكن أن يتم عكسه فيصير الملثمون من «البلاك بلوك» أو غيرهم ممن سوف ينسبون لقوى المعارضة الليبرالية وكل شىء جائز فى أجواء الفوضى والتربص والكراهية التى نعيشها. قضية الاغتيالات السياسية يجب ألا نغفل عنها أو نستبعدها كلية من هذا الصراع السياسى الذى نعيشه. د. حسن شحاتة - الخبير التربوى وعضو المجالس القومية المتخصصة - قال ل «أكتوبر»: إنه لم يحدث فى مصر أن يكون القتل والتصفية الجسدية هو الطريق لإبعاد الآخر وتصفيته إلا فى عام 1945 ضد على ماهر باشا رئيس الوزراء الأسبق وتم اغتياله ليس لأنه معارض، ولكن لأنه باع الوطن للانجليز، مؤكدًا أن هذا لن يحدث فحتى المتشددين الذين لا يدركون قيمة المعارضة أو أهميتها فى تطوير المسار فإنهم لن يفعلوا هذا الجرم ومعظمهم يطلق كلمات فقط فيها تهديد، ولكنها لن تصل لمستوى الفعل لعدة أسباب.. أولها أن مصر دولة متدينة والتدين فيها يتطلب المعايشة مع الآخر لآلاف السنين مع اختلاف الاعتقاد المسلمين والمسيحيين وأيضًا مع اختلاف الظلم والقهر لأن الإخوان المسلمين عملوا خلال 80 سنة الماضية كمعارضة وبالتالى فإنهم يعرفون قيمة المعارضة التى هدفها إصلاح الوطن والمشاركة فى مسيرة الإصلاح. والسبب الثانى أنه لم يصدر عن المتدينين، وكذلك الليبراليين فعل القتل ويمكن أن تصل الأمور إلى إشاعة الفوضى والعصيان أو الاعتصام والمظاهرات، ولكنها لا تصل فى مصر إلى حد القتل أو الإقصاء البدنى ضد المعارضة بسبب عادات المصريين وتقاليدهم والعرف السائد فى مصر الذى لا يعترف بالقتل أو الإقصاء.. والسبب الثالث أن شواهد التاريخ منذ القدم حتى الآن لم تحدث فيها قتل المعارضة ويمكن أن تصل للسجن أو الاعتقال فقط! أخبار كاذبة ويضيف د. شحاتة أنه فى ضوء النظام الديمقراطى وشعارات الثورة نجد أن الحزب الحاكم يتحمل سب وقذف فى ذات رئيس الدولة وقيادات الدولة، وكذلك نشر الشائعات والأكاذيب والترويج للأخبار الكاذبة وتحدى السلطة على المستوى اللفظى ومستوى الكلام، مؤكدًا أنها لن تصل إلى مستوى الفعل بالإقصاء البدنى لذلك نجد أن الدولة حريصة على وضع الأمور فى نصابها. والسبب الرابع هو أن الدولة حريصة على تقوية المعارضة والإبقاء عليها، وكذلك حريصة على عقاب من يتلفظ بألفاظ توحى بالتهديد بالقتل ووضعه تحت طائلة القانون.. وهذا يعنى أن الديمقراطية تحمى المعارضة ولن تسمح حتى بسجن أو اعتقال المعارضة رغم تجاوزتها! ويشير شحاتة إلى أنه إذا كان الشعب المصرى يرفض العصيان والإذعان للبلطجية فإن أسلوب التعامل فى النظام الرئاسى الحالى قائم على الحوار والتفاوض والإقناع، وكذلك الحوار المفتوح دون شروط وهو حوار يستمع للمعارضة ونجده يتقبل المعارضة والدليل ما نشاهده مؤخرًا فى وسائل الإعلام (التليفزيون والإذاعة) التى أصبح يسمح بمساحات واسعة من المعارضة والرأى الآخر قد لا يسمح بها لأشد الموالين للنظام! ومن جانبها تتساءل د. محبات أبو عميرة أستاذ التربية بجامعة عين شمس: هل كا ما ينشره الإعلام وتنشره الصحافة صحيحًا؟.. مشيرة إلى أنه إذا كان الخبر صحيحًا أو غير صحيحًا الذى نشرته جريدة «الوطن» هذا يحدده تحقيقات النيابة وليس الصحافة والإعلام، فالصحافة أحيانًا تنشر معلومات صحيحة وأحيانًا تنشر معلومات خاطئة، موضحة أن الذين يقولون إذا حدث شىء فى تونس فإنه يحدث مثل فى مصر.. هذا شيئًا خاطئًا فالذى ساعد على إشاعة هذا الهاجس فى مصر بعض الفقهاء الذين قالوا إن المعارضين يجب أن يقتلوا! الجيش والشعب وتؤكد د. محبات أن هناك طرفين فى مصر يجعلنا نطمئن إلى أن مصر لن تصل إلى حد التصفية الجسدية للمعارضة وهما الجيش والشعب.. فهما يمثلان الحصن الأمين ضد الاغتيالات وضد تقسيم مصر أو الحرب الأهلية.. فالجيش المصرى يعد من أقوى الجيوش فى العالم العربى كله ولا بد أن نحافظ عليه. وأما بالنسبة للشعب فإن طبيعة الشعب المصرى غير الشعوب الأخرى سواء التونسى أو العراقى أو السورى لأننا فى مصر ليس هناك شيعة أو سُنة أو أكراد وغيرها من التقسيمات الدينية والعرقية والفئوية.. وإن كان قد ظهر فى مصر فى الفترة الأخيرة بعض التيارات والأحزاب السياسية على أساس المرجعية الدينية، ولكنها ليست بنفس التقسيمات الموجودة فى الدول العربية الأخرى. وتؤكد د. محبات أن الشعب المصرى يتميز بأنه يعرف متى يقف صف واحد ويتحد ويدافع عن بلده وقت الشدة. وتضيف د. محبات أنها متفائلة بطبيعتها، ولكن المطلوب أن نأخذ احتياطتنا من هذه التهديدات بأن نمنع الإفتاء فى الإعلام إلا من خلال متخصصين من الأزهر. والشىء الثانى لا بد أن يكون هناك قانون يجرم كل من تصدر منه فتوى من غير المتخصصين.. والشىء الثالث أخذ الاحتياطات ضد المتشددين والذين يسمون أنفسهم بالجهاديين الذين يحرمون الموسيقى والفن، وذلك لحماية آثارنا والأهرامات وقناة السويس وغيرها.. وهم فئة ترى التماثيل والأهرامات نوعاً من التحريم والدليل على ذلك ما شاهدناه مؤخرًا من تغطية وجه تمثال السيدة أم كلثوم، كذلك إزالة رأس تمثال عميد الأدب العربى د. طه حسين بالمنيا.. وهذا شىء فى غاية الخطورة ويحتاج لمواجهة حاسمة للحفاظ على الهوية المصرية، وإن كان لا يدعونا للقلق، لأن هؤلاء قلة الذين يقومون بهذه الفعال التى تقضى على ثقافة مصر، وهم أفراد يريدون أن يقودونا إلى عصر الجاهلية. وترى د. محبات أن الأزمة الحالية تأتى من طرفين.. السلطة والمعارضة، لأن الطرفين لا يريدان أن يقدما تنازلات رغم أننا أبناء دولة واحدة.. فلا بد أن يكون هناك تنازل من أحد الطرفين أثناء الحوار، مؤكدة أنه إذا كان هناك فعلا سمة اغتيالات أو تصفية للمعارضة فإنه فى هذه الحالة يجب أن يطبق عليهم قانون الطوارئ، مؤكدة أن الجيش والشعب يستطيعان أن يمنعا هذا النوع من الحوادث، فالسمات والجينات للشعب المصرى مختلفة عن الشعوب الأخرى.. وربنا يسلم. فضائيات آخر الليل وتتهم د. محبات الإعلام والقنوات الخاصة الدينية والتى تعرف بفضائيات «آخر الليل» بأنها أحد العوامل الرئيسية التى تؤدى إلى مثل هذه الحوادث وهذا العنف بين الشعب والتى يظهر فيها بعض الشخصيات غير المؤهلة التى تقدم الفتوى (عمال على بطال) والتى لا أساس لها بصحيح الدين، ومن الممكن أن يتهور أى شخص فى ضوء هذه الفتاوى المحرضة وغير الصحيحة، وتحدث الكارثة لذلك نقترح بأن يكون هناك قانون ضد أى شخص يقوم بالإفتاء ليس لديه مرجعية، وكذلك الدعاة والشيوخ الذين يلقون خطبة الجمعة.. لا بد من مراقبتهم من وزارة الأوقاف لأنه بعضهم يستشهد بالأحاديث النبوية وببعض الصحابة وأحيانًا يبيحون قتل كل من له رأى معارض، مطالبة بضرورة وجود قانون يمنع حمى الإفتاء من غير المتخصصين أو من غير ذو المرجعية، وأن يكون الإفتاء مسئولية الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف.