مستقبل مصر خلال المرحلة الانتقالية وفترة ما بعد وأثناء الانتخابات التشريعية والرئاسية تناولتها «أكتوبر» فى حوار صريح مع عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية المنتهية ولايته والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية. كما تضمن الحوار تفاصيل تتعلق بالملفات الساخنة «التنمية - مكافحة الفساد - العشوائيات - الفقر - البطالة» وكذلك الانتقادات التى وجهت إلى الجامعة العربية خلال فترة ولايته. بالإضافة إلى رؤيته للعلاقة مع إيران ومستقبل الثورات العربية وعلاقته بملف تصدير الغاز لإسرائيل والتى اعتبرها تشويها لإنجازاته التى قدمها خلال فترة عمله الدبلوماسى. *فى البداية لماذا قررت الترشح لرئاسة الجمهورية؟. **لأضع كل ما أملك من إمكانيات وخبرة فى خدمة مصر وشعبها العظيم. *خلال جولتكم فى مدينة الإسكندرية جلست على مقهى بلدى وسرت على الأقدام فى المناطق الشعبية ماذا رأيت وكيف وجدتها؟. **الشعب المصرى أصيل وتحمل الكثير من الأعباء وفضلت خلال جولتى بالإسكندرية الاستماع بشكل مباشر منه والتعرف على ما وصلت إليه الأمور فى البلاد وحرصت على زيارة المسجد والكنيسة والمناطق الشعبية التى تعج بالمطالب المشروعة مثل الحق فى الحصول على خدمات صحية وتعليمية. *ألا ترى أن الزيادة السكانية تعرقل كل محاولات التنمية؟. **إن كان ذلك صحيحاً فماذا نقول عن سكان الصين وغيرها من الدول التى تشكل كثافة سكانية عالية، وهذا المبرر غير صحيح لقد تعرض المجتمع لهزات كبيرة جدا وأصاب الخلل معظم الملفات وكان هناك تراجع لدرجة أن مصر التى كنا نفخر بها أصبحت فى مؤخرة الدول، وقد حذرت من ذلك قبل اندلاع الثورة بأسبوع وقلت إن ما يحدث فى تونس سوف ينتهى بالانهيار بسبب مستوى المعيشة الذى وصل إليه الشعب وطالبت بأن تعتمد مصر أجندة تقوم على أسس ثلاثة هى الديمقراطية والإصلاح والتنمية. *هل فعلا مصر معرضة للانهيار كما يردد البعض؟. **البعض يقول ذلك بسبب تراجع الاحتياطى.. ولكنى أرى الأمر مختلفا فالوضع يمكن أن يتحسن ولابد من عقد لجان متخصصة للتعامل مع ملفات كثيرة ساخنة مثل الصحة والزراعة والتعليم والتصنيع ويجب أن يحدث ذلك مع الأيام الأولى من تولى الرئيس المنتخب الذى يستوجب عليه الاستعانة بأهل الخبرة بدلا من أهل الثقة كما كان يحدث فى عهد النظام السابق. بالإضافة إلى أن الاهتمام بمشروعات كبرى مثل ممر التنمية الذى سيوفر حوالى 250 ألف فرصة عمل سنوية وأن تهتم مصر بكل الصناعات التى تضعها فى المكان اللائق اقتصاديا ويجب ألا ننسى أننا تمكنا فى الأربعينيات من صنع الطائرات وهذا ليس بجديد علينا لذلك فعلى الرئيس القادم الاهتمام بالمجتمع وفتح الباب للاقتصاد الوطنىالذى يمكن مصر من بناء نفسها. *هل هناك حل سريع لاستيعاب البطالة التى يعانى منها الشباب؟. **يمكن حل مشكلة البطالة عن طريق العودة إلى تنشيط ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة وإدارتها بما يتناسب ومتطلبات السوق. *ماذا ستفعل مع ملفات الفساد فى حالة فوزك برئاسة الجمهورية؟. **سيتم التعامل مع الفساد فى الملفات الهامة بشكل حاسم حتى يتم تطهير البلاد والبناء على نظافة لأن الفساد انتشر كالمرض الخبيث، بسبب القوانين المليئة بالثقوب وعدم تنفيذ أحكام القضاء. *كيف نقضى على العشوائيات من وجهة نظرك؟. **العشوائيات تعنى الفقر وبالتالى لابد أن نقضى عليه من خلال التنمية وفرص العمل المتكافئة للجميع التى تأتى عبر التخطيط ثم بعد ذلك يكون القضاء على العشوائيات سهلا. *كيف يمكن معالجة الانفلات الأمنى؟. **لابد أن يعمل الجميع على إعادة الشرطة بكامل طاقتها إلى الشارع مع التأكيد على احترامها للمواطن وحقوقه وعدم التعرض للمواطنين الشرفاء. *وما هو موقفك من ملف الفتنة الطائفية؟. **النظام السابق أساء التعامل مع هذا الملف وقد أكد الجميع فى أصعب المواقف أنهم مصريون وخلال زيارتى للبابا شنودة تحدثنا عن مستقبل مصر وفى الإسكندرية قمت بزيارة المسجد والكنيسة ولمست هناك حجم المحبة والود والاحترام المتبادل بين عنصرى الأمة. *هل أنت مع تمديد الفترة الانتقالية؟. **لست معها وأطالب بالإسراع فى بدء العملية الديمقراطية لأن الشعب المصرى مستعد للممارسة الديمقراطية ولا يجب أن نخرجه منها. *أنت مع الانتخابات أولا أم الدستور أولا؟. **أنا مع الانتخابات الرئاسية أولاً ثم انتخاب جمعية تأسيسية لصياغة الدستور ثم إجراء الانتخابات التشريعية. *ماذا عن برنامجكم الانتخابى؟. **الجولات التى أقوم بها حاليا هى المصدر الأساسى لبرنامجى الذى سأضعه وفق احتياجات الشعب المصرى حتى يخرج معبرا وبصدق عن طموحات الجميع ويحترم آماله فىمستقبل أفضل.. لذلك فإننى أقوم بتسجيل كل مطالب الشعب خلال زياراتى المختلفة التى أقوم بها فى كل محافظات مصر، وقراها ونجوعها لتكون برنامجى الانتخابى. *هل ستتحالف مع أحزاب بعينها خلال الانتخابات الرئاسية؟. **أنا مرشح مستقل وسأظل كذلك ولن أتحالف مع أى حزب للترشح للرئاسة ولكن بينى وبين كل القوى السياسية حوار ونقاش وأرفض إقصاء أى فصيل فى المجتمع. *ما هو تصوركم للعلاقة بين الجيش والرئيس المصرى القادم؟. **مصر تدخل مرحلة جديدة من الديمقراطية، والجيش المصرى «وطنى» يحترم الجميع ودوره حماية سيادة البلاد، كما أنه مؤسسة رئيسية من مؤسسات الدولة والمجتمع. *هل صحيح ما يتردد حول تفكيرك فى اختيار نائب لك فى حال فوزك من منافسيك؟. **صحيح وأنا ملتزم بذلك وما المانع فكلنا مصريون وحريصون على مستقبل البلاد. *فى حالة فوزك بالرئاسة هل ستقوم بنفس الجولات الشعبية التى قمت بها فى الإسكندرية وتجلس على مقهى شعبى؟. **أنا واحد من المصريين وهم منى وأتمنى أن نصل بمصر إلى أفضل حال وهذا لن يأتى بفجوة بين الحاكم والشعب وإنما من خلال المشاركة والتفاعل مع كل فئاته وقد سعدت جداً وأنا أشارك المواطنين ولو لساعات طقوسهم وعاداتهم، ولدى قناعة بأن العمل الميدانى للرئيس أو أى مسئول سيكون إضافة كبيرة له ومصر الجديدة التى نحلم بها لن تكون إلا عبر الالتحام بين الشعب والحاكم. *بماذا تفسر نشر وثيقة تفيد بموافقتكم على تصدير الغاز لإسرائيل فى هذا التوقيت؟. **هذا كلام «مفبرك» والخطاب الذى نشر يقول إن وزير الخارجية وافق على بدء دراسة أولية لتوصيل الغاز لمناطق غزة وإسرائيل، والخطاب لم يكن سريا وكان موجودا ومتاحا لأى شخص وكان ذلك عام 1993 فى اجتماع القمة الذى جمع كلا من مصر وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين، وكمناورة سياسية على إسرائيل لإتمام عملية السلام، لكن فى عام 1994 ثبت أن إسرائيل بدأت تماطل ووقتها اصطدمت مع إسحاق رابين فى مؤتمر الدارالبيضاء وفى نفس العام عقدت قمة الإسكندرية التى قررت فيها الدول العربية وقف تنفيذ أى اتفاقيات اقتصادية مع إسرائيل أى أن ذلك كان قبل التعاقد على اتفاقية الغاز الفاسدة التى أضاعت على مصر مليارات الدولارات لأكثر من 12 عاما، وقد توقفت الفكرة تماما فى عام 1994. *كيف ستتعامل مع هذه الفبركة؟. **سوف أطلب من وزير الخارجية المصرى فتح التحقيق فى هذا الملف بأكمله وعرض ذلك على الرأى العام لأن الخطاب يحتوى على إشارة بأن هناك دراسة أولية لتوصيل الغاز لغزة وليس لإسرائيل وبالتالى هناك تزوير كبير فى نشر هذه الرسالة.. لأننا وقتها أوقفنا التعامل مع إسرائيل وتوقفت الدراسات والمباحثات وبالتالى الخطاب الذى نشر مفبرك بهدف تشويه عمرو موسى وهذا ما لم أقبل به لأنه خيانة عظمى وعملية اغتيال سياسى ولن يثنينى عن هدفى للاستمرار فى المنافسة على كرسى الرئاسة. *هل تكريمك من قبل عدد كبير من قادة الدول العربية والغربية بمناسبة انتهاء ولايتكم فى الجامعة العربية، يمكن تفسيره بأنه امتداد لدعمك كمرشح للرئاسة؟. **التكريم الذى حظيت به تقدير لما قدمته الجامعة العربية للعمل العربى المشترك إضافة إلى المكانة الدولية التى وصلت إليها الجامعة ولأول مرة يتم دعوة الجامعة للمشاركة فى قمة مجموعة الثمانية لدعم التحول الذى تشهده كل من مصر وتونس، وبالتالى لا يمكن إغفال ما حققته الجامعة العربية على مدار عشر سنوات -لكن من يقل إن موسى لم يفعل شيئا فى الجامعة فهو يقصد طعنى شخصيا، وعليه أرجو ممن ينتقدنى شخصيا ألا ينتقد الجامعة العربية لأنها قامت بأمور جليلة والقول بأنها لم تقم بشىء تزوير فى التاريخ، أما انتقادى لأسباب انتخابية وغيرها وهى معروفة ومكشوفة فأنا مستعد لها وللرد عليها. *وكيف ترد على التهم الموجهة للجامعة بأنها لم تدافع عن العراق ولم توقف تقسيم السودان وغيرها من المشاكل الراهنة؟. **السودان لم ينقسم بسبب الجامعة العربية والحقيقة أن التقسيم حدث بالرغم من عمل الجامعة العربية لإيقاف التقسيم الذى وقفت وراءه قوى دولية لذلك يجب أن يفهم الرأى العام لماذا انقسم السودان وعلى من تقع المسئولية؟ إنما أن يأتى بعض الكتاب للقول بأن ذلك حدث بسبب ضعف الجامعة العربية أو أمينها العام فإن هذا تزوير وتضليل للرأى العام وعليهم أن يذكروا الحقيقة بأن الجامعة حاولت وسعت وأن يفرقوا بين الدول والجامعة ودور عمرو موسى وأن تسمى الأشياء بمسمياتها وأن تأخذ حجمها الطبيعى، ويجب أن تذكر الايجابيات التى تمت وهىجيدة جدا وسوف تكتب وتسجل وسيتم نشرها لتوضيح مدى الكذب والافتراء على منظمة عربية شامخة ساهمت فى العديد من الإنجازات لدعم العمل العربى المشترك وربطه بالتعاون مع المنظمات الإقليمية الأخرى، إضافة لاهتمام دول العالم بالتنسيق مع الجامعة العربية فى ملفات كثيرة تخص الأمن والسلم الدوليين. *إذا انتقلنا إلى ملف السياسة الخارجية كيف ترون العلاقة مع إيران؟ **لابد من حوار يشمل كل القضايا العربية والإقليمية وقد طلبت ذلك منذ فترة عندما كنت وزيرا للخارجية ثم طرحت ذلك مجددا فى القمة العربية التى انعقدت بقمة سرت فى ليبيا من خلال طرحى لورقة دول الحوار. *هل تعتقد أن العرب قادرون على دعم إقامة دولة فلسطينية وأن هذا الحلم سيتحقق؟. **الجميع يعمل لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس واستعادة حقوق الشعب الفلسطينى وسوف نحقق ذلك، والثورات العربية لن تسمح بأن يتجاهل العالم القضية بل بالعكس العالم العربى متمسك بانتصار مبادرة السلام العربية. *كيف ترون مستقبل ثورات سوريا واليمن؟. **سوريا تقع فى منطقة استراتيجية ونتمنى أن يحدث التغيير بشكل سلمى ونفس الأمر بالنسبة لليمن وأعتقد أن المبادرة العربية الخليجية يمكن أن تساهم فى حل الأزمة. *.. إلى أين تذهب ثورة ليبيا؟ **لابد من حل سلمى أيضاً للأزمة فى ليبيا ووقف إطلاق النار خاصة أن عمليات حلف الناتو تسببت فى قتل المدنيين وليس حمايتهم. ومن هنا نرى أهمية الوقف الفعلى لإطلاق النار تحت إشراف دولى، وقد اتفقنا خلال الاجتماع الذى انعقد مؤخرا فى جامعة الدول العربية وحضره ممثلون عن منظمات دولية وإقليمية: «الجامعة العربية، الأممالمتحدة، منظمة المؤتمر الإسلامى، الاتحاد الأفريقى، الاتحاد الأوروبى» على وضع خطة للعمل السياسى وتجنيب الشعب الليبى القتل والدمار الذى يتعرض له حاليا.