يبدو أن ذاكرة كوهين قوية جدًا.. لدرجة أنه يُذكِّر العم سام بتصريحات مضى عليها ثلاث سنوات للرئيس مرسى! وليس غريبًا أن تتزامن تصريحات البيت الأبيض حول إهانة الرئيس المصرى لليهود.. مع تصريحات مشابهة أو قريبة للسفيرة الأمريكية بمصر فكلها تأتى فى إطار مخطط متكامل لإجهاض الثورة المصرية وإضعاف مصر وأهلها، وفى سبيل ذلك الهدف يستخدمون كل الأساليب القذرة وغير المشروعة. من المؤكد أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل – والغرب عمومًا- يدركون أن سقوط النظام البائد كان نقطة تحول استراتيجية كبرى..فى المنطقة، والعالم أيضًا ورغم ادعائهم تأييد ثورة يناير ودعم عملية التحول الديمقراطى فإن واشنطن وحلفاءها وأذنابها يمارسون كل أنواع الضغوط ضد أرض الكنانة ويوزعون الأدوار بين الأشقاء والأصدقاء.. والأعداء! تصريحات البيت الأبيض تحدثت عن معاداة الرئيس مرسى للسامية.. وهى تنسى أو تتناسى أننا ساميون..فى الأصل! ويبدو أنهم يقصرون تعريف السامية على اليهود والصهاينة فقط.. شعب الله المختار الذى يمارس أبشع ألوان الظلم والطغيان.. وكأن موالاة السامية من شروط دخول البيت الأبيض وفتح أبواب واشنطن على مصراعيها لنيل الرضا والبركات.. والمعونات! الولاياتالمتحدة تتعامل مع قضايا المنطقة من منظور إسرائيلى أمنى خالص..فهى تسند هذا الملف الحيوى للصهاينة واليهود فى واشنطن وفى أنحاء كثيرة من العالم.. فأمن إسرائيل هو محور الاستراتيجية الأمريكية بالشرق الأوسط.. إضافة إلى تأمين موارد النفط، أما المحور الثالث فهو منع ظهور أنظمة إسلامية قوية يمكن أن تحقق الاستقرار والرخاء لشعوبها.. من خلال عملية ديمقراطية حقيقية وجادة. وعندما نعلم أن معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط «MMRY» هو الذى فتش ونبش وترجم هذه التصريحات للرئيس مرسى قبل ثلاث سنوات.. ونعلم الهوية والانتماءات الصهيونية لهذا المعهد ندرك السبب فى إعادة إحياء هذه التصريحات الآن.. وفى هذا التوقيت بالذات. فبعدما فشلت كل محاولات واشنطن مع أذنابها فى الداخل لإفشال النظام الجديد ومنع الاستفتاء على الدستور.. بدأت تبحث عن ذرائع أخرى للهجوم على مصر.. ومنها هذه التصريحات القديمة من ملفات كوهين.. وربما كان هذا تمهيدًا للحديث عن تقليص المساعدات أو إلغائها.. أو على أقل تقدير ربطها بشروط صارمة وقاسية.. مهينة لمصر وشعبها. وهذه هى الإهانة المرفوضة من الجميع وبكل المقاييس.. وليست إهانة اليهود والمحتلين من المستوطنين، فنحن لا نسعى للعداء ولا نريد قطع المعونات.. ولكننا لا نقبل الضغوط والإملاءات والتهديدات..حتى ولو خسرنا مئات المليارات وليس فتات المساعدات التى لم تعد تغنى أو تُسمن من جوع. أما غضب واشنطن من «وصف مرسى للمستوطنين اليهود بأنهم محتلون لأرض فلسطين ومطالبته بمقاومة الصهاينة المجرمين الذين أهانوا أرض فلسطين والفلسطينين».. فمقاومة الاحتلال واقع لا ينكره أحد.. بل تقره كل المواثيق والمعاهدات الدولية، فإسرائيل وليس المستوطنون وحدهم.. يحتلون أرض فلسطين منذ عشرات السنين.. ولم تفعل واشنطن سوى دعم الاحتلال والعدوان والظلم والطغيان.. بكل الوسائل، بالمال والسلاح والضغوط السياسية والاقتصادية.. من أجل عيون كوهين الصهيوأمريكى. نعم هناك احتلال لأرض فلسطين.. بل إن فلسطين هى الدولة الوحيدة المحتلة فى العالم الآن.. ولا تحرك واشنطن ساكنا لرفع الظلم عن هذا الشعب الذى أهين على مدى عشرات السنين.. هذه هى الإهانة الحقيقية يا أيتها الإدارة الأمريكية، الإدانة بالاحتلال والقتل والتشريد وطرد مئات الآلاف من الفلسطينيين.. وليس استرجاع كلام فات ومات منذ ثلاث سنوات.. وتم استدعاؤه عمداً لافتعال أزمة متعمدة ومقصودة فى هذا التوقيت. ولعلنا نتذكر سجل أمريكا ذاته الحافل بالخزى والعار والإهانات للإسلام والمسلمين على كل المستويات.. الرسمية والإعلامية والسياسية. أمريكا التى تعاقب الشعوب والدول الإسلامية فقط وأغلب حروبها خاضتها ضد دول مسلمة.. وحتى ضد شعوب تتطلع إلى التقدم فتنطلق صواريخ وطائرات واشنطن تحصد مئات الآلاف من الأبرياء على مدى سنوات طويلة.. وكلهم من المسلمين. أمريكا شاركت بشكل مباشر فى دعم كل الاعتداءات الإسرائيلية ضد مصر وفلسطين وكل الشعوب العربية والإسلامية.. وتعهد رئيسها الأسبق بوش بنقل ساحة المعركة إلى 60 دولة.. يقصد إسلامية وإن لم يحددها بالاسم، وجاء أوباما الذى يزعمون أن له جذوراً إسلامية ليسير على ذات النهج. لماذا؟ لأنه رئيس مكبل بالقيود والأغلال الصهيونية وهكذا سار كل رؤساء أمريكا، وسوف يستمرون.. لأن العلاقة الأمريكية الإسرائيلية ليست سياسية أو استراتيجية فقط بل علاقة أيديولوجية لاهوتية كهنوتية عميقة. ونحن نتساءل: هل هاجمت أمريكا إسرائيل يوما؟ لم ولن يحدث ولكن هذا حدث ويتكرر وسوف يستمر ضد الدول الإسلامية وبؤساء العالم فقط، ولماذا لم يعاقب المسئولون الأمريكيون والجنود الأمريكيون بالجرائم ضد الإنسانية التى ارتكبوها فى أفغانستان والعراق واليمن وباكستان والسودان.. وحتى ليبيا قبل سقوط نظام القذافى؟ لماذا لم تتحرك محكمة الجنايات ومنظمات حقوق الإنسان لتسجيل هذه الجرائم ورفع الدعاوى القضائية ضد قادة وجنود الاحتلال الأمريكى الإسرائيلى؟ لأنه عالم يكيل بمكاييل عديدة.. وليس مكيالين فقط!! لأنه عالم كاذب يدعى الحرية والديمقراطية.. ويمارس القتل والتعذيب والتجويع على أرض الواقع، لأنه عالم لا يحترم سوى الأقوياء.. ولا مبادئ أو قيم لديه، يتحدثون عن إهانة اليهود.. ويتجاهلون جرائمهم وسجل الخزى والعار والفضائح الجنسية التى أصبحت معتادة ومقبولة فى مجتمعات تحللت وتفسخت وفسدت.. حتى النخاع. يتحدثون عن إهانة مرسى لليهود.. ويتناسون الإهانات المتكررة والمتلاحقة لأكثر من 1.5 مليار إنسان مسلم وسب رسولهم ودينهم وحرق قرآنهم.. أقدس وأغلى ما لدينا.. هذه هى الإهانات الحقيقية يا سادة البيت الأبيض، أما استدعاء الذكريات وصناعة الأزمات فهى حرفتكم المكشوفة والبائرة ولم تعد تنطلى على أحد. لقد طالبت واشنطن الرئيس مرسى بتوضيحات عن تصريحات من زمن فات.. رغم أنها مطالبة باعتذارات وتعويضات هائلة عن الجرائم التى ارتكبتها وترتكبها فى حق الشعوب العربية والإسلامية، بل إن كنوز أمريكا والكون كله لا تساوى نقطة دم مسلمة طاهرة أراقها الأمريكان وأذنابهم فى تل أبيب. إن أمريكا وسفيرتها مطالبة بتوضيحات قاطعة عن تدخلها فى الشأن المصرى.. وعقد لقاءات مع أطراف داخل مصر.. بل ضغطها الشديد لمنع إصدار الدستور وإفساد الحياة السياسية المصرية، أما تصريحات كوهين واشنطن فلا قيمة لها لدينا. الأهم من ذلك أن نواصل مسيرتنا للم الشمل وإعادة ترتيب البيت من الداخل.. وتتمنين الجبهة الداخلية استعداداً لما تخططه واشنطن وتل أبيب. يجب أن نواصل العملية الديمقراطية وبناء مؤسسات الدولة.. وفقا للدستور الجديد، هذا هو السبيل لمواجهة مؤامرات الأعداء والأشقاء أيضاً! فما يحدث فى بعض العواصم العربية.. ليس بعيداً عما تدبره الأيادى الغربية الخبيثة. وفى ذات الوقت يجب تدعيم علاقاتنا مع الأصدقاء والمقربين وفى مقدمتهم الأشقاء فى السودان وتركيا وليبيا.. نعم إن المحيط الحيوى لمصر يمكن أن يمتد إلى الجنوب والغرب.. وحتى الأصدقاء والأشقاء فى فلسطين.. دون استثناء، كما يجب توسيع دائرة العلاقات الدولية وتقويتها مع روسيا والصين والهند.. على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. نعم إن أعداءنا يعلمون تماماً أن انطلاقة مصر تعنى تغيير وجه المنطقة والعالم.. دون مبالغة أو تهويل.. لذا فإن مؤامراتهم تتصاعد كلما تقدمنا فى هذا السبيل.. سبيل العزة والكرامة والاعتماد على الذات.. وقبل ذلك الاعتماد على رب العباد.