عبد الهادي القصبي: ملف حقوق الإنسان يحظى باهتمام بالغ يتجسد في الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان    بدء مؤتمر الهيئة الوطنية للانتخابات لإعلان نتائج جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    بدء امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة بنى سويف    جامعة بني سويف ضمن أفضل 100 جامعة في التصنيف العربي لعام 2025    استقرار سعر الدولار اليوم الخميس 25/12/2025 أمام الجنيه المصرى عند 47.54 للشراء    بحضور علي جمعة ونبيلة مكرم، "الصديقية" و"أورثوميدكس" تطلقان مبادرة شاملة لتمكين "ذوي الهمم"    وزير التعليم العالي يشهد توقيع اتفاق ثلاثي مع الخارجية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي    وزير التموين: تطوير مكاتب السجل التجاري أولوية لتحسين جودة الخدمات ودعم مناخ الاستثمار    وزير الخارجية يكشف موقف مصر من مطالب بعض الدول بحقوق المثليين    الهلال الأحمر المصري يدفع ب5900 طن مساعدات إنسانية و شتوية عبر قافلة زاد العزة ال102 إلى غزة    قصف إسرائيلى على مناطق متفرقة فى غزة.. جيش الاحتلال يستهدف المخيمات فى جباليا وخانيونس.. مصر تدفع ب 5900 طن من المساعدات الإنسانية إلى الأشقاء.. تل أبيب: لن نخرج من القطاع أبدا وننفذ مناطق أمنية عازلة    صحف جنوب أفريقيا: بروس يجهز مفاجأتين ل الفراعنة.. وصلاح السلاح الأخطر    البوروندي باسيفيك ندابيها حكما للقاء مصر وجنوب أفريقيا في كأس الأمم الأفريقية    رجال سلة الأهلي يصلون الغردقة لمواجهة الاتحاد السكندري بكأس السوبر المصري    سقوط 4 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار بروض الفرج    الإعدام شنقا لعامل قتل صديقه بسبب خلافات فى المنوفية    المؤتمر الدولي لدار علوم القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    المؤتمر الدولى لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    وزير الصحة يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية    بيان عاجل من الخارجية السعودية بشأن أحداث حضرموت والمهرة في اليمن    استشهاد لبنانيين بغارة إسرائيلية في البقاع    محافظ الإسماعيلية يهنئ الأقباط الكاثوليك بعيد الميلاد المجيد    منع التغطية الإعلامية في محاكمة المتهمين بواقعة وفاة السباح يوسف    إصابة عضلية تبعد حمدالله عن الشباب لأسابيع    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    مصرع 3 تجار مخدرات وضبط آخرين في مداهمة بؤر إجرامية بالإسكندرية    وزير الخارجية: سنرد بالقانون الدولي على أي ضرر من سد النهضة    قرار هام مرتقب للبنك المركزي يؤثر على تحركات السوق | تقرير    الصور الأولى لقبر أمير الشعراء أحمد شوقي بعد إعادة دفن رفاته في «مقابر تحيا مصر للخالدين»    الكيك بوكسينج يعقد دورة للمدربين والحكام والاختبارات والترقي بالمركز الأولمبي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    أحمد البطراوي: منصة "مصر العقارية" الذراع التكنولوجي لوزارة الإسكان وتستوعب مئات آلاف المستخدمين    أشرف فايق يطمئن الجمهور على حالة الفنان محيى إسماعيل: تعافى بنسبة 80%    «تغليظ عقوبات المرور».. حبس وغرامات تصل إلى 30 ألف جنيه    «مدبولي»: توجيهات من الرئيس السيسي بسرعة إنهاء المرحلة الأولى من حياة كريمة    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي ويؤكد دعم تطوير المنظومة الصحية    المندوب الأميركي لدى "الناتو": اقتربنا من التوصل لتسوية للأزمة الأوكرانية    25 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    تواصل تصويت الجالية المصرية بالكويت في ثاني أيام جولة الإعادة بالدوائر ال19    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    بشير التابعي يكشف عن الطريقة الأنسب لمنتخب مصر أمام جنوب إفريقيا    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    طقس الكويت اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد غياب أكثر من 4 سنوات.. ماجدة زكي تعود للدراما ب «رأس الأفعى»    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسب الله السادس عشر
نشر في الشعب يوم 23 - 09 - 2006


بقلم : محمود شنب
[email protected]
[email protected]

رجل الدين الحقيقى هو الذى لا يشغله شاغل عن دعوة الحق وعن إقامة شرع الله فى الأرض وإنكار المظالم ونشر العدل بين كل الخلائق ، ورغم أن هذه المسئولية يتساوى فيها الجميع مسلمًا ومسيحيًا .. يهوديًا وهندوسيًا .. إلا أنها تزداد وتتعاظم على رجل الدين المسيحى أكثر من غيره خصوصًا فى هذه الأيام حالكة السواد حيث أن المظالم كلها آتية من الغرب ونابعة من فكره العدوانى وشراهته لأكل حقوق الآخرين ونهب ثرواتهم وفرض التخلف عليهم ... لقد أتى الجشع الغربى على كل معانى الإنسانية والرحمة فى العالم ، ورجل الدين المسيحى مسئول مسئولية عظيمة عن كل ما يحدث ويعد مشاركًا مباشرًا لقادة الغرب فى كل جرائمهم وأفعالهم .. مسئولية تتعاظم لكون هذا الزمن زمنهم .. زمن الجور الغربى المتنامى المليء بالجرائم والمآسى والحملات الصليبية التى نالت من كل المستضعفين فى الأرض.
لم يترك بوش وزعماء الغرب الصليبى جرمًا إلا واقترفوه ، ولا سلاحًا إلا واستخدموه ، ولم يتركوا معوقًا إلا وزادوه إعاقة وضعفًا ، ولا طفلا يتيمًا إلا وأزادوه يتمًا وجعلوه يتيمًا ومسكينًا بقتل أمه أو اعتقالها .. لم يتركوا صديق إلا وسلبوه صديقه ولا شقيق إلا وحرموه شقيقه ولا زوج إلا وحرموه زوجه ولا أم إلا وحرموها ولدها .. لم يتركوا فى بلاد الإسلام شيئًا قائمًا غير عروش الحكام الذين ألفوا الطاعة وعيش الخدام.
إن المصائب عظيمة والكوارث كبيرة والجرائم شنيعة والدمار والخراب يلف عالمنا الإسلامى شرقه وغربه شماله وجنوبه سلمًا أم حربًا .. رضا أم غصبًا ، ورجال الدين المسيحى صامتون راضون بكل أشكال الأذى والظلم الذى أصابنا غير عابئين أو مقاومين أو مستنكرين لهذه الجرائم التى غطت البشرية!!
رجل الدين المسيحى يتحمل الوزر الأعظم على ما وقع من جرائم فى هذا العصر الرهيب الذى لا يقر مبادئ ولا يعترف بحقوق فصوت رجل الدين المسيحى من المفترض أن يكون قويًا بقوة أمته فى الوقت الذى نجد فيه صوت رجل الدين الإسلامى ضعيفًا بسبب ضعف أمته وبسبب الضغوط الواقعة عليه ، صوت رجل الدين المسيحى فى هذه الأيام واضحًا وإن كان كاذبًا وصوت رجل الدين الإسلامى باهتًا وإن كان صادقًا بسبب كثرة التلون فى الخطاب بغية إرضاء الحاكم وإرضاء الحق وهذا أمر صعب إن لم يكن مستحيلا..
رجل الدين الإسلامى خائرًا بخوار نظامه وحكامه وضعف أمته ، فإن قال الحق لا يلتفت إليه وإن أبدى الحكم الشرعى على ما يحدث من جرائم وانتهاكات اتهموه بالتحريض والتشجيع على الإرهاب!!
ما عاد يملك شيوخنا غير الشجب والإستنكار ، والدعاء على الأعداء ليس فى العلن أو على المنابر وإنما فى بيوتهم المغلقة وحجراتهم الضيقة.
لقد افتقدنا العالِم الذى كان يمد قدمه ويفرد ساقه فى حضور الحاكم والمندوب السامى .. لقد كان هو السامى والآخرون وضعاء .. كان هو المتحدث والباقون إصغاء .. كان نزوله إلى الشارع أشد أثرًا من نزول الدبابات المجنزرة وكان تحليقه على المنبر أشد من تحليق الطائرات .. منبر رسول الله اليوم صار خاليًا إلا من أشباه العلماء ممن يحدثوننا فى كل وقت وكل مناسبة عن نواقض الوضوء ولا يحدثوننا أبدًا عن فريضة الجهاد ومقاومة الأعداء .. يحدثوننا عن حقوق النساء ولا يتحدثون أبدًا عن حقوق الوطن أو المواطن..
افتقدنا عالم الأمس الذى كان كالشمس التى تبعث الدفء فى شتاء المسلم وترمى الكافر والظالم بحمم النيران فى كل وقت وأوان .. لم نسمع عن البابا إلا فى هذا الزمان حيث لا منافس ولا منازل ولا مناظر ولا محاور ولا داحض ولا مدافع ولا رافع لراية الإسلام.
الحملات الصليبية اليوم لا يعارضها بابا ولا قسيس ولا راهب ولا غاصب ولا مطران ولا "قطران" ولا حبر ولا "زفت" كلهم فى معية الخونة والقتلة وقد ألهام الفسقة بجزء ميسور من كعكة الغنائم فعاشوا مرفهين ومنعمين بعيدًا عن الدين.
لقد افتقدنا فى هذا العصر علماء الدين الحقيقيون سواء كانوا مسلمون أو مسيحيون .. افتقدناهم على كافة الأصعدة .. افتقدناهم بوسائل مختلفة .. فمنهم من يعيش مرفهًا فى الغرب ، ومنهم من يعيش محاصرًا فى الشرق ، ومنهم من يعيش مكسورًا فى الغربة ، ومنهم من يعيش مقهورًا فى بلاده .. منهم من يعيش مهانًا فى سجون بلاده ، ومنهم من يعيش منسيًا فى سجون الأعداء.
لقد افتقدنا رجل الدين الحر الذى لا يخشى إلا الله ، والذى يضم إلى قوة عقيدته قوة بلاده شعبًا وحاكمًا ودستورًا ونظامًا..
لم ينطق بابا الفاتيكان بكلمة عن زواج المثل المنتشر الآن فى الغرب ولم يحدثنا عن اللواط أو الزنا أو الخمر أو الميسر .. لم يحدثنا عن حروب العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان ..... حدثنا عن الإسلام الذى يجهله وعن الرسول الذى لا يعرفه وعن القرآن الذى لم يقرأ آية واحدة من آياته .. حدثنا عن رسول الله وهو لا يساوى التراب الذى كان يمشى عليه رسولنا العظيم .. حدثنا عما هو جاهل فيه وصمت عن كل ما هو مغموس فيه .. يسب الإسلام الذى رحمه كثيرًا ، ويسب الرسول الذى كان رحمة للعالمين ويصفه بكل ما هو سئ وقبيح ، وعندما ثارت ثورة المسلمين على ضعفهم وهوانهم قدم اعتذاره وأسفه ليس عن خطئه وإنما عن غضبتنا وتألمنا وفهمنا الخطأ لتصريحاته على حد قوله إنه اعتذار أقبح من ذنب وأسلوب لا يليق برجل دين ورط نفسه بجهل وليس بعلم .. بِغِل وليس بإنصاف وبطريقة أطفال الروضة وليس بطريقة أهل الإحتراف.
إن التصريحات التى أطلقها "حسب الله السادس عشر" لم تكن مستغربة على رجل أختير بعناية السفهاء ومصاصو الدماء وناهبو الثروات وتجار الحروب .. لقد صار سكرتيرًا للمجرم بوش ومتحدثًا رسميًا بإسم بلير الذى وصفه قومه بالكلب الذى يتبع بوش أينما ذهب ، وهذا لا يليق بمنصب ومكانة البابا.
ولقد عجبت وأنا أستمع لتعليق أحد رجال الدين المسيحى يتحدث من سوريا معقبًا عبر قناة الجزيرة على اعتذار البابا قائلاً : ( هذا الاعتذار كافٍ وغير ناقص فالبابا لا يخطئ ولا يعتذر وهو الآن أخطأ واعتذر ... ) أى تضليل هذا وأى غباء!!
لقد كشفت هذه العبارات الرخيصة والمبتذلة عن معدن هذا الجيل من العلماء وعن وهم هالات القداسة والتبجيل الذى يضعوها فى غير مواضعها ويجبرون الناس على توقيرها .. إن البابا فى ضعفه هناك أشبه بضعف شيخ الأزهر هنا مع فارق وحيد أن البابا يستطيع أن يسب أتباع الإسلام بينما لا يقوى على ذلك شيخ الأزهر الذى لا يستطيع أن يسب طفل مسيحى بحال من الأحوال ، بل أريد أن أقول ما هو أكثر .. فلعل الشئ الوحيد الذى يجمع بين البابا والشيخ هو طعن الإسلام والكيد لأهله!!
لقد وصل بابا الفاتيكان حسب الله السادس عشر إلى مراتب عالية من السفالة والتطاول ما كان يبلغها إلا فى ظل ضعفنا وهواننا على الناس وبسبب ضعف حكامنا وهوانهم على الحكام... حكام الكفر والإجرام!!
يحق للبابا الآن أن يفرد قدمه وساقه فى وجوهنا ووجوه قادتنا وحكامنا وسفراءنا وشيوخنا ليس عن علم لديه وإنما عن ضعف لدينا وليس عن عز لديه وإنما عن إنكسار لدينا..
ومن الطبيعى أيضًا أن تصبح لأحاديث البابا قيمة بعدما افتقدنا القيمة ، ويكون لصوته صدى بعد أن افتقدنا الصدى واعتلانا الصدأ ، وللبابا عذره فى أن يقول عن الإسلام ما يشاء فهو جاهل لا يعرف شيئًا عن الإسلام ولأنه فى الحقيقة لا يجد ما يقوله عن المسيحية التى أهانها أتباعها وجعلوها عنوانًا للحرية والانفلات الخلقى وعنوانًا لحملاتهم الصليبية التى روت أرض الإسلام بشلالات من الدماء وصبغت الأرض باللون الأحمر وقد كساها الإسلام من قبل بالماء والعدل والخضرة والوجوه الحسنة التى لا تعرف إلا الخير وعفة النفس ومكارم الأخلاق..
إن المسافة بيننا وبينهم لا تخضع لمقارنة أو مقياس لأنها مسافة بعيدة لا تقل عن تلك المسافة التى تفصل بين الأرض والسماء وبين الخير والشر وبين العدل والجور وبين الذكاء والغباء.
أنا لا أريد أن أزيد أو أفيض فجرائم الفجار معروفة وقد بلغت عنان السماء وجرائمهم فاقت جرائم العصابات التى تجوب شوارعهم صباح مساء وفى نفس الوقت أنا لا أريد حقيقة أن أخلط بين المسيحية السمحاء كدين من بين أديان السماء وبين جرائم من ينتموا إليها من المجرمين ومصاصو الدماء ، فالمسيحية شئ وكثير ممن ينتموا إليها شئ آخر.
والبابا بعد مفترياته لا يمثل المسيحية فى شئ وإن جلس على رأس الهرم فيها فهو بعد كل الذى فعله وارتكبه يُعد بحق وبكل تأكيد وتوثيق رجل مريض بنفس المرض الذى أصاب بوش وبلير وسائر أسافل الغرب ممن يحملون عقدة من الإسلام العظيم السمح الذى تتلألأ أنواره كل يوم رغمًا عنهم داخل النفوس النقية والضمائر التقية والأيادى الطاهرة حتى فى داخل أوطانهم ، ولا يملك المرء إلا أن يقول مقولة الإمام الشافعى:
اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله
النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله
فكم أكل الغرب بعضه ، وكم أغار بعضه على بعضه ، ولا توجد دولة فى الغرب إلا واعتدت على الأخرى أو اعتدت الأخرى عليها ، ولم يوحدهم اليوم علينا إلا ضعفنا .. ولم يضعفنا إلا الحكام جعلهم الله وقودًا لجهنم.
وما أريد تأكيده فى هذا الشأن هو موقف حكامنا المخزى ازاء كل ما يحدث من إهانة لديننا العظيم فمن قبل تم تدنيس المصحف الشريف والتبول عليه من قبل الجنود الأمريكان والصهاينة وهؤلاء على وضاعتهم وشناعتهم وسفالتهم وجرائمهم أقرب الناس إلى حكوماتنا العربية ، ومن يريد أن يخلص لنا الحقوق من الغرب أمثال الشيخ أسامه بن لادن وأيمن الظواهرى وكل من على شاكلتهم يعد من أبغض الناس على قلب الحكام العرب!!
من قبل أكاذيب البابا رسم الغرب رسولنا الكريم برسومات مشينة ومعيبة ولم يعترض أى من حكامنا على هذه الإهانات الغير مسبوقة ، واليوم يسب الله ورسوله علنًا من قِبل البابا وحكامنا فى غيابات الجب نائمون ومستسلمون لا يدافعون عن شرف أو فضيلة .. وقد أوردونا موارد العار دون ذنب منا أو جريرة !!
إن شأن الأمة الإسلامية وحكامها شأن الأبناء الصالحين الذين ابتلوا بوالد كافر يطوف النجوع والقرى سيرًا على أقدامه بحثًا عن راقصة أو غانية طالبًا حياة اللهو والمتعة الحرام منفقًا كل أمواله على الملذات واقتراف الموبيقات جالبًا العار لأهله وذويه دون إثم اقترفوه أو ذنب فعلوه.
كلما رأيت وجوه حكامنا الفسقة ورأيت أفعالهم وتصرفاتهم تذكرت الآية الكريمة (( ويُضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )) فلم أراهم يومًا رجال يسارعون فى الخيرات ، ولم أراهم يومًا غير أندال يلوذون بالصمت عن المواجهة ويأثرون السلامة مع العار عن الحياة بكرامة وشرف..
لقد غم عليهم فعل الخيرات ولو لمرة واحدة ، ومع كل كيد يكيده الغرب لنا تتحرك الشعوب ولا يتحرك الحكام .. تتحرك الشعوب على اختلاف ألوانها وأجناسها ويتبلد الحكام على اختلاف مسمياتهم وممالكهم .. تنتفض الشعوب دفاعًا عن العقيدة ويصمت الحكام دفاعًا عن الكروش والعروش وكأن النبى محمد صلى الله عليه وسلم أرسل للشعوب من دون الحكام .. تقاطع الشعوب المنتجات والبضائع الغربية ويغرق الحكام الأسواق ببضائع الغرب دون غيرها بعد أن أفسدوا بضاعتنا وأغلقوا مصانعنا وكأنهم أعوان للشياطين ووكلاء لقادة الحملات الصليبية.
بعضهم يدعى الحكمة ويلوذ بالصمت ، وبعضهم يتبلد فى مكانه كالحمار الذى لا يعرف التصرف ، حتى فى الأوقات العصيبة التى يحتاج فيها الحكام إلى شعوبهم بغية تنصيب الأبناء وتوريثهم الحكم نراهم أغبياء وجهلاء لا يستثمروا الأحداث ولا يتفاعلوا مع الشعوب ويدعوا حب النبى حتى من باب المخادعة لنا وتضليلنا .. لقد ضرب الله على أعينهم وأعين أولادهم فأعمى أبصارهم ولم يروا الأحداث على حقيقتها ، وصدق الله العظيم (( وإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور )) ... لم يتحرك نجل القذافى ولم يتحرك نجل مبارك ولم يتحرك نجل حسين بن زين ، وكل ترقيدة رقدت إلى جوار الأصل ترتشف منه العمالة وتتغذى منه على فنون الخنوع وأساليب الطاعة..
تصورت أن يقوم هؤلاء الأطفال ممن يرشحون اليوم لحكم البلاد باستغلال المواقف والتقرب إلى الشعوب وقيادة حملات الدفاع عن الرسول العظيم ولا أقول الدفاع عن العراق أو فلسطين ولكن لم أرى منهم أحدًا لا فى ندوة أو مؤتمر ولا فى بيان أو مقال ، ولم يطالب أحدهم "البابا" الخاص به بوقفة رجل حازم يرد فيها الإعتبار للأمة ولو لفترة محدودة تكسبه رضا الشعوب وتمكنه من حكم البلاد عن طريق الوراثة.
لم يحدث شئ من ذلك ولن يحدث ففاقد الشئ لا يعطيه ، ومن تربى فى حظائر الخنوع ليس كمن تربى فى خنادق الجهاد.
هؤلاء القوم تربوا على الطاعة العمياء للغرب وعلى عدم مناقشة الأوامر مهما كان الفعل أو الجرم ودليل ذلك أنهم وعلى الرغم من امتداد فترة حكمهم لعقود طويلة لم نراهم يومًا يقعوا فى خلاف مع الغرب رغم كثرة جرائمه وتطاولاته ، وهذا أمرًا ليس بالطبيعى فالأشقاء يختلفوا والأصدقاء يختلفوا والأحباء يختلفوا .. فكيف لا يختلف الأعداء؟!!
كثيرًا ما عشت فى حيرة من أمر حكامنا بخصوص قبولهم لما حدث ويحدث للرئيس صدام حسين!!
كيف ارتضوا الصمت على سجنه وليس خلعه ، واعتقاله وليس سلب حكمه؟!!
كيف ارتضوا محاكمته بشهود زور من عملاء شعبه وفرتهم قوات الاحتلال وبمساعدة من الخونه الذى يحكمون الآن فى العراق؟!!
كيف ارتضوا إهانة هذا الحاكم وتعذيبه وقتل أولاده وتشريد عائلته؟!!
كيف ارتضوا كل ذلك لحاكم مسلم كانت تربطهم به علاقات وطيدة ومواقف عديدة ودعم ومساندة وتشاور وتحاور وندوات ومؤتمرات ... كيف اختفت كل هذه الأشياء وكيف ابتلع كل حاكم لسانه خشية النطق بالحق؟!!
لم أجد لهذه التصرفات مبررًا واحدًا ولا منطقًا ولا حجة إلى أن جاءت حملة الإساءة لرسولنا الكريم ووجدت الحكام على نفس العهد ونفس الطريق ونفس الحال لا تأثر ولا تحرك ولا انتفاضة ولا كرامة ، وإن كان هذا حالهم مع نبى الأمة ورسولنا الكريم فماذا يمثل صدام أو غير صدام؟!!
فعلوها مع النبى .. وقبلوا إهانته .. فكيف لا يفعلوها مع صدام وأسرته؟!!
عند ذلك انتهت حيرتى وهدأت لوعتى بعدما شاهدت الوجوه القبيحة على حقيقتها دون رتوش أو تضليل!!
لقد ظهروا على حقيقتهم فى حرب لبنان ، وفى كل الحروب التى شنت على الإسلام ، وفى الموقف من صدام..
إنه زمن المكاشفة والفضائح التى هتكت ستر الحكام..
كم كنت أتمنى فى أى من تلك المواقف الشائكة والتى تخرج من يفعلها عن المِلة لو استأذن شيخ الأزهر من الرئيس مبارك وأذن له الأخير بقصد الخداع التضليل بحدوث خلاف صورى بين حاكم البلاد وشيخ الأزهر ولو لمرة واحدة يُذر فيها التراب فى عيون المسلمين بسبب تصرفات ومواقف شيخ الأزهر التى لا تحتمل ، لكن شئ من ذلك لم يحدث ولن يحدث ، وإنه لأمر عجيب حقًا أن يمر العمر دون أن يحدث خلاف بين حكامنا وأمريكا ولا بين مشايخنا وحكامنا رغم كثرة الجرائم والتجاوزات والمخالفات والمغالطات والمصائب والفتن ... لكننا نعود للقاعدة الأصيلة والآية الكريمة (( ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )) وما زال فى جعبة القدر الكثير .. مازالت المؤامرات على السودان لم تكتمل ، وعلى لبنان ، وعلى سوريا ، وعلى مصر ، وعلى السعودية ، وعلى سائر أوطاننا العربية ، وبعد حروب البترول ستكون حروب الماء ، وبعد حروب الماء ستكون حروب الماء التطهير العرقى والدماء .. وإذا استمر استخفافنا بعقاب الله وأمنا مكره وأكلنا خيره وعبدنا غيره فسوف يستبدلنا الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين وستستمر عجائب الله وقدرته تتعاقب وتتلاحق ليظهر الله الخبيث من الطيب وستكون الإبتلاءات على بلاد الإسلام أشد وأقسى مما هى عليه فى بلاد الكفر والإلحاد لأن الآيات ستكون على المسلم أقوى وأشد لأنه هو المقصود بمراجعة النفس واستخدام العقل ، وإلى الله ترجع الأمور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.