عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارتفاع هامات وسقوط رايات
نشر في الشعب يوم 12 - 08 - 2006


بقلم : محمود شنب
[email protected]
[email protected]

تعيش الشعوب الإسلامية اليوم مرحلة عظيمة من مراحل النضوج الفكرى والفهم الصحيح للأحداث بعدما وضحت المعالم وانجلت الحقائق التى على أثرها انقسم العالم إلى معسكرين لا ثالث لهما : معسكر الخير ومعسكر الشر .. معسكر الإيمان ومعسكر الكفر ، وأصبحت المواقف المخزية معلنة حتى من الأنظمة العربية التى اختارت الإنحياز لمعسكر الشر والكفر على حساب مصالح الأمة.
إن أمريكا وإن كان لها الدور الأكبر فى كل ما يحدث فى المنطقة إلا أنها تريد أن توهمنا دائمًا بأنها الوحيدة التى تملك مفاتيح كل شئ على الرغم من هزيمتها فى كل المعارك التى دخلتها ، فتريد مثلا أن تدعى أمام العالم كله بأنها هى التى تدير الحرب الطاحنة الآن فى لبنان ، وأنها وحدها هى التى تملك وقفها أو استمرارها ، وفى ذلك مبالغة ومغالطة كبيرة لأن أمريكا وإن كانت فاعلة فى الأحداث إلا أنها لا تملك التحكم فى النتائج والأحداث وإلا لنفعت نفسها فى حروبها المباشرة مع الآخرين فهى الآن مهزومة فى أفغانستان رغم التحالف الدولى معها ومهزومة فى العراق رغم التحالف العربى معها وعاجزة أمام كوريا وإيران ، وعاجزة أمام حفنة من المقاومين فى أفغانستان ، ولذلك فإن أمريكا كاذبة فى الإدعاء بأنها هى التى تملك مفاتيح كل شئ ... الله هو الفاعل وهو المهيمن وهو القادر وهو المسيطر والمالك لزمام كل شئ ، وكل المعارك تدار ليميز الله الخبيث من الطيب ، وها نحن نشاهد بأعيننا إلى أى المعسكرات ينتمى قادتنا فى كل من مصر والأردن والسعودية.
أمريكا تستطيع أن تبدأ لكنها لا تستطيع أن تحسم .. تستطيع أن تقاتل لكنها لا تستطيع أن تنتصر .. هى لا تعرف نهاية الحرب فى لبنان .. الله وحده يعلم مستقرها ومستودعها ، ولا فائدة من الوقت الإضافى الذى تمنحه أمريكا لإسرائيل لأن هذا الوقت استغله حزب الله وسجل أهدافًا جديدة ليس فى مرمى إسرائيل وإنما فى عينها ، وأصبح الفارق كبيرًا والتعويض مستحيلاً ، وصارت أمريكا على انتفاخها وغرورها أشبه بالحاكم الظالم الذى يدير مباراة مصيرية انتهى وقتها ووضحت معالمها وعرفت نتيجتها لكنه مازال مصرًا على إضافة مزيدًا من الوقت الغير مستحق بغية تغيير النتيجة لصالح الفريق الأسوأ .. لا يهمه فى ذلك الرأى العام ولا هياج الجماهير فى أوطانها ولا اللعن ولا السباب ولا قذف الحجارة ولا مخالفة القوانين ولا أى شئ يهمه غير نصرة الفريق المهزوم بكل السبل والوسائل.
ومن العجب أن نشاهد فى المقصورة الرئيسية حكام كل من مصر والأردن والسعودية وهم يحيون الحكم الظالم ويقذفوا الفريق الفائز بالحجارة ويسعوا لقلب النتائج رغم أنهم يجلسوا فى مدرجات الفريق الفائز وينتموا إلى صاحب الأرض فأصبح العالم فى ذهول : إلى أى الملل ينتمى هؤلاء القادة وإلى أى المعسكرات يعملوا ، وتلك كانت من أكبر عجائب المباراة!!
لكننا ... عندما نضع الأمور فى نصابها ونقيس الأحداث بمقياس العدل ونحدد مواضع الأشخاص حسبما اختاروا لأنفسهم تتضح الأمور وينجلى اللبس ، وفى الأحداث الأخيرة يمكن أن نضع حكامنا فى سلة واحدة مع بوش وبلير وأولمرت ، وليس فى هذا غرابة فالطيور على أشكالها تقع ، وهؤلاء يمثلون طلائع الطابور الخامس الذى احتل المواقع المتقدمة فى أوطاننا .. ربما يكون فى ذلك خلل لكنه واقع ، وربما يكون فى ذلك لوعة وحسرة وألم ... لكنها الحقيقة!!
إن التباين فى المواقف بين الشعوب والأنظمة ، والصدمة التى أحدثتها مواقفهم فى حرب لبنان يرجع فى الأساس لإلتباس ظاهرى استمر طويلا أحدثته نظرة الشعوب الطيبة إلى حكامها الخونة حيث تصورت الشعوب إلى وقت قريب أن حكامها منهم وما هم منهم وبنوا أحكامهم على أنهم أمناء على الوطن وحراس على المصالح والعقيدة وليسوا عملاء للأعداء ، وكان هذا هو الخطأ الكبير الذى وقعت فيه الشعوب ومازالت عاجزة على أن تبرأ منه.
الحكام العرب فى الفترة السابقة كانوا كالمرأة البغى التى كانت تباشر عملها فى الخفاء ولا تجاهر أبدًا بأفعالها الوضيعة والمشينة وكانت تحرص أشد الحرص على الظهور بمظهر غير التى هى عليه فكانت تصوم وتصلى وترتدى الحجاب وتخفى فجورها عن الأهل .. هذا فى العلن أما فى الخفاء فإنها تفعل كل ما يروق لها من عهر وشذوذ وعربدة وكفر وإجرام .. حكامنا فى السابق كانوا يفعلوا ذلك من أجل تضليل الشعوب فأربكوا المفاهيم وحيروا العقول وجعلوا الشعب ينقسم على نفسه ما بين من هو عالم ببواطن الأموار وبين من يصدق النظام والإعلام وينخدع فى الديكور ... اليوم أصبح فى الوطن أكثر من عاهرة فما عاد يلزم التضليل وما عادت تجدى المواربه .. من هنا جاء البيان المصرى السعودى الأردنى بعدما خلعت البغى غطاء الرأس وكشفت عن سرها الرهيب وباشرت فجورها بحرية وفى وضح النهار فقد استقوت "الموميسات" بالكثرة وتوحدن بالخيانة ، ومن الطبيعى أن يفصحوا عن أنفسهم ويفتحوا المواخر ودور البغاء علانية والسماح بممارسة البغاء بحرية ودون قيود على الشواطئ وفى الحدائق وفى المؤتمرات الصحفية والمواقف السياسية.
بهذا التفسير وهذا الوضوح يمكننا أن نتفهم تصريحات قادة البغاء فى المنطقة وحرصهم على إرضاء البلطجى الذى يحميهم دون الحاجة إلى الأهل.
ليتهم لم يجاهدوا وتركوا غيرهم يجاهد .. إنهم يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ، ويتخاذلون ويأمروا الناس بالتخاذل ، ولذلك فقد هالهم أن يكون فى الأمة رجل مثل حسن نصر الله وقوم ليسوا على شاكلة قوم لوط وإنما على شاكلة الصحابة الأطهار ، ولم يكن عجبًا أن يقولوا عن حزب الله مثل ما قال قوم لوط : (( أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون )).
أما البلطجى الإسرائيلى الذى يحمى الأنظمة فقد بدا للعيان أمام حزب الله وكأنه نمر من ورق .. لم يستطع أن يستعرض عضلاته إلا فى بيت الخزف وداخل العمار ، أما فى الخلاء وفى ساحة النزال فإنه لا شئ بالمرة ، والدليل أننا لو استثنينا من الصورة اللبنانية مشاهد الهدم والتخريب فى بيوت الآمنين فإننا لن نجد أى شئ آخر أحدثته إسرائيل .. هذا البلطجى الذى لا يستطيع أن يعبر عن نفسه إلا من خلال القصف والتدمير والهمجية والفوضى .. إنه لا يقاتل فللقتال آداب وعلم بل وفن وكياسة لكنه يعربد ويتوعد كل من ينازله فى الميدان بترك الميدان والتوجه إلى الآمنين من البشر أطفال ونساء وكهول ومرضى من أجل إحداث الخراب والدمار وتكسير العظام بغية الضغط على المقاومين من أجل إلقاء السلاح..
وما فعله حسن نصر الله ورجال حزب الله كان مخالفًا تمامًا لما تفعله إسرائيل .. لقد حاربوا فى الميدان الحقيقى للجهاد وقتلوا وأسروا من الجنود الصهاينة ما أرادوا فى عمليات عسكرية رائعة شهد بعبقريتها العالم كله وأعقبوا هذه البطولات بصمود أسطورى مذهل جعلوا فيه العالم الحر ينحنى إليهم احترامًا وتقديرًا .. تلك هى العسكرية وتلك هى المقاومة ، والفرق شاسع بين ما فعلوا وتفعل إسرائيل إسرائيل التى تركت الميدان الحقيقى للقتال وذهبت إلى حيث بيت الخزف لتقتل فيه المئات من النساء والأطفال والشيوخ فى القرى الهادئة والمدن الآمنة وتكشف عن وجهها الحقيقى حيث لا بطولة ولا عسكرية وإنما ثور هائج يريد أن يلقى الرعب فى قلوب الآخرين.
وحسنًا ما فعله حسن نصر الله ورجاله عندما أمطروا مدن إسرائيل بصواريخ حزب الله ونازلوا البلطجى فى بيت الخزف الخاص به لتصبح العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم مع احتفاظهم بالتفوق البرى وتكبيد العدو أكبر الخسائر فيه.
لقد أشعل حزب الله سماء المعركة لا بالصواريخ والقذائف وحدها وإنما بروعة الفكر وذكاء التخطيط ... لم يدخل حسن نصر الله المعركة دون أن يحسب حساب الخروج منها ، ولم يدخل بيت الشيطان دون أن يعلم كيف الخروج منه .. لقد أعد العدة ووضع فى الحسبان كل الاحتمالات ولم يطلق صواريخه دفعة واحدة ليقعد ملومًا محسورًا وإنما وزعها على أيام النزال وفق تصعيد محدد يتوافق مع ظروف المعركة وتصعيد وتيرتها.
لقد فاجئنا حسن نصر الله بالأمل وحاصرنا بالكرامة ، فلم نجد مفرًا من الإلتفاف حوله ومبايعته ومناصرته ودعمه فى وقت كنا فيه من فرط اليأس أوشكنا على القناعة بأن لإسرائيل جيش لا يقهر وأنها العدو الذى ليس له حل ومال أغلبنا إلى التصديق بأن خيار السلام هو الخيار الوحيد الذى يمكن أن نتعامل به مع إسرائيل حتى لو أذلتنا وسلبت حقوقنا ومواردنا .. تحرك حسن نصر الله فى الوقت الذى تكاتف فيه الغرب علينا وقهرتنا أمريكا فى عقر ديارنا حتى آمن أكثرنا بالواقعية التى يروج لها الحكام والتى صوروها لنا على أنها من مسلمات الحكمة والحذر .. وسط كل هذه الظروف وفى الوقت الذى دعانا فيه الحكام العرب لتمزيق ملابسنا الخارجية والداخلية ورفعها رايات استسلام أمام العدو على أساس أنها شهادات حسن سير وسلوك تأبى النضال وتلفظ المقاومة ... فى هذا الوقت الذى كتبنا فيه على جدران اليأس بخط "الثلث" وبكل أنواع الخطوط كلمة "مستحيل" فتح لنا حسن نصر الله نافذة أمل نطل بها على تاريخنا البعيد وأمجادنا العظيمة التى غيبها النظام باللهو والضياع وفقد الهوية ... نظرنا من طاقة الأمل التى أخذت تتسع لتشمل كل شعوب الأرض فوجدنا الحياة مختلفة عما ألفناها ، فلا نانسى عجرم ولا هاله سرحان ولا فيفى عبده ولا روتانا سينما وإنما العزة والكرامة والبطولة والشموخ ... حقيقة ما أجمل أيام الكفاح ، وما أعظم أيام المقاومة..
لقد فتح لنا حزب الله نافذة رحمة نقلت الدماء لعروقنا وبثت فى نفوسنا أحلام كبيرة وأمانى عزيزة حسبنا أنها ذهبت إلى غير رجعة.
أما المواقف التى تبنتها القيادة المصرية والسعودية والأردنية فهى مواقف عار استنطقها الله من أفواه الخونه والفجره ليكشف لنا الزيف ويجلى لنا الصورة .. هذه المواقف الخانعة إهتزلها الشارع العربى والإسلامى ليس لأهميتها أو قيمتها وإنما لفضحها ومقاومتها .. البيانات الخانعة والذليلة لا تملك القدرة على التأثير الفعلى على مجريات الأحداث ، والدليل على ذلك أن الموقف المصرى والسعودى والأردنى لم يضف الجديد إلى الأحداث بقدر ما أدمغ الخيانة ووثق الخنوع والهوان الرسمى العربى وبقدر ما عبر عن المكان الحقيقى لتلك الدول فيما عدا ذلك فلم يتحقق شيئًا جراء تلك المواقف المعيبة والوضيعة لأن هؤلاء الحكام فى الحقيقة أضعف من أن يأتوا بنصر وأحط من أن يأتوا بفضيلة .. إنهم صناع ضياع وهزيمة وما أضافت مواقفهم الوضيعة للأمة غير مزيد من الحسرة والندم وطعنة فى الظهر وضربة فى القلب ... إن خطورة هذه المواقف تكمن فى علانيتها وسفالتها وهزالة منطقها وليس فى قدرتها على تغيير الأحداث فهى لم تعطى إسرائيل السلاح المادى وإنما أعطتها السلاح المعنوى ، وهى لم تحرم المقاومة من سلاحها الحربى وإنما حرمتها من غطاء الإخوة والتضامن والتأييد الرسمى ، وذلك يعد مؤشرًا خطيرًا على ما يضمره هؤلاء الحكام للأمة وعدائهم لكل مواقع المقاومة .. فى فلسطين .. فى العراق .. فى لبنان .. فى الشيشان .. فى أفغانستان .. فى السودان .. فى الصومال .. حتى فى داخل أوطانهم وحدودهم حيث تدمير العقيدة عن عمد ونشر الإباحية عن سبق إصرار وترصد.
وبقراءة متأنية لتلك المواقف السافلة نستطيع أن نستشعر الخير الكثير للأمة وذلك بعد استيعاب الصدمة .. إنها لحظة حاسمة تشبه لحظة اكتشاف الزوج خيانة زوجته والقبض عليها متلبسة حيث يعقب المفاجأة التأديب والبتر والانفصال .. هؤلاء الحكام عاشوا بيننا مثلما يعيش المرض الخبيث فى الجسد الآمن والذى لا تظهر أعراضه قبل تمكنه ، وتصريحاتهم الوضيعة كانت بمثابة الإعلان عن هذا المرض .. فعلوا ذلك من حيث لا يشعرون .. فعلوه فى غفلة من أمرهم وحاولوا جاهدين بعد صمود المقاومة التنصل مما قالوه وتصحيح الخطأ لأن عقيدتهم الفاسدة فى البداية صورت لهم أن حزب الله مدحور لا محالة وأن الأمر لن يستغرق غير ساعات ، وعندما خيب الله ظنونهم ارتعدوا وخافوا وتحدثوا بما لم يتحدثوا به من قبل وراح مبارك يدعو للتضامن اللفظى وراح وزير الخارجية السعودى ذو الرأس المتحركة والتى تدور فى فراغ يتشكل من نصف دائرة حدودها الغش والخيانة ... راح يحدثنا عن ضرورة مساندة لبنان والوقوف مع شعبه ... الآن وقد كفرت من قبل وكنت من الضالين!!
لقد لقبت السعودية المجاهدين من أبناءها بالفئة الضالة الباغية ، ولقبتهم مصر بالقتلة والإرهابيين ، وسجنت السلطات الأردنية من قاموا بواجب العزاء فى شهيد الأمة أبو مصعب الزرقاوى أسكنه الله فسيح جناته ، وتلك هى أنظمتنا الضالة والمضلة ، وتلك هى أحوال أوطاننا التى تحكم بالعملاء والخونة من كل جانب ، وتلك هى شعوبنا التى مازالت تتمسك بالصبر على الحكام وعدم الخروج عليهم رغم كفرهم البائن وانحيازهم فى معسكر الشرك..
لقد تجاوزنا مراحل الشك فى انتماء الحكام وبلغنا مراحل اليقين فى ضلالهم وكفرهم ، فهل من تغيير يكون على مستوى الحدث وصحوة تكون على قدر جهاد حزب الله وقائده حسن نصر الله؟!!
إننا جميعًا مسئولون أمام الله عن تخاذلنا فى مقاومة هؤلاء الحكام الخونة ممن يمثلوا بقايا السلالات النجسة التى تعيش بيننا فى المنطقة .. إنهم السر وراء استمرار تواجد إسرائيل فى المنطقة ، وهم السبب الخفى وراء سقوط بغداد وأفغانستان والحرب على لبنان .. لقد سقطت شرعيتهم بعد أن أعلنوا بأنفسهم عن موضع أقدامهم وتضامنهم مع الأعداء بصورة علنية ووقحة وعلى رؤوس الأشهاد.
بعد معركة لبنان لابد أن ترتفع هامات وتسقط رايات ، ولابد أن تنخفض رؤوس وترتفع رؤوس..
إن نباح الكلاب لا يمكن أن يوقف مسيرة العظماء ، ولا يمكن أن يغطى طنين الذباب على ذئير الأسود ، ولابد للحق أن يسود وأن يقطع كل يد قذرة تمتد لمصافحة أى كلب أمريكى أو صهيونى يروج لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذى تروج له أمريكا وإسرائيل.
إن اليد التى تلقى الحجر على العدو الصهيونى أفضل ألف مرة من الأيادى النجسة التى تتلذذ بمصافحة الصهاينة ومداعبة البغايا ، وإن الذى يدافع عن الوطن خير بما لا يقاس بكل من يعيش مرفهًا فى المنتجعات والقصور ويتجول على الشواطئ والمتنزهات.
تحية إلى أمير المجاهدين فى هذا الزمان السيد حسن نصر الله ، وتحية إلى كل يد مقاومة فى فلسطين ولبنان والعراق ، وألف لعنة على أعضاء حزب الشيطان وعلى أعضاء الطابور الخامس فى كل من مصر والسعودية والأردن وفى كل مكان ترتع فيه رايات الخونة والعملاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.