أسمع ما يقوله العالم السعودى الشيخ محمد العريفى فى خطبة الجمعة عن مصر.. أسمع كلماته التى يقطر منها العسل والتى تطول معها أعناق المصريين فتصل إلى عنان السماء.. ثم أقرأ ما تنشره الصحف الإسرائيلية عن مصر.. عن إفلاسها الوشيك واقتصادها المنهار وفرار المستثمرين منها.. سم زعاف!.. ونتأمل بعد ذلك المشهد السياسى.. نتأمل حالة الانقسام الرهيبة التى تسيطر على الشارع المصرى.. والتى وصلت إلى درجة سفك الدماء.. أسمع وأقرأ وأتأمل.. ثم أحاول بعد ذلك أن أجيب عن هذا السؤال: من يهزم من.. السم أم العسل؟!..ونبدأ بالعسل.. بخطبة الجمعة التى ألقاها الداعية الإسلامى السعودى الشيخ محمد ابن عبد الرحمن العريفى قبل أسبوعين.. والتى خصصها للحديث عن مصر.. الشيخ العريفى حاصل على الدكتوراه فى العقيدة وله مؤلفات إسلامية عديدة وقد شارك فى العديد من المؤتمرات والمناسبات.. داخل السعودية وخارجها.. وله نشاط إعلامى واضح سواء ككاتب صحفى أو مقدم لبرامج تليفزيونية.. وهو قبل ذلك كله خطيب جامع البواردى بجنوب الرياض. ولابد أن المصلين قد فوجئوا بخطبته التى خصصها للحديث عن مصر.. ولابد أنها أثارت إعجابهم كما أثارت إعجاب المصريين الذين قرأوها فى بعض المواقع الإلكترونية التى نشرتها كاملة.. يقول الشيخ العريفى فى خطبته: "مصر هى أم البلاد وأم المجاهدين والعباد.. قهرت قاهرتها الأمم ووصلت بركاتها إلى العرب والعجم.. وهى بلاد كريمة التربة لذوى الغربة.. فكم لمصر وأهلها من فضائل ومزايا.. وكم لها من تاريخ فى الإسلام وخفايا.. منذ وطأتها أقدام الأنبياء الطاهرين، ومشت عليها أقدام المرسلين المكرمين والصحابة المجاهدين.. فمصر قادت الأمة الإسلامية أكثر من 265 سنة وسوف تظل تقود بلاد الإسلام". ويضيف العريفى: "إذا ذكرت المصريين ذكرت الكعبة والبيت الحرام.. إذا ذكرت المصريين ذكرت الحجاج والمعتمرين.. إذا ذكرت المصريين ذكرت الدفاع عن فلسطين وذكرت الجهاد والمجاهدين.. وإذا ذكرت المصريين ذكرت أمنا هاجر ومارية القبطية.. ذكرت أخوال رسولنا وأصهار نبينا". واستدل العريفى فى خطبته بمكانة مصر عند الله.. حيث إن الله عز وجل ذكرها فى القرآن وبيّن اسمها صريحا فى أربعة مواضع فى كتابه.. تشريفا لها وتكريما.. كما أن الله تعالى لم يذكر قصة نهر فى القرآن إلا نهر النيل. ويذكّر العريفى المصلين بقدر مصر عند النبى صلى الله عليه وسلم فيقول إنه أوصى كل من تعامل مع المصريين بأن يحسن إليهم ويكرمهم.. وأن يعرف قدرهم.. وأن يقف معهم عند حاجتهم وأن ينصرهم عندما يؤذون. وفى نهاية خطبته قال الداعية الكبير: "أيها الناس بل أيتها الدنيا كلها.. لن ينسى التاريخ أبطال مصر الذين ردوا الحملة الصليبية وكذلك المصريين الأبطال الضباط والجنود الذين شاركوا فى حروب فلسطين وغيرها من مواضع الجهاد فى سبيل الله". ودعا العريفى لمصر بأن يحفظها ويجمع شمل أبنائها. كلام أحلى من العسل.. ويأتى دور السم!.الصحف الإسرائيلية شن هجوم حاد على مصر واقتصادها وأوضاعها.. وعلى سبيل المثال نشرت صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية تقريرا مطولا عن الوضع الاقتصادى فى مصر جاء فيه أن حالة القلق فى مصر حول الوضع الاقتصادى تزداد سوءا يوما بعد يوم.. خاصة بعد الارتفاع الشديد فى سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى.. مشيرة إلى أن البلاد متجهة نحو حالة الإفلاس.. قريبا جدا!. وراحت الصحيفة العبرية تؤكد أن خطة البنك المركزى المصرى لوقف تدهور قيمة الجنيه.. فشلت فشلا ذريعا.. والسبب كما ذكرت الصحيفة هو تراجع الاستثمار وسوء حالة التصدير. وقالت الصحيفة إنه بالرغم من محاولات التهدئة من جانب الحكومة المصرية.. بما فى ذلك الرئيس محمد مرسى نفسه.. فإن المستثمرين الأجانب يفرون إلى الخارج بعد تراجع قيمة الجنيه المصرى. وأشارت الصحيفة إلى أن المسئولين فى مصر يدّعون أن الاقتصاد المصرى يخسر يوميا 130 مليون دولار بسبب الاحتجاجات الشعبية.. فى الوقت الذى يؤكد فيه زعماء المعارضة المصرية أن الاقتصاد المصرى سينهار فى غضون ستة أشهر بسبب سياسات مرسى الاقتصادية!. ولم يتوقف هجوم الصحيفة العبرية عند هذا الحد إنما قالت إن رئيس الوزراء المصرى هشام قنديل أعلن أن الاقتصاد المصرى فى حالة صعبة وهشة.. وأن مصر ستستأنف هذا الشهر المحادثات مع صندوق النقد الدولى لتلقى قرضاً بقيمة 4.8 مليار دولار.. لكن هل سيكفى هذا المبلغ - على حد قول الصحيفة الإسرائيلية - لحل المشاكل الاقتصادية فى مصر؟! وهل سيوافق صندوق النقد أساسا على دعم مصر؟!. وفى السياق نفسه زعمت أيضاً صحيفة "ميجفون" الإسرائيلية المستقلة أن عجز الموازنة فى مصر قد يصل إلى 200 مليار دولار بحلول نهاية عام 2013.. وقالت الصحيفة إن أشرف العربى وزير التخطيط المصرى حذر من نمو العجز فى نهاية العام الحالى. وتضيف الصحيفة الإسرائيلية أن مصر تسعى للحصول على ثقة ودعم عدد من الدول العربية والغربية للخروج من المأزق الاقتصادى الذى وجدت نفسها فيه بعد أن تم خفض مستوى التصنيف الائتمانى لمصر مؤخراً.. وتتساءل الصحيفة فى تلميح واضح: هل فى إمكان مصر بالفعل الحصول على ثقة هذه الدول العربية والغربية؟! سم زعاف (!!!) qqq فى استطاعة أحد أن ينكر أن المعارضة المصرية تواصل باستمرار تضييع كل الفرص للتفاهم مع النظام.. وليس فى استطاعة أحد أن ينكر أيضا أن النظام فشل فى احتواء المعارضة والتواصل معها.. وعلى الفريقين أن يبذلا الجهد لتصحيح المسار. وبقدر هذا الجهد تمكن الإجابة عن السؤال: من يهزم من.. العسل أم السم؟!.