إذا عاد نهر الثقافة المصرية لمجراه، رجع الوعى ورجعت الفنون العربية لقواعدها سالمة، فلم يتجرأ متطرف على نسفها أو منعها أو تحريمها. كانت القصيدة الغنائية هى السلاح المعنوى فى حروبنا ضد الصلف والغرور والوقاحة والديكتاتورية، وقد زادت أحداث الاعتداء الغاشم على غزة فزادت أو جاعنا على ما يدور فى سوريا الشقيقة، وهذه وتلك كانتا موضع اهتمام كتاب وملحنى القصائد الغنائية. عن دمشق. كتب أمير الشعراء أحمد شوقى عام 1923 قصيدة لحنها وأداها محمد عبد الوهاب عام 1943 ثم أعاد أداءها الفنان السورى صفوان بهلوان فى مهرجان الموسيقى العربية بعد تغيير كلمة واحدة هى «دمشق» بدلاً من فرنسا القصيدة مطلعها: لحاها الله أنباء توالت على سمع الولى بما يشقّ وقيل معالم التاريخ دكت وقيل أصابها تلف وحرق ومن أبياتها: دم الثوار تعرفه (فرنسا) وتعلم أنه نور وحق نصحت ونحن مختلفون دار ولكن كلنا فى الهمّ شرق ومقيم بين موت أو حياة فإن رمتم نعيم الدهر فاشقو وللأوطان فى دم كل حرّ يد سلفت ودين مستحق ولا يبنى الممالك كالضحايا ولا يدنى الحقوق ولا يحق وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق سلام من صبا بردى أرق ودمع لا يكفكف يا دمشق وعن أوجاعنا فى غزة أستعير من تراثنا الغنائى قصيدة فلسطين وقد كتبها الشاعر على محمود طة ولحنها محمد عبد الوهاب فى عام النكبة 1948 ومن أبياتها. أخى جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدا أنتركهم يغصبون العروبة مجد الأبوة والسؤددا وليسوا بغير صليل السيوف يجيبون صوتا لها أو صدى فجّرد حسامك من غمده فليس له بعد أن يتغمدا ولو أقام المنادون بتحريم الغناء عشرات المليونيات لن تصل هتافاتهم ولا أعلامهم السوداء والزرقاء وعلى كل لون إلى ما تصل به هذه التحفة الغنائية من تأثير على المواطن العربى تجاه الاعتداء على غزة فهى صاروخ مضاد لصواريخهم وقنابلهم الغاشمة، أما قصيدة «القسم» للشاعر الفلسطينى سميح القاسم فهى رسالة أو هى زئير موجه للمعتدين ومن أبياتها: يا طغمة الجبناء لا الشعب لن يحنى الجباه الشعب ما خاضت دماه الشعب ما كلّت يداه الشعب ماضٍ بالحراب وبالعصى الشعب بركان أبىّ ما عاد يخدعه المدلس والمدجل والغبى وتعرج قصيدة فلسطين لتسوق تحيه لإخواننا فى الوطن بمناسبة تجليس الأنبا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازه المرقسية فى بيتيها: أخى قم إلى قبلة المشرقين لنحمى الكنيسة والمسجدا يسوع الشهيد على أرضها يعانق فى جيشه أحمدا وفى عام 1947 كتب أمير الشعراء أحمد شوقى قصيدته «السودان» يطالب فيها الملك فؤاد بالبحث عن وسيلة لإصلاح ما أصاب البلاد من انقسام فلما مات فؤاد غيّر عبارة أبا الفاروق إلى «فيا فاروق». ولو أن الأب أو الابن قد تدبرا المعانى التى تضمنتها هذه القصيدة الغنائية لما وصل السوادن الشقيق الآن إلى ما آلم كل عربى من انفصال وتقطيع تقول بعض أبيات القصيدة التى لحنها وغناها محمد عبد الوهاب: إلام الخلف بينكموا إلاما وهذى الضجة الكبرى علاما وفيما يكيد بعضكمو لبعض وتبدون العداوة والخصاما وأين الفوز لا مصر استقرت على حال، ولا السودان داما رجل الشاعر والفنان وبقيت إبداعاتهما تئن لما يحدث فى دمشقوغزة والسودان (الفن الجميل هو دائما فى السلام وردة وفى الحرب حد السيف