عادت قضية اضطهاد الغجر لتطرح نفسها وبقوة على الساحة الدولية منذ أصدر الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى فى نهاية ولايته قرارا بترحيل الأقلية الغجرية المعروفة بطائفة «الروم» قسرا فى مقابل 300 يورو للفرد البالغ و100 يورو لكل طفل، حيث خصص عدة رحلات طيران تم من خلالها ترحيل ما يقارب عشرين ألف فرد إلى دول شرق أوروبا خاصة رومانيا وبلغاريا، الأمر الذى أساء إلى صورة باريس وأظهرها فى صورة الدولة العنصرية وعرضها لانتقادات شديدة من مختلف دول العالم. ومع وصول الرئيس الفرنسى الحالى فرانسوا أولاند لقصر الإليزية حاول جاهدا تحسين صورة بلاده أمام العالم باتخاذ عدة قرارات تجاه طائفة الروم من الغجر كان آخرها قراره خلال الأيام القليلة الماضية بإلغاء قرار تهجيرهم مع العمل على إعادة تسكينهم خارج العاصمة باريس وباقى المدن الفرنسية فى قرى خشبية تتلاءم مع طبيعة البيئة الغجرية بدلا من الأكواخ العشوائية التى يعيشون فيها داخل وحول الضواحى الفقيرة، وذلك على أمل اندماج الغجر فى المجتمع الفرنسى والعيش بشكل طبيعى فى المستقبل. وعلى الرغم من تخفيف وطأة الانتقادات الخارجية، فإنه وفقا للعديد من المحللين فإن الأمر لم يختلف كثيرا فى الداخل، حيث إن غالبية الشعب الفرنسى - وبحسب استطلاعات الرأى - يعارضون سياسة أولاند وحكومته الجديدة فى هذا الأمر، بل إنهم كانوا أكثر تحمسا لقرارات الرئيس السابق ساركوزى حيث وقفوا وراء حكومته فى حملتها ضد الغجر، حيث يرون أن معدلات الجريمة ازدادت منذ توافد الغجر إلى بلادهم، وأنهم حصلوا على كثير من فرص العمل التى يفترض أنها فى الأصل حق لأبنائهم من الشعب الفرنسى، حيث يفضل أصحاب الأعمال العامل الغجرى لأنه يقبل العمل بمرتبات صغيرة. وبالانتقال إلى الجارة إيطاليا نجد حال الغجر هناك لايختلف كثيرا عن غجر فرنسا بل يزداد سوءا حتى أن رئيس الوزراء الايطالى ماريو مونتى أبدى إعجابه تجاه السياسة الفرنسية ضد الغجر، بل إن حكومته ذهبت إلى أبعد من ذلك وأصدرت قانونا خاصا عرف ب «قانون الطوارئ الخاص بجماعة الرحل» للتعامل مع الأقلية الغجرية المتواجدة داخل أراضيها وهو القانون الذى أطلق يد الشرطة الايطالية تجاه الغجر دون مراعاة لحقوق الانسان، كما سهل عمليات الإخلاء القسرى لتجمعات الغجر وخاصة طائفة «الروم» دون إعطاء مهلة كافية لهم أو توفير مكان آخر لهم. وفى حين تنفى عدة دول أوروبية وفى مقدمتها ألمانيا وسويسرا أى نية لتهجير ما لديها من طوائف للغجر أو اتخاذ أى اجراءات مشددة ضدها، يؤكد بعض المحللين والخبراء السياسيين أن ذلك ماهو إلا تصريحات إعلامية تطلقها الحكومات أمام العالم، لتجنب ما واجهته فرنسا وإيطاليا من انتقادات شديدة. كما يرون أن الضغط الشعبى سيدفع الحكومات الاوروبية إلى السير على نهج الحكومتين الفرنسية والايطالية خاصة مع الكراهية الشديدة من قبل السكان الأصليين تجاه الغجر. وتشير عدة إحصائيات رسمية إلى أن 80% من الغجر فى مختلف الطوائف عاطلون بلا وظائف وبلا دخل ثابت، كما أن أكثر من 75% منهم يعيشون تحت خط الفقر بكثير، مايدفع البعض منهم إلى طريق الجريمة. كما أن غالبية الغجر حول العالم وخاصة فى أوروبا لا يحملون أى جنسية ما يجعلهم بلا أى حقوق، وفى أى دولة يتواجدون بها يعتبرون دخلاء ومهاجرين غير شرعيين. ورغم عدم وجود تعداد للغجر حول العالم فإن الأرقام تشير إلى أن تعدادهم فى قارة أوروبا فقط قد بلغ 12 مليون نسمة وهم عدة طوائف أشهرها وأكبرها الروم ومن بعدها يأتى الخيتانوس والسنتى والتينيش.