سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في بداية الأسبوع السبت 11 مايو 2024    انخفاض أسعار الدواجن لأقل من 75 جنيها في هذا الموعد.. الشعبة تكشف التفاصيل (فيديو)    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    مندوب مصر لدى الأمم المتحدة: ما ارتكبته إسرائيل من جرائم في غزة سيؤدي لخلق جيل عربي غاضب    الطيران المروحي الإسرائيلي يطلق النار بكثافة على المناطق الجنوبية الشرقية لغزة    الإمارات تستنكر تصريحات نتنياهو حول دعوتها للمشاركة في إدارة مدنية بغزة    مأ أبرز مكاسب فلسطين حال الحصول على عضوية الأمم المتحدة الكاملة؟    على طريقة القذافي.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة (فيديو)    حكومة لم تشكل وبرلمان لم ينعقد.. القصة الكاملة لحل البرلمان الكويتي    الخارجية الفرنسية: ندعو إسرائيل إلى الوقف الفوري للعملية العسكرية في رفح    البحرين تدين اعتداء متطرفين إسرائيليين على مقر وكالة الأونروا بالقدس    هانيا الحمامى تعود.. تعرف على نتائج منافسات سيدات بطولة العالم للإسكواش 2024    أوباما: ثأر بركان؟ يحق لهم تحفيز أنفسهم بأي طريقة    تفاصيل جلسة كولر والشناوي الساخنة ورفض حارس الأهلي طلب السويسري    «كاف» يخطر الأهلي بقرار عاجل قبل مباراته مع الترجي التونسي (تفاصيل)    جاياردو بعد الخماسية: اللاعبون المتاحون أقل من المصابين في اتحاد جدة    مران الزمالك - تقسيمة بمشاركة جوميز ومساعده استعدادا لنهضة بركان    نيس يفوز على لوهافر في الدوري الفرنسي    ضبط المتهم بقتل صديقه وإلقائه وسط الزراعات بطنطا    أنهى حياته بسكين.. تحقيقات موسعة في العثور على جثة شخص داخل شقته بالطالبية    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    حار نهاراً.. ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    مصرع شخص واصابة 5 آخرين في حادث تصادم ب المنيا    غرق شاب في بحيرة وادي الريان ب الفيوم    «آية» تتلقى 3 طعنات من طليقها في الشارع ب العمرانية (تفاصيل)    «عشان ألفين جنيه في السنة نهد بلد بحالها».. عمرو أديب: «الموظفون لعنة مصر» (فيديو)    عمرو أديب عن مواعيد قطع الكهرباء: «أنا آسف.. أنا بقولكم الحقيقة» (فيديو)    حج 2024.. "السياحة" تُحذر من الكيانات الوهمية والتأشيرات المخالفة - تفاصيل    تراجع أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 11 مايو 2024    سيارة صدمته وهربت.. مصرع شخص على طريق "المشروع" بالمنوفية    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    حظك اليوم برج الجوزاء السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    تراجع أسعار النفط.. وبرنت يسجل 82.79 دولار للبرميل    محمد التاجى: اعانى من فتق وهعمل عملية جراحية غداً    الإبداع فى جامعة الأقصر.. الطلبة ينفذون تصميمات معبرة عن هوية مدينة إسنا.. وإنهاء تمثالى "الشيخ رفاعة الطهطاوى" و"الشيخ محمد عياد الطهطاوى" بكلية الألسن.. ومعرض عن تقاليد الإسلام فى روسيا.. صور    وظائف جامعة أسوان 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    إدراج 4 مستشفيات بالقليوبية ضمن القائمة النموذجية على مستوى الجمهورية    أخبار كفر الشيخ اليوم.. تقلبات جوية بطقس المحافظة    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    لتعزيز صحة القلب.. تعرف على فوائد تناول شاي الشعير    مادلين طبر تكشف تطورات حالتها الصحية    شهادة من البنك الأهلي المصري تمنحك 5000 جنيه شهريا    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    "سويلم": الترتيب لإنشاء متحف ل "الري" بمبنى الوزارة في العاصمة الإدارية    آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    حسام موافي يكشف أخطر أنواع ثقب القلب    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم درويش صانع الدساتير : الرئيس القادم غير شرعى
نشر في أكتوبر يوم 01 - 04 - 2012

عندما يتكلم الفقيه الدستورى الكبير الدكتور ابراهيم درويش عن كيفيه وضع الدستور فإن الجميع يجب أن يصمت، فهو بحق وكما يطلق عليه تلاميذه «صانع الدساتير»، ولِمَ لا فهو الذى شارك فى وضع دساتير العديد من دول العالم وآخرها مساهمته فى وضع الدستور التركى، حيث كان الشخص الوحيد من خارج تركيا فى اللجنة التى شكلت هناك لوضع الدستور، والمفارقة أنه لم تتم دعوته للمشاركة فى وضع دستور بلده ليصدق المثل القائل «لا كرامة لنبى فى وطنه».
وإذا كان من اختاروا لجنة وضع الدستور المصرى، لم يجدوا فى درويش الجدارة لوضع دستورهم - والذى هو بالطبع ليس الدستور المصرى ولا يعبر بأى حال من الأحوال عن أحلام وطموحات الشعب المصرى - ولكن عن الأحلام الضيقة لمن سيضعونه، فإن أكتوبر رأت أنه من الأهمية بمكان معرفة رأى «صانع الدساتير» فى دستور بلده الذى لم يدع لوضعه.فى البداية أكد الأستاذ محسن حسنين رئيس التحرير أن أسرة أكتوبر تتشرف بوجود أحد عمالقة القانون الدستورى الفقيه العالم د. إبراهيم درويش بين جنباتها، مضيفا، لقد اقتبست من كلامه فى أحد المؤتمرات عبارة جميلة وهى أن الدستور لا يضعه أساتذة القانون الدستورى، الدستور حلم شعب، فلابد أن يشارك فى وضع الدستور كل طوائف الشعب، وأنا أضفت عليه أن الدستور يجب أن يشارك فيه الفلاحون والمثقفون والعمال والعاطلون.
حلم شعب
وأضاف رئيس التحرير أن ما سيقوله د. إبراهيم درويش يأتى فى وقته تماما، فالجميع مهتم بقضية الدستور، وقد حدثت خطوة مهمة وهى اختيار اللجنة التأسيسية التى تقرر ان يكون نصفها من البرلمان، والنصف الآخر من خارجه، لذا نريد أن نعرف من الفقيه الدستورى الكبير رؤيته لملامح الدستور القادم، والتى يجب أن تغطى على عوار الدستور السابق، وسيتطرق النقاش لقضية شغلت الرأى العام الفترة الماضية، بشأن الجدل هل يكون الدستور أولا أم انتخابات الرئاسة، خاصة أننا نواجه معضلة خلال الفترة القليلة القادمة، فاليوم ونحن نضع الدستور وإذا قررنا ان نلغى نسبة 50% عمال وفلاحين ماذا سنفعل فى مجلس الشعب القائم؟، وإذا قرر واضعو الدستور أن مجلس الشورى لا لزوم له، فماذا سنفعل؟ ولهذا فى تقديرى أن هذه المرحلة يجب أن نستمع فيها بصوت عال لرأى د.إبراهيم درويش.
?? د. إبراهيم درويش: أنا سعيد بوجودى فى مجلة أكتوبر التى اعتبرها من المنابر المهمة فى مخاطبة الرأى العام بحيادية وموضوعية، ولقد تعاملت معها كثيرا على مدار تاريخها منذ إنشائها.
أما فيما يتعلق بالدستور، فأعتقد أن المشكلة الأساسية أن الكثيرين لا يفهمون ما هو الدستور أو دوره؟ فالدستور ليس وثيقة قانونية، بل هو وثيقة سياسية، اقتصادية، اجتماعية، قانونية، بعبارة دقيقة «الدستور حلم يعبر عن رغبات وآمال وطموحات شعب لسنوات طويلة قد تصل لقرون»، وكلما كان الدستور ترجمة لهذا الحلم، كانت حياته أطول، وكلما كان الدستور ترجمة لفئة معينة، كانت حياته أقصر.
الدستور – كما قلت - عبارة عن حلم يحقق بالدرجة الأولى الحقوق والحريات العامة بما يتضمنه من حقوق أساسية واقتصادية واجتماعية، السلطة التشريعية والتنفيذية علاقة السلطتين ببعضهما فى توازن وترابط، ثم السلطة القضائية، وأريد أن أتوسع فى الحديث عن الدستور باعتبارى «صنايعى دستورى» على مدى 60 عاما، حيث عملت بمجلس الدولة، ثم أعُرت إلى المكتب الفنى لرئيس الجمهورية جمال عبد الناصر، وكان دورى مراجعة كل ورقة قبل توقيع الرئيس عليها، واشتركت فى صناعة وثائق الوحدة بين مصر وسوريا، ثم كان نصيبى أن اذهب إلى سوريا فور قيام الوحدة، واشتركت فى دستور الوحدة، وكذلك دستور 1964، وكنت مقررا للجنة دستور 1971. وقد اشتركت فى عدة دساتير أخرى خارج مصر، وكان آخرها الدستور التركى، فكنت الوحيد من خارج تركيا الذى اشترك فى وضع الدستور التركى، وكانت تجربة تعلمت منها أكثر مما أفدت.
هناك أربعة محاور تحكم وضع الدستور، المحور الأول من يقترح الدستور؟ والثانى هل هو طويل أم قصير؟ والثالث من يكتب الدستور؟ أما الرابع والأخير فهو من يعتمد الدستور؟
ابتداء، الدستور هو الذى يخلق المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية، وليست أياً من هذه المؤسسات خالقة للدستور، وقد أصدر القاضى الراحل عوض المر حكما عام 1994 بأن الدستور هو الذى يخلق المؤسسات بما فيها المؤسسة التشريعية.
المشكلة الأساسية أننا نسير حسب الظروف، ظروف الحاكم والمسيطر، وهذه مشكلة الهيئات الاستشارية فى مصر أنها لا تقدم النصيحة الخالصة والرأس المستنير للحاكم، إنما تستنطق ما فى عينيه وتقدم له ما يريد على طبق من فضة، ومن ثم كان الفساد السياسى والاقتصادى والاجتماعى، والهيئات الاستشارية تلعب دورا مهما فى النظام السياسى، كلما كانت قوية وأمينة ونظيفة وكفئا، كان المنتج آمنا ونظيفا، ولذلك تحضرنى قصة عندما كنت فى أمريكا عام 1960، سألوا الرئيس الراحل جون كيندى عن كيفية اتخاذ القرار، فقال استشير جميع الأجهزة، ويقدمون لى الاستشارة مكتوبة، ثم أجلس بمفردى وأشعر بأننى الكائن الوحيد على وجه الأرض الذى يتخذ القرار، لأننى أقارن الآراء المختلفة والموضوع الواحد آخذ فيه 3 مشورات، ولذلك أقول أنا متخذ القرار.
الرؤساء الثلاثة
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يقرأ ويناقش ويتخذ القرار، أما السادات – والذى كانت تربطنى به علاقة قوية جدا إلى أبعد الحدود - كان يتخذ القرار ثم يبحث عن مبرر، أما مبارك فكان لا هذا ولا ذاك، لم يكن يقرأ أو يتخذ قرارا، إنما كان يُصنع له كل شىء وفق تضليل المحيطين به.
نعود للدستور، فالرئيس السادات بعد 15 مايو 1971 استدعانى واستدعى غيرى، وسألنى عن اهم مقومات بناء الدولة الحديثة، فأجبته الهدف السادس من أهداف الثورة وهو بناء ديمقراطية سليمة لم يتحقق، ولا يوجد دستور، فالدساتير كلها مؤقتة، المهم عملنا لجنة تأسيسية مكونة من 120 منهم 80 من أعضاء مجلس الأمة، والذين حضروا أول جلسة لأخذ الصور التذكارية، وذهبوا ولم يعودوا، أما من قام بوضع الدستور فهم 40 شخصاً من كبار فقهاء القانون الدستورى منهم د. عبد الحميد متولى، ود. فؤاد مهنى بالإضافة لقضاة ومستشارين وبعض المفكرين، وكان البابا شنودة رحمه الله من الذين شاركوا فى وضع الدستور، وعملنا جلسة تمهيدية، وقررنا عمل لجان مثل لجنة الحقوق والحريات، لجنة نظام الحكم، وقمنا بالانضمام للجان، وكل لجنة تنتخب كل مقرر لها، وأنا كنت مقررا للجنة السلطة التشريعية، ثم اخُترت فيما بعد مقررا للجنة الصياغة العامة، ووضعنا دستورا متوازنا يحقق الحريات العامة بجميع أنواعها، وكنت آخر من سلمه للرئيس السادات للاستفتاء عليه فى أول سبتمبر 1971، بعدها فوجئنا بنشر دستور مغاير تماما يقرر أن حرية الرأى مكفولة، ولكن وفق القانون، ويأتى القانون ولا يعطيك حرية رأى، وركز جميع السلطات فى يد رئيس الجمهورية، أما رئيس الوزراء فى ظل دستور 1971 أو فى الإعلان الدستورى فلا يملك أية سلطة.
وحين جاء الجنزورى وقال أنا أخذت سلطات رئيس الجمهورية فلم يكن هذا صحيحا، لأن جميع السلطات فى يد رئيس الجمهورية، ولا يملك نقلها أو تفويضها، إنما يملك التفويض فى بعض الاختصاصات، ولذلك فالمشير طنطاوى فوض الجنزورى فى بعض الاختصاصات، إنما لا يملك نقل السلطة على وجه الإطلاق، المهم وثقنا تزوير دستور 1971 والأعمال التحضيرية أخذوها وحرقوها، أقول هذا لكى أؤكد أنه لا يمكن لمجلس شعب أو سلطة أن تضع دستورا، ولا يمكن أن يوضع دستور فى ظل رئيس، المهم أنا وغيرى منذ 1971 نطالب بتغيير الدستور، والرجوع للدستور الأصلى الذى عملناه فى 1971، ودخلنا فى معارك كثيرة على مدى 42 عاما أو أكثر، وكتبت حوالى 40 كتابا و2000 مقال فى الصحف ولا استجابة.
مجلس الشورى
وفى 1980 تم اختلاق أو اختراع مجلس الشورى، وأنا أتذكر أن السادات كان يريد عمل مجلس الشورى، ويكون مثل مجلس عائلة « زى المصطبة» نقعد ونحل مشاكلنا مثلما كان يحدث فى ميت أبو الكوم، مجلس الشورى حتى هذه اللحظة لا يملك أى اختصاصات تشريعية، إنما هو أصبح «مكلمة»، وبعدين بيكلف 200 مليون جنيه فى العام، هذا فى الوقت الذى نجد فيه ناساً تعيش فى المقابر، فالدوله الوحيدة فى العالم التى يعيش فيها أشخاص فى المقابر هى مصر، وهذه سبة فى جبين مصر، مجلس الشورى كلف الدولة منذ تأسيسه عام 1980 حتى الآن مليار جنيه، كان من الممكن نستغل هذه الأموال لكى نبنى مساكن لسكان العشوائيات والمقابر.
جميع الشعوب تطمح إلى التغيير، وعلى الحاكم أيا كان الاستجابة إلى «لزومية التغيير»، إذا لم يستجب اتسعت الفجوة بين الواقع والمطلوب، وتتسع الفجوة ويدخل فيها العنف السياسى، إلى أن تحدث ثورة وانقلاب، فى الدول المتقدمة تحدث استجابة، فمن كان يحلم أن يكون أوباما هذا الشخص الأسود الذى يأتى من أسرة فقيرة رئيسا للولايات المتحدة، أما عندنا فقد نادينا بالإصلاح الدستورى وحذرنا مرارا مما يحدث.
وسأحكى عن واقعة مهمة جدا، فقد كنت فى زيارة للولايات المتحدة عام 1998، وكان حينها نبيل العربى سفيرا فى الأمم المتحدة، وفوجئت باتصال منه يطلب منى الذهاب إليه فى نيويورك، وكنت حينها فى لوس أنجلوس، وقال لى إن هناك ندوة مغلقة فى جامعة نيويورك ولابد أن أحضرها، وحضرتها وكان عنوانها « ماذا بعد مبارك» وشارك فيها رجال من المخابرات الأمريكية، رجعت من هناك كتبت 5 مقالات فى جريدة الوفد بنفس العنوان « ماذا بعد مبارك» وكتبتها بروح وطنية قومية خالصة، ونسيت أن أقول إنهم انتهوا هناك فى أمريكا إلى أن التوريث لن يتم، واحتمال أن يحدث انقلاب عسكرى، وهذا ما رجحوه، أو أن يموت مبارك، إنما لم يتنبأوا على الإطلاق بوجود ثورة.
وعندما كتبت المقالات وفى آخر مقاله وجهت لمبارك رسالة قلت فيها إذا أردت أن تدخل التاريخ من أوسع أبوابه، فيجب أن تقوم بمجموعة من الأشياء منها عمل دستور جديد وغيرها، وعند نشر المقال فوجئت بتليفون منه يقول لى « لاتاريخ ولا جغرافيا» ثم أغلق التليفون.
ثم تم الاتصال بى أثناء الثورة للقيام بعمل التعديلات الدستورية بتوجيهات من الرئيس السابق، وكان ردى أن الدستور يجب أن يكون متماسكا وأن يتم تعديله بالكامل فلابد من وجود سلطة تشريعية قادرة وسلطة تنفيذية كفء وسلطة قضائية مستقلة وليس مجرد تعديل لبعض المواد، لذا رفضت أن أكون عضوا باللجنة إلا بعد منحى سلطة تعديل أى مواد أراها، وبالفعل صدر قرار بتشكيل لجنة لتعديل الدستور مع إضافة جملة «وأية مادة أخرى تراها اللجنة» ولكن مع الأسف كان التحرك بطيئا بشكل متعمد.
قبل الثورة كان من المؤكد حدوث احتجاجات ومظاهرات والتى انتهت الى ما سمى بالتنحى وهى فترة خطيرة فى تاريخ مصر لا يعلمها إلا المجلس العسكرى والإخوان، لأنه كان هناك صفقة تدور رحاها بين الإخوان والرئيس السابق يديرها عمر سليمان والمجلس العسكرى، وكان الإخوان آخر من دخل ميدان التحرير وأول من خرجوا منه فقد حصلوا على أكثر مما كانوا يتوقعون.
والرئيس السابق لم يتنح، و لا يملك ذلك لأن دستور 1971 والذى كان قائما كانت به 3 بنود تتحكم فى سلطة رئيس الجمهورية، المادة 82 حين يحدث عجز نسبى يحل محله نائب رئيس الجمورية أو رئيس الوزراء، و المادة 83 حين يقدم استقالته، والمادة 84 حين تتم وفاته، ولم يحدث أى من هذا، الرئيس السابق سافر إلى شرم الشيخ و هو معتقد أن الأوضاع ستهدأ، ولكنه فوجئ باتصال عمر سليمان يبلغه أن المتظاهرين ينوون الزحف إلى القصر الجمهورى فوافق الرئيس على التنحى، وطلب إرسال من يقوم بتصوير إلقائه خطاب التنحى إلا أن عمر سليمان أبلغه أن الوقت لا يتسع لذلك، ولذلك القى سليمان خطاب التنحى الذى سجله بوزارة الدفاع، وتم إرساله الى ماسبيرو ليذاع بإشراف اللواء إسماعيل عتمان، بعدما كتبه فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا وفى الحقيقة أن مبارك لا يملك التخلى عن الحكم أو نقل سلطاته وأنا أناشد المجلس العسكرى الكشف عما تم من أحداث.
? هل معنى ذلك أن مبارك مازال الرئيس حتى الآن؟
?? لا، لأن الثورة أسقطته ومعه دستور 1971، وبالتالى فلا يجوز تعديل دستور أسقط وأن ما حدث هو التفاف على الثورة.
لجنة البشرى
وفى 13 فبراير أصدر المجلس بياناً سماه إعلان دستورى جمّد فيه دستور 1971، وفى الأساس لا يجوز ذلك لأن الثورة أو الانقلاب فى كل دول العالم هما من يسقطوا الدستور، و السند الشرعى لسلطة المجلس العسكرى هو الثورة وميدان التحرير وليس خطاب التنحى أو دستور 71.
وفى اليوم التالى شكلوا لجنة د.طارق البشرى وصبحى صالح وآخرين، وهذه اللجنة هى التى وضعتنا فيما نحن فيه، ولا أريد أن أتعرض لشخوصها ولكنى سأتعرض لمنتجها، فأولاً قرار رئيس الجمهورية الصادر للجنة التى كنت عضواً فيها كان قائماً لم يلغ، فلماذا شكلوا هذه اللجنة؟ لتعديل 8 مواد أفرزت 10 مواد، وأخطر ما أصيبت به الثورة هو التعديلات الدستورية التى قامت بها لجنة د. طارق البشرى، ماذا فعلت؟ كان المنطق يقول بدلا من تعديل 8 مواد من الدستور السابق استدعاءه وهو مالم يحدث ولكن تم الاستفتاء على المواد المعدلة ونحن نعرفه بما سمى «بغزوة الصناديق» ومن يقول نعم سيذهب للجنة والذى يقول «لا» فى النار، وزجاجات الزيت وكيلو اللحمة وما إلى ذلك، وكان من الأخطاء الكبرى لهذه التعديلات أنها لم تتعرض للحقوق والحريات العامة، إنما تناولت 3 موضوعات، نسبة ال 50% عمال وفلاحين، وانتخابات مجلسى الشعب والشورى والانتخابات الرئاسية، ورقابة الانتخابات جعلوها قضائية، وأبقت على مجلس الشورى فى حين أن مصر لا تحتاج الى مجلس شورى فمصر دولة بسيطة والدول المركبه فقط (كالولايات المتحدة) هى التى تحتاج إلى مجلسين تشريعيين لحفظ التوازن بين الولايات الصغيرة والكبيرة فى الاتحاد، و الدليل على ذلك ان مصر لم يكن بها مجلس شورى فى دستور 56 ، أو دستور 64 إنما اختلقه السادات فى عام 1980 دون اختصاص تشريعى، واللجنه ابقت عليه كما ابقت على نسبة ال 50% عمال وفلاحين مع ان هذا ضد المساواه وضد المواطنة.
أما أخطر المواد التى تم تعديلها فهى المادة 76 فى دستور 71 والتى أصبحت 28 فى الإعلان الدستورى، لخصوها تلخيصاً سيئا وهى المادة الخاصة بالانتخابات الرئاسية والتى عدلت فى عام 2005 والتى اشتهرت فى الدستور السابق بالمادة 76 وكانت اطول ماده فى تاريخ الدساتير تساوى دستور الولايات المتحدة 100 مرة، وكان ينقصها سطر واحد فقط وهو «بشرط أن يكون المرشح اسمه جمال حسنى مبارك»، وكان يمكن تعديلها فى سطر واحد فقط «تتم انتخابات الرئاسه عن طريق الانتخاب الحر المباشر»، عملوها فى 6 ، 7 صفحات ونسوا السطر الأخير.
الولايات المتحدة لم يكن لديها أى مانع فى التوريث لأن السياسة الخارجية لأية دولة تقوم على أساس المصالح القومية وهو ما وضعه هنرى كيسنجر الذى يقول إن السياسه الخارجية اقتتال أو نضال من اجل المصلحة القومية، فلا يهمهم ان يكون فلان أو علان رئيساً للجمهورية، والمنطقة كلها تشهد بذلك، فكان مؤكد أن هناك توريثاً. ففكرة التوريث كانت مطروحة بالفعل ولكن انت تريد وانا اريد والله يفعل ما يريد. فالمادة 28 موجز غير مخل بما تم سنة 2005، وتم الاستفتاء على المواد العشر وتم الاستفتاء على أن المحكمة الدستورية العليا هى التى تراقب الانتخابات أو تنظر الطعون الانتخابية وبعدما تمت الموافقة عليها تم تعديلها لتكون محكمة النقض، والآن أبو العز الحريرى وآخرون وأنا منهم نطالب بتعديل المادة 28 التى تقرر أنه لا يجوز الطعن على قرارات اللجنة العليا للانتخابات ولا يجوز تأويلها ولا تفسيرها أو الاعتراض عليها، بينما المادة 22 من الإعلان الدستورى الذى صدر فى 30 مارس تنص على أنه لا يجوز تحصين أى قرار أو عمل من الطعن فيه أمام القضاء، أى أن هناك تناقضاً بينها وبين الماده 28. و كان رد فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا فى أول مؤتمر عقده أن اللجنة من كبار القضاة وأنه تم الاستفتاء عليها ولا يجوز تعديلها إلا باستفتاء آخر وهذا خطأ، لأن المادة المشار اليها ادمجت فى الإعلان الدستورى والذى جبّ الاستفتاء الدستورى الذى تم فى 19 مارس.
عدم دستورية
? طبقاً لكلام حضرتك فان المحكمة الدستورية العليا سنة 94 حكمت بأن الدستور هو الذى ينشئ السلطات وبالتالى فان قيام مجلسى الشعب والشورى باختيار اللجنة التى تضع الدستور وعضويه النواب بها الا يجعل هذا الدستور القادم نفسه موضع عوار دستورى خاصة ان المجلس نفسه مطعون فى دستوريته؟
?? قانون الانتخابات الذى تم على أساسه انتخاب مجلسى الشعب والشورى قانون غير دستورى لأنه لا يتفق حتى مع الإعلان الدستورى فيما يتعلق بالمساواه وتكافؤ الفرص، جعل ثلث الاعضاء بالانتخاب الفردى وثلثى الأعضاء بالقوائم وسمح للأحزاب السياسية بالمنافسة على القوائم والفردى. فى حين لا يكون أمام المستقلين إلا المنافسة على المقاعد الفردية فقط فطعن بعدم دستورية قانون الانتخابات وارتأت المحكمة الإدارية العليا أن ذلك مخالف للشرعية وللمبادئ الدستورية واحالت بعدم دستوريته إلى المحكمة الدستورية.
? ماذا لو حكم بعدم الدستورية؟
?? ابتداء لا يجوز للسلطة التشريعية ايا كان اسمها ان تضع الدستور، فما بالك بأن المجلس مطعون بعدم شرعيته، النقطة الثانية طبقاً للماده 60 انتهوا إلى اختيار 50% من داخل البرلمان و50% من خارجه كأعضاء فى اللجنة، وحتى لو كان جميع أعضاء اللجنة من خارج البرلمان فمن الذى سيختارهم؟ هل أعضاء مجلسى الشعب والشورى المطعون فى دستوريتهم؟ كما أن الإخوان والسلفيين سيختارون من يريدون، الدستور القادم لن يكون دستوراً لمصر إنما سيكون دستوراً إخوانجياً وهو لا يمثل حلم الأمة ولكن يمثل حلم من وضعوه، وسوف تكون النتيجة إما ثورة ثانية وإما عند الانتهاء من مجلس الشعب سيأتى مجلس آخر ليضع دستوراً ثانياً، لأنه لو أجريت الانتخابات مرة أخرى فلن يفوز فيها الإخوان المسلمين فقد انتهى رصيدهم، وأنا لست ضد الإخوان أو معهم إنما لا يجوز للإخوان أو لأية فئة أن تنفرد بوضع الدستور، ولا يجوز للمجلس التشريعى أن ينفرد بوضعه وكذلك لا يجوز وضع الدستور فى ظل رئيس الجمهورية وذلك خبرة من تجربة دستور 71.
وأنا أرفض تماماً محاولات النيل من المجلس العسكرى الذى يمثل القوات المسلحة، فالقوات المسلحة كانت ومازالت الدرع القوية لحماية مصر على مر العصور وهى ملك للشعب وأية إساءة لها هى إساءة للشعب المصرى ونحن نرفضها تماماً، وأنا أرفض ذلك تماما.
ونعود الآن للحديث عن الدستور، إذا تم وضع الدستور الآن فسيكون دستوراً إخوانجياً من الدرجة الأولى، فالإخوان كانوا محظورين فأصبحوا الآن محظوظين، الإخوان تهمهم السلطة، ووصلوا إليها بالفعل، تولوا السلطة التشريعية، فى المادة 33 من الإعلان الدستورى لهم حق التشريع ولكن ليس لديهم حق سحب الثقة، فهم يقولون إن لائحة مجلس الشعب القديمة مطبقة، فهل يعقل أن يطبقوا اللائحة القديمة، ويطالبون بسحب الثقة من الجنزورى، وهم لا يملكون ذلك؟ لأن السلطة التنفيذية مازالت تحت إيدى المجلس العسكرى، فالمادة 56 من الإعلان الدستورى تنص على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو من يتولى إدارة شئون البلاد وله فى سبيل ذلك السلطات الآتية: التشريع، وإقرار السياسة العامة للبلاد، وتعيين الأعضاء المعينين فى مجلس الشعب، دعوة مجلسى الشعب والشورى لانعقاد دورتهما، حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها، تمثيل الدولة فى الداخل والخارج، تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفائهم من مناصبهم، إذا فمجلس الشعب لا يملك سحب الثقة من الحكومة.
محاور الدستور
? ولكن ما هو الأسلوب الأمثل لوضع دستور يقود مصر فى القرن ال 21؟
?? أنا أثرت فى بدايه حديثى 4 محاور: أولها من يقترح الدستور؟ طويل أم قصير؟ من يكتب الدستور؟ من يعتمد الدستور؟ وهذه المحاور الأربعة مرتبطة مع بعضها البعض، ولقد تعلمت من التجربة التركية عندما دعيت للمشاركة فى وضع الدستور هناك ولديهم أساتذة على مستوى رفيع فى هذا الشأن وتناقشنا وسألنا من يقترح الدستور؟ وكانت الإجابة هى الشعب، وقمنا بالفعل بتشكيل لجنة محايدة فى حدود 10 أفراد لا علاقة لها بأحزاب سياسية أو أية جماعة أو أقليات.
والبدايه هذه اللجنة المحايدة التى يجب ألا يزيد عدد أعضائها على 10 أفراد، بحيث لا يكون لها علاقة بأى حزب، وهذا الاقتراح قلته للمجلس العسكرى وهذه اللجنة تستمع شفاهة وكتابة إلى جميع الأحزاب والقوى السياسية والأقليات إن وجدت، ثم تفرغ أوجه التوافق والاختلاف مع السعى إلى تقريبها، أما مسألة أن يكون الدستور طويلا أم قصيرا فأنا أقول إن الاتجاهات الحديثة الآن تدعو إلى أن يكون الدستور قصيرا، لأنه إذا نظرت فى الدستور المصرى لسنة 1971 فستجد أن هناك 170 مادة من هذا الدستور لا علاقة لها بالدستور، بل تختص بالمجالس القومية المتخصصة والمجالس المحلية، وغيرها فى الوقت الذى يتكون فيه الدستور من 211 مادة، فيجب أن تعلم أنك عند وضع الدستور تضع العمود الفقرى للبناء الهندسى، أما الباقى فهناك القانون، ويمكن أن تضع فيه ما تريد من وقت لآخر، أما أن تضع اشتراطات انتخابات رئيس الجمهورية فى الدستور أو عدم الطعن فى قرارات اللجنة الانتخابية فهذا صعب، وعلى سبيل المثال فنحن لدينا فى الإعلان الدستورى القائم المادة 21 التى تنص على أن التقاضى حق مكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الاتجاه إلى قاضيه الطبيعى، ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من محكمة القضاء، فى حين ان المادة 28 تتضمن بأن تكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن عليها بأى طريق، وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، فنجد أن المادتين متضادتين، وبالتالى فيجب أن يكون الدستور قصيرا، ونترك التفصيلات مثل شروط انتخاب رئيس الجمهورية أو الرقابة على الانتخابات وما إلى ذلك للقوانين حتى تستطيع أن تواكب الزمن وتعدلها بدلا من تعديل الدستور كل فترة.
أما من يكتب الدستور، فيفضل لو كانت نفس هذه اللجنة المحايدة التى تحدثنا عنها، ثم يطرح للنقاش المجتمعى، ثم يعرض للاستفتاء، بالرغم من أن لدى تحفظاً على أسلوب الاستفتاء لأن النتيجة عادة تكون 100%، ففى رأيى أن الأسلوب الأمثل لكتابة الدستور هو انتخاب جمعية تأسيسية من الشعب مباشرة لوضع الدستور، مثل تونس، لكن فى ظل ما نعانى منه من وجود نسبة 50% من الأمية، والنسبة الباقية مسيطر عليهم، فنجد أن الوضع الثقافى والاجتماعى فى مصر لا يمكن أن يفرز الجمعية التأسيسية التى نريدها، وقد نفاجأ فى النهاية بالإخوان والسلفيين، أما فى تونس فساعدهم أن نسبة الأمية هناك صفر%.
وبالتالى فإن «الجمعية التأسيسية» تكون هى الأمثل لكتابة الدستور وهذا ما تم عمله سنة 1777 فى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن هذا لا يصلح فى مصر، وبالتالى يجب أن نعود لاقتراح اللجنة المحايدة، وأذكر أنه فى مساء نفس اليوم الذى قلت فيه هذا الاقتراح اتصل بى عصام شرف رئيس الوزراء السابق وقال لى كل كلامك صحيح.
هل تعلم أن الاقتراح بالتصالح مع نزلاء طرة كان قد تم الإعلان عنه وعرضه أثناء فترة حكومة د. عصام شرف، وبالتحديد فى يونيه الماضى.
? وهل أنت مع هذا الاقتراح بالتصالح؟
?? لا.. على الإطلاق، فهؤلاء قاموا بتجريف مصر ونهبها والإساءة إليها، فكيف يمكن أن نتصالح معهم بهذه البساطة.
? أنت تعلم أن هناك سباقا مع الزمن لوضع الدستور الجديد قبل انتخاب الرئيس القادم.. ماذا لو تم وضعه الآن؟
?? الدستور فى الدرج كما ذكرت الجرائد، وبالتأكيد سيكون دستورا إخوانيا، وللعلم رصيد الإخوان انتهى، ولن يأتوا مرة ثانية، وعندما سيأتى مجلس شعب آخر سيضع دستوراً آخر.
? ماذا لو تم وضع الدستور الجديد ونص على إلغاء نسبة ال 50% عمالا وفلاحين التى نرى فيها تمييزا واضحا وفاضحا وإلغاء مجلس الشورى الذى يرى البعض أنه لا لزوم له.. هل يتسبب ذلك فى حل مجلسى الشعب والشورى القائمين؟
?? الأخطر من ذلك أن المبادئ الدستورية تقضى أنه عند وضع الدستور لابد أن تنتهى المؤسسات القائمة ويتم انتخاب مؤسسات جديدة حتى رئيس الجمهورية، ولذلك عندما صدر الإعلان الدستورى قلت سيحدث 6 انتخابات انتخاب مجلسى الشعب والشورى وانتخاب رئيس الجمهورية ثم بعد وضع الدستور سنعيد هذه الانتخابات مرة أخرى.
? وهل هذه القاعدة تسرى حتى على رئيس الجمهورية؟
?? بالطبع، هو جاء فى ظل عدم وجود دستور، لنفرض أننا فى الدستور قررنا أن رئيس الجمهورية القادم يكون فى نظام برلمانى لا يملك أية سلطات، والرجل يريد أن يصبح رئيس جمهورية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ونفس الأمر بالنسبة لمجلس الشعب إذا تم إلغاء نسبه 50% عمال وفلاحين، أو الغاء مجلس الشورى، يبقى هدمنا السلطة التشريعية القائمة وبالتالى تجب إعادة انتخابهم من جديد.
? وهل هذا متوقع؟
?? بالطبع لا، سيتركون كل شىء كما هو.
? وهل لا يعد ذلك عوارا دستوريا؟
?? أقولها ثانية، لن يتم إلغاء مجلس الشورى، ولن يتم إلغاء نسبة ال 50% عمال وفلاحين، ولو كان تقديرى خطأ فتجب إعادة الانتخابات التشريعية من جديد على مقاعد مجلس الشعب، لكنهم سيضعون بندا فى الدستور الجديد بأن يستمر مجلس الشعب القائم إلى نهاية مدته الدستورية، أو يستكمل المجلس القائم دورته.
? من وجهة نظرك، من كان الأنسب الذى تراه لتحقيق أحلام المواطن المصرى فى دستور بلاده؟
?? كما قلت كان لابد أن تكون هناك لجنة محايده لا علاقة لها بالاخوان أو السلفيين أو الاحزاب، ولا يزيد عدد الأعضاء بها على عشرة أعضاء منهم 7 مفكرين وشعراء وكتاب، ولا مانع من أن يكون هناك عنصر واحد أستاذ قانون ليتمكن من صياغة المواد، والمشكلة أنه خلال الثلاثين سنة الماضية تم تجريف المثقفين كلهم، حتى أصبحوا فى جيب النظام السابق، وكذلك الإعلاميين ثم تحولوا بقدرة قادر إلى معارضين للنظام ومخلصين للثوار والثورة، حتى أصبح من الصعب أن ننتقى من بينهم أحداً يصلح، قد لا يكون لى علاقة بالوسط الاجتماعى لأنى أعيش فى صومعه، ولكنى اقرأ لفاروق جويدة وأراه جيدا وهو شاعر ومفكر، وكذلك الشاعر سيد حجاب والكاتب جلال أمين وأسامة الغزالى حرب، ومن الثوار أحمد حرارة، فأنت الآن أمامك معادلة مكونة من ثورة وشباب ثورة، وأنا أرى أن الثورة لم تحقق شيئا ولا حتى شباب الثورة حقق شيئا، أذكر لى هدفا واحدا تحقق من أهداف الثورة؟!
? وهل يرجع ذلك لعدم وجود رأس أو قائد للثورة؟
?? ليس الأمر كذلك بالضبط، لكن الإخوان أرادوا السلطة وقفزوا عليها، وهم لا يستطيعون تشكيل وزارة.
دولة دينية
? هل نحن مقبلون على دولة دينية؟
?? الدولة الدينية نشأت كنسية فى الأصل، وانتهت بصدور الماجنا كارتا، والذين يفكرون فى الدولة الدينيه لم يقرأوا التاريخ وسأستعرض لك ما قيل فى هذا الشأن، ابن خلدون يقول «إن الدولة الدينية تجارة رابحة فى عصور تراجع الفكر للمجتمعات، وأكثر الذين يروجون لهذه الدولة إنما يطلبون بها الرئاسة». أما الجبرتى فيقول «فى ظل ذلك الحكم المهلك المستند إلى مرجعية دينية زائفة يتبرأ منها الإسلام الحنيف، ومن ثم فتجربة الحكم الدينى فى مصر كانت كارثة مدمرة». الإمام محمد عبده أكد على أن نزع أى قداسة أو صفة دينية عن أى حكم بشرى مهما كانت نشأته أو لقبه أصل من أصول الإسلام، أما جمال حمدان فوصف الدولة العثمانيه القائمة على أساس دينى بأنها استعمار دينى من نوع باطش تستر بمفهوم الخلافة، استنزف دماء المصريين وحقوقهم وحريتهم الذى كان يسلم للخليفه بالحكم المطلق – التى هى السمع والطاعة الموجودة لدى الإخوان – دون أدنى حقوق للرعية غير الطاعة العمياء لهذا الخليفة المسمى السلطان، ويصف جمال حمدان حال الأمة فى ذلك العهد بأنه كحال الراعى الذى يفصل بين أنواع القطعان، واعتناقه مبدأ فرق تسد، وكما يسوس الراعى قطعانه بالخلاف، وكانت الانكشارية هى كلاب صيد الدولة العثمانية، وشعار الإخوان الذى قاله حسن البنا مؤسس الجماعة بأنه من حكم المجتمع من السهل عليه أن يحكم الدولة، أما نجيب محفوظ فيقول إن صعود الإسلاميين من التجارب التى يجب أن تخوضها الشعوب – أى مجرد تجربة – وفى سنة 1923 ألغى إسماعيل صدقى دستور 1923، وقامت مظاهرات كثيرة ضد صدقى، فجاء التيار الدينى وحسن البنا وأراد أن يهدئ المظاهرات فقال لهم قول الله تعالى «وَاذْكُرْ فى الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا».
? وماذا قال د. إبراهيم درويش؟
?? منذ قيام الثورة، ونحن نسير بظهرنا إلى الخلف، ونقع فى مطبات وبرك، لم يكن فى الإسلام فى أى عصر منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة دينية، لأن الإسلام ينقسم إلى فرعين أساسيين: فرع للعبادات وهذا شىء بينك وبين الله، وفرع المعاملات وتحكمه المستجدات، فأنتم أعلم بأمور دنياكم.
? كيف ترى انتخابات الرئاسة، ومن المرشح الذى نال إعجاب د. درويش؟
?? عندما يأتى الدستور أولا، فأستطيع من خلاله الحكم على من يأتى ليجلس على كرسى الرئاسة.
? لكن من الممكن أن يأتى الرئيس قبل وضع الدستور؟
?? ممكن، لكن كيف يأتى ابن بدون زواج؟ فعقد الزواج هو الدستور، وإذا حدث ما ذكرته فسيكون الرئيس القادم غير شرعى.
? هناك عدد من التشريعات أضيفت إلى غابة التشريعات القائمة والقوانين التى عفا عليها الزمن، فهل ترى أنه آن الأوان لتنقية التشريعات، وهل ترى أن مرحلة ما بعد وضع الدستور وانتخاب الرئيس يجب أن يكون اهتمام مجلس الشعب بالمجال التشريعى؟
?? مجلس الشعب القائم بتكوينه فاقد القدرة على التشريع، لأنه لا يريد غير السلطة، والدليل أنه حتى الآن لم ينجز تشريع واحد، بالرغم من إعلانهم أكثر من مرة بأن لديهم لائحة كبيرة من التشريعات سيتم إعلانها، إنما أنت لديك غابة من التشريعات يجب تعديلها، أنا اتذكر قانون الاحتكار بعد الموافقة عليه ذهب إلى رئاسة الجمهورية فتم رفضه ورجع لتعديله، لأن القانون كان ينص بأن الذى يقوم بالإبلاغ عن جريمة يتم إعفاؤه، ولكن تم تعديل القانون ليتضمن بأن من يقوم بالإبلاغ عن الجريمة يأخذ نصف العقوبة وبالتالى لن يبلغ أحد، فكافة التشريعات التى صدرت خلال ال 60 سنة الماضية يجب أن تتم مراجعتها.
? ما رأيك فيما كان يسمى ب «ترزية القوانين»؟
?? المشكلة فى الهيئات الاستشارية فى مصر، فأنت فى حاجة إلى المستشار الذى يدلى بالرأى الصحيح ويتمسك برأيه، أما المستشارون لدينا فينظرون فى عينيك ويعرفون ماذا تريد، فأنا اذكر أن الرئيس أنور السادات ذات يوم قام بالاتصال بى بعد منتصف الليل، وأنا اعتدت النوم مبكرا، فلما ذهبت إليه قال لى أريد منك مشروع قانون باعدام الراشى والمرتشى، فهو قرر ذلك ويريد منى أن أبرر له ذلك، فقلت له إنه يحكم عليهم بالفعل بالأشغال الشاقة المؤقتة أو المؤبدة ويقومون برد المبلغ الذى حصل عليه الراشى، بالإضافة إلى ضعف هذا المبلغ، ويكفى فوق ذلك الفضيحة التى وقعت له، وجلست أشرح له أن من يجعلهم يفعلون ذلك هو عدم وجود رقابة، وفى النهاية قال لى قوم روح.
? ما رؤيتك للخروج من المأزق الاقتصادى الراهن؟
?? عندما ذهبت إلى تركيا جلست مع أردوغان، وجدته رجلا بسيطا إلى أبعد الحدود، وكانوا يعانون مما نعانى منه الآن، وأنا أقول إن الإخوان فهموا التجربة التركية خطأ عندما صدقوا أنفسهم بأنها إسلامية واستقبلوا اردوغان عندما جاء للقاهرة بالطبل والتهليل، وعندما أعلن أردوغان أن تركيا دولة مدنية علمانية فلم يودعه أحد منهم عند رحيله، وقد ذكر لى أردوغان أن حالتهم الاقتصادية فى تركيا سنة 2002 كانت أسوأ من حالتنا، وقال لى إنه بدأ بنفسه وسأل زوجته ماذا يكفينا؟ فذكرت له مبلغاً معيناً، فقال إنه وجد أن مرتب رئيس الوزراء يساوى ما يكفيه 15 مرة، فحصل على ما يكفيه واعاد الباقى للدولة، وقال لوزرائه أنا بدأت بنفسى، ومن يريد منكم فعل ذلك فليفعل، وكان هناك طابور سيارات خاص برئيس الوزراء قام ببيعه فى المزاد، فبدأوا يقلدونه، وبدأ يعمل على التنمية الاقتصادية وفى نفس الوقت حارب الفساد، لدرجة أنه أعاد تقييم أراضى الدولة التى تم بيعها قبل وصوله للسلطة وأعاد بيعها بأضعاف أثمانها.. وهو ما نعانى منه بالضبط، وكانت هناك نفقات حكومية باهظة جدا، وأكد لى أنه اهتم بالاقتصاد لدرجة أنه بدأ يبحث عن المحاصيل التى لم تتم زراعتها فى تركيا وهى تحقق عائدا كبيرا، حيث قال لى إن الفستق بدأت فى زراعته عام 2002 وكنا آخر دولة فى العالم، والآن نحن الدولة الأولى فى زراعة الفستق، وأصبحنا الدولة الأولى فى تحقيق النمو الاقتصادى بعد أن كانت الثانية فى العام الماضى خلف الصين، فنحن نريد أردوغان مصريا أمينا للخروج من أزمتنا الاقتصادية الراهنة، فأنت لديك دخل قناه السويس والبترول تم نهبه، والغاز أيضا والأراضى تجب إعادة تقييمها وليدفع اصحابها الفرق.
أزمة التمويل
? كيف ترى أزمة التمويل الأجنبى الأخيرة؟
?? أنا أرى أن الأزمة شكلها سياسى للضغط على أمريكا، وهنا لابد أن اسأل لماذا تم توريط القضاء؟ وأريد أن أؤكد لكم أنه تم اتصال بين عبد المعز إبراهيم ومحمود شاكر، وبعدها جاء قرار تنحى شاكر عن القضية، ثم خرج عبد المعز إبراهيم ليقول إنه طلب من شاكر التنحى بسبب عمل ابنه، وللعلم فإن الابن لا يعمل بأى مكتب محاماة له صله بالسفارة الأمريكية وشاكر كتب مذكرة بهذا الكلام.
? هل كانت هناك صفقة بين الإخوان وأمريكا فى هذا الشأن؟
?? بالتأكيد كانت توجد صفقة.
? كيف ترى مستقبل مصر؟
?? نحن نسير بظهرنا منذ يناير 2011 دون أن نرى ما خلفنا، فمصر فى وضع أسوأ مما كانت عليه قبل نجاح ثورة يناير، ولن ينصلح حالها إلا بقيام ثورة ثانية أو انقلاب عسكرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.