فى عام 2008 تحدث أيمن نور عن «مفاجأة» سيطلقها وهو سجين.. وفى 2012 كرر الحديث عن «مفاجأة» مارس. وبين المفاجأتين أربع سنوات، ورغم تباين الظروف فإن صاحب المفاجأتين شخص واحد! وهاهو ذا رئيس حزب غد الثورة يكشف ل أكتوبر جانباً من مفاجآته التى سيعلنها كاملة غداً الأحد! عندما قال إنه سوف يسترد حقه فى الترشح لانتخابات الرئاسة! وتناول حديثه أيضاً الشروط السبعة التى يجب توافرها لعدم ظهور «أى مبارك»! وقال إن أكبر خطاياه تمثلت فى تقزيم مؤسسات الدولة، وأشار إلى أن سلطة بلا رقابة تتحول إلى عصابة! ودار الحديث بين المرشح الرئاسى المحتمل و أكتوبر على النحو التالى: * كيف لا يكون لدينا مبارك جديد؟ **كيف كان مبارك القديم حتى لا يكون لدينا مبارك جديد، مبارك القديم كان رجلاً قليل الموهبة.. قليل الإحساس بالآخرين وبالعمل السياسى وبالمجتمع الذى عاش سنوات طويلة معزولاً عنه بحكم طبيعة عمله فى القوات الجوية أو فى غيرها. مبارك تعثر فى العمل السياسى لأنه تعثر فى موقع المسئولية.. فلم يكن مسئولاً بالمفهوم المثالى لفكرة الرئيس الذى يتم اختياره ممثلاً عن تيار سياسى أو فكر أو برنامج. وجاء إلى الحكم بمصادفة المنصة.. وظل لسنوات – ربما حتى عام 1984 – رجلاً يسعى للتوازن فى المواقف ولأن يكون إصلاحياً بعد سنوات كانت الأمور معقدة فيها جداً. ولكن من حول مبارك صنعوا هذا الفرعون.. والفراعين بشكل عام يصنعون بالإرادة العكسية للشعوب. مبارك ارتكب سبعة أخطاء رئيسية.. أولها العناد.. فقد كان يعاند إرادة الناس.. وكان يتصور.. أو أفهمه من حوله.. أن العند درجة من درجات القوة أو درجة من درجات السيطرة وهيبة الدولة، والعيب الثانى فى مبارك أنه كان قليل الإيمان بالشعب المصرى، والذى لا يأتى من الشعب لا يفهم قدر هذا الشعب.. فاستهان مبارك بالشعب وبكرامته وعقله ومشاعره.. فاستهان الشعب بمبارك فى لحظة استطاع أن يفرض إرادته فأهان مبارك وهو يخرج من السلطة على عكس طبيعة وتكوين الشعب المصرى الذى لا يحب الانتقام ولا يميل لفكرة الحلول العنيفة، ولكن كان هذا رد فعل على عنف مبارك وجهله بطبيعة الشعب المصرى، الخطيئة الثالثة التى ارتكبها مبارك أنه كان راعياً لغول الفساد.. على الأقل خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة.. هذا الفساد تحول فى عهده من حالة إلى ظاهرة.. ووصلت هذه الظاهرة إلى أن أصبحت هى الأصل فى كل قطاعات الحياة المصرية، أما الخطيئة الرابعة لمبارك – كما يقول د.أيمن نور – أنه لم يفصل بين العام والخاص فتحولت مصر فى عهده إلى عزبة يقودها رئيس ورئيسة ورئيس تحت التشطيب. كان يسعى لتوريث الحكم، أما الخطيئة الخامسة لمبارك فهى أنه آمن – على غير طبيعته – بأنه زعيم.. وتصور أن هذه الزعامة ستحول بينه وبين الحقيقة.. فتصرف بيد مفتوحة دون الإحساس بالرقابة.. وسلطة بغير رقابة تتحول إلى عصابة.. وعصابة مبارك تكونت نتيجة غياب الرقابة.. أما الخطيئة السادسة وهى الخطيئة الأكبر فى تقديرى.. أن مبارك قزَّم مؤسسات الدولة لكى تكون بحجم يسمح بأن تتعملق مؤسسة الرئاسة. *مؤسسة الرئاسة أم سلطته الشخصية؟ **الحقيقة سلطته وسلطة المؤسسة التى يمثلها.. فقد كانت لدينا دائماً مؤسسة تشريعية ومؤسسة قضائية والرئيس كان مؤسسة.. ولكنها كانت دائماً المؤسسة الأقل حجماً وتكلفة، وإذا علمنا أن ميزانية مؤسسة الرئاسة ومصاريفها السرية وصلت إلى 40 مليار جنيه ندرك حجم هذه المؤسسة، وأعتقد أن الموازنة الأخيرة للرئاسة شهدت تعديلات، أما الخطيئة السابعة فهى أن مبارك قزَّم الحياة السياسة فى مصر بشكل عام.. ومارس ما يسمى بتعقيم الحياة السياسية فى مصر، وتصور أنه بهذه الطريقة يأمن التيارات السياسية.. فأفسد أحزاباً وأفسد تيارات سياسية.. وتعملقت أجهزة الأمن فى دورها على حساب الجهاز السياسى. ولم يكن هناك تنظيم سياسى حقيقى، كان جهاز مباحث أمن الدولة يدير البلاد. ولم يكن هناك حزب حاكم.. والدليل أنه فى أول صدمة انهار كاملاً.. وكان أثراً بعد عين.. على عكس الرئيس الراحل عبد الناصر الذى نجح فى صناعة كيان سياسى.. هو الاتحاد الاشتراكى.. رغم تحفظاتى الكثيرة على هذه التجربة.. أى أنه صنع كياناً سياسياً مازال حتى هذه اللحظة يدافع عن عبد الناصر. *وصنع تياراً أيديولوجياً يؤمن بفكره وبتجربته؟ **إلى حد ما.. ومبارك لم يصنع هذا.. بل سعى لضرب كل الأحزاب والتيارات مما جعل منابع الخطر غير واضحة.. وهذا ما أدى إلى اندلاع ثورة 25 يناير عندما أغلقت منافذ التغيير السلمى للسلطة فتحت منافذ التغيير الثورى للسلطة، هذه الخطايا السبع هى التى صنعت أزمة مبارك.. ومن لا يريد ألا يكون مبارك عليه ألا يقع فى هذه الأخطاء. *ألم يشارك الشعب – أو جزء منه على الأقل – فى صناعة الفرعون السابق؟! **هناك نوعان من الفراعين: فرعون الخير «الماعت».. وهناك ما يسمى بفرعون الشر (ازفت).. ومصر ساهمت فى تحول مبارك من فرعون ماعت إلى (إزفت)! *مصر ساهمت فى ذلك.. أم المافيا المحيطة بمبارك؟ *كما قلت.. فإن غياب الرقابة يصنع العصابة.. ويتيح لهذه العصابة البيئة المناسبة كى تنمو وتتمدد وتفرض سطوتها وهيمنتها على البلاد. وغياب الرقابة الشعبية وتخاذل القوى المؤثرة فى الرأى العام هو الذى فتح الباب كى يطغى مبارك بهذه البساطة. الحكم لن يكون مُرضياً *ما هى توقعاتك للحكم على مبارك؟ **كرجل قانون لا أتوقع الحكم ولا يمكن أن أرتكب هذه الخطيئة التى وقع فيها غيرى.. ولكننى أتوقع أنه لن يكون مرضياً لقطاع ليس بقليل من المواطنين. *هل سيصدر حكم بالسجن على مبارك؟ **الحكم فى تقديرى مرتبط بقرار الاتهام.. وهو أضعف كثيراً لأنه لا يحاكم مبارك على 30 سنة من الفساد.. ولا يمكن اختزاله فى واقعة أو واقعتين، فيبدو كأن مبارك لم يقع إلا فى هذه الوقائع فقط. الحق فى الترشح *ما هى المفاجأة التى ستعلن عنها هذا الشهر؟ **يوم الأحد 11 مارس سنعلن عنها فى حزب غد الثورة. *ولكن ما هى ملامح هذه المفاجأة؟ **أعتقد أننى سوف أسترد حقى فى الترشح للرئاسة، ولكن هل سأمارس هذا الحق أم لا.. هذا ما نفكر فيه وسنعلن عنه غداً الأحد 11 مارس. *طرحت عدة مبادرات سياسية.. منها الدعوة للصلح بين المجلس العسكرى والثوار ومبادرة مجلس الثورة المصرية.. ما هى أهداف هذه المبادرات؟ **أولاً.. تم الإعلان عن تدشين مجلس الثورة المصرية يوم الأحد الخامس من مارس الجارى، هذا المجلس تأخر نحو 405 أيام عن موعد قيام الثورة. ولنتفق أن فكرة توحيد قوى الثورة ليست جديدة.. وكانت هاجساً دائماً.. ولكنها أكثر جدية هذه المرة.. مقارنة بالمرات السابقة، وهذا المجلس يشمل نحو 40 حركة وحزباً وائتلافاً وقوة ثورية.. والتحق به عدد كبير من الشخصيات والرموز، وهو ليس بديلاً لمجلس الشعب ولا ينافس أحداً.. ولكنه محاولة جادة جداً للتعبير عن الثورة فى كلمة واحدة، وهو يشمل أغلب قوى ثورة يناير. *هل يمكن لهذا المجلس أن يقوم بدور مؤثر فى انتخابات الرئاسة؟ **لا.. ليس من دوره اختيار مرشح رئاسى.. فالأطراف المشاركة فى مجلس الثورة لها مواقف مختلفة.. لذلك يمكن أن يكون لها اختيارات مختلفة. *وماذا عن مبادرة إصلاح العلاقة بين الثوار والمجلس العسكرى؟ **لم أقدم مبادرة للمصالحة.. ولكننى طرحت قيماً ومبادئ أعتقد أن هناك إجماعاً عليها، وهى مبادرة الحق والحب، علينا أن نتحاسب ثم نتصارح.. ثم نتسامح.. بهذا الترتيب، علينا الاعتذار عما حدث من أخطاء. *كيف تبدو علاقتك بكافة القوى السياسية.. خاصة الإسلامية؟ **لدى مسافات قريبة ومتساوية مع معظم القوى السياسية، وأحتفظ بمسافات قريبة من كل الناس، فنحن نتفق ونختلف ولكن تظل مبادئ المودة والحب قائمة.. فى إطار روح 25 يناير. روح الثورة! *هل تعتقد أن روح ال 18 يوما التى عاشتها ثورة يناير مازالت قائمة؟ **ليست قائمة.. ولكن يجب أن نعمل حتى تعود هذه الروح، هذه الروح هى الأمل فى إحياء هذه الثورة وفى إحياء قيمها ومبادئها. *هل أنتم متفائلون باستعادة هذه الروح؟ **متفائل دائماً.. بمشيئة الله. *كيف تنظرون إلى الدستور الجديد ومعايير اختيار اللجنة التأسيسية وسلطات مؤسسة الرئاسة فيه؟ **كان لدينا تجربة سابقة عام 2005 عندما أعددنا مشروع دستور يشمل 220 مادة، ونحن نؤمن بأن صناعة الدستور ليست هى الأصعب ولكن الأصعب أن يكون هناك دستور معبر عن كل طوائف المجتمع المصرى، وهذا يجب أن ينعكس منذ البداية فى اختيار اللجنة التأسيسية وأن تحظى بتنوع حقيقى وبقيم مهارية وخبرات دستورية تسمح بإنتاج وثيقة تعيش مائة سنة. *هل تؤيد اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية من داخل البرلمان أم من خارجه؟ **أنا ضد فكرة استبعاد البرلمان عن اللجنة التأسيسية.. وأؤيد المزاوجة بين خبرات البرلمان وخارجه. *وما هى رؤيتك لطبيعة وسلطات مؤسسة الرئاسة فى الدستور الجديد؟ **أعتقد أن أغلب القوى السياسية تؤيد النظام المختلط (الرئاسى البرلمانى) وأظن أن هذا سيؤدى إلى تقليص صلاحيات الرئيس ولكنه لن يقزم سلطاته.. وستظل مؤسسة الرئاسة محدودة التأثير. *حتى لا يعود مبارك جديد؟ **حتى لا يعود أى مبارك. مرحلة ما بعد الخطر *لديكم نشاط فى إطار الدبلوماسية الشعبية مع دول حوض النيل؟ **نعم لدينا نشاط وعلاقات مع أريتريا وأوغندا والسودان واستقبلنا وفداً من أريتريا وقابلنا فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر.. وهذا جزء من الجهد الذى يجب أن يبذل وبسرعة لإصلاح العلاقات المصرية الأفريقية. *ألم تصل هذه العلاقات إلى مرحلة الخطر.. خاصة مع دول النيل؟ **هى فى مرحلة ما بعد الخطر. *هل سينعكس ذلك على مواردنا المائية بشكل مباشر؟ **هناك الاتفاقية الإطارية التى نجحنا فى تأجيل تصديق أوغندا عليها لبعض الوقت ونتمنى أن نواجه هذه الأزمة وأن نتوصل إلى حلول حقيقية لها مع دول حوض النيل. *هل تستطيع الدبلوماسية الشعبية المصرية تحقيق نوع من التوازن فى مواجهة تأثير إسرائيل والقوى الأخرى على دول حوض النيل؟ **إسرائيل لعبت دوراً كبيراً فى التأثير على بعض الدول الأفريقية ونحن نتطلع إلى أن ننتبه لخطورة هذا الدور فى المرحلة القادمة. *نتنبه أم نتحرك؟ **نتنبه ثم نتحرك. تزوير منتخب! *نور 2005 ونور 2012.. ما هى الفوارق الزمنية والشخصية والموضوعية؟ **الفارق سبع سنوات زمنياً!.. أما شخصياً.. فنور 2005 يختلف قليلاً عن 2012، فقد اختلفت الخبرة والواقع، والشىء الوحيد الذى لم يختلف هو نوعية الأزمات، فما زلنا نعانى من نفس نوع الأزمات تقريباً.. قبل الثورة.. وتحديداً عام 2005. *ربما بصورة أشد وأخطر؟! **فى 2012 يجب علينا إعادة بناء «تابو» جديد على أسس صحيحة، فالتابو الذى انكسر ذهب.. حتى لو كانت بعض الأمور معلقة، فى 2005 كان لدينا أسد نواجهه فى عينه.. واليوم لدينا رغبة فى أن نبنى عريناً حقيقياً لمصر من خلال رئيس يأتى بإرادة الجماهير، فى 2005 كان هناك «تزوير منتخب» وليست انتخابات، وفى 2012 نتطلع أن تكون هناك انتخابات حقيقية، وفى كل الأحوال لن يكون هناك تزوير منتخب كما كان الحال فى العهد السابق. *قلت إنه لا تعارض بين الإسلام والليبرالية.. وربما رفعت شعار «الليبرالية هى الحل».. فهل هذا بديل لشعار «الإسلام هو الحل»؟ **من المؤكد أنه لا تعارض بين الإسلام والليبرالية، فالإسلام دين أكثر شمولية، والليبرالية ليست أيديولوجية. *من هو المرشح الأرجح للفوز بالرئاسة؟ **لا تعليق. *وما هى فرصتكم فى الفوز؟ **الفرص دائماً قائمة. *رغم أن استطلاعات الرأى اشارت إلى أن فرصتكم ليست كبيرة؟ **استطلاع المجلس العسكرى وضعنى فى الترتيب الثالث.. وهناك استطلاعات وضعتنى فى ترتيب أعلى وأخرى وضعتنى فى ترتيب أقل، وكل هذه الاستطلاعات جرت فى وقت واحد، بمعنى أن القائمين على استطلاعات الرأى غير مؤهلين بدرجة كافية على استخدامه. *ولكن الاستطلاعات التى جرت قبل الانتخابات البرلمانية رجحت فوز الإسلاميين وتحقق ذلك؟ **لقد كان هذا واضحاً. ضد التمويل الأجنبى *كيف تقيِّمون أزمة التمويل الأجنبى؟ **أنا ضد التمويل الأجنبى بغير رقابة من الجهات المُموِّلة والمموَّلة.. ولكننى ضد ما حدث فى هذه القضية منذ بدايتها.. وكانت النهاية هى الأسوأ على الإطلاق. *هل تؤيد استمرار حكومة الجنزورى؟ **أنا شخصياً أؤيد الجنزورى نفسه كشخص ولكن أداءه لم يكن فى مستوى الطموح، وفى رأيى أن حزب الأغلبية يجب أن يقوم بتشكيل الحكومة. *هل تؤيد الرئيس التوافقى أم «الفريق الرئاسى الموحد»؟ **أؤيد الفريق الرئاسى الموحد.. والرئيس التوافقى فكرة غير واردة.. وكل مرشح رئاسى يستطيع أن يقدم تصوراً بفريقه الرئاسى ويستعد لخوض المعركة الانتخابية ويمكن أن يشمل هذا الفريق رئيساً وثلاثة نواب. *هل أنت متفائل بمستقبل مصر؟ **أنا متفائل دائماً.. وأعتقد أن مصر مقبلة على خير كبير.