رئيس جامعة الأزهر يعلن افتتاح كلية جديدة للتمريض في العالم الدراسي المقبل    البابا تواضروس: مصر تعتبر القضية الفلسطينية من أهم أولوياتها    محافظ سوهاج: خلق محاور مرورية جديدة تسهم في تخفيف الزحام    إعلام إسرائيلي: الجيش سيبدأ الليلة في هدم 106 بنايات بالضفة    الدفاع الروسية: إسقاط تسع مسيرات أوكرانية في أجواء مقاطعتي بيلجورود وكورسك    الزمالك يستعد لمواجهة سيراميكا كليوباترا دون راحة    منتخب سلاح الشيش رجال يحقق المركز الرابع بكأس العالم في كندا    «حقنة دون وصفة طبية».. حيثيات الحكم على صيدلي وعاملين تسببوا في وفاة شاب    هل بدأ الصيف؟ بيان الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة (عودة ارتفاع درجات الحرارة)    تجديد حبس قاتل زوجته في المنيا لمدة 15 يومًا    نجوم الوسط الفني يحتفلون ب«الزغاريط» في حفل زفاف رنا رئيس| صور    ليلى علوي تقدم واجب العزاء في المنتج الراحل وليد مصطفى    بمباركة أمريكية.. ما دور واشنطن في الضربة الإسرائيلية الأخيرة على الحوثيين؟    "ابدأ حلمك" يواصل تدريباته فى قنا بورش الأداء والتعبير الحركى    محمد عشوب: عادل إمام لم يصبه الغرور    وكيل صحة المنوفية: فرق مكافحة العدوى خط الدفاع الأول داخل المستشفيات |صور    شولتز: ألمانيا ستواصل دعمها لأوكرانيا بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين    المغرب وموريتانيا يبحثان ترسيخ أسس التعاون جنوب-جنوب ومواجهة التحديات التنموية    تصعيد عسكري في غزة وسط انهيار إنساني... آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    التصريح بدفن جثتين طفلتين شقيقتين انهار عليهما جدار بقنا    «حتى أفراد عائلته».. 5 أشياء لا يجب على الشخص أن يخبر بها الآخرين عن شريكه    أسرار حب الأبنودى للسوايسة    وزير الرياضة يهنئ المصارعة بعد حصد 62 ميدالية في البطولة الأفريقية    محافظ سوهاج: مستشفى المراغة المركزي الجديد الأكبر على مستوى المحافظة بتكلفة 1.2 مليار جنيه    جامعة العريش تستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    أسعار النفط تتراجع 2.51%.. وبرنت يسجل أقل من 60 دولاراً للبرميل    الرئيس عبد الفتاح السيسي يصل مقر بطولة العالم العسكرية للفروسية رقم 25 بالعاصمة الإدارية "بث مباشر"    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    عاد من الاعتزال ليصنع المعجزات.. كيف انتشل رانييري روما من الهبوط؟    زراعة الشيوخ توصي بسرعة تعديل قانون التعاونيات الزراعية    خوفا من الإلحاد.. ندوة حول «البناء الفكري وتصحيح المفاهيم» بحضور قيادات القليوبية    "الجزار": انطلاق أعمال قافلة طبية مجانية لأهالي منطقة المقطم.. صور    وفاة نجم "طيور الظلام" الفنان نعيم عيسى بعد صراع مع المرض    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني| صور    وصلت لحد تضليل الناخبين الأمريكيين باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي.. «التصدي للشائعات» تناقش مراجعة وتنفيذ خطط الرصد    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    وضع السم في الكشري.. إحالة متهم بقتل سائق وسرقته في الإسكندرية للمفتي    «هكتبلك كل حاجة عشان الولاد».. السجن 10 سنوات لمتهم بإنهاء حياة زوجته ب22 طعنة    سفيرة الاتحاد الأوروبي ومدير مكتب الأمم المتحدة للسكان يشيدا باستراتيجية مصر لدعم الصحة والسكان    حقيقة تعثر مفاوضات الزمالك مع كريم البركاوي (خاص)    «اللعيبة كانت في السجن».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على كولر    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    مستشفى قنا العام تنجح في تنفيذ قسطرة مخية لمسنة    "قومي حقوق الإنسان" ينظّم دورتين تدريبيتين للجهاز الإداري في كفر الشيخ    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    هيئة الصرف تنظم حملة توعية للمزارعين فى إقليم مصر الوسطى بالفيوم    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    إعلام إسرائيلى: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق فى أحداث 7 أكتوبر    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    «حلم منذ 100 عام».. ترامب: سنبني قاعة رقص عالمية في البيت الأبيض    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعترافات شاهد عاش 33 عاما فى الحزب الوطنى: شلة جمال مبارك أفقدت النظام شعبيته
نشر في أكتوبر يوم 17 - 07 - 2011

خيط رفيع يفصل ما قبل الثورة وبعدها.. فقبل 25 يناير كان الحزب الوطنى هو «الكل فى الكل» والمسيطر على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فى الشارع المصرى. وفجأة سقط هذا المارد بكل قياداته سقوطا مدويا وسقط معه النظام بأكمله.
ما الأسباب التى أدت إلى سقوطه بهذا الشكل؟ وهل سياساته هى التى أدت إلى هذه الثورة وهذا الانفجار فى الشارع المصرى؟ وما الأسباب التى أدت إلى فقد الحزب الوطنى «المنحل» لمصداقيته وأرضيته فى الشارع مما جعله ينهار بهذا الشكل؟ وهل كان وراء كل هذا الكم الكبير من الفساد حيث إن معظم قياداته وراء القضبان فى قضايا الكسب غير المشروع؟.. كل هذه الأسئلة وغيرها أجاب عنها الحزبى والبرلمانى والسياسى المخضرم الدكتور «محمد عبد اللاه» الذى عاش 33 عاما داخل الحزب الوطنى «المنحل» وشارك فى تأسيسه والذى كشف عن أسرار جديدة ومثيرة تعلن- لأول مرة- فى هذا الحوار الساخن والصريح جدا لما كان يتم داخل الحزب الوطنى «المنحل».
*بداية.. بعد مرور 6 أشهر على ثورة 25 يناير ما تقييمكم لها.. وهل ترى أنها تسير فى المسار الصحيح أم خرجت عن الخط فى ظل ما نشهده من اعتصامات ومظاهرات ومطالب فئوية وبلطجة وخلافه؟
**ثورة 25 يناير التى بدأتها مجموعة من الشباب كانت تستهدف التغيير والتطوير ومزيدا من الديمقراطية انضم إليها مجموعة من الذين كانوا يعانون من الفجوة الاجتماعية ومن تجاهل البعد الاجتماعى فى السنوات الأخيرة.
وقد نجحت هذه الثورة بفضل حماية القوات المسلحة المصرية لها والتى تصرفت من منطلق أنها تحمى الدولة ولا تحمى النظام فى مواجهة الشعب.. وهذا يحسب للقوات المسلحة وللتاريخ.
وبالطبع هناك تراكمات من المطالب وانتهازية لركوب موجة المطالب وتحول الأمر إلى كم لا ينتهى من المطالب.. وأصبح الأمر «يا الآن أو يالا» بمعنى إذا لم أحصل على مطلبى وما أتصوره أنه حقى سواء كان حقى أو ليس هو حقى إذا لم أحصل عليه الآن فإننى لن أحصل عليه بعد ذلك.
وأصبح بعد 6 شهور من الثورة لدينا نوع من «فيلق» بدأ ينتهز الفرص سواء سياسية فيركب الثورة فى ظل عدم وجود فى البداية قيادة للثورة.. فالمبادئ الأساسية للثورة لا خلاف عليها وهى احترام حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. وكلها مطالب لا يختلف عليها أحد. ولكن ما يحدث الآن وهى المبالغة فى الاضطرابات والاعتصامات وكذا.. هؤلاء لا يشعرون بمدى الأثر السلبى على الاقتصاد الوطنى وبالتالى فإننى أرى أن الثورة الآن هى فى مفترق الطرق إلى أن تعود إلى طريقها الحقيقى نحو المسار والتوافق الوطنى وتبدأ عملية الانتخابات ويتحقق الاستقرار ويحدث نوع من الهيبة إلى الأمن وتدور عجلة الاقتصاد الوطنى مرة أخرى وتكون هناك بداية لتحقيق الأهداف الحقيقية للثورة.
ولكن إذا سيرنا وراء منطق الفوضى ووراء الذين يريدون الصيد فى الماء العكر والانصياع وراء المطالب غير الواقعية فإننا فى هذه الحالة نهدد البلاد بالتعود بنوع من الفوضى التى لا تليق بمصر ومكانتها وتتعارض تماما مع أهداف الثورة.
*باعتباركم كنت قياديا بالحزب الوطنى «المنحل» البعض يتهمك بأنك معاد للثورة؟
**هذا غير صحيح.. فالمسئول الذى يكون انتماؤه لمصر أو يكون له رؤية لحركة التاريخ لابد أن يؤيد مبادئ هذه الثورة.
ولكن ربما يحدث خلط لدى الكثيرين.. والبعض يحاول أن يزكى هذا الخلط بأن كل من كان فى الحزب الوطنى هو معاد للثورة.. واستخدمت بعض المصطلحات التى كانت تستخدم من 60 سنة وهى كلمة الثورة المضادة دون أن يعطى تعريفا لها.. فأول من أطلق مصطلح الثورة المضادة هو «لينين» وكان قد أطلقها على ما يسمى - وقتها- بالجيش الأبيض وهى كانت القوات الموالية للقيصر التى كانت فى طريقها مرة أخرى للزحف على «موسكو» وكان لينين قد أطلقها على أساس أن أنصاره الموجودين فى موسكو ينضمون إليه.
فأننا فى مصر نستخدم مصطلحات ونحّملها بأكثر مما تتحمل.
ولا شك أن هناك من أصحاب المصالح.. ومن كل من له علاقة بالفساد قد استشعر القلق من الثورة لأن مصالحه قد أضيرت.. ولكن العاقل يفهم أن عقارب الساعة لن تعود للوراء.. وهناك فى الحزب الوطنى مجموعة من الذين كانوا يرون أن الحزب هو وسيلة للخدمة العامة والمشاركة السياسية.
*من وجهة نظركم ما هى الظروف التى أدت إلى هذا الانفجار وقيام الثورة؟
**أرى أن هناك 3 أخطاء سياسية أدت إلى هذا الانفجار.. الخطأ الأول هو تقليص البعد الاجتماعى والتوجهات الاقتصادية التى بدأت تضعف فى السنوات الأخيرة.
وإننى احتكم إلى مضابط مجلس الشعب.. ففى عام 2002 كنت قد حذرت من أن الطبقة المتوسطة فى مصر بدأت تتآكل وأن هذه الطبقة هى صمام أمن المجتمع.. هذا التآكل يقابله أننا أصبحنا فى مجتمع يتحول فيه المال إلى قيمة بل القيمة الوحيدة أيا كان مصدره مشروعا أو غير مشروع.. وهذا كان بمثابة جرس الإنذار الذى أطلقته وهو أن البعد الاجتماعى فى مصر بدأ يتقلص ويقل ولم يعط أحد اهتماما بهذا.
وللأسف الشديد أن المجموعة التى كانت تقود الاقتصاد المصرى بدءا من عام 1986 تستخدم فكر مدرسة اسمها مدرسة شيكاغو.. هذه المدرسة التى تعود بنا إلى الفكر الكلاسيكى وهو أن الدولة ترفع يدها عن الحياة الاقتصادية وتعود شبه الدولة الحارسة.. وهذا مفهوم من القرن 18.. والدولة الحارسة يتلخص عملها فى أن تحمى الحدود والأمن وتنزه القضاء.. وهذا المفهوم أخذ به المحافظون الجدد فى الولايات المتحدة والذى أدى إلى الأزمة العالمية المالية. وهذا كان من ضمن الأمور التى خلقت ضيقا اجتماعيا كبيرا فى مصر.
والخطأ الثانى هو التجاهل للمشاكل ثم التصرف الأمنى وهو إدخال الأمن فى كل صغيرة وكبيرة مما يتسبب فى أن تربى بينه وبين عموم الشعب حساسية واستهلك الأمن بسببها.
ففى السنوات الأخيرة نجد أن الأمن العام والذى يؤمّن المواطن وممتلكاته بدأ يتقلص ويقل.. وأن الأمن السياسى هو الذى بدأ يقوى على حساب الأمن العام وبالتالى المعادلة قد اختلت.
والخطأ الثالث وهو أن الإعلام فى ال 30 سنة الماضية أخذ مساحة من الحرية ومع ذلك لا أحد يتابع ما تكتبه هذه الصحف رغم أن الإعلام جهاز رقابة شعبية مجانية لا تكلف ميزانية الدولة شيئا سواء فى جرائد المعارضة أو برامج «التوك شو» وغيرها حيث كانت تثار قضايا كان يجب الرد عليها من جانب الدولة حتى لو كانت هناك مبالغات فى عرضها وعدم تجاهلها ولكن ترك هذا دون الرد والتوضيح يزيد من تراكم المشاكل لدى الناس. يضاف إلى هذه الأسباب الثلاثة ما حدث فى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة ومحاولة احتكار المجلس للحزب الوطنى ونفى المعارضة.. وهذا أمر يدل على عدم حكمة وجهل سياسى.. وكان تصرفاً أحمق وإن كان ليس هو سبب الثورة، إنما كان عنصرا طغى على الشباب بأنه ضيع منهج الأمل فى أن هناك إصلاحا أو رؤية مستقبلية لمجتمع أكثر ديمقراطية أو انفتاح لأن هذا الشباب له تطلعات ويأمل فى الإصلاح.
*وهل هذا يعنى أنك كنت تتوقع أن تحدث هذه الثورة وتنجح فى إسقاط النظام السابق بأكمله؟
**كان لدى إحساس أن الأخطاء السابقة سوف تؤدى إلى مواجهات خطيرة تهز المجتمع المصرى ويكون ضحاياها كثيرين من المواطنين ولكن لم أتوقع أن تؤدى إلى سقوط النظام.
وإننى أزعم أنه لو كان هناك مبادرة سريعة من القيادة السياسية فى هذا الاتجاه كان من الممكن أن يكون هناك حوار مع الثوار حول الروشتة المطلوبة لإصلاح النظام. وهذا نوع من الاجتهاد.
وقد قلت يوم 25 يناير فى بداية هذه الثورة على القناة التليفزيونية الرسمية المصرية وكان هذا على الهواء مباشرة إن الأمر ليس بهذه البساطة وليس مجرد مظاهرة، وإنما الموضوع قد يخرج من طياته انفجار لمطالب كثيرة ونوع من الكبت فيجب تدارك الأمر بسرعة.
وعندما سئلت قلت لهم المطلوب الآن هو تغيير الحكومة وخروج رجال الأعمال من الوزارة والتأكيد على البعد الاجتماعى باعتباره ركيزة للحكم وإعادة القدسية للمال العام أى محاسبة كل من تمتد يده للمال العام أيا كان موقعه وبمنتهى الصرامة وإعادة النظر فى الدستور.
وقد أصاب هذا الكلام ذهول الكثيرين والبعض قال إن ما قلته هو نوع من الانتحار السياسى.
*ألا ترى أن الرئيس السابق مبارك قد انعزل عن الناس فى السنوات الأخيرة وترك أمور البلاد يديرها ابنه وزوجته؟
**بصراحة شديدة.. واضح مما حدث أن القيادة السياسية فى السنوات الأخيرة قد انعزلت وتركت الأمور للدائرة الخاصة حوله.
وقد بدأت عزلة الرئيس وانعزاله من عام 2005 ووصلت إلى قمتها فى السنوات الثلاث الأخيرة مع حكومة نظيف.
وأذكر شواهد لأدلل على ذلك.. عندما كنت فى أوائل الثمانينات فى مكتب د. فؤاد محيى الدين رئيس الوزراء الأسبق فوجئت بالرئيس مبارك يطلبه تليفونيا ويقول له أنت قرأت ما كتبته جريدتا الشعب والوفد عن مشكلة معينة بإحدى المحافظات وقال له بالنص تابع هذا الموضوع ورد على.. وهذا يدل على أن الرئيس مبارك كان شخصا متابعا فى بداية حكمه ليصبح شخصا لا يقرأ الجرائد تماما فى السنوات الأخيرة من حكمه.
أيضا وفى مرة أخرى عرض بالبرلمان موضوع رفع الحصانة عن مصطفى شردى رئيس تحرير جريدة الوفد.. وجاء توجيه الأغلبية برفع الحصانة.. وأنا لم أكن مقتنعا بذلك وطلبت الكلمة وتصور رئيس المجلس أننى سأؤيد رفع الحصانة ولكن فوجئ بأننى أعطى مبررات ضد رفع الحصانة وأخذ التصويت وانتهى برفض رفع الحصانة.. وفوجئت بعدها بالرئيس مبارك يتصل بى تليفونيا ويقول لى بالنص «انت بتمشى المجلس على مزاجك» فقلت له يا سيادة الرئيس الذى يوجه هو الذى يرأس المجلس.. وهذا يدل على أن الرئيس كان يتابع بنفسه كل شىء فى بداية حكمه.
*ما رأيك فيما يقال بأن دخول جمال مبارك العمل السياسى كان سببا فى تدهور نظام الرئيس مبارك؟
**للأمانة.. جمال مبارك عندما دخل الحزب الوطنى عام 2002 وضم إلينا فى الأمانة العامة للحزب كعضو عادى وكان يتكلم مع الأعضاء ويريد أن يفهم الدنيا «ماشية إزاى».. جاء ببعض الآراء الجيدة.
وتصادف أن مكان كرسيه فى الأمانة العامة كان بجوارى ولاحظ البعض أنه فى أمور كثيرة كان يميل علىّ ويسأل.. ولكن هذا الوضع لم يستمر كثيرا - فبقدرة قادر- تم تغيير الأماكن ليصبح كرسيه فى مكان آخر بعيدا عنى حتى لا يكون هناك مجال للتعليق. وقد جاء جمال مبارك بأهواء أن تكون اختيارات الحزب من مرشحيه من خلال المجمعات الانتخابية الحقيقية من القاعدة إلى القمة عن طريق الانتخاب.
وعندما أنشئت أمانة السياسات والمجلس الأعلى للسياسات ولجانه المتخصصة قال إنه آن الآوان أن الحزب الوطنى يسير فى المرحلة المقبلة من حزب الحكومة إلى حكومة الحزب.. وهذا كلام طيب لا يختلف حوله أحد. وقد رأينا أن وجوده سيكون ناقلا جيدا ومخلصا ليقطع الأسلاك على هؤلاء ناقلى السوء و«الموقعتية» الذين التفوا حول الرئيس. ثم حدث الخلط بعد ذلك وبالتحديد عام 2005 عندما جاء جمال مبارك بمجموعة جديدة بدأت تركب وتسيطر وبدأت معها الاسقاطات وفكرة التوريث.
وقد جاء جمال مبارك الذى كان معجبا بما أحدثه تونى بلير من تطوير فى حزب العمل البريطانى جاء معه ما أطلق عليه فى الحزب الوطنى «الفكر الجديد» هذا الفكر فى بدايته كما يحدث فى مصر للأسف البداية تبقى شيئا ثم يحدث الانحراف حيث أدى إلى إضعاف الحزب الوطنى وخلقت معه فكرة التيار الجديد والتيار القديم ومعه بدأت مجموعة تعزف عن ممارسة العمل العام والنزول إلى الشارع نتيجة لهذا الفكر. والمشكلة الحقيقية أن التعامل الحقيقى للحزب مع الشارع بدأت تتأثر.. فيما عدا المجلس الأعلى للسياسات والذى كان تحدث فيه مناقشات بمنتهى الصراحة والقوة ولكن ظهرت فيه اتجاهات لبعض القلة أخذت خطا معينا فى قضايا جوهرية مثل د. مصطفى السعيد ود. حمدى السيد حيث كان لهما آراؤهما وكانت المشكلة فى القضايا الاجتماعية أساسا.. وفى الوقت نفسه كانت هناك مجموعة كبيرة أخرى تضم عددا كبيرا من رجال الأعمال تنظر لنا على أننا جيل لابد أن يرحل ويترك الحزب باعتبارنا من الحرس القديم. وقد رفضت فكرة هذا التقسيم بين الجديد والقديم.
وللأسف الشديد أن أمين التنظيم أحمد عز تصور أنه بعمل جدولة فى الكمبيوتر أدخل فيها كل بيانات الحزب فى الكمبيوتر أنه خلق حزبا عصريا يستطيع أن يحركه فى لحظة.. واعتقد أن ما حققه هو إنجاز سياسى بينما هو إجراء إدارى وليس سياسيا.
*هل هذا يعنى أنك لم تكن راضيا عما كان يتم داخل الحزب الوطنى وكنت تعارض بعض سياساته؟
**بالتأكيد.. ولدى واقعة على ذلك بأنه قبل انتخابات مجلس الشعب الأخيرة حذرت قبلها لما اشتممت نية التوجه فقلت إنه من غير المتصور أن يكون البرلمان بدون معارضة!
وحدثت الانتخابات وطلب منى أكثر من مرة أن أخرج للتليفزيون لأشرح وأبرر ما حدث فامتنعت أن أخرج للتبرير أو التوضيح أو الدفاع لأننى شعرت أنها قمة الغباء السياسى.. فمن غير المعقول أن تعطى رسالة للناس أن الحزب الوطنى أصبح فى أقوى حالته وأنه قد ضعف.. فكيف نتجاهل قوى سياسية موجودة على الساحة؟. وقد أبديت استيائى لما حدث فى هذه الانتخابات لصفوت الشريف الأمين العام للحزب.
وأذكر أننى كنت فى عزاء والدة الإعلامى عبد اللطيف المناوى وبعد أن دخلت سرادق العزاء بحاولى 5 دقائق جاء جمال مبارك وجلس بجوارى وقال لى يا دكتور وصل لسمعى إنك تهاجم الانتخابات. فقلت له أنا لم أهاجم ما حدث لا فى الجرائد أو التليفزيون وكل ما عملته أننى امتنعت تماما عن التعليق أو الدفاع.
ولكن إذا كنت بتسألنى فإننى أقول لك ما حدث كان كارثة.. فرد على وقال لى بالنص «إن أحمد عز أبلغه أنه لم يستطع أن يفرمل قوة اندفاع التنظيم الحزبى «للوطنى» فقلت له إن نقل الصورة بهذا الوضع سيجعلنا داخلين فى حارة سد!
وفوجئت بعدها ب 3 أيام بدعوتى لحضور اجتماع ضيق يضم أشخاصا معينين منهم د. حسام بدراوى ومصطفى الفقى و4 من قيادات الحزب بالإضافة إلى مجموعة من رجال الإعلام.. وجاء أحمد عز ومعه مسئولو الاتصال وهم عبارة عن شباب موظفين يعملون بشركاته- هم الذين خربوا الدنيا- وبهذا الإجراء يكون قد ألغى الأمناء المتابعين للمحافظات حيث كان هناك قرار فى الأمانة العامة للحزب أن كل عضو أمانة يتولى متابعة محافظة أو محافظتين فعلى سبيل المثال د. مفيد شهاب كان يتابع محافظة الإسكندرية وأنا كنت مكلفا بمتابعة محافظتى مطروح والبحيرة ويقدم المتابع تقريرا عن رؤيته ليرفعه لأمين عام الحزب.. ولكن أحمد عز قد ألغى هذا وتحولت هذه المهمة إلى مسئولى الاتصال وهم «شوية عيال» ليس لديهم أى خبرة أو دور حزبى حيث جعلهم يدخلون على أمناء الحزب بالمحافظات ويقولون لهم إن أحمد بك عز بيقول لكم اعملوا كذا فيقوم أمناء المحافظات بالوقوف «انتباه» مما تسبب فى ضياع الهيبة الحزبية.
وأمسك أحمد عز فردا فردا بالاجتماع وقال هذه استطلاعات الرأى التى قامت بها عميدة كلية الاقتصاد بجامعة القاهرة ومعها مجموعة من الباحثين. وهذه هى النتائج.
*بصراحة.. منذ متى أثيرت قضية التوريث داخل الحزب؟
**بدأت مع حكومة نظيف.. والخطأ الذى وقع فيه جمال مبارك كشخص أنه دخل العمل السياسى ومعه وزراء رجال الأعمال وأدخل إلى المجلس الأعلى للسياسات مجموعة أكبر من رجال الأعمال منهم بعض أصحاب الأموال.. وهو تصور له أن استمرار مصالحهم استمرار له وأبعد المثقفين عنه!
*وبالمناسبة هل أنت تؤيد مشروع التوريث؟
**لم أؤيده وذلك لأسباب كثيرة فخبرتى فى مجال العمل العام تتعدى 35 سنة وبالتالى فإننى فاهم «سيكولوجية» هذا البلد فمصر دولة مركزية لا يمكن أن تقبل بفكرة التوريث.
ونفس الرئيس مبارك عندما سئل فى إحدى المرات عن التوريث قال إن مصر ليست سوريا.
والنقطة الثانية أن أى شخص لديه حس سياسى يجب أن يعرف أن المؤسسة العسكرية وكذلك الرأى العام لن يتقبلا ذلك.
وفكرة انتقال السلطة بالوراثة أدت إلى نوع من «الغلوشة» فى القرارات.
وأننى أتصور أن مجموعة ضيقة هى التى كانت تؤيد مشروع التوريث يتقدمهم حبيب العادلى وزير الداخلية!
مغامرة غير محسوبة/U/
*ولكن.. هل كنت تشعر أن سيناريو التوريث كان من الممكن أن ينجح ويصل جمال مبارك لكرسى الرئاسة؟
**أنا قلت لأصدقاء كثيرين من المقربين لى إن هذه مغامرة غير محسوبة.
والمشكلة إن أحمد عز عندما أدار انتخابات مجلس الشعب الأخيرة أدارها بمفهوم المحتكر حيث صور لجمال مبارك أن الرئاسة أصبحت على طبق من فضة.
*وهل هذا يعنى أن أحمد عز كان سببا مباشرا فى سقوط النظام السابق؟
**بالتأكيد لأنه اعتقد أنه لم تعد هناك معارضة داخل البرلمان تعرقل عملية التوريث.. وقد تحدث مظاهرات ولكن ستكون كلاما فارغا وتنتهى فى الحال.
*ما الأسباب التى أدت إلى فقد الحزب الوطنى لمصداقيته وأرضيته فى الشارع؟
**إهماله لشيئين مهمين.. الشىء الأول إهمال البعد الفكرى.. والشىء الثانى إهمال الشباب.. فالذى عاش مرحلة عبد الناصر كان يرى أن هناك من يقتل إذا ذكر اسم عبد الناصر.. وهناك قلة أخرى يركبها العفريت إذا ذكر اسمه.. أما السادات فكان له مؤيدوه ومن يدافع عنه.
وأقول بكل حزم إن الذى عدل المادة 76 أذى مصر وأذى مبارك وابنه.
*كيف تقيمّ الرؤساء الثلاثة عبد الناصر.. السادات.. مبارك؟
**عبد الناصر كان زعامة تاريخية.. والسادات كان مدرسة سياسية.. ومبارك التف حوله الناس فى البداية على أنه حماية واستقرار.. وأنه سيعمل على بناء مصر الحديثة وبالتالى كان له تعاطف ولكن لم يصل إلى حد الحب العقائدى مثل عبد الناصر والسادات.
ولما حدث تآكل للبعد الاجتماعى فقد مبارك جزءا كبيرا من التفاف حب الناس له.
وجيلنا تربى على عشق عبد الناصر وإن كانت هزيمة 1967 قد كسرت وهزت ركائز الثورة وفى رأيى أن عبد الناصر قد توفى يوم 5 يونيو 1967 ولكن التفاف الشعب حوله أحياه من جديد ومع ذلك بقى رمزا للشموخ.
أما السادات والذى تعاملت معه عن قرب استطيع أن أقول إنه سياسى محترف وذو حس سياسى وجرئ فى أخذ القرارات ويذكر له جرأته فى قرار العبور فى أكتوبر 1973 وأيضا قرار إنهاء الوجود السوفيتى فى مصر.
وبالنسبة لمبارك والذى تعاملت معه كثيرا فى بداية عهده فإنه إنسان ودود ولكنه لا يستطيع أخذ المبادرات فهو رجل الخطوات المحسوبة.. وكان دائما يقول إنه ضد الصدمات الكهربائية.. هذا الوضع بهذه الصفات طال لفترة طويلة فى الحكم جعلته يغير من مبادئه وأقواله.
*كيف تفسر كم هذا الفساد الذى نشهده بعد سقوط النظام السابق؟
**سادت ثقافة فى المجتمع أن الذى معه قرش يساوى قرشا ومعها أهدرت القيمة الأدبية للوظيفة العامة التى فقدت هيبتها فنشاهد أن المعلم قد فقد هيبته بسبب الدروس الخصوصية.
هذا الفساد نتاج عدم التوازن بين الدخول والأسعار وخاصة فى الفترة الأخيرة.
*ما المواصفات المطلوبة فى رئيس مصر القادم وهل تفضل أن يكون عسكريا أم مدنيا؟.
**ما أتمناه الآن هو أن تكون هناك مواد فوق الدستورية واضحة تعطى دورا مقننا للقوات المسلحة المصرية فى حماية المبادئ الأساسية للدولة.. هذه نقطة ليست مجالا للنقاش وإذا لم تتم سندفع الثمن غاليا.
ولو اخترت الرئيس القادم لمصر فإننى أميل لهذه المرحلة للرئيس ذى الخلفية العسكرية لأن البلد يواجه تحديات كبيرة مرتبطة بالأمن القومى ومحاولات الاختراق وأيضا تحديات لعودة الأمن داخل البلاد. ولابد أن نساهم فى إعادة الاعتبار المعنوى لرجال الشرطة وإلا كلنا سيدفع الثمن. وإننا فى مرحلة معينة سنحتاج للقوات المسلحة حتى لو عادت القوات المسلحة واستقرت الأوضاع فى ضبط الأمور وتنفيذ حماية الدستور والقانون فى البلد.
وأفضل لرئاسة الدولة من يلى العسكريين هو من يكون لديه خبرة حقيقية فى إدارة الشأن العام.. فهذه رئاسة دولة وليست رئاسة ناد فهى عملية ليست سهلة.
ويجب أن تحدد سلطات رئيس الدولة القادم ويجب أن تحدث فى إطار نظام رئاسى برلمانى وأيضا النظام البرلمانى المطلق لا يصلح لمصر فى هذه المرحلة. فنحن نحتاج لرئيس ذى مواصفات يكون هو فيها الحكم والضابط والمنسق بين السلطات ولكن لا نحتاج إلى فرعون أو رئيس مطلق السلطة.
*مصر رايحة على فين.. هل أنت متفائل أم متشائم من المستقبل؟
**الحيوية التى استشعر بها والانفتاح الفكرى الذى شهدته للشباب أعطانى أملا أن فى مصر حيوية قوية.. وأن مصر لا تزال تنبض.
ولكن الصورة التى أراها اليوم من مظاهرات واعتصامات وغيرها تجعلنى أقلق لأن ما يحدث حاليا هى محاولة لإشاعة الفوضى ومحاولة لركوب الشارع والسيطرة على كل شىء.
والشىء الخطير أن ينساق متخذو القرار وراء هذه الفوضى.. فهناك فرق بين حكومة مستجيبة تستمع إلى الرأى والرأى الآخر وتواجه وأخرى تقوم بعمليات التهدئة والطبطبة فإنها تؤدى إلى التهلكة.فالشارع إذا تمادى فى المزايدات فإنها سوف تنتهى بكارثة سواء فى الداخل أو فى العلاقات الخارجية.
فنحن مع الحرية بالتعبير الحر.. وأن تواجه الفوضى بكل حسم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.