كانت هناك وزارة للنقل البحرى فى سبعينات القرن الماضى وكانت تتبعها شركات النقل البحرى من حاويات وتخزين وتوكيلات وكذلك هيئات الموانىء المصرية وتقرر فجأة بعد حوالى عام إلغاء الوزارة وتوزيع شركاتها على وزارة قطاع الأعمال ثم وزارة الاستثمار. وأدى خروج هذه الشركات إلى حدوث خلخلة وهزة عنيفة لتبعيتها لوزارة ليس لها ارتباط عضوى ومعنوى بها وحدوث ازدواجية وتشتيت فى اختصاصاتها ونشاطاتها حيث أصبحت تتبع وزارة غريبة عنها بينما نطاق عملها الفعلى والواجب هو النقل البحرى. ثم حدثت الطامة الكبرى التى تمثلت فى القانون رقم1 لسنة 1998وفتحت المجال على مصراعيه للقطاع الخاص خصوصاً فى التوكيلات الملاحية والتى تسببت فى إغلاق معظم شركات التوكيلات الملاحية الحكومية وإفلاسها وتشريد عمالها بعد أن كانت تحقق أرباحا سنوية تزيد على 250 مليون جنيه، وكلنا أو بمعنى أدق من يعملون فى مجال النقل يعلمون جيداً أن مشروع مترو الانفاق تم تمويله من عائدات وأرباح التوكيلات الملاحية ولكن لسوء الحظ تدخل أحد القطط السمان وأراد التهام الدجاجة التى تبيض ذهبا وبالفعل نجحت حفنة من المحظوظين فى تدمير هذه الثروة القومية الهائلة. كما حدثت ازدواجية أيضا فى شركات النقل البحرى فهل تعمل، أو ميدان عملها هيئات الموانىء، بينما تبعية مواردها المالية والاقتصادية لوزارة أخرى ليس لديها الخبرة ولا الدراية الكاملة بالطرق المثلى لتنمية هذه المقومات والثروات المتاحة. هذه الشركات التى تعمل فى مجال النقل البحرى أصبحت تستأجر ساحات فى الموانىء لممارسة أنشطتها وتدفع لها مقابل حق انتفاع أو إجارة مع أنها الابنة الشرعية للموانىء وليست دخيلة عليها أو منتفعة لها فقط أو مستغلة لساحاتها وأرصفتها. إن هيئات الموانىء المصرية تحقق عوائد سنوية تصل إلى 5 مليارات جنيه ويمكن أن تتضاعف هذه العوائد إلى 30 مليار جنيه إذا أحسنت استثمار مواردها جيداً وتم نقل تبعية شركات النقل البحرى لهيئات الموانىء بالكامل فنيا وإداريا وماليا. وأن تعود وزارة النقل البحرى من جديد لتفعيل هذه المنظومة الاقتصادية التى تساهم فى دعم الاقتصاد الوطنى.