النقل البحرى لم يعد ميناء فقط يستقبل السفن بل أصبح صناعة عالمية لها مقوماتها وسوقها وخدماتها التنافسية ولا تبالغ إذا قلنا: إن المنافسة تصل إلى درجة الصراع الشرس حيث أصبحت الموانىء العالمية الكبرى تنافس من أجل جذب وكلاء ملاحيين وشركات نقل وشحن وحاويات وفى سبيل ذلك تعقد مؤتمرات سنوية وتقدم خدمات لوجيستية متطورة وبأسعار تنافسية جدًا تجعل العميل يحصل على أفضل خدمة ملاحية بأقل أسعار تنافسية ممكنه بل إنها فوق ذلك تقدم خدمة من الباب للباب أى من باب المصدِّر إلى باب المستورد أو باب الصادر إلى باب الوارد. ولكننا فى مصر لازلنا ننظر تحت أقدامنا ويعمل كل فريق فى واد منفصل وينشد لحنًا نشازًا ونجد هيئات الموانىء التابعة لوزارة النقل تعمل فى واد وشركات النقل البحرى التابعة لوزارة قطاع الأعمال تعمل فى واد آخر دون تنسيق أو تعاون إيجابى فعال كما يحدث فى الموانىء العالمية التى لا تترك فرصة تنافسية إلا واستثمرتها جيدًا ولا بابًا إلا طرقته بحثًُا عن الفوز والتفوق، إن النقل البحرى صناعة بلا مواد خام ولا إهلاك ولا ينجم عنها تلوث مثل الصناعات الأخرى ولكنها تدر مليارات. إن الجانب الإيجابى أن شركات الحاويات الحكومية لازالت تبيض ذهبًا ويكفى أن نعلم أن شركات الحاويات الحكومية الثلاث حققت هذا العام أرباحًا قدرت ب 615 مليون جنيه، وهذا ببساطة شديدة أن الحاويات الواردة للموانىء المصرية أكبر من طاقة المحطات، ولذلك فإن الطلب عليها لايزال كبيرًا. ولكن لا يعنى ذلك أن تسترخى شركات الحاويات الحكومية ولابد أن تتطور وأن يكون لديها استثمارات على المدى القريب والبعيد. وقد تم مؤخرًا قيامها بشراء أوناش عملاقة لسرعة أداء عمليات نقل الحاويات فلابد أن تستمر فى عمليات التطوير حتى تضمن العمل مع السفن العملاقة وأن تكون لديها قدرة عالية على الاتصال وأن تقوم بتسويق خدماتها عالميًا وفى الموانىء الكبرى وشركات النقل البحرى العالمية لأن شركات الحاويات الخاصة والاستثمارية منافس شرعى وقوى لها. كما أنها تمتلك المرونة والقدرة على المنافسة وش بكات اتصالات واسعة عالميًا. ودليل ذلك واضح بجلاء فى شركة قناة السويس للحاويات التى نافست بقوة شركة بورسعيد لتداول الحاويات وحصلت على خطوط لها لم تستطع شركة الحاويات الحكومية منافستها، وكذلك الشركة الصينية للحاويات بالإسكندرية التى استولت على خطوط ملاحية جديدة من محطة حاويات الدخيلة. إن الخوف كل الخوف أننا ننظر تحت أقدامنا ولا ننظر إلى المستقبل أو نبيع الشركات الوطنية الحكومية للقطاع الخاص ثم نولول ونلطم الخدود بعد ذلك ولا عزاء للفاشلين والخونة.